عام 1979، وبعد سقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران، كان هناك فرصة لتعزيز وضع العراق في المنطقة. حتى ذلك الحين كانت إيران، كونها منتجة كبيرة للنفط ومدججة بالسلاح أيضاً، واحدة من القوى الكبرى في منطقة الخليج، إذ كانت تمتلك على ثلثي احتياطات النفط في العالم. استفاد نظام صدام حسين من الفوضى والبلبلة التي كانت تحيط بتغير السلطة هناك، وأمل أن يملأ الفراغ الحاصل في القوة الإقليمية. كما تطلعت بغداد إلى احتلال خوزستان – مقاطعة إيرانية ذات عرقية عربية، على حدود محافظة البصرة العراقية والخليج الفارسي – واستعادة السيطرة الكاملة على شط العرب (بعد مذلة معاهدة الجزائر عام 1975)، والتي من شأنها التخفيف من وضع العراق المحاط باليابسة.
في النهاية، أمل صدام حسين أن يسبب توريط إيران في حرب إضعاف الجمهورية الإسلامية الجديدة، وبالتالي القضاء على التشجيع الذي كانت الثورة الإسلامية تعطيه للشيعة في العراق بشكل لا يمكن إنكاره. ولمخاوفهم المشتركة حول تصدير الثورة، ضمن العراق دعم معظم الأنظمة العربية وحلفائهم الغربيين في حال نشوب أي صراع مستقبلي. وزادت طهران من عدائها للغرب باحتجاز موظفي السفارة الأمريكية كرهائن. علاوة على ذلك، كانت خوزستان نقطة ضعف الاقتصاد الإيراني لاحتوائها على معظم احتياطات البلاد من النفط ومنشآت الصناعة النفطية. في حال تمكنت العراق من الاستيلاء على خوزستان، فإنها تسيطر على احتياطي نفط أكبر من احتياطي المملكة العربية السعودية حتى.
في 17 أيلول/سبتمبر عام 1980، استغل نظام صدام حسين تهديدات لفظية وحادثة حدودية صغيرة لإلغاء المعاهدة التي فُرضت عليه قبل خمس سنوات في الجزائر بشأن شط العرب، مما أعاد وضع الممر المائي الحدودي في أيدي العراقيين بشكل كامل. وبعد خمسة أيام، غزا الجيش العراقي إيران على طول السهل الساحلي في خوزستان واندلعت الحرب العراقية الإيرانية. وبعد هذا الغزو، لم يقم مجلس الأمن بإدانة العراق أو طالب بانسحابه إلى ما وراء الحدود المعترف بها دولياً؛ وإنما اتخذ ببساطة قراراً يدعو الطرفين إلى وقف فوري لإطلاق النار.
غير أن الهجوم المفاجئ على إيران لم يحقق النتائج التي كان يتوقعها العراق وآخرون. ولم يؤدِ إلى انهيار الجمهورية الإسلامية، وإنما في الواقع ساعد على ترسيخ قوتها. وبعد أن تعافت إيران من الصدمة الأولى، تمكنت قواتها بسرعة من وقف تقدم العراق. ولم تتمكن القوات العراقية من اختراق أكثر من 75 إلى 100 كم داخل الأراضي الإيرانية.
ولم يقف سكان خوزستان العرب إلى جانب صدام حسين. بحلول منتصف عام 1982، أدت سلسلة من الهجمات العسكرية إلى طرد القوات العراقية إلى ما وراء حدوده. وبعدها نقل سلاح الجو الإيراني الحرب إلى المدن العراقية، مما تسبب في دمار كبير، ولا سيما في جنوب العراق. وقامت سوريا المجاورة، والتي كانت العلاقات معها صعبة لسنوات عديدة، بإغلاق خطوط أنابيب النفط إلى البحر الأبيض المتوسط، مما قطع أهم مصدر لعائدات العراق. وبدأت المشاكل الاقتصادية في الازدياد.