شابٌ مفعم بالحيوية والشغف تجاه الرياضة: هكذا يوصف عادةً تميم بن حمد آل ثاني في وسائل الإعلام، بينما يصفه المقربون منه بالودود والواثق من نفسه والمنفتح، إلى جانب كونه يتمتع بالذكاء والحذر واليقظة. فقد خلف والده، حمد بن خليفة آل ثاني، بعد تنازله له وأصبح أميراً لقطر في 25 يونيو 2013، إذ كان يبلغ آنذاك 33 عاماً فحسب.
ويعتبر تميم آل ثاني أصغر أميرٍ على العرش في الدول الست التي يتألف منها مجلس التعاون الخليجي، وأصغر حاكمٍ في العالم بأكمله. فقد سلمه والده السلطة في خطابٍ متلفز، مما يجعله أول حاكمٍ، من سلالة الحكام الثلاث الذين سبقوه بتولي عرش قطر من أسرة آل ثاني، يصعد إلى العرش دون إنقلاب.
وهو متزوج من ابنة عمه، جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني منذ عام 2005، والعنود بنت مانع الهاجري منذ عام 2009، ولديه 6 أطفال.
وقبل أن يتولى أكبر منصبٍ في حياته، التحق بمدرسة شيربورن ومدرسة هارو وأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة. ولدى عودته إلى قطر، شغل العديد من المناصب رفيعة المستوى، فقد كان رئيساً للجنة الأولمبية القطرية، ونائباً للقائد العام للقوات المسلحة القطرية، ورئيساً للمجلس الأعلى للتعليم، ورئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادية في البلاد. ومع ذلك، فقد اشتهر بأنه رئيس اللجنة المنظمة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022. ففي ظل رئاسته ظفرت قطر باستضافة الحدث الرياضي المرموق.
ومنذ توليه منصب الأمير، عمل بسرعة على إصلاح المؤسسات الرسمية على وجه الخصوص، مثل برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي، حيث أدمج فيه وزارة الإقتصاد ووزارة الزراعة. فقد خفض سعر المنتجات التي تبيعها الشركات العاملة مع البرنامج وخفض ميزانية برامج أخرى، بما في ذلك مؤسسة قطر وهيئة متاحف قطر. وباعتباره من مؤيدي الكفاءة والإنضباط في الأنشطة الحكومية، قام بخطوةٍ غير اعتيادية بتعيين خالد العطية، من خارج الأسرة الملكية، وزيراً للخارجية عام 2013، خلفه فيما بعد محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عام 2016. كما قام بدمج العديد من الوزارت، بما فيها وزارة الإتصالات، والنقل، والثقافة، والشباب والرياضة، وعيّن امرأةً، وهي الثالثة في تاريخ البلاد، وزيرةً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ومن خلال إعادة تنظيمه للحكومة التي وضعها والده، أثبت تميم بأنه حازم إلى جانب كونه عملي، حيث حدّ من الإنفاق الحكومي من خلال دمج المؤسسات والوزارات.
كما عمد إلى تحسين البنية التحتية للبلاد، إذ قام بتوسيع الطرق حول العاصمة، وبناء نظام مترو ومطار جديد. ومع ذلك، لم تلقى جميع التغييرات الاستحسان. ففي عام 2014، أصدر تشريعاً يتعلق بالجرائم الإلكترونية يجرّم إهانة أي من الأسر المالكة في المنطقة على شبكة الإنترنت، مما أثار جدلاً في بلدٍ تعاني فيه حقوق الإنسان بالفعل.
ومع ذلك، يمكن القول بأن أهم أدواره يتمحور حول الشؤون الخارجية. فبعد وصوله إلى السلطة في عام 2013، بدا وكأن قطر لاعب إقليمي دائم بعد الانتفاضات العربية في عام 2011. فقد قال معين رباني، وهو محرر مشارك في جدليّة، وهي مجلة مستقلة على الإنترنت، لفَنَك: “كان الأخوان المسلمون في كل مكان آنذاك، لذا تمتعت قطر [التي كانت تدعم الجماعة] بمكانةٍ قوية.” وأضاف “ولكن حصل انقلابٌ في بلدانٍ مثل مصر وتونس، وإعادة تأكيد للهيمنة من قِبل المملكة العربية السعودية [التي تعارض الجماعة]. أعتقد أن جزءاً من حافز الخلافة في قطر كان يتمثل في تقليل عداء الدول المجاورة حول دورها الإقليمي، الذي كان يرتكز بشكل كبير على الأمير السابق وشخصه. وفي هذا السياق، سعت الخلافة إلى إزالة العنصر الشخصي من هذا العداء، والتوضيح أنه من خلال الأمير الجديد لن يطرأ أي تغييرٍ كبير على سياسات قطر الإقليمية.”
وتابع قوله: “في عام 2014، خضع الأمير الجديد لاختبارٍ من قِبل السعوديين والإماراتيين بهدف تغيير سياسات قطر الإقليمية، وبعد حل الأزمة ظهر تحسنٌ في العلاقات، وبخاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني وسوريا. ولكن تبين أن ذلك مجرد تحسنٍ مؤقت، ليتبع ذلك الأزمة الكبيرة التي لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا.”
ففي يونيو 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً علاقاتها الدبلوماسية مع قطر بسبب دعمها المزعوم للإرهاب وفرضت حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على الإمارة.
رداً على ذلك، عزز تميم آل ثاني علاقاته مع تركيا وإيران. فقد كان قد وقع بالفعل على اتفاق تعاونٍ عسكري مع تركيا في ديسمبر 2014، الذي أعقبه اتفاقات تعاونٍ في مجال التعليم والنقل البحري وميثاق لتبادل المراسلات بين وكالاتي الاستخبارات في كلا البلدين. وعلى صعيدٍ متصل، تتجاوز استثمارات قطر في تركيا الـ20 مليار دولار، كما تمتلك تركيا قاعدةً عسكرية في قطر. وبحسب رباني، “هكذا نجحت قطر في التخفيف من تأثير هذه الحملة. كما أنها استغلت بفاعلية الإنقسامات داخل الحكومة الأمريكية حول هذه القضية. وعلى الصعيد العالمي، فلا يوجد رغبةٌ تذكر بتصعيدها. بل حتى أن دول مجلس التعاون الخليجي منقسمة، حيث حافظت كل من سلطنة عُمان والكويت على حيادهما بشأن هذه القضية.”
من الواضح أن تميم آل ثاني لا زال يتمتع بالمكانة لحماية قلعته لفترةٍ أطول، والحفاظ على سيادة قطر ومكانتها في المنطقة. إلا أن الأمر يتطلب أكثر من الروح الرياضية لرأب الفجوة الدبلوماسية.