وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

قطر: ظهور أسرة آل ثاني (1850 – 1893)

اجتماع قادة دول الخليج عام 1968
اجتماع قادة دول الخليج عام 1968

منذ عام 1850، يتميز تاريخ قطر بالظهور البطيء والتدريجي لسلطة محمد بن آل ثاني وسلالة آل ثاني الحاكمة. وكان محمد وقتها تاجر لؤلؤ وتمور غنياً نسبياً، والذي، عدا عن تجارته الدنيوية، كان إمام المسجد الأكبر في الدوحة. كما كان رئيس جامعي الجزية السنوية التي
ان على العشائر المحلية دفعها لحاكم البحرين. لا بد أن محمداً كان يبقي على علاقات طيبة مع آل خليفة، وذلك عندما قام بتزويج ابنته لممثل البحرين في الدوحة. وفي ستينيات القرن التاسع عشر، تنامى الاستياء من الهيمنة البحرينية بين سكان قطر. لم يعد والي آل خليفة، أحمد بن محمد، يشعر بالأمان في الدوحة البعيدة عن بلاده، ففر إلى خور الحسن عام 1867، مما دفع الحاكم البحريني محمد بن خليفة إلى طلب العون من شيخ أبو ظبي.

خريف عام 1867، هاجم اسطوليهما الموحد الدوحة والوكرة القريبة، ودمروا ونهبوا المدينتين. ورداً على ذلك، استجمعت قبائل قطر قواها وأبحرت إلى البحرين للثأر. أصيب السلام البريطاني بحال من الفوضى، الأمر الذي أضطر بريطانيا العظمى إلى تغيير سياستها نحو العشائر القطرية. وخلصت بريطانيا العظمى إلى أنها منذ تلك اللحظة ستتعامل بأكثر عملية وبشكل مباشر مع قبائل قطر، بدلاً من أن يكون ذلك من خلال سلطة شيوخ آل خليفة الضعيفة في البحرين. وبدأ البريطانيون يبحثون عن شيخ قطري يمكن لها التعامل معه. فوجدوا في محمد بن ثاني الممثل الأنسب للقبائل القطرية.

عام 1868، وقّع محمد بن ثاني اتفاقاً مع البريطانيين يستمر بموجبه القطريون في دفع الجزية لآل خليفة، ويحال أي خلاف مستقبلي إلى المندوب السامي البريطاني في بوشهر. وكان ذلك يعني في واقع الحال انتهاء سيادة آل خليفة على قطر. وفي الوقت نفسه، عزز البريطانيون من مكانة محمد بن ثاني الرفيعة بإعلان “أنه من المتوقع من كافة الشيوخ والقبائل القطرية عدم مضايقته هو أو أبناء قبيلته”. وبذلك، عند احتلال القوات العثمانية الحسا من جديد عام 1871، بعد غياب طويل للغاية، كانت أسرة أل ثاني هي من استقبل المبعوثين العثمانيين في قطر. ورغم أن محمد رفض رفع العلم العثماني، إلا أنّ ابنه جاسم كان على استعداد لقبول الواقع السياسي الجديد. وقد تم تعيين جاسم قائم مقاماً لقطر في السنة التالية.

عن طريق تحريض العثمانيين ضد البريطانيين، وسّع جاسم من مدى مناورته السياسية. وفي الوقت نفسه، ساعد منصبه العثماني في تعزيز سلطته بين القبائل المحلية. وفي عام 1878، حاول إزالة بقايا النفوذ البحريني في قطر وذلك بهدم الزبارة. وفي ثمانينيات القرن التاسع عشر، أُجبر التجار الهنود الأغنياء نسبياً على مغادرة قطر، مما عزز موقفه التجاري والسياسي معاً. وفي عام 1893، انقلب جاسم على العثمانيين وهزمهم في معركة شرقي الدوحة الشهيرة محلياً. ومنذ تلك اللحظة بالتحديد، بقي النفوذ العثماني مقتصراً على قلعتهم في الدوحة.