نشر المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية مقالةً سلطت الضوء على مستقبل التنمية في مصر عقب الإعلان عن إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة التي شهدتها هذه الدولة. ويقوم ستيفان رول، رئيس وحدة أبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا في المعهد، ولوكا ميهي، الباحث المساعد في الوحدة نفسها من المعهد، باستعراض السيناريوهات المتخيلة لمستقبل نظام السيسي واحتمالات نجاحه في تحقيق التنمية وعلاقة ذلك باستقرار حكمه. ويعرّج الباحثان على الصعوبات التي تواجه آفاق التنمية في الحالة المصرية بسبب عدم إدراك ما تواجهه هذه الدولة من إشكاليات، بالتزامن مع شن حملات القمع الواسعة على المعارضة والمجتمع المدني. وفي الوقت الذي يقوم فيه رول وميهي بتفسير أهمية دور المساعدات المالية الأوروبية في الحفاظ على النظام، فإنهما يتطرقان إلى التكلفة السياسية والاجتماعية لمثل هذه المساعدات وآثارها على العواصم الأوروبية.
كانت مصر في مطلع شهر مايو في انتظار إجراء تعديلاتٍ دستورية تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي الاستمرار في السلطة بعد انتهاء ولايته الحالية. ويبدو تمرير هذه التعديلات مؤكداً في ظل حملة القمع الواسعة. وبطبيعة الحال، فإن إقرار التعديلات سيؤدي إلى تعزيز سلطة نظام السيسي الذي نشأ عقب الانقلاب العسكري في يوليو من عام ٢٠١٣. وفي محاولةٍ للإجابة على التساؤلات المطروحة حول مستقبل هذا النظام، يرى رول وميهي أن السيناريوهات المتوقعة تتلخص في ظهور نظامٍ ديكتاتوري تنموي ناجح، أو مواجهة عقودٍ من الركود الاقتصادي والسياسي كما كان الحال عليه إبان حكم مبارك، أو التعرّض لانهيارٍ وشيك. وفي الوقت الذي قد يبدو فيه السيناريو الأول غير واقعياً نظراً لغياب الرغبة الحقيقية في الإصلاح، فإن السيناريوهين الآخرين ينطويان على مخاطر كبيرة لألمانيا وشركائها الأوروبيين. وبحسب ما يراه الكاتبان، فإن ألمانيا وشركاءها مطالبون بربط ما يتم تقديمه من مساعداتٍ جديدة لميزانية مصر بتحسين أوضاع الحقوق الإنسانية والمدنية، بالتزامن مع التركيز على الحيلولة دون وقوع أزماتٍ إنسانية في مصر بما يتماشى مع سياسة “عدم الإضرار” وتوسيع العلاقات مع ممثلي المعارضة المصرية خارج مصر.
ويتمحور مشروع التعديل الدستوري، الذي تبناه البرلمان المصري لأول مرّة يوم ١٤ فبراير الماضي، في تمديد ولاية الرئيس من أربع إلى ست سنوات. وتجدر الإشارة إلى تطبيق التعديلات بأثرٍ رجعي، ما يعني أن السنوات التي أتمها السيسي في منصبه لن تمنعه من الترشح مرةً أخرى لتولي نفس المنصب. وعلى هذا النحو، سيكون في مقدور السيسي الترشح لولايتين قادمتين بعد انتهاء ولايته الثانية في عام ٢٠٢٢. وسيتيح هذا الأمر للسيسي البقاء في منصب الرئيس حتى عام ٢٠٣٤، حيث سيبلغ حينها من العمر ثمانين عاماً. وفي نفس الإطار، ستقع مسؤولية “حماية الدستور والديمقراطية” من الآن فصاعداً على كاهل الجيش. وبذلك، ستصبح القوات المسلحة التي تتمتع أصلاً بصلاحياتٍ واسعة، فوق الدستور نفسه، ما يعني تزايد الخطوات الرامية إلى عسكرة الدولة. وإلى جانب تخفيض حجم مجلس النواب وطرح نظام المحاصصة (الكوتا) بين الأعضاء في البرلمان، فإن التعديلات تهدف إلى تعزيز نفوذ مؤسسة الرئاسة في مواجهة فرعي السلطة الآخرين وهما السلطة التشريعية والسلطة القضائية. وعلى سبيل المثال، فإن التعديلات ستعيد تقديم مجلس الشورى الذي تم إلغاؤه في عام ٢٠١٤، علماً بأن الرئيس كان يحظى بحق تعيين ثلث أعضاء هذا المجلس في السابق. كما سيترأس الرئيس بموجب التعديلات “المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية”، وهو ما سيمنحه صلاحياتٍ واسعة على مستوى تعيين المناصب القضائية العليا، ناهيك عن إلغاء استقلال ميزانية السلطة القضائية.
ويشير رول وميهي في مقالتهما إلى استحالة رفض التعديلات في الجلسة الأخيرة التي عُقدت لمناقشتها في نهاية شهر مارس الماضي. وتعرّض البرلمانيون القلائل الذين أعربوا عن انتقاداتهم للتعديلات إلى حملات تشويه، ما تزامن مع اعتقال العديد من أعضاء أحزاب المعارضة الصغيرة. وجرت فعاليات الاستفتاء في مايو من عام ٢٠١٩ في مناخٍ ساده الخوف، وهو ما يتقاطع مع ما حدث أثناء تنظيم الانتخابات الرئاسية قبل عامٍ واحد. ويرى صاحبا المقالة أن إجراء تصويتٍ حر ونزيه أمرٌ مستحيل وسط الاعتماد الممنهج على التعذيب ووجود ٦٠ ألف سجين سياسي على الأقل في السجون المصرية، وسيطرة الدولة على وسائل الإعلام.
وتأتي التعديلات الدستورية كتتويج وختام لما تم بذله من محاولاتٍ ترمي إلى ترسيخ وجود نظام السيسي. وبدأ هذا النظام بانقلابٍ عسكري شهدته مصر في يوليو من عام ٢٠١٣، حيث مهّد هذا الانقلاب الطريق أمام وزير الدفاع ليتولى منصب رئاسة الجمهورية. وجرى ضرب المعارضة المناهضة للسيسي بيدٍ من حديد منذ ذلك الحين. وتجدر الإشارة هنا إلى عدم اقتصار قمع جهاز الشرطة على المعارضة وعلى رأسها مؤيدي جماعة “الإخوان المسلمون” التي تصنّف حالياً كمنظمة إرهابية، إذ تم أيضاً إقصاء المنافسين المحتملين للرئيس من نخبة الدولة، ومن هؤلاء الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة خالد فوزي ورئيس أركان الجيش محمود حجازي. ويبدو أن إدارة هذه الحملة تقع على عاتق مجموعةٍ صغيرة من الأشخاص الأقوياء الذين يدورون في فلك الرئيس. وإلى جانب مدير مكتب الرئيس السابق والرئيس الحالي لجهاز المخابرات العامة عباس كامل، يتواجد في هذه المجموعة ابنا الرئيس حسن ومحمود السيسي وهما يعملان ضمن جهاز المخابرات العامة، ناهيك عن نجل السيسي الأكبر مصطفى الذي يعمل في هيئة الرقابة الإدارية واسعة النفوذ.
وفي ذروة ترسيخ السيسي لسلطته، يتمثل السؤال الذي يطرح نفسه في معرفة كيف سيكون في مقدور هذا النظام تطوير نفسه في السنوات المقبلة. وهنا، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات، ولكل منها احتمال حدوث مختلف عن غيره.
السيناريو الأول: “ديكتاتور تنموي ناجح”
يزعم أنصار السيسي أنه بحاجة إلى المزيد من الوقت حتى يصبح في مقدوره إنجاز رؤيته التنموية. ويرغب السيسي في النهوض بالبلاد من الناحية التنموية عبر مشاريعٍ ضخمة مماثلة لتوسيع قناة السويس، وبناء عاصمة جديدة، وتشييد محطة للطاقة النووية. وبحسب صاحبي المقالة، فإن السياسات المماثلة لتعويم سعر الصرف، وتخفيض دعم الطاقة وبعض السلع، فضلاً عن استغلال احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة حديثاً، تستهدف تحسين الوضع المالي المحفوف بالخطر وتمكين مصر من الاستقلال عن المساعدات المالية الدولية. ويرى بعض الخبراء بالمؤسسات المالية الدولية أحياناً أن مصر قد تتمتع باقتصاد مزدهر تحت قيادة السيسي.
إلا أن هذا السيناريو يواجه عقبتين: تتمثل العقبة الأولى في أن المشروعات الضخمة التي أعلن عنها السيسي في خطاباتٍ عاطفية لا تعدو عن كونها دليلاً على جهل القيادة السياسية بالمشكلات الحالية. فهذه المشروعات لا تحل المشكلات الاجتماعية الاقتصادية الأساسية كالبنية التحتية المتردية، ونظام التعليم الفاشل، واقتصاد الظل المتنامي. وعلى سبيل المثال، كان بالإمكان التصرف بحكمة أكبر في التمويل الذي خُصّص لتوسيع قناة السويس (ما يزيد عن ٨ مليار دولار أمريكي).
في المقابل، يقف نفوذ الجيش وسلطته عائقاً أمام إمكانية تحقيق التنمية في البلاد. وجرت العادة على أن تتوقف إجراءات الإصلاح عند يتعلق الأمر بمصالح الجيش. وشهدت فترة رئاسة السيسي توسع نشاطات الجيش بشكلٍ كبير في الاقتصاد المدني، وهو ما يعني إعاقة تطوير اقتصاد سوق تنافسي، ناهيك عن توسع نفقات الجيش بشدة. وضاعفت مصر مشترياتها من الأسلحة بأكثر من ثلاث مرات بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٨ مقارنةً مع الفترة الممتدة بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٣، لتصبح بذلك ثالث أكبر مستورد للسلاح في العالم.
وينبغي في مثل هذا السياق إمعان النظر في تقارير الدولة الإيجابية عن النمو الاقتصادي (معدل النمو في الربع الأول من ٢٠١٨/٢٠١٩ يساوي ٥.٣٪) وفي انخفاض معدل البطالة إذ تستند هذه التقارير إلى إحصاءات عامة مشكوك فيها ولا يمكن التعامل معها وكأنها مؤشرات على تغيّر الأوضاع. كما تبقى بيئة ممارسة الأعمال التجارية والاستثمار ضعيفةً (حلّت مصر في المرتبة ١٢٠ من بين ١٩٠ دولة في مؤشر ممارسة الأعمال الخاص بالبنك الدولي). وما يزال مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر أقل بكثير من مستوى سنوات الطفرة الاقتصادية بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٨. ويأتي الدين الحكومي الآخذ في الارتفاع بلا توقف في مقدمة المشكلات التي تواجهها البلاد، إذ ارتفع الدين الخارجي بنسبة ١٤٢٪ بين مارس ٢٠١٣ ونهاية عام ٢٠١٨، ليصل إلى ٩٣.١ مليار دولار أمريكي. ومن المحتمل أن يؤدي مستوى خدمة الدين المرتفع لوحده (أكثر من ٤٠٪ من الإنفاق الحكومي حالياً) إلى استهلاك الإيرادات الحكومية الجديدة المحتملة كتلك الإيرادات الناتجة على سبيل المثال عن التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي. ويعني هذا الأمر أن التحسن الاقتصادي المزعوم قد كلف مصر ثمناً باهظاً.
السيناريو الثاني: “مبارك الجديد”
لن يؤدي فشل السيسي في نجاحاتٍ تنموية مستقبلية إلى انتهاء رئاسته بالضرورة. وعلى الرغم من فشل الرئيس المصري السابق حسني مبارك (١٩٨١ – ٢٠١١) في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، فإنه تمكن من البقاء في السلطة على مدى ثلاثين عاماً. ويرجع ذلك بالأساس إلى الدعم الخارجي الهائل الذي قدمته له الدول الغربية والإدارة النخبوية الناجحة.
وبإمكان السيسي أيضاً الاعتماد على الدعم الخارجي الكبير. فقد قامت السعودية والإمارات والكويت بتقديم مساعداتٍ مادية وسلعية تصل قيمتها إلى ١٢ مليار دولار أمريكي فور وقوع الانقلاب العسكري في عام ٢٠١٣. كما يبدو أن الأوروبيين مستعدين بشدة لمساعدة النظام، خاصةً في ظل زيادة تدفقات الهجرة غير الشرعية بين عامي ٢٠١٥ و٢٠١٦. وقام الأوروبيون بدعم جهود مصر للحصول على قرضٍ بقيمة ١٢ مليار دولار من صندوق النقد الدولي ناهيك عن تقديم مساعدات مالية دون طلب تحسين ملفات حقوق الإنسان والحوكمة. إلا أن قدرة ورغبة الدول الخليجية والأوروبية على الاستمرار في تلبية احتياجات مصر المتزايدة، والتي ستدوم مستقبلاً، تبقى محل شك خاصة بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي نهاية عام ٢٠١٩. ولذلك، فإن السيناريو الثاني سيكون مكلّفاً بشدة للمانحين. ففي منتصف عام ٢٠١٨، كانت ألمانيا بالفعل الدائن الأكبر لمصر بـ ٧.١ مليار دولار بعد المنظمات الدولية (٢٨.٤ مليار دولار)، تليها دول الخليج (٢٣.١ مليار دولار).
وتختلف نخبة السيسي بشكلٍ ملحوظ عن إدارة النخب في عهد مبارك. فعلى سبيل المثال، لم يبذل السيسي جهداً يُذكر لتأسيس حزبٍ تابع له ويكون نواةً لسلطته على غرار الحزب الديمقراطي الوطني أثناء حكم مبارك. إلا أن السيسي نجح – حتى الآن – في الاعتماد على علاقته القوية بالأجهزة الأمنية، وعلى شكلٍ سلطوي للغاية من القيادة العسكرية. ومن المرجح أن يقوم السيسي بتأمين حكمه باستخدام البطش في ظل ازدياد الفقر وغياب العدالة الاجتماعية.
السيناريو الثالث: “سقوط السيسي”
من المحتمل أن يؤدي ضعف التقدم التنموي وزيادة حملات القمع إلى سقوط هذا النظام بسرعة. ومن المرجح أن تواجه تخفيضات الإنفاق الحكومي القادمة باحتجاجاتٍ كبيرة، لا سيما من أفراد الطبقة الوسطى ممن عانوا بحق نتيجة تدابير التقشف التي اتخذتها الحكومة في السنوات الأخيرة. ومن الأسباب الأخرى التي قد تؤدي إلى الاحتجاج وقوع أزمةٍ حادة في توفير الخدمات الأساسية كالمياه، أو تردّي البنية التحتية للمواصلات العامة. وقد تعزّز الانتفاضتان الناجحتان في السودان والجزائر من ديناميكيات الاحتجاج. وقد يكون في مقدور بطش الشرطة احتواء بعض المظاهرات بشكل آني، ولكن يمكن أن يتم تصعيدها لاحقاً.
وتعتبر مقاومة أجزاء من النخبة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، من المخاطر المحتملة التي قد يواجهها نظام السيسي. وعلى الرغم من المنافع التي يحصل عليها الجيش ووزارة الداخلية والمخابرات في الوقت الراهن من سياسات الرئيس السيسي، إلا أن هذا الأخير صنع أعداءً له أيضاً بحرمانه كبار المسؤولين من الامتيازات، كضرورة الحصول على موافقة رئاسية للسفر خارج البلاد، ناهيك عن أهم الأسباب ألا وهو تغيير الكوادر والموظفين بصورةٍ متكررة. ويعد اعتقال مسؤولي الدولة السابقين من أصحاب الطموحات السياسية – بما في ذلك رئيس الأركان السابق سامي عنان والرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة – من العوامل الأخرى التي قد تعزّز ما تعايشه فئات النخبة من مرارة وحنق تجاه النظام الحالي.
ورغم أن هذا السيناريو يبدو نظرياً في يومنا هذا، إلا أن تطورات الأحداث منذ عام ٢٠١١ أظهرت صعوبة التنبؤ بديناميكيات الاحتجاج والصراعات المحتملة.
خاتمة
قد يبدو سيناريو النظام الديكتاتوري التنموي هو الأكثر منطقية، إلا أن رول وميهي يرجحان تحقّق السيناريو الثاني أو الثالث. ويشير صاحبا المقالة إلى ارتباط هذين السيناريوهين بمخاطر وتكاليف عالية ستتحملها ألمانيا والاتحاد الأوروبي. ويكمن الشرط الأساسي لحدوث سيناريو “مبارك الجديد” في تقديم مساعداتٍ مالية كبيرة ودائمة، وهو ما سيكون على حساب الميزانيات الوطنية الأوروبية بصفةٍ أساسية، ناهيك عن القبول بتدهورٍ أكبر على مستوى حقوق الإنسان. وفي مثل هذا السياق، فإن حالة التردي الاجتماعي والاقتصادي التي تعايشها مصر ستتباطأ في أفضل الاحتمالات. ومن المرجح أن يزداد ضغط الهجرة وميل الشباب المصري نحو التطرف.
ويتيح سيناريو سقوط النظام الفرصة أمام احتمال التحول باتجاه الإصلاح السياسي. إلا أن عسكرة النظام الحالية وارتباط هذه العسكرة بإعاقة المجتمع المدني المستقل يحول دون حدوث هذا الإصلاح، كما يصعب تحقيقه بسبب التردي الشديد للأوضاع المعيشية لشرائح واسعة من الشعب. لذلك، قد يكون الانهيار أشد انفجاراً وأقل سلميةً على عكس ما حصل في عام ٢٠١١. ومن النتائج المحتملة لمثل هذا السيناريو انهيار مؤسسات دولة هي الأكبر من حيث التعداد السكاني بين دول الشرق الأوسط المجاورة لأوروبا.
وعلى خلفية التحليل السابق، يوصي رول وميهي ألمانيا والاتحاد الأوروبي بالضغط بأكثر مما حصل في السابق لحماية المجتمع المدني المستقل، فضلاً عن اتخاذ التدابير الكفيلة بتحقيق تنميةٍ اقتصادية مستدامة وشاملة في مصر. ولا يعني هذا الأمر الاقتصار على توضيح التناقض الحاصل بين الإصلاحات الدستورية المزمعة ومبادئ “الحوكمة الرشيدة” اللازمة للتعاون التنموي. فالانتقاد الصريح للانتهاكات المستمرة للحقوق الإنسانية والمدنية – على سبيل المثال في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة – على نفس القدر من الأهمية. وبصورةٍ أهم، لا بد من فرض شروطٍ تتجاوز الخروج بخطةٍ تقشفية وصولاً إلى تحسين وضع حقوق الإنسان والحقوق المدنية والحكم الرشيد أثناء التفاوض المقبل المتعلق بتقديم المزيد من المساعدات للميزانية. وعندما يتعلق الأمر بتقديم مساعدات مالية، ينبغي الاهتمام أكثر بتنفيذ مبدأ “عدم الإضرار” للحيلولة دون استخدام المعونة في تحقيق توسعٍ جديد في هياكل السلطة القمعية. وأخيراً، ينبغي على الحكومة الألمانية تعزيز علاقتها بممثلي المعارضة المنفيين، بما في ذلك الناشطين الإسلاميين. وعلى هذا النحو، قد يكون في مقدور
الحكومة الألمانية دعم عمليات الوساطة بين الفئات الاجتماعية المختلفة في حالة انهيار النظام.