وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حقوق الإنسان بعد الإنقلاب

مظاهرة أعضاء حركة شباب 6 أبريل أمام مبنى نقابة الصحفيين, القاهرة, 30 أبريل/نيسان 2014 Photo HH

المقدمة

بعد الانقلاب العسكري المدعوم شعبيًا الذي أطاح بمحمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب بحرية، في 3 تموز عام 2013، سرعان ما ضيقت السلطات الخناق على جميع المحطات التلفزيونية الإسلامية التي دعمت الرئيس المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، واتهم الجيش هذه القنوات بالتحريض على العنف ضد المتظاهرين والشرطة.

داهمت السلطات أيضًا مكاتب قناة الجزيرة مباشر مصر، وهي جزء من شبكة الجزيرة الإخبارية، التي تعرضت لانتقادات بسبب التغطية المؤيدة لمرسي، ومنعتها من البث، وألقت القبض على عدد من صحفييها الذين تم في ما بعد محاكمة ثلاثة منهم بتهم تتعلق بالإرهاب.

بعد الخطاب المتلفز الذي ألقاه وزير الدفاع آنذاك والزعيم عبد الفتاح السيسي في الثالث من تموز، نظّم مناصرو الرئيس المخلوع اعتصامين، اعتصامًا كبيرًا في ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة، وآخر أصغر في ميدان النهضة بالقرب من جامعة القاهرة.  وقد شارك الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم في الاعتصامات لحوالى ستة أسابيع قبل أن تداهم قوات الأمن في النهاية المعسكرين وتطهّرهما في خلال 12 ساعة.

تختلف الادعاءات حول عدد القتلى اختلافًا كبيرًا، فوزارة الصحة تفيد بمقتل 600 شخص وجرح حوالى 4,000، في حين تحدد جماعة الإخوان المسلمون عدد القتلى بـ2,600 شخص.

في حين تعترف معظم التقارير بأنّ بعض المتظاهرين كانوا مسلحين، كانت الأغلبية الساحقة مسالمة، ومع ظهور مئات الجثث في المساجد تحمل آثار أعيرة نارية وبعضها متفحم لدرجة يصعب التعرف عليها، هاجم كثير من منظمات حقوق الإنسان عملية تفريق المتظاهرين المسالمين

بعنف وقتلهم، منتقدين قوات الأمن لعدم اتباع المعايير الدولية لتفريق المتظاهرين ولفشلها في الحد من إراقة الدماء.

وفي أوائل شهر مارس من العام 2014، نشر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريره حول الأحداث، زاعمًا أنّ المتظاهرين كانوا من أطلقوا الرصاصة الأولى، وأنّ استعمال الشرطة للأسلحة النارية “مبرّر”، لكن التقرير انتقد الشرطة لفشلها في ضبط النفس ولإفراطها في استعمالها القوة.

أدى تفريق اعتصامات الإخوان المسلمين إلى أحداث عدة. حيث قابلت قوات الأمن المظاهرات والمسيرات اللاحقة بالنيران الحية، ومرّر الرئيس المؤقت في النهاية قانون تظاهر جديد في نوفمبر 2013 يفرض على المتظاهرين الحصول على إذن من وزارة الداخلية قبل أي مظاهرات ويحظّر استمرار الاعتصامات أثناء الليل. عارض ناشطون ومجموعات لحقوق الإنسان القانون الجديد، متخوفين من أن يحدّ ذلك من حرية التجمع ويحظر المظاهرات الحاشدة الشبيهة بتلك التي أسقطت مبارك وأدت إلى الإطاحة بمرسي، مع إعطاء الشرطة الحرية الكاملة في استخدام القوة واعتقال المتظاهرين.

نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش بيانًا تقول فيه إنّ القانون الجديد “من شأنه أن يعطي الشرطة فعليًا صلاحية تامة لحظر الاحتجاج في مصر. بالإضافة إلى ذلك، من شأن مشروع القانون أنّ يحظر جميع المظاهرات قرب المباني الرسمية، ويعطي الشرطة حرية التصرف المطلقة لمنع أي احتجاجات أخرى، ويسمح لرجال الشرطة بتفريق الاحتجاجات السلمية كافة بالقوة حتى لو قام متظاهر واحد برمي حجر.”

شدّدت المنظمة أيضًا على أنّ القانون “فشل في الوفاء بالتزام مصر باحترام حرية التجمع المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.” لكن الحكومة والرئيس المؤقت رفضا جميع محاولات إسقاط الحكم.

إدانة المعارضون السياسيون

الرئيس السابق محمد مرسي في المحاكمته, 8 مايو/أيار 2014 / Photo HH
الرئيس السابق محمد مرسي في المحاكمته, 8 مايو/أيار 2014 / Photo HH

بعد تفريق اعتصامات جماعة الإخوان المسلمين، ضيقت الشرطة الخناق على كثير من قادة جماعة الإخوان وأعضائها، مرسلة الآلاف إلى السجن، بمن فيهم محمد بديع، السلطة الأعلى في الجماعة، ومحمد خيرت سعد الشاطر، الرجل الثاني في القيادة. التضييق واسع الانتشار على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أجبر العديد على الاختباء. وقد أبلغ عدد من المعتقلين عن ظروف الاعتقال السيئة والتعذيب الذي يتعرضون له على أيدي الشرطة. بالإضافة إلى ذلك، يُظهِر شريط فيديو تم تهريبه من سجن مشدد الحراسة في مصر، ونشرته صحيفة ذو تلغراف، زنزانات متسخة فائقة الصغر يتشاركها ثلاثة سجناء في ظروف مزرية.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، لقناة العربية الإخبارية إنّه “في حال كانت هذه الممارسات جزءًا من سياسة الدولة، وكانت منتظمة بالقدر الذي تشير إليه التقارير الأولية، فإنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.”

بعد ارتكاب عدة هجمات إرهابية في مدن مصرية مختلفة، قامت الحكومة المصرية في 25 ديسمبر بالإعلان رسميًا عن جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وفي الوقت الذي كانت تؤكّد فيه مجموعات إسلامية مسلحة مسؤوليتها عن الهجمات, كانت جماعة الإخوان المسلمون تدينها وتصر على مشاركتها في المظاهرات السلمية فحسب، حمّلت الحكومة جماعة الإخوان مسؤولية الهجمات.

قد يؤدي ذلك إلى محاكمة الأعضاء المعتقلين من الجماعة الإسلامية بموجب قوانين الإرهاب الصارمة. في شهري مارس وأبريل من العام 2014، أصدر القضاء في مصر أحكام الإعدام الجماعية بحق أكثر من 1,200 معتقل من بينهم زعيم جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، لأعمال إرهابية وقتل رجال الشرطة، وقد استبدل في وقت لاحق أحكام الإعدام الصادرة بحق 492 منهم بعقوبة السجن مدى الحياة.

أثار ذلك انتقادات معظم الدول الغربية: في الولايات المتحدة، أصدر البيت الأبيض بيانًا بأنّ الحكمين “[يتحديان] حتى أبسط معايير العدالة الدولية”، داعيًا الحكومة المصرية إلى “وضع حد للمحاكمات الجماعية، وعكس الأحكام الجماعية الحالية والسابقة، والتأكد من أن كل مواطن يحصل على محاكمة وفق الأصول القانونية”.

لم تكن جماعة الإخوان المسلمون المجموعة الوحيدة التي تعرّضت لضغط من جانب الحكومة. وقد أدان حكم قضائي صادر في 28 أبريل 2014 مجموعة الناشطين المسماة بحركة شباب 6 أبريل، وهي واحدة من المجموعات الأكثر مشاركة في المظاهرات التي أطاحت بمبارك في العام 2011، وحُكم على أحد مؤسّسي الحركة، أحمد ماهر، وشابين آخرين من المتظاهرين العلمانيين، بالسجن ثلاث سنوات لتحديهم قانون التظاهر في مصر.

Advertisement
Fanack Water Palestine