وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التعليم في إسرائيل والقدس الشرقية: ما الذي نعرفه؟

Education israel
معلمة تساعد أطفالاً من جنسيات مختلفة في أحد الفصول الدراسية في مدرسة طابيثا الدولية في يافا، تل أبيب في 13 ديسمبر 2002. Photo: SVEN NACKSTRAND / AFP

بحسب مؤشر التنمية، يعدّ التحصيل العلمي في إسرائيل مرتفع للغاية، إذ تغطي الإحصائيات جميع المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، والقدس الشرقية، وهي جزءٌ من الأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب القانون الدولي، حيث يوجد نظامٌ تعليمي توفره بلدية القدس التي تسيطر عليها إسرائيل. ومع ذلك، يمكن أن يوفر البحث في بعض البيانات المتعمقة صورة أكثر تفصيلاً للبيئة التعليمية في إسرائيل بشكلٍ عام والقدس الشرقية على وجه التحديد.

يحظى التعليم بتقديرٍ كبير في إسرائيل، بحسب كتاب جيفري جيري بعنوان “إسرائيل – الثقافة الذكية: الدليل الأساسي للتقاليد والثقافة.” على هذا النحو، التعليم الابتدائي والثانوي مجاني وإلزامي حتى السنة الأخيرة من المدرسة الثانوية، حيث يتم تدريس معظم الدروس باللغة العبرية أو العربية. ووفقاً لليونسكو، يبلغ معدل الإلمام بالقراءة والكتابة 91,75%، كما أن الإنفاق على المؤسسات التعليمية كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي أعلى من متوسط البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

ففي عام 2018، لوحظ أن ميزانية التعليم قد تجاوزت ميزانية الدفاع من حيث الإنفاق الحكومي.

وبشكلٍ عام، قال المعلقون الخارجيون إن جودة نظام التعليم في إسرائيل مرتفعة، لا سيما فيما يتعلق بتخصصي العلوم والتكنولوجيا، والتي يجادل البعض بأنها حفزت التنمية الاقتصادية.

ومع ذلك، في حين أن إجمالي النفقات كبير، إلا أن الإنفاق الفردي أقل بكثير. ففي عام 2011 على سبيل المثال، أنفقت إسرائيل، مقارنةً بمعدلات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغة 7,428 دولاراً و8,296 دولاراً و9,280 دولاراً و13,958 دولاراً لكل طالب لمرحلة التعليم قبل الابتدائي والتعليم الابتدائي والثانوي والعالي على التوالي، 55% و82% و62% و83% فقط على التوالي من هذه المبالغ.

وعلى العكس من ذلك، كانت النسبة المئوية لحاملي الشهادات في تلك السنة أعلى من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وكان عدد حاملي الشهادات في الفئة العمرية 55-64 ضعف عددهم في بلدان الفئة العمرية 55 إلى 64 عاماً، أي ما يعادل 47% مقارنة بنسبة 25%. كما كانت هذه النسبة أقل قليلاً بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 24 و34 عاماً بنسبة 45%، مما يمثل اتجاهاً عكسياً لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى التي يكون فيها كبار السن أكثر تعليماً من الجيل الأصغر سناً.

أما التعليم الثالثي فله تأثير نسبي على العمالة في جميع الأعمار، فقد ذكر تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن معدلات توظيف البالغين وصلت إلى 85% بين حاملي الشهادات مقارنة بـ47% بين أولئك الذين لا يحملون الشهادات. وكان دخل البالغين الحاصلين على درجات علمية أعلى في المتوسط – 52% بشكلٍ عام و71% بين النساء.

وبين أولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 24 عاماً، تكون معدلات الالتحاق بالتعليم منخفضة لأن حوالي 70% من الشباب يتركون التعليم في هذه المرحلة للانضمام إلى الجيش.

Kafer Qasem
Iطلاب فلسطينيون إسرائيليون في مدرسة العمرية في بلدة كفر قاسم، شرقي تل أبيب. يجد الفلسطينيون الإسرائيليون أنفسهم عالقين بين احتفالات اليوبيل الإسرائيلي وذكرى تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم مع قيام الدولة اليهودية، وهو الحدث المعروف للعرب باسم النكبة. Photo: SVEN NACKSTRAND / AFP

وبحسب ما قاله ناتشوم بلاس، الباحث الرئيسي في التعليم بمركز تاوب لدراسات السياسة الاجتماعية في إسرائيل، إن تأجيل التعليم العالي له تأثيرٌ ضار على تأخير مساهمة الشباب في الاقتصاد. وأضاف “لكن من ناحيةٍ أخرى، فإنهم ينشأون في الجيش والكثير منهم يشغلون مناصب قيادية.” وأضاف، “في الأساس، الطلاب الإسرائيليون أكثر نضجاً، ويميلون إلى معرفة ما يريدون القيام به.”

يتكون التعليم الابتدائي والثانوي من عدة أنظمة: الدولة العلمانية، والدولة الدينية، والدينية المستقلة الحريديم، والعربية.

يختلف التمويل الحكومي بين المدارس وفقاً لفئة المدرسة والحكومة المحلية. تقدم وزارة التعليم منحاً للتعليم والبنية التحتية والنقل المدرسي، وتتولى البلديات هذا الأمر. ووفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعاني المدارس العربية من نقص التمويل لأنها تقع في مناطق أقل ثراءً.

وأشار بلاس أيضاً إلى أن انخفاض مستوى التحصيل العلمي في المدارس العربية يعود إلى تراجع الخلفية الاجتماعية -الاقتصادية بشكلٍ عام، وقال إن مستويات التحصيل في مدارس الحريديم (اليهودية الأرثوذكسية) تميل إلى أن تكون أقل أيضاً في ظل التركيز بشكلٍ أقل على تعلم المواد العلمانية.

من جهته، قال فادي سويدان، 48 عاماً، وهو مهندس صناعي، لنا في فَنَك كيف أن معظم المدارس الثانوية في الناصرة كانت مدارس خاصة تديرها الكنيسة وليس الأنظمة الرئيسية الأربعة المذكورة أعلاه. بدورها، ركزت هذه المدراس على التفوق والنتائج الأكاديمية، لـ”إعدادنا للجامعة،” بحسب تعبيره. من وجهة نظره، تمتلك المدارس الخاصة منهجاً أكثر غِنى من المدارس العلمانية الأخرى. وكإسرائيلي عربي، يعتقد أن الوحدة الاجتماعية التي تستفيد أكثر من النظام هي الطلاب الإسرائيليون الذين خدموا في الجيش وهم، كما قال بلاس، قادرون على تطوير المهارات السلوكية الشخصية.

فقد قامت جينيفيف بيلماكر، الصحفية الأمريكية التي عاشت وعملت في القدس ثلاث مرات على مدار سبع سنوات، بإرسال ابنتها وابنها إلى مراكز رعاية الأطفال ومرحلة ما قبل رياض الأطفال ورياض الأطفال في المدينة. ومن ملاحظاتها كأم مع أطفالٍ يهود في النظام المدرسي، قالت إنه من المستحيل التحدث عن التعليم في إسرائيل دون التحدث عن التعليم في القدس كفئة منفصلة.

على حد تعبيرها لنا في فَنَك، قالت “إن نظام التعليم في القدس نظام بيئي فريد من نوعه،” وأضافت “أعتقد أنه أفضل هناك من الكثير من الأماكن من حيث الوصول إلى مجموعة واسعة من أنواع التعليم في منطقة محصورة إلى حدٍ كبير.”

واستشهدت بالمدرسة الخاصة كمثال، قائلة إنها حصلت على منحة مدرسية خاصة لابنها بسهولة نسبية. في النهاية، كان لديها تحفظات على إرسال ابنها إلى المدرسة لأنها تعتقد أنها ستكون أقل تنوعاً من نظام المدارس العامة. ومع ذلك، أشارت إلى أن للفلسطينيين تجربة مختلفة تماماً في القدس الشرقية.

“الأمر مركب ومعقد للغاية. حتى أن هويتهم السياسية مركبة للغاية وتشبه إلى حدٍ كبير نوع الأعمال الورقية التي يحتاجونها لمجرد التنقل.”

كما سلطت الضوء على ميل الفلسطينيين في المدينة إلى الالتحاق بالمدارس الخاصة. فقد أكدّ محمود منى، وهو فلسطيني يمتلك مكتبة أمريكان كولوني، على الوضع الخاص للفلسطينيين كمقيمين في القدس الشرقية، قائلاً إنه قرر أيضاً عدم إرسال أطفاله إلى المدارس العامة واختار بدلاً من ذلك مدرسة مستقلة تديرها الكنيسة “والتي تقع في منطقةٍ ما بين التعليم العام والتعليم الخاص.” وأوضح أنه يعتقد أن المدارس العامة تفتقر إلى التشجيع على التفكير النقدي أو توفير الأنشطة اللامنهجية التي تُشّكل الأطفال. كما أشار إلى أن جودة المدارس الحكومية للفلسطينيين تتأثر بحجم الفصل، بمتوسط يتراوح بين 38 و40 طالباً في الفصل الواحد.

من جهته، قال بلاس أنه على المستوى الابتدائي، هناك ميلٌ في جميع أنحاء إسرائيل من قِبل الأباء الفلسطينيين لإرسال أطفالهم إلى المدارس الخاصة، إذ أضاف “نسبة الذين يذهبون إلى المدارس الخاصة أعلى من اليهود لأن الطبقات المتوسطة العربية غير راضية عن المدارس العربية العامة النظامية.”

بينما قال منى أن هناك نقطة أخرى يجب ملاحظتها، “لدينا تاريخياً المنهج الأردني، وهو باللغة العربية ويتحدث عن الثقافة والهوية العربية.” وتابع القول، “يشعر الكثير من الناس الآن بالقلق من أن المدارس العامة ستقوم قريباً بتدريس المناهج الإسرائيلية، والتي بالطبع لا تغطي الثقافة أو اللغة الإسلامية والعربية وما إلى ذلك. لذلك فهذا أيضاً سبب آخر للانسحاب من المدارس العامة.”

ففي بلدٍ يصب فيه المهاجرون من كل صوبٍ وحدب، ذكرت وزارة التعليم على موقعها على الإنترنت أن التحديات الأخرى تتضمن دمج الطلاب الجدد من أكثر من 70 بلد.

وبحسب بلاس، شكلت هذه مشكلةً خلال العقدين أو الثلاثة عقود الأولى من وجود إسرائيل، لكن معدلات الهجرة أصبحت أقل الآن، وبالتالي لا يُشكل الاندماج تحدياً كبيراً كما كان من قبل، على الرغم من أنه اعترف بأنه قد لا يزال موجوداً إلى حدٍ ما.

القضية الرئيسية لبلاس هي الفجوات في التحصيل العلمي والتسامح. وقال إن عدم المساواة لا يساعد النظم المدرسية المختلفة، “توجد الفجوات والصدوع بين المجموعات الاجتماعية، وهي مشكلة عامة في إسرائيل.”