وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تاريخ الجزائر

تاريخ الجزائر: حزب جبهة التحرير الوطني
حزب جبهة التحرير الوطني

المقدمة

تاريخ الجزائر
جنازة لأحد أفراد القبائل الأمازيغية الذي أغتيل في الحرب الأهلية الجزائرية/Photo Corbis

تعتبر الجزائر مهداً لأسلاف البشر الأوائل بحسب نتائج أبحاثٍ أُجريت على أدوات حجرية مصقولة في صحرائها. وتؤكد النتائج.المعلن عنها في نوفمبر 2018 أن موقع عين بوشريط بولاية سطيف ثاني أقدم موقع في العالم بعد كونا في إثيوبيا

العصور القديمة

وفي العصور القديمة، عُرفت الجزائر باسم مملكة النوميديا وكان شعبها يُطلق عليهم اسم “النوميديون” و”الأمازيغ”، أي “الرجال الأحرار”. وفي عام 1250 ق.م، وصل الفينيقيون إلى ساحل شمال إفريقيا حول “قرطاج”. إلا أنّ تراجع قوة هؤلاء نتيجة الهزائم المتتالية أمام الرومان أدى لتنامي قوة الزعماء النوميديين في المناطق النائية.

وتمكّن الملك ماسينيسا (238 ق.م- 148 ق.م) من توحيد مملكة نوميديا وعاصمتها سيرتاCirta (قسنطينة). وعاود يوغرطة Jugurtha (160 ق.م- 105 ق.م) السعي لتوحيد نوميديا، بيد أن الجنرال الروماني ماريوس قبض عليه بعد حربه ضد الرومان (112 ق.م – 104 ق.م) وتم إعدامه في عام 105ق.م.

وبعد هزيمة يوغرطة، سيطر الرومان على الجزائر بحلول عام 106 ق.م، لا سيّما منطقة تل أطلس وجزء من الهضاب، فيما ظلت بقية الجزائر خارج الحكم الروماني. وبحلول القرن الخامس الميلادي، تآكلت الحضارة الرومانية في الجزائر بسبب توغلات النوميديين بين عامي 430م و431م، لتنتهي معها السيطرة الرومانية.

وبين عامي 430م و533م،، وصلت قبائل الوندال الجرمانية إلى الجزائر، وأنشأ هؤلاء أول دولة لهم في شمال إفريقيا وعاصمتها بجاية. وبمرور قرنٍ من الزمن، اندمج الجرمانيون مع الشعب الجزائري.

وبحلول عام 534م، حاول البيزنطيون فرض نفوذهم على شمال أفريقيا بما ذلك الجزائر حتى وصول الإسلام إلى المنطقة.

العصور الوسطى

وعندما جاء العرب إلى الجزائر بحلول منتصف القرن السابع، تحول عددٌ كبير من السكان المحليين إلى الإسلام. وبصورةٍ مماثلة لعموم شمال إفريقيا، فقد قادت الديانة واللغة الجديدة لتغييراتٍ عميقة على مستوى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر. وخضعت الجزائر تباعاً لحكم الأمويين والرستميين والأغالبة العباسيين والفاطميين والزيريين والحماديين والمرابطين والموحدين والزيانيين، حتى وصل العثمانيون والدايات إلى حكم البلاد على وقع هجمات الأساطيل الإسبانية.

وفي عام 1830م، غزا الفرنسيون الجزائر، واستولوا على الجزائر العاصمة. وواجه الفرنسيون مقاومة شعبية كبيرة، كان أهمها مقاومة الأمير عبد القادر بين عامي 1832 و1847. وبعد ذلك، اعتبر الدستور الفرنسي لعام 1848 أن الجزائر جزءٌ لا يتجزأ من فرنسا.

مع نهاية الحرب العالمية الأولى ونمو الوعي الجمعي، باتت مقاومة المستعمر أكثر تنظيماً بفضل جماعاتٍ ذات انتماءات دينية وفكرية مختلفة. وشهد عام 1926 إنشاء حزب “نجمة شمال إفريقيا” (Étoile Nord-Africaine) في باريس على يد مصالي الحاج، وكان هذا أول من دعا لاستقلال الجزائر.

الغزو الفرنسي

وتعتبر نهاية الحرب العالمية الثانية بداية النهاية للاستعمار الفرنسي في الجزائر. ففي 8 مايو 1945، خرج المتظاهرون الجزائريون إلى الشارع في سطيف وقالمة، حاملين الأعلام الجزائرية وداعين للاستقلال، لتسفر هذه التظاهرات عن مقتل أكثر من 20 ألف جزائري. وهنا، بدأت ثورة التحرير الوطني أو حرب الاستقلال الجزائرية، وهي تعتبر واحدة من أكبر نقاط التحول في التاريخ الاستعماري.

في نوفمبر 1954، باتت الهجمات في جميع أنحاء الجزائر بمثابة بداية الكفاح لنيل الاستقلال الذي قادته جبهة التحرير الوطني. ولم يتوقف الكفاح إلا في يوليو 1962 بإعلان استقلال الجزائر عن فرنسا بعد سقوط نحو 1.5 مليون جزائري ضحايا حرب التحرير الوطني.

الاستقلال والجمهورية

وفي سبتمبر 1963، انتخب أحمد بن بلة رئيساً للجمهورية لمدة 5 سنوات فضلاً عن توليه لرئاسة الحكومة ومنصب القائد الأعلى للجيش، وكان ذلك بدعم العقيد هواري بومدين، قائد جيش التحرير الوطني. وأعاد بن بلة تأسيس النظام في بلدٍ غير منظم بسبب الرحيل الجماعي للفرنسيين وصدامات الجماعات المسلحة. وخصص بن بلّة ربع ميزانية الدولة للتعليم، ناهيك عن إقامته لإصلاحاتٍ زراعية أساسية وتحالفه مع الدول العربية وتطويره للعلاقات الثقافية والاقتصادية مع فرنسا. كما أخرج البلاد من حالة النزاع الحدودي القائمة مع المغرب.

في يونيو 1965، انقلب بومدين على بن بلة ونصب نفسه رئيساً للجزائر. وبمساعدة رجل المخابرات القوي قاصدي مرباح، شرع بومدين بإعادة بناء الدولة على أساس ثلاثية الثورة الزراعية والثقافية والصناعية على غرار تجارب المحور الاشتراكي. واستمر في عهد بومدين تحكّم حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بمفاصل الدولة.

وفي 27 ديسمبر 1978، توفي بومدين، ليتولى الشاذلي بن جديد مقاليد الحكم بعد انتخابه رئيساً في 7 فبراير 1979. واستمر حكم الشاذلي للجزائر زهاء 13 سنة بعد إعادة انتخابه في عامي 1983 و1988. وشهد عام 1988 وقوع احتجاجات واسعة لتفشي الفساد والبطالة، وندد المحتجون بسياسات جبهة التحرير وطالبوا بإصلاحاتٍ اقتصادية واجتماعية وبتحسين الظروف المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية. عقب ذلك، أقرّ دستور عام 1989 التعددية الإعلامية والسياسية، منهياً بذلك 27 عاماً من حكم الحزب الواحد ويتأسس بعدها أكثر من 60 حزباً.

من "العشرية السوداء" الى التعددية السياسية

وبعد إجراء أول انتخاباتٍ محلية وتشريعية تعددية في البلاد عامي 1990 و1991، دخلت الجزائر في أتون حربٍ أهلية استمرت زهاء عشر سنوات “العشرية السوداء”. واندلعت شرارة الحرب عقب إلغاء الجيش لنتائج الانتخابات ولجوء الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجماعات الإسلامية إلى السلاح في مواجهته، ما أسفر عن مقتل نحو ربع مليون شخص ووقوع خسائر اقتصادية بنحو 40 مليار دولار.

في أبريل 1999، انتهت العشرية السوداء بانتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيساً للبلاد، واستمر بوتفليقة في منصبه لأربع فترات متتالية. ورغم انعدام قدرته على القيام بمهامه لأسبابٍ صحية، ترشح بوتفليقة لعهدةٍ رئاسية خامسة، فقابل الشعب ترشحه بالرفض وانطلقت المظاهرات السلمية في فبراير 2019. وأعلن بوتفليقة استقالته في أبريل 2019؛ ليتولى عبد المجيد تبون رئاسة البلاد إثر انتخاباتٍ رئاسية متعددة في ديسمبر 2019.