المقدمة
تحمل الأردن آثار العديد من الحضارات. بعد فصلها عن فلسطين القديمة، ضمت حدودها، الممالك التوراتية (مؤاب وجلعاد وإدوم)؛ وكذلك البتراء، عاصمة مملكة الأنباط (312 ق.م). أصبح الأردن جزءً من الإمبراطورية العثمانية حتى عام 1918، ثم مستعمرة بريطانية بعد ذلك. وقد أصبح الأردن مملكة مستقلة عام 1946م.
شهدت منطقة الأردن بزوغ العديد من الحضارات، ولعل واحدة من أقدمها حضارة عين غزال (8500-4500 ق.م). وسميت بهذا الاسم نسبة إلى منطقه عين غزال، فكانت واحدة من أكبر مواقع العصر الحجري الحديث في بلاد الشام.
كما شهد العصر الحديدي نشوء ثلاثة كيانات سياسية جديدة في أرض الأردن وهي إدوم في الجنوب، ومؤاب في الوسط وعمون في الجبال الشمالية. وكان أحد الأسباب المحتملة لنمو هذه الممالك هو طريق التجارة التي كانت تمر عبر الأردن.
في 539 ق.م تمكن الفرس من القضاء على الدولة البابلية التي كانت تحكم أرجاء واسعة من الشرق القديم، وأخضعوا المناطق التي كانت تابعة لها لحكمهم، بما في ذلك الأردن.
تمكنت الجيوش المقدونية من إنهاء الحكم الفارسي لبلاد الشام عام 330ق.م تقريبًا، وخضع الأردن لحكم الدولة السلوقية، بعد وفاة الإسكندر المقدوني.
أصبحت البلاد جزءً من المملكة النبطية عام 168ق.م. تلك المملكة العربية القديمة التي ضمت صحراء النقب وسيناء والأردن وأجزاءً من شبه الجزيرة العربية. واستطاعت الدولة النبطية الحفاظ على بقائها لفترة أربعة قرون، حتى نهاية وجودها السياسي بسيطرة الرومان على البتراء عام 106م.
اكتسبت الأردن لقب (بيلا Pella) عندما أصبحت المركز والملجأ للمسيحيين الفارين من الاضطهاد في روما خلال القرن الأول الميلادي. وشهدت هذه الفترة نشاطًا معماريًا واسعًا في القرنين الخامس والسادس الميلاديين خاصة في مجال العمارة الدينية، بعد اتخاذ الدولة البيزنطية الديانة المسيحية ديانة رسمية لها.
من وصول الإسلام إلى العثمانيين (635-1516)
بعد نجاح الدعوة الإسلامية في جزيرة العرب، انتقل المسلمون إلى نشر الإسلام خارجها، فبدأوا ببلاد الشام، وكان الأردن الأقرب إلى جزيرة العرب، فدخل في الإسلام مبكرًا، وعلى أرضه وقعت المعارك الحاسمة الأولى، مثل معركتي فِحل 635 م، واليرموك 636م.
مع قيام الدولة الأموية واتخاذ دمشق عاصمة لها 661م، ازدهر الأردن خلال ذلك العصر، بسبب قربه من العاصمة دمشق. وظهرت أهمية موقعه الجغرافي الإستراتيجي لوجوده على طريق الحج مرورًا بأماكن مقدسة، وحلت اللغة العربية تدريجيًا محل اليونانية كلغة رسمية. كما ظلت المسيحية في تلك الفترة ديانة الكثيرين من أهل الأردن.
أنشأ العباسيون عاصمتهم في بغداد عام 750م، مهملين الأردن لبعدها عن مركز الدولة. ومع حُكم الفاطميين لساحل البحر المتوسط في إفريقيا 969م، اتخذوا مصر مركزًا لهم، وشملت خلافتهم مصر والمغرب والسودان وصقلية وبلاد الشام والحجاز.
أسس صلاح الدين الأيوبي سلالة حكمت جزءًا كبيرًا من سوريا ومصر والأردن 1258م، لفترة دامت ثمانين عامًا. وفي وقت لاحق، استولى المماليك على السلطة، وحكموا مصر، وضموا الأردن وسوريا تحت حكمهم. وبعد معركة عين جالوت، وحد السلطان المملوكي بيبرس سوريا ومصر والأردن تحت راية الأيوبيين والمماليك.
العثمانيون (1516-1918)
أتى الحكم العثماني 1516م، مستمرًا لأربعة قرون. عانى منها الأردن فترة من الركود العام في أواخر حكمهم، وأولى العثمانيون عناية خاصة للمواقع الواقعة على طريق الحج، ففضل البدو في تلك الفترة النأي بأنفسهم والعيش في الصحراء هاربين من بطش العثمانيين وكثره ضرائبهم.
وفي أعقاب هجرة الشركس إلى الأردن عام 1864م، والشيشان 1902م، انضموا إلى جذور الحياة السياسية في الأردن. وانخرطوا في الحياة الزراعية، والحرفية، مع سكان الأردن الأصليين.
من الانتداب البريطاني إلى الأردن الحالي (1922-2020)
اعترف مجلس عصبة الأمم بأن شرق الأردن دولة تحت إشراف بريطاني في العام 1922م. وفي عام 1946م، اعترفت الأمم المتحدة بالأردن كمملكة مستقلة ذات سيادة. وبعد فترة وجيزة من حصوله على الاستقلال، أصبح الأردن موطنًا لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، على خلفية إعلان قيام دولة إسرائيل 1948م وفرار الآلاف من الفلسطينيين إلى الضفة الغربية والأردن، إبان الاقتتال العربي الإسرائيلي.
عام 1950م، ضم الأردن، الضفة الغربية، ليتم اغتيال الملك عبد الله بعد نحو عام على يد مسلح فلسطيني، بسبب ما اعتقد أنه تواطؤًا للملك مع إسرائيل لتقسيم فلسطين.
في عام 1952 أُعِلن حسين ملكًا بعد إعلان والده طلال أنه غير قادر عقليًا على الحكم. وأكملت القوات البريطانية انسحابها من الأردن، عام 1957م.
سيطرت إسرائيل على القدس والضفة الغربية خلال حرب الأيام الستة عام 1967م، ما أدى إلى تدفق كبير للاجئين إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن.
اندلعت اشتباكات كبرى بين القوات الحكومية والمقاتلين الفلسطينيين 1970م، أسفرت عن سقوط آلاف القتلى في حرب أطلق عليها سبتمبر الأسود.
وقَّع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1994م، ينهي بها حالة الحرب الرسمية التي امتدت لنحو 46 عامًا.
وفي فبراير 1999م، توفي الملك حسين، ليخلفه نجله الأكبر ولي العهد الأمير عبد الله.
ولازال عبد الله الثاني، ملكًا للبلاد منذ ذلك الحين.