The situation of the schooling system in Jordan
طالبات يمارسن التمارين الرياضية الصباحية في أول يوم دراسي في عمّان، الأردن, 1 سبتمبر, 2015. Photo imago stock&people

المقدمة

يزداد إنفاق الأردن على التعليم، حيث بلغ حوالي 11,5% (1,3 مليار دولار) من الموازنة العامة للدولة البالغة 11,3 مليار دولار لعام 2015، وفقاً لأرقام وزارة المالية. وتهدف هذه الزيادة في الإنفاق إلى إصلاح قطاع التعليم الذي يمثل أولوية قصوى للملك والحكومة، وللمراقبين من خارج الحكومة. وفي عام 2015، هناك 4,935 مدرسة في جميع أنحاء المملكة يرتادها 1,6 مليون طالب وطالبة. ويُقدر عدد المعلمين/ المعلمات من قِبل وزارة التربية والتعليم بـ85,000، مما يجعل نسبة الطلبة إلى المدرسين 19 إلى 1.

ووفقاً لوليد الجلاد، المتحدث باسم الوزارة، تهدف الزيادة في الإنفاق على التعليم إلى تحسين معدل التحاق الطلاب بالتعليم الابتدائي، الذي تبلغ نسبته في الوقت الحالي 98%، ورفع الضغط عن المدارس الحكومية الناجم عن تقديم التعليم المجاني لعشرات الآلاف من الطلاب السوريين، الذين فرّوا مع عائلاتهم من الحرب التي تمزق بلادهم إلى الأردن.

“نقوم ببناء المدارس في جميع أنحاء البلاد كل عام،” مضيفاً أن استراتيجية الوزارة على المدى المتوسط هو تحسين نوعية التعليم وترتيب الأردن في التقارير الدولية. ووفقاً لمركز فينيكس للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، شارك الأردن في عدة اختبارات للتصنيف العالمي لتقييم الطلبة في العلوم والرياضيات، حيث تراجعت نتائج الطلاب دون المستويات المتوقعة.

وفي عام 2011، احتلت الأردن المرتبة 34 من أصل 41 دولة مشاركة، حيث أحرزت 406 نقاط (أقل من نتيجتها عام 2007 البالغة 427 نقطة)، والذي يعدّ أقل من النتيجة الإجمالية المتوقعة، أي 500 نقطة. وفي امتحان العلوم للصف الثامن الأساسي، احتلت الأردن المرتبة 29 من أصل 43 بلد مشارك، حيث أحرزت 449 نقطة (أي أقل من نتيجتها عام 2007 482 نقطة)، والذي يعدّ أقل من النتيجة الإجمالية المتوقعة، أي 500 نقطة. أما فيما يتعلق بمؤشر إتقان اللغة الانجليزية، الذي تُصدره منظمة “التعليم أولاً” احتلت الأردن المرتبة 50 من أصل 60 بلداً التي غطتها الدراسة، والخامسة عربياً.

وقال الجلاد أن هناك خططاً لتعزيز التعليم، والتي تتضمن تعزيز قدرات المعلمين وتحسين المناهج وامتحان الثانوية العامة المعروف باسم التوجيهي، الذي يتوجب على الطلاب تخطيه قبل قبولهم في الجامعات. كما سيتم تدريب المعلمين على أفضل الممارسات التعليمية من أجل تحسين مهاراتهم، وفي نهاية المطاف، تحسين أداء الطلاب. وقال انه سيتم تعيين المعلمين على أساس التنافسية والكفاءة، مشيراً الى ان الوزارة تنوي أيضاً بناء 450 مدرسة في السنوات الخمس المقبلة، وذلك لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب. ولا يوجد سوى 38,000 طالب ملتحقين بمدارس التدريب المهني، لذا فإن تعزيز التدريب المهني من الأولوليات أيضاً.

وفي أغسطس من العام الجاري، التقى الملك عبد الله الثاني مع أصحاب المصلحة في قطاع التعليم لمناقشة الخطط والاستراتيجيات. وفي اللقاء، الذي حضره كبار المسؤولين في الحكومة، شدد جلالته على أهمية بذل أقصى الجهود لمعالجة جميع عناصر العملية التعليمية، بما في ذلك المناهج الدراسية، والطلاب، والمعلمين، والتي يأمل بأن ينعكس إيجاباً على نتائج من العملية برمتها، ويؤهل الطلاب لتلبية احتياجات سوق العمل.

وقال زياد العبدالله، عضو نقابة المعلمين الأردنيين، أن الحكومة، على مدى العامين الماضيين، نجحت في استعادة سمعة وثقة الجمهور في امتحان التوجيهي، ليس فقط من خلال اتخاذ تدابير صارمة ضد الغش، بل أيضاً باتباع نهج جديد في الأسئلة، من خلال التركيز على التفكير النقدي بدلاً من التلقين.

ولا يزال الأردن يتمتع بسمعة إقليمية في مجال التعليم، ولكن ينبغي اعتماد استراتيجيات لتحسين صورتها والنتائج التعليمية. وقد أجريت دراسة حول التعليم، حيث تتوفر نسخة عنها على موقعنا، هذا العام من قبل رئيس الوزراء السابق الأكاديمي الشهير عدنان بدران. يقول بدران أن التعليم الخاص في الأردن فتح القطاع التعليمي للمنافسة في مجال التدريس والمناهج والوسائل التعليمية والمرافق والأنشطة المدرسية، وتهيئة بيئة لتغذية التعلم.

في الأردن، التعليم هو الحاضنة الرئيسية للإبداع والابتكار والتميز في ريادة الأعمال في الجودة والملائمة، من أجل بناء رأس المال البشري اللازم لاقتصاد المعرفة، يقول بدران، مضيفاً إلى أن الإصلاح قائم في الأردن في التعليم العام، من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة.

التعليم العالي

في الأردن، يوجد 32 جامعة حكومية وخاصة يلتحق فيها حوالي 450,000 طالب بكالوريس و35,000 طالب دراسات عليا، وذلك وفقاً لوزارة التعليم العالي. كما أن المملكة تحتضن 55 كلية مجتمع، فيها 42,000 طالب مُسجل. ويقدر الإنفاق الحكومي على التعليم العالي لعام 2015 بـ 146 مليون دولار، وفقاً لوزارة المالية.

وتمثل الأعداد الكبيرة للخريجين من الجامعات كل عام تحدياً رئيسياً في الأردن، حيث تُقدر أعدادهم بأكثر من 60,000 خريج، مما يجعل من الصعب خلق فرص عمل كافية لهم. ويقول بدران أن سوق العمل لخريجي التعليم العالي لا يقتصر على الأردن، حيث يتنافس الخريجين بأعدادٍ كبيرة الآن في الأسواق الإقليمية. كما أن التحويلات من خريجي الجامعات الأردنية العاملين في الخارج تتجاوزالـ3 مليارات دولار سنوياً. ويقدر مسؤولون عدد المغتربين الأردنيين، وخاصة في منطقة الخليج الغنية بالنفط، بـ750,000.

المناهج التعليمية للمدارس

مع معاناة الشرق الأوسط بشكلٍ متزايد في عام 2015 من الإرهاب والتطرف، يخشى النشطاء والخبراء من أن المناهج الأردنية تشجع، بطريقةٍ أو بأخرى، التطرف، حيث دعت وزارة التعليم لتحديث المناهج لتلائم الصورة المعتدلة والحديثة للمملكة. ويرفض مسؤولٌ في وزارة التعليم هذه الإدعاءات ويقول أن السلطات تجري عملية تحديثٍ للكتب المدرسية.

وأشار البروفيسور ذوقان عبيدات، في دراسة تحليلية نشرها باللغة العربية (يوليو 2015)، أن بعض التعاليم التي لا تزال في المناهج الدراسية، تتعارض مع قيم الأردن في التسامح، ومع خطط الوزارة نفسها التي تهدف إلى تعزيز التعايش ومحاربة التطرف. وقال عبيدات، الذي شغل منصب مدير المناهج في الوزارة في التسعينيات، لموقعنا في أكتوبر 2015 أن الوزارة، في آخر تحديث للمناهج (في أواخر أغسطس)، جددت غلاف الكتاب وليس المحتوى.

وقال أنه على الرغم من أن الغالبية العظمى من سكان الأردن من المسلمين، إلا أنه لا ينبغي أن تستثني المناهج العناصر الأخرى في المجتمع، بما في ذلك المسيحيين، واصفاً بعض المواد بأنها متطرفة في إشارة إلى الجماعة المتطرفة، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، قائلاً، أنه على سبيل المثال “ينبغي على المسلمين التسامح بين بعضهم البعض، وينبغي ألا يسببوا الضرر لبعضهم البعض.”

وقال أن المحتوى يهيمن عليه التعاليم الإسلامية، ويمكن العثور عليها في العديد من الكتب، وليس فقط في الكتب عن الإسلام. وفي كتاب التربية الوطنية للصف الخامس، يقول عبيدات أن المؤلف يهاجم العلوم والفلسفة الحديثة واصافاً إياها بأنها تشتت المسلمين عن ممارسة شعارئهم الدينية. “العلم الحديث له فوائد عدة في حياتنا، وبخاصة في مجال الزراعة، إلا أنها شغلت الناس بالإضطرابات والحضارات المدمرة من خلال تعزيز العلمانية والرأسمالية.”

وقال عبيدات أنه في كتاب اللغة العربية، تظهر النساء دوماً في الصور والرسومات رؤوسهم مغطاة، حتى عند جلوسهم مع عائلاتهم، مضيفاً أنه في كتب الثقافة الإسلامية، يقول المؤلف أنه لا يسمح للنساء مغادرة منازلهم ما لم يتم الحصول على إذن من الزوج أو الرجل الذي يملك السلطة في المنزل. وقال متهماً أن “المناهج المدرسية يكتبها أناسٌ يتبعون نهج جماعة الإخوان المسلمين،” وأضاف، لأن المنطقة باتت حاضنة للتطرف، يجب على السلطات العمل على تحديث الكتب المدرسية لتعزيز التعايش مع البشرية جمعاء، بغض النظر عن الدين. ويتساءل عبيدات “تقول المناهج الحالية أن على المسلمين التسامح مع بعضهم البعض، ولكن، ماذا عن أتباع الديانات الأخرى؟”

الناشطة دلال سلامة، وهي أيضاً مسؤولة سابقة في وزارة التربية والتعليم، انتقدت أيضاً أنواع المساقات التي يتم تدريسها، قائلةً أن الإسلام لا يدرس فقط من خلال كتب الثقافة الإسلامية، بل أيضاً في الكتب الأخرى مثل كتب اللغة العربية. يتم تعليم الطلاب في الصفوف الابتدائية أن المسلمين يجب أن لا يؤذوا بعضهم البعض، قالت سلامة، محذرةً من أن المناهج الحالية تقيد القيم الإنسانية الحقيقية للمسلمين، وتستثني الآخرين. سلامة، التي تعمل أيضاً ككاتبة عمود في إحدى الصحف، أشارت إلى أنه على الرغم من عدم وجود خطاب كراهية صريح في المناهج الدراسية، إلا أنه يمكن لمس الكراهية في محتوى المناهج الدراسية. ومع ذلك، قالت أن التغيير الكامل أو المفاجىء في المناهج سيتعرض للطعن من قِبل الكثيرين في الأردن، مشيرة إلى أن أفضل طريقة لتحديث الكتب المدرسية لتتضمن محتوىً عن التسامح وقبول الآخرين، سيكون ببدء حوار وطني يسمح للناس بالتعبير عما يؤمنون.

كما تحدث رئيس الوزراء السابق مروان المعشر حول هذه القضية، التي شكلت في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً في بلدان أخرى، مثل مصر، وكذلك في الأردن. وفي مقال نشر يوم 26 أغسطس 2015، في صحيفة الغد الناطقة باللغة العربية، اتهم المعشر السلطات بتراخيها أو ترددها في خوض مواجهة جدية لفكر إقصائي سيطر على أنظمتنا التعليمية، وبات يهدد بشكل واضح ليس تعددية المجتمع فحسب، بل حسه الإنساني، وقدرته على التفكير الإبداعي وقبول الآخر.

وقال المعشر ان محتوى الفنون في المناهج محدودة، لا يتجاوز واحد في المائة، مضيفاً أن الفن يمكن أن يُلهم الطلاب ليكونوا أكثر إبداعاً وابتكاراً. وأشاد المعشر بالأناس الذين يملكون الشجاعة لانتقاد المناهج، التي كما قال، تعزز الإقصاء والتطرف، واصفاً الناشطين في الميدان بأنهم يسعون إلى إنقاذ المجتمع الأردني من الظلام والدمار.

ولكن تنفي مديرة إدارة المناهج والكتب المدرسية في وزارة التربية والتعليم وفاء العبداللات الاتهامات بأن محتوى الكتب المدرسية يعزز التطرف، معتبرةً أن المنهاج الأردني يدعو إلى التسامح، واحترام الثقافات والديانات الأخرى، والمساواة بين الجنسين. وقالت العبداللات أن الوزارة تعمل على تحديث كتب المرحلة الثانوية وستلغي موضوع التربية الوطنية وسيحل محلها كتاب عن تاريخ الأردن الحديث. وقالت أن الوزارة ترحب بجميع الاقتراحات والأفكار البناءة التي يمكن أن تسهم في تطوير المناهج الدراسية.

التعليم في الأردن - Chronicle وقائع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التعليم في الأردن

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “التعليم” و “الأردن”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:

Advertisement
Fanack Water Palestine