في تموز/يوليو عام 1956، قام زعيم مصر الوطني جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، مما أدى إلى غزوها في تشرين الأول/أكتوبر من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. رفض حسين السماح لبريطانيا باستخدام قواعدها العسكرية في معان والعقبة والمفرق وعمان في عملياتها ضد مصر. أجبر الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة المعتدين على الانسحاب، ولكن الهجوم أثار غضب العالم العربي الذي كان في هياج قومي في طبيعة الحال، وازدادت شعبية عبد الناصر.
جرت الانتخابات الأردنية في 21 تشرين الأول/أكتوبر، قبل أسبوع فقط من الهجوم على مصر، واتضح الفوز الكبير للقوميين والشيوعيين. تم تعيين سليمان النابلسي، زعيم أكبر تجمع قومي “الجبهة الوطنية الاشتراكية”، رئيساً للوزراء. ورداً على السويس، قطعت الحكومة الجديدة علاقاتها الدبلوماسية مع فرنسا، وقررت إلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية لعام 1946. وألغيت المعاهدة بالاتفاق المتبادل في 14 آذار/مارس عام 1957.
غير أن حسين في الوقت ذاته كان يتحرك لاستبدال الرعاية البريطانية بالأمريكية. وفي أوائل عام 1957، أعلن الرئيس إيزنهاور عن “تعاليمه” التي دعت الولايات المتحدة إلى دعم أنظمة الشرق الأوسط المهددة “بالشيوعية الدولية”. تبنت تصريحات الملك السياسية لهجة الحرب الباردة بشكل متزايد.
وفي ربيع عام 1957، أعلنت حكومة النابلسي عن خطط للاعتراف بالصين الشيوعية وإقامة علاقات كاملة مع موسكو. وبما ان الملك كان يتودد إلى واشنطن ويشجب الشيوعية، كان الطريق ممهداً للتصادم. ففي نيسان/أبريل، ولاشتباه الملك بمؤامرة تحاك ضده من قبل الجيش، قام الملك حسين بعزل النابلسي. وبعد ذلك على الفور – وفقاً لروايته، التي شكك فيها مشاركون آخرون – تدخل الملك شخصياً لقمع تمرد في قاعدة الجيش الرئيسية في الأردن، في الزرقاء قرب عمان.
في غضون أيام، تم تطوبق مدينة إربد من قبل المدرعات السورية التي كانت قد انتشرت في شمال الأردن لدعم المملكة خلال أزمة السويس. تم عقد “مؤتمر وطني” للقوميين واليساريين في مدينة نابلس في الضفة الغربية، ودعا إلى اتحاد سوريا ومصر وإعادة ضباط الجيش المعزولين والإضراب العام. وفي الوقت نفسه، في منطقة البحر المتوسط المجاورة، تحرك الأسطول السادس الأمريكي شرقاً استجابة لنداء طلب المساعدة من الرئيس اللبناني كميل شمعون، الذي كان متورطاً في أزمة مع اليساريين والقوميين، وأعلن إيزنهاور التزامه بـ “استقلال وسيادة الأردن”.
بينما كان خصوم الملك ومؤيدوه معبئين في الشوارع، اتخذ حسين إجراءات حاسمة. ففي بداية يوم 25 نيسان/أبريل عام 1957، فرض حظر التجول في عمان وإربد والقدس ورام الله ونابلس، واعتقل المئات من الناس، بمن فيهم ضباط في الجيش، وحظر الأحزاب السياسية، وأغلق دور النشر المعارضة. ولتأكيد دعمها للملك، وافقت واشنطن على مساعدات مالية بقيمة 10 مليون دولار، الدفعة الأولى من مساعدات كثيرة.
في شباط/فبراير عام 1958، اتحد عدواه اللدودان، سوريا ومصر، ليشكلا “الجمهورية العربية المتحدة”. وفي الشهر نفسه، كان ردّ الأردن تشكيل “الاتحاد العربي” مع المملكة الهاشمية الشقيقة في العراق. ولكن في 14 تموز/يوليو عام 1958، تمت الإطاحة بالنظام الملكي في العراق في انقلاب عسكري. وفي غضون أيام، رست السفن الأمريكية في لبنان لحماية نظام كميل شمعون وطار المظليون البريطانيون جواً إلى الأردن لحماية نظام حسين.
استمر قلق النظام من جيرانه الراديكاليين والمعارضة الداخلية، ولكن مزيج القمع ومظلة الحماية للولايات المتحدة وبريطانيا ضمن عدم وجود تهديدات خطيرة إلى حد تهديد بقائه – على الأقل حتى أواخر ستينات القرن العشرين.