وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الموسيقى والرقص في قطر

تستمد الموسيقى والرقص في قطر جذورهما من التراث البدوي والبحري للبلاد، ويتميزان بحضور عناصر الحياة البدوية والإبحار وصيد اللؤلؤ. وهي الخصائص التي تسعي هذه المقالة إلى استكشافها.

الموسيقى والرقص في قطر
رقصة قطرية تقليدية خلال افتتاح دوري كأس الخليج العربي السابع عشر لكرة القدم في 10 ديسمبر 2004 في الدوحة. Photo: RABIH MOGHRABI / AFP

المقدمة

الثقافة القطرية مبنية على الشعر والغناء والرقص البدوي. إلا أنه بسبب عدم توفر الكثير من الأرشيفات حول الأهمية الثقافية في شبه الجزيرة العربية، لم يتم توثيق تطورها الأصلي بشكل مناسب. لم يعد للموسيقى وأنواعها وأدائها وجود في سياقاتها الأصلية في منطقة الخليج، إلا أنها تؤدى في مناسبات متنوعة لسد تلك الثغرة. والموضوعان الرئيسيان في المنطقة، البحر والبدو، تعزيزهما الإيقاعات الموسيقية.

الرقصات التقليدية القطرية

الرقصات التقليدية بشكل خاص هي العرضة والرزيف. رقصة العرضة في الأصل هي رقصة الحرب، ويقال إنها أصبحت رقصة السلام في التاريخ الحديث. وتمثل معظم الرقص الشعبي الذي يؤدى في المناسبات الوطنية والاحتفالات والأعراس في قطر. أخذت العرضة اسمها من صفّين متقابلين من الرجال يهتفون لبعضهم البعض بطريقة تنافسية أو التحدي. وترافقها رقصة الرزيف، أو تليها.

كما يتنقل البدو في الصحراء سعياً وراء الكلأ والماء، هكذا البحارة في التجارة وصيد اللؤلؤ والسمك. تم إدخال هذه العناصر في فن خاص بأهل الخليج، وخصوصاً بين القبائل العربية التي هاجرت من منطقة نجد. وترتبط عناصر البحر، مثل أي مكان آخر في العالم، بتحميل وتفريغ البضائع في البحر، والتي تظهر في نوع من الغناء. وتطورت أناشيد أخرى عند الحاجة إلى رفع الأشرعة عن طريق سحب الحبال بانسجام أو رفع مرساة ثقيلة أو التجديف بنشاط لفترات طويلة من الوقت.

بطبيعة الحال، لم تكن الأغاني مجرد تصوير للعمل الذي يتعين القيام به في البحر، وإنما أيضاً مرتبطة بنتائج بقائهم لفترات طويلة في البحر عليهم وعلى أسرهم. وهكذا كان الحب والصبر والقدر عناصر الموسيقى التي كانوا يغنونها في البحر.

العرضة

أهمية رقصة العرضة أكثر عمقاً من كونها مجرد رقصة. فالأحداث التي تؤدى فيها هي مناسبات اجتماعية تمتد جذورها إلى المجتمعات القبلية التي استوطنت شبه الجزيرة العربية والمناطق النائية. لهذه اللقاءات وظائف عدة، والتي يمكن أن تكون سياسية وإستراتيجية واجتماعية وترفيهية. عندما تجتمع القبائل لإظهار الولاء، يؤدون رقصة الرزيف كعنصر هام وواضح للغاية.

في المقام الأول، يمكن أداء رقصة العرضة لإظهار الأواصر والولاء في أجواء سياسية تقليدية. كما يمكن أن تخدم كتجمع رسمي أو غير رسمي حيث تناقش المسائل العائلية، بما في ذلك ترتيبات الزواج.

رقصة العرضة هي في جوهرها رقصة حرب، حيث يرتدي الراقصون أحزمة الكتف العريضة ويحملون البنادق، من مختلف الأعمار، أو السيوف في استعراض للقوة العسكرية التقليدية والولاء للحاكم، ولإظهار الاحترام له وللبلاد. صفان من الرجال، يواجهون بعضهم البعض، يرددون لازمة ثمانية وراء شخص واحد يقودهم. وبينهم يستعرض رجال أسلحتهم بحركات فردية بطيئة. قد يصبح هتاف وترديد الرجال في الصفين قوياً أو مضحكاً إهانة للأعداء.

الطبول هي العنصر الأكثر أهمية في رقصة العرضة لغياب النغمة الموسيقية، في حين أن الإيقاع ضروري لوتيرة الراقصين الذين يستخدمون أجسادهم بالكامل بحركة منسجمة مع الإيقاع. في تقاليد صيد اللؤلؤ والأسماك للموسيقى الخليجية، الإيقاعات عنصر قوي. والتصفيق، بإصدار صوت قوي جاف، هو جزء من رقصة العرضة والرزيف.

وفي حين أن رجال القبيلة هم الذين يرقصون ويغنون، إلا أن هناك رقصات تشارك فيها المرأة في أجواء مغلقة. النعشة والردحة هي الأكثر شيوعاً؛ وتتميز الأولى بأرجحة النساء لشعرهن بانسجام مع إيقاع الموسيقى، وهي شائعة كتقليد بدوي؛ والأخيرة رقصة مرتبطة بحفلات الزفاف.

الوجه الحديث للموسيقى التقليدية

تنتمي الموسيقى القطرية إلى الأغاني العربية، وتأثرت خلال السنوات الثلاثين الماضية بالفنون الخليجية. يستمتع معظم القطريين بالاستماع إلى الموسيقى الخليجية في نمط الموسيقى البدوية التقليدية، يرافقها مجموعة من الآلات الإيقاعية، بما في ذلك “الراس” (طبل كبير يتم تحميته على نار مفتوحة) والدف والصنج ، إلى جانب طبول صغيرة.

ومن الآلات الموسيقية الأخرى المستعملة في قطر: العود والربابة، من الآلات الوترية، والناي العربي. تهيمن هذه الموسيقى على موجات الأثير في العاصمة الدوحة، ومع ذلك فإن الأجيال الشابة تستمتع بالموسيقى المصرية واللبنانية ومناطق أخرى من العالم العربي وأوروبا وأمريكا الشمالية.

في الوقت الحاضر، هناك في قطر العديد من الجمعيات لتشجيع الموسيقى في البلاد: مركز قطر للتراث الشعبى، الذي يعلم الموسيقى الشعبية القطرية؛ عام 2005، تأسست أوركسترا الدوحة للسمفونيات، حيث تقام الحفلات الموسيقية والبروفات في المدرسة الأمريكية في الدوحة؛ ويحتل مهرجان الدوحة للجاز مكانة عالية على المستوى العالمي؛ وتم تطوير أكاديمية قطر للموسيقى من قبل مراكز مؤسسة قطر التي تنشر التعليم في البلاد وتخلق الأجواء المفعمة بالحيوية.