وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المجتمع في قطر

Picture showing skyscrapers in Doha
شوارع الدوحة

المقدمة

يقوم النظام القضائي في قطر على القانونين الإسلامي والمدني، ويخضع لرقابة الأمير. ويبسط القانون الإسلامي نفوذه على شؤون الأسرة والأحوال الشخصية. ويتضمن الفرع القضائي المحاكم الابتدائية، والاستئناف، والنقض. وتأسست محكمة إدارية وأخرى دستورية عام 2007. يتم تعيين جميع القضاة بمرسوم أميري مبني على توصية المجلس القضائي الأعلى لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

عام 2002، تأسست اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بمرسوم أميري. تلتزم هذه اللجنة بالمبادئ التوجيهية التي حدّدتها الأمم المتحدة لمنظمات حقوق الإنسان الوطنية.

التعليم إلزامي ومجاني لجميع أطفال الموظفين الحكوميين في الفئة العمرية من 6 إلى 16 عاماً. وشهدت قطر ارتفاعاً في نسبة المتعلمين وصلت إلى 89% (عام 2008). وفي خريف عام 2003، تم افتتاح المدينة التعليمية، بكلفة مليار دولار بتمويل من الأمير. وفتحت بعض أرقى الجامعات العالمية فروعاً لها في المدينة التعليمية، وهي عبارة عن حرم جامعي مساحته 2,500 فدان خارج العاصمة الدوحة.

أما أكثر إشارة واضحة على انتقال المجتمع القطري نحو الانفتاح فتتمثل في قناة الجزيرة الفضائية التي تتخذ مقرها في البلاد، وتعتبر المصدر الإذاعي الأكثر حرية وتحرراً في العالم العربي. وفي الواقع، نادراً ما تنتقد الجزيرة عائلة آل ثاني.

المجتمع القبلي

لعدة قرون، تنتقّل البدو عبر شبه جزيرة قطر – وهي شريط من الأرض يمتد شمالاً من شبه الجزيرة العربية إلى الخليج الفارسي – مستفيدين من الموارد الضئيلة لإطعام أنفسهم وعائلاتهم مع الحفاظ على مصالحهم الإقليمية فيما يتعلق بالعائلات الأخرى في قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية الحالية.

لم يستقر التعريف القانوني لقطر حتى وقت قريب نسبياً؛ ولكن عام 628، حكم قطر شخص من آل مُسلّم، قبيلة من قبائل التميمي، واحدة من القبائل الرئيسية في قطر والتي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل الإسلام. كما تؤكد المصادر العثمانية أن آل مسلّم كانوا في قطر أطول فترة متواصلة، وكانوا يمسكون بزمام السلطة عام 1555، وكان مركز القبيلة في الحويلة. وإلى أن وصلت قبيلة العتوب عام 1783، لم يكن هناك أكثر من ثلاث قرى صغيرة: الحويلة والفويرات والدوحة.

في بداية القرن الثامن عشر، كانت قبيلة مسلّم متفوقة عدداً، وكانت قبائل أخرى تقطن قطر. يدل هذا النمط المتناثر لأصول هذه القبائل، وأنماط الهجرة السنوية، على درجة الصعوبة التي كانت متأصلة في محاولة الحفاظ على السيطرة على قطر. ومع ذلك، في غياب أية سلطة مركزية، كان الشيوخ المحليون يحكمون المدن والقرى الساحلية.

في القرن الثامن عشر، بقيت الظروف الساحلية أفضل من تلك الموجودة في داحل قطر حيث الاقتصاد لم يكن مزدهراً والزراعة محدودة. أسهمت هذه العوامل في صياغة علاقة جديدة بين الساحل والداخل، كون الساحل كان غنياً بالمحار لصيد اللؤلؤ. وبدأت قبائل الداخل بالانتقال على نحو متزايد إلى المراكز الساحلية حيث أصبحت صناعة اللؤلؤ مربحة للغاية. ساهمت الهجرات القبلية التي حدثت حوالي عام 1800 في ظهور القبائل والعشائر التي تحكم قطر والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة في الوقت الحاضر.

لا ينبغي الاستهانة بالقبائل كون المجتمع القطري الحالي يستمد من هذه النظم التقليدية التي لها أصولها في المنطقة حول قطر. كانت الطبيعة الهرمية للمجتمع مؤسسة على قبائل الداخل، ورغم ذلك تأسس الطابع التجاري في مناطق الموانئ من أصول مختلفة. من قبائل البدو الرئيسية التي هاجرت إلى شبه جزيرة قطر: آل مرة والعجمان من الحسا؛ المناصير من عمان؛ والنعيم، ما بين البحرين وسلطنة عمان. من القبائل الرحّل التي كانت ترعى ماشيتها في قطر، كانت أغلبتها مجرد عابرة. كانوا يدينون بالولاء للسعوديين، الذين كانوا يدفعون لهم الجزية.

كانت عشائر القبائل البدوية الكبرى، مثل آل مرة وبني هاجر والمناصير، تشكل نسبة كبيرة من سكان قطر الأصليين. وقد اكتسبوا الجنسية القطرية بعد استقلال قطر. حتى أن البعض منهم تمكن من تأمين جنسية مزدوجة مكنتهم من مواصلة هجرتهم الموسمية بين المملكة العربية السعودية وقطر.

قبيلة النعيم كانت إحدى القبائل استقرت في جزء صغير نسبياً من قطر. بلغ عدد أفراد قبيلة النعيم، إحدى أكثر القبائل البدوية الأصلية، نحو ألفين عام 1908، وكانت بذلك القبيلة الأكبر. واعتباراً من حوالي عام 1860، كانت ديرتهم تقع في المناطق النائية من الزبارة. كان جزء من القبيلة مستقراً، والغالبية رعاة. وفي الصيف، كانت مجموعة كبيرة من النعيم تهاجر بالقوارب – مع جمالهم وخيولهم وأغنامهم – إلى البحرين. واتخذ آخرون مرابع صيفية قرب الدوحة.

كانت معظم قبائل قطر الأصلية مستقرة، وحافظت في الغالب على نقاء العرق. كانت قبائل آل سلطان والمهاندة وآل سودان والحميدات والحوالة وآل بوعينين وآل بن علي التي سكنت المناطق الساحلية أكثر القبائل المستقرة اكتظاظاً. تحضّرت غالبية القبائل في قطر في القرن الثامن عشر. وكان دخلهم الرئيسي من صيد اللؤلؤ وصيد الأسماك والتجارة والنقل البحري. ولذلك توجه اقتصادهم نحو البحر أكثر من الصحراء.

وبالإضافة إلى ذلك، اهتموا بتربية الإبل والأغنام والماعز، والتي كان يرعاها بدو الداخل في أشهر الشتاء. كما سكن بعض القبائل الحضر الصحراء في الشتاء البارد. وكان هدفهم الرئيسي رعي مواشيهم، ولكن ربما كان لهم دافع سياسي أيضاً. فعلى سبيل المثال، استخدم شيوخ آل ثاني مضاربهم الصحراوية لتثبيت نفوذهم على القبائل البدوية من قطر.

في أواخر الخمسينات، لم يكن هناك سوى نحو ألف من البدو يعيشون في الخيام في قطر. عام 1960، بدأت الحكومة برنامج استيطان لحث بقايا عشيرة النعيم الرعوية على استبدال خيامهم ببيوت إسمنتية في مدينة الغوينية التي بنيت حديثاً.

وفق تقديرات تعود إلى عام 2005، بلغ عدد أفراد عشيرة آل مرة بين 5000 و 10,000، أي بين 2,5-5% من السكان القطريين في ذلك الوقت. عام 2004، جرّد مرسوم أميري جميع أفراد عشيرة آل مرة من جنسيتهم القطرية وطردهم إلى المملكة العربية السعودية، وذلك لأنهم كانوا يحملون جنسية مزدوجة: القطرية والسعودية.

القبيلة الحاكمة

في أوائل القرن الثامن عشر، ارتبطت المستوطنات الرئيسية في قطر تلك بقبيلتين: آل ثاني وآل خليفة. في البداية، بنى آل خليفة مستوطنة على طول الشريط الساحلي لقطر. على الرغم من نجاح قبيلة آل خليفة في السيطرة على البحرين، إلا أنهم لم ينجحوا بالاحتفاظ بقطر. فقد خسروها لآل ثاني، القبيلة الرائدة التي تنتمي إلى قبيلة التميمي التي هاجرت شرقاً من وسط الجزيرة العربية إلى شبه جزيرة قطر وبرزت كأسرة حاكمة في منتصف القرن التاسع عشر.

يعتبر الشيخ الثاني، قاسم بن محمد آل ثاني (1878-1913)، مؤسس دولة قطر. ولعب الشيخ السابع، خليفة بن حمد آل ثاني (مواليد عام 1932)، دوراً أساسياً في حصول قطر على استقلالها عن بريطانيا عام 1971 وأصبح أول أمير للبلاد. في 27 حزيران/يونيو عام 1955، خلعه ابنه حمد بن خليفة آل ثاني (مواليد عام 1952)، والذي تنازل عن العرش في 25 حزيران/يونيو عام 2013 لصالح ابنه تميم بن حمد آل ثاني (مواليد عام 1980).

عائلات التجار

قبل اكتشاف النفط وتطويره في قطر، كانت التجارة بين أفراد القبائل وطبقة التجار واحدة من العوامل الرئيسية في المجتمع القبلي. كان هناك عائلاتان تجاريتان كبيرتان في قطر قبل واردات النفط: درويش والمانع. في الأصل، كانت طبقة التجار تدير الأعمال بكفاءة: تجارة جميع أنواع السلع؛ وصيد اللؤلؤ؛ والتهريب؛ والادخار والاستثمار لضمان الحصول على عوائد أكثر. بعد إنتاج النفط، تطورت التجارة إلى مجالات أخرى، مثل الخدمات المصرفية والسيارات والعقارات والنشر.

رأت القيم التقليدية للصحراء في توزيع الثروة مورداً يمكنها من خلاله توزيعها على الآخرين، إحدى الركائز الأساسية للحياة البدوية. حافظت عائلتا درويش والمانع على نفوذهم والتفاعل الوثيق مع آل ثاني حتى يومنا هذا من خلال الأعمال المشتركة وتقديم المشورة للشيوخ في مجال الاحتكارات والامتيازات.

مع ذلك، كان التفاعل بين القبيلة الحاكمة وطبقة التجار يتمتع بفروق في القيم الاجتماعية. ومن الجدير بالذكر أنه نادراً ما كان هناك، إذا لم يكن مطلقاً، مصاهرة بين آل ثاني والتجار. عموماً، كان آل ثاني يتزوجون من ضمن قبيلتهم أو قبيلتي العطية والمسند، لربط تلك القبيلتين بهم سياسياً.

نتج عن الأنشطة التجارية في الخمسينات تزايد السلطة السياسية لآل ثاني. فبينما كانت مواردهم ودخلهم تنمو، حصل جميع الأفراد الذكور على لقب ‘شيخ’، اللقب الذي كان في السابق يُطلق على رئيس القبيلة فقط. وفي الوقت نفسه، كانوا يتقاضون راتباً شهرياً. خلقت هذه المبادرات نخبة سياسية أحدثت تغييراً كبيراً على التقاليد الاجتماعية والثقافية في قطر.

مجتمع في مرحلة الانتقال

عندما عاد العالم السياسي لؤي بحري في تشرين ثاني/نوفمبر 2007 إلى قطر بعد غياب ثلاث سنوات، فاجأه وجود ضابطة أنثى في دائرة الهجرة تصدر التأشيرات في المطار. وقد أدهشه أيضاً أن جميع موظفي الجوازات وفرز الأمتعة كنّ من النساء القطريات. فمنذ مطلع الألفية الثالثة، خطت قطر التي كانت معروفة بالاستبطان في السابق خطى متقدمة في التحضر والعولمة بسرعة مدهشة.

وانفتحت قطر بشكل متزايد على الاستثمار الأجنبي والسياحة والمنتجات الأجنبية. وامتلأت مجمعاتها التجارية الفاخرة بمحلات الأزياء الغربية ومطاعم الوجبات السريعة. كما بدأت العائلات القطرية تميل إلى المطبخ الهندي وأفلام البوليوود. ويلتحق الشباب الطموح بكلية ويل كورنيل الطبية في المدينة التعليمية على مشارف الدوحة.

سيدتان بارزتان

يشهد المجتمع القطري نقلة اجتماعية وأخلاقية حسب الصورة النمطية التي رسمتها النخبة الحاكمة. وليس من سبيل المصادفة أن تكون اثنتين من المحركات البارزات للثورة الاجتماعية من النساء: السيدة الأولى الرسمية في قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند، وشيخة بنت عبد الله المسند. السيدة الأولى الأميرة موزة بنت ناصر المسند هي واحدة من زوجات الأمير السابق، وزوجة والد الأمير، والوحيدة التي تظهر في المحافل العامة.

ومباشرة بعد تولي زوجها السلطة عام 1995، أسست الأميرة موزة مؤسسة قطر للتعليم والعلوم وتنمية المجتمع. وفي خريف عام 2003، افتتحت المؤسسة رسمياً المدينة التعليمية التي بلغت تكاليف تشييدها مليار دولار بتمويل من أموال الأمير الخاصة.

وضع المرأة

قطر المرأة
المشاركة الأنثوية في المجتمع القطري

من المحتمل أن تختبر قطر ارتفاعاً في عدد الشابات ذوات المستوى التعليمي العالي ممن يدخلن سوق العمل. ويبقى أن نرى كيف سيتعامل هؤلاء النساء – أو يغيرن – مع بلاد لا يزال يهيمن عليها الذكور بأغلبية ساحقة.

عام 2004، كانت نسبة النساء العاملات 3,6% من إجمالي القوى العمالة و 30,6% من القوى العاملة من المواطنين القطريين. وفي ذلك الوقت، شكّلت الإناث نسبة 70% من طلاب الجامعات – وكان المعروف عنهن الاجتهاد أكثر والحصول على درجات أعلى مقارنة بالطلاب الذكور.

واللواتي وجدن عملاً كن يدخلن عادة القطاعات الاقتصادية المرتبطة تقليدياً بالنساء، خاصة التعليم والطب. ومما لا شك فيه، يلتحق النساء القطريات على نحو متزايد في قطاعي الأعمال والأمن.

تنص المادة 35 من الدستور على “عدم التمييز على أساس الجنس”. ومع ذلك، فالفجوة كبيرة بين مثاليات الدستور وما يجري على أرض الواقع. ورغم أن رواتب النساء منذ عام 2005 تعادل رواتب الرجال، إلا أنه لا يحق لهن الحصول على تعويضات متساوية (كتكاليف النقل والسكن). ولا تزال شهادة الرجل في المحاكم تعادل شهادة امرأتين.

وفي حين أنه يجوز للنساء حضور الجلسات وتمثيل أنفسهن، إلا أنهن لا يزلن يمثّلن من قبل أقارب ذكور. وترث الفتيات نصف ما يرثه إخوتهن الذكور. ويستمر العنف المنزلي أن يكون مشكلة رئيسية، ولا يعتبر اغتصاب الزوج لزوجته جريمة يعاقب عليها القانون. ويمكن لمرتكبي ما يسمى بـ “جرائم الشرف” توقع أحكام مخففة أقل بكثير من “القتلة العاديين”.

وما زالت التقاليد تفرض عدم جواز سفر المرأة خارج البلاد إلا بصحبة محرم ذكر، ويحظر على المرأة حجز غرف في الفندق.

عام 1997، أعلن الأمير عن منح المرأة الحقوق ذاتها التي يتمتع بها الرجل في التصويت والترشيح لمناصب. لكن هذه النية قوبلت بمعارضة من مجموعة من الزعماء الأصوليين الإسلاميين، بمن فيهم أستاذ التاريخ في جامعة قطر الذي سُجن مدة مئة يوم إثر ذلك. وفي الانتخابات الأولى عام 1999 لانتخاب 29 عضو للمجلس البلدي المركزي، لم تفز أية مرشحة بمقعد. وعند إعادة انتخاب المجلس عام 2003، أصبحت شيخة الجفيري أول امرأة عضو في المجلس. لكنها لم تواجه أية منافسة، وفازت بنسبة أصوات هزيلة لم تتجاوز 38%.

حتى أن مشاركة الناخبين كانت أقل مما كانت عليه في عام 1999. وفي هذا الإطار، من المثير للاهتمام أنه في الانتخابات الأخيرة والحرة نسبياً في المنطقة – في الكويت والأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر – لم تصوّت النساء بشكل مختلف عن الرجال عند مواجهتهن بالاختيار بين المرشحين الليبراليين والإسلاميين المتشددين

التعليم

قبل خمسينات القرن العشرين، هيمن على التعليم في قطر الدراسات التقليدية القرآنية وفق نظام الكتاتيب. وكان هذا الشكل من أشكال التعليم الابتدائي عبارة عن تحفيظ وتلاوة القرآن لتزويد الشباب المسلم بمعرفة القرآن الكريم وتعليمهم القوانين الاجتماعية والدينية. كما كان يتم تدريس الحساب ومبادئ اللغة العربية.

نظرا للتطور المتأخر نسبياً لشبه الجزيرة العربية، لم يبدأ التعليم الرسمي حتى عام 1951، عندما بدأت عائدات النفط في التدفق. في تلك السنة، افتتحت أول مدرسة ابتدائية للبنين. ونظراً لأولوية الأعمال المنزلية على التعليم الرسمي للمرأة، لم يتم تأسيس مدرسة للبنات حتى عام 1955. وكلا المدرستين كانتا في الدوحة.

بحلول نهاية الثمانينات، كان هناك 62,000 طالب يدرسون في 192 مدرسة. ومع ذلك، ظلت المعايير التعليمية منخفضة نسبياً نتيجة عدم توفر المؤهلات التعليمية المناسبة وفصول كبيرة. والأهم من ذلك، تم استيراد النظام التعليمي من الخارج مع المعلمين الذين كانوا يديرون المدارس. أدخل هؤلاء المعلمون النظم التعليمية للدول العربية التي أتوا منها، وبشكل رئيسي من مصر وفلسطين، وانضم إليهم المعلمون القطريون لاحقاً. أشرفت وزارة المعارف الجديدة على هذه العملية، إلا أن العاملين فيها كانوا أساساً من المغتربين العرب.

مع الارتفاع المتسارع لأسعار النفط، كان هناك حاجة للتعليم العالي لتلبية طلب الدولة للطلاب الفنيين. بدأ التعليم العالي عام 1973، عندما أصدر أمير قطر مرسوماً يعلن تأسيس أول كلية تربية وطنية في قطر. قبلت الكلية 57 طالباً و 93 طالبة في عامها الأول.

بعد بضع سنوات، دفعت التنمية السريعة البلاد إلى توسيع كلية التربية لاستيعاب مجالات تخصص جديدة. عام 1977، تأسست جامعة قطر مع أربع كليات: التربية؛ والعلوم الإنسانية والاجتماعية؛ الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية؛ والعلوم. عام 1980، تم تأسيس كلية الهندسة، تلتها كلية الأعمال والاقتصاد عام 1985.

التعليم في قطر إلزامي ومجاني للأطفال بين 6 و 16 سنة من العمر. تنقسم المدارس الابتدائية في قطر إلى مرحلتين: الابتدائية (6 سنوات) والإعدادية (3 سنوات). والمرحلة الابتدائية إلزامية. ويلي ذلك مرحلة التعليم الثانوي (3 سنوات). يتم فصل الجنسين في جميع المراحل التعليمية.

عام 2008، كان هناك 520 مدرسة تضم ما مجموعه 146,000 طالب وطالبة. وفق منظمة اليونسكو (أرقام عام 2010)، كانت النسبة الصافية للالتحاق في المدارس الابتدائية 92% للبنين والبنات (المتوسط الإقليمي 98%)، بينما كانت في المدارس الثانوية 93% للفتيات و 76% للفتيان. كانت نسبة تلميذ/معلم 12% عام 2010. وكان الالتحاق الصافي في رياض الأطفال 51% (المتوسط الإقليمي 19%) عام 2008. وكان 10% من السكان (26% إناث و 5% ذكور) في التعليم العالي (المتوسط الإقليمي 24%). يستكمل جميع الأطفال في قطر مناهج المرحلة الابتدائية بالكامل، في حين معدل الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية 100% (2008).

هناك عدد كبير من المدارس الدولية، حيث يفضل معظم المغتربين وبعض القطريين إرسال أولادهم.

أعلنت السلطات القطرية عن نيتها لإنفاق المزيد على التعليم ورعاية الشباب والصحة والخدمات الاجتماعية في السنوات القادمة. بلغ إجمالي الإنفاق على التعليم 3,3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2005، و 8,2% من إجمالي الإنفاق الحكومي عام 2010. وكان معدل معرفة القراءة والكتابة للسكان عموماً (فوق سن 15) 93,1%، و 99,1% للفئة العمرية بين 5 و 24.

قد يساعد الإنفاق الإضافي على التعليم والصحة على تحسين وضع قطر في مؤشر التنمية البشرية، وفق تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. احتلت قطر المرتبة 37 عالمياً في تقرير عام 2011 لمؤشر التنمية البشرية الذي يصنّف الدول على أساس الصحة والدخل والتعليم.

اقتصاد المعرفة

مركز قطر آخذ في التزايد في العالم، وهذا التطور السريع يؤثر على علاقات قطر المتغيرة والمتطورة في الخليج والمنطقة العربية والعالم الأوسع. إحدى مجالات التركيز الرئيسية في قطر هي التعليم. قادت الشيخة موزة بنت ناصر المسند، زوجة حاكم قطر السابق ورئيسة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، تعزيز وتطوير التعليم العالي والعلوم في قطر.

جذبت مؤسسة قطر بعض أفضل الجامعات في العالم (انظر أدناه) لفتح فروع محلية لها في المدينة التعليمية، وهي حرم جامعي مساحته 2500 فدان في الصحراء.

تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع عام 1996 ونمت لتشمل عدداً من المرافق للطلاب من سن ثلاث سنوات وما فوق. وهدفها خير البلاد وتطويرها من خلال مبادرات في التعليم والعلوم والبحوث. وتحت رعايتها، تأسست المدينة التعليمية إلى الغرب من الدوحة، وتضم عدداً من الجامعات الأجنبية الفرعية.

يدير المجلس الأعلى للتعليم ثلاثة معاهد مخصصة لتنفيذ المبادرات التعليمية في الدولة:

• هيئة التعليم التي تشرف على المدارس المستقلة وتدعمها؛
• هيئة التقييم التي تراقب وتقيّم كل من المدارس والطلاب؛
هيئة التعليم العالي الذي يقدم المشورة للطلاب حول التعليم العالي ضمن قطر وخارجها، ويمنح المساعدات والمنح الدراسية.

يضم حرم هذه المدينة:

• Texas A&M – TAMUQ؛
• Virginia Commonwealth – VCUQ؛
• Georgetown – SFS-Qatar؛
• Carnegie Mellon – CMU-Q؛
• Weill Cornell Medical College – WCMC-Q؛
• Northwestern University in Qatar – NU-Q؛
• CHN – التي تعرف الآن باسم Stenden بعد اندماجها مع جامعة Drenthe؛
• École des Hautes Études Commerciales de Paris – HEC Paris؛
• University College Londen – UCL.

جميع الجامعات الآنف ذكرها هي من الولايات المتحدة، باستثناء Stenden الهولندية و HEC الفرنسية و UCL البريطانية، والتي سوف تركز على المحادثة ودراسات المتاحف وعلم الآثار.

بالإضافة إلى ما سبق، هناك أيضاً جامعة قطر، ومقرها في المدينة التعليمية، وكلية قطر للدراسات الإسلامية – QFIS. وهناك أيضا ثلاثة مراكز تعليمية مقرها في المدينة التعليمية:

أكاديمية قطر؛
• مركز التعلم؛
برنامج الجسر الأكاديمي.

بالإضافة إلى الجامعات التعليمية المذكورة أعلاه، هناك عدد من المراكز الأخرى القائمة في المدينة التعليمية. ثلاثة منها متخصصة في الأبحاث والصناعة:

• معهد راند قطر للسياسات – RQPI؛
• واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر QSTP؛
• الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي – QNRF.
تهدف مؤسسة قطر إلى أن يصبح المشروع “مؤسسة عالمية رائدة في مجال التعليم المتقدم والأبحاث العلمية الحديثة” مع وعود “بإصلاح قطر إلى مجتمع قائم على المعرفة”. وتأمل الحكومة في جذب جامعات أجنبية لتبادل البحوث والمرافق؛ ليس فقط مع بعضها البعض، وإنما أيضاً مع شركات ومؤسسات من القطاعين العام والخاص. عام 2004، أنشأت قطر “واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر” في المدينة التعليمية لربط الجامعات الموجودة هناك مع شركاء صناعيين.

جزئياً، يهدف الدافع وراء الإصلاح الاجتماعي والثقافي بين قطاعات من النخبة الحاكمة في قطر إلى الاستقرار الأمني والسياسي. وسيكون النظام آمناً نسبياً في دولة ثرية ومستقرة.

لكن هناك تشعبات كثيرة في عملية ربط التنمية الاقتصادية بالتعليم العالي العالمي. فعدم ترجمة التعاون المطلوب إلى علاقات عملية ناجحة على الصعيد الإقليمي مما أدى إلى عدم كفاية الجامعات العاملة. كما سيتفاعل إدخال المؤسسات التعليمية الغربية وموظفيها الأكاديميين والطلاب مع القيم الاجتماعية والثقافية التقليدية، بغض النظر عن العمليات التربوية والتعليمية المتبعة. ورغم استحسان بناء أساس أقوى للشباب القطري كنموذج لإصلاح التعليم، هناك شكوك في إدخال الجامعات الأجنبية وموظفيها لتطوير وتحسين الأداء التعليمي الوطني، والتي طبقت نتائجها الآفاق ليس فقط داخل البلد وإنما أيضاً في المنطقة العربية الأوسع.

جامعة قطر

عام 1973، تأسست “كلية التربية” في قطر بموجب مرسوم أصدره أمير قطر. في السنة الأولى، قبلت الكلية 57 طالباً و 93 طالبة.

بحلول نهاية عام 1989، وبعد 12 عاماً من تأسيسها، خرّجت جامعة قطر 6,082 طالب، منهم حوالي 5,000 طالب قطري. واليوم، تضم جامعة قطر سبع كليات: الآداب والعلوم؛ الأعمال والاقتصاد؛ التربية؛ الهندسة؛ القانون؛ الصيدلة؛ والشريعة والدراسات الإسلامية. كما أضافت الجامعة على مر السنين مجموعة واسعة من البرامج الجديدة. وحالياً يبلغ عدد طلابها أكثر من 8,000 طالب وخرّجت أكثر من 30,000.

عام 2003، شرعت جامعة قطر بخطة إصلاح طموحة لزيادة كفاءة عملياتها الإدارية والأكاديمية. فقد كانت هذه المؤسسة الوطنية بحاجة ماسة إلى الإصلاح. وفق لؤي بحري، الذي كان رئيس الإدارة العامة في جامعة قطر حينئذ: ضمن كل طالب قطري عملياً الحصول على شهادة علمية “حتى ولو لم يحضر المحاضرات بانتظام”. كان يتم تعيين أعضاء الهيئة التدريسية مدى الحياة دون وجود نظام تقييم، بينما كان يخشى الأساتذة الأجانب على الدوام عدم تجديد عقود عملهم القصيرة. وكانت فئتا الأساتذة تميل إلى منح الطلاب الدرجات العالية كمعيار – إلا في حالة تجنب جذب الانتباه بشكل سلبي.

حاولت الرئيسة الجديدة للجامعة، شيخة عبد الله المسند، رفع المستوى الأكاديمي للجامعة (بين أمور أخرى) عن طريق فصل ما يقارب 700 طالب ونحو 800 موظف من العمل ممن كانوا يحرصون على المظاهر فقط. ولهذه الغاية، تم إطلاق الخطة الاستراتيجية 2010-2013 على نطاق الجامعة، والتي تتضمن مجالات الأداء الرئيسية التي تركز على تعزيز نوعية التعليم والخدمات ذات الكفاءة والفعالية. كما وضعت خطة خدمة اجتماعية وأبحاث كمجالات رئيسية ذات أولوية وفق الأهداف المحددة في بعثة الجامعة ورؤيتها. في صياغة الخطة، تتفق أهداف المؤسسة وتوقعاتها مع رؤية قطر الوطنية 2030.

يبدو أن المناخ الأكاديمي قد تحسن إلى حد كبير، لكن لا تزال هناك عقبات كثيرة يتعيّن التغلب عليها. وأكثرها أهمية الفجوة بين الجنسين، سواء في الالتحاق أو بلوغ الهدف، والتي كانت 76% للطالبات و 24% للطلاب عام 2010. وهذه مسألة خطيرة لها عواقب على العمل. إذ يشكّل المواطنون القطريون الأقلية من السكان، ومعدلات نموهم الصافية أقل من الأجانب داخل البلد.

ومن أجل خدمة الازدهار الاقتصادي والبنية التحتية، تم استيراد جزء كبير من القوى العاملة. ومع ذلك، ترغب قطر في تحقيق الحد الأقصى، أو على الأقل تحسين نسبة المواطنين في القوى العاملة. وللاستفادة من نطاق وطبيعة الفرص المتاحة، من الضروري أن تكون القوى العاملة – خاصة المواطنين – ذات تعليم ومهارة جيدة.

في تقرير نشره جهاز الإحصاء القطري (QSA)، عزا الشيخ حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني، رئيس جهاز الإحصاء، انخفاض معدلات التحاق الطلبة الذكور إلى “ضعف الدافع إلى التعليم العالي وانعدام التنسيق بين التعليم العام ومتطلبات التعليم العالي. لا سيما في مجالات التخصص التي يتطلبها الاقتصاد القائم على المعرفة، وتوافر فرص العمل الجذابة التي لا تتطلب مؤهلات ما بعد المرحلة الثانوية، في بعض القطاعات، والافتقار إلى اهتمام الأسر القطرية بمواصلة التحصيل العلمي”.

وأشار إلى الآثار الاجتماعية المترتبة على ظاهرة عدم تفكير الطلاب بالتعليم العالي، مما ‘يسبب التفكك على مستوى الأسرة نتيجة اختلاف المستويات الثقافية والتعليمية بين الزوج والزوجة، والتفكك الديمغرافي الناشئ عن الحاجة إلى العمالة الأجنبية. وبالإضافة إلى ذلك، يتمتع المتعلمون بالأمن والمشاعر الوطنية. كما حذّر من العواقب الاقتصادية إذا أدت هذه الظاهرة إلى صعوبة تنفيذ استراتيجيات “التقطير” والآثار العكسية على سير البلاد نحو اقتصاد قائم على المعرفة، الأمر الذي يتطلب مؤهلات علمية ومهنية عالية.

حرية التعبير

فور تنفيذ الانقلاب عام 1995، وعد الأمير حمد بن خليفة رعاياه بحرية التعبير. وكان ذلك محاولة لتوسيع قاعدة نفوذه الذي كان وقتها مقتصراً على القطاع العسكري والشرائح الإصلاحية ضمن الأسرة المالكة. كما كان ذلك جزءً من حملة أوسع نطاقاً لتغيير صورة قطر، وجعلها تبرز إيجابياً عن جيرانها. أراد أنصار حمد الأولون – الحريصون على جذب المزيد من المستثمرين الأجانب – إخراج قطر من كنف العربية السعودية الثقيل الوطأة. فقد واجه أخوة آل ثاني من الوهابيين في المملكة العربية السعودية مشاكل حقيقية بفتح بلادهم على الاقتصاد العالمي، جزئياً لأن الإعلام الأجنبي عادة ما يصنّف البلاد على أنها غير مستقرة سياسياً ومتشددة وتعاني من الفساد.

تمثلت واحدة من العلامات الأولية للتحرر في قطر في التعديل الوزاري عام 1996. وعندما أخذ الوزراء الجدد أماكنهم، كان المقعد الذي اعتاد وزير الإعلام الجلوس فيه فارغاً. وبعد سنتين، ألغيت وزارة الإعلام، وتم تحويل مهامها بهدوء إلى وزارتي الخارجية والثقافة، ولكن ذلك لم يثبط من الروح الإصلاحية العامة.

تزامنت عملية الإلغاء شبه الكامل للرقابة الرسمية مع ظهور قناة الجزيرة الفضائية التي تأسست عام 1996. ضمن كسر المحرمات الاجتماعية عن طريق مضيفي عروضها العصريين البارعين وبث أصوات المعارضة (من خارج قطر) نجاحها الفوري عملياً. وبين ليلة وضحاها تقريباً، وصلت قطر إلى صورة الدولة الواثقة بنفسها والمتسامحة والمتطلعة نحو المستقبل والعصرية.

الجريمة

من النادر وقوع جرائم عنف في قطر. وكما هو الحال في باقي دول الخليج، الرقابة الاجتماعية صارمة ويمكن أن تكون العقوبات، الجسدية على الأغلب، قاسية. ومع ذلك، تذكر وسائل الإعلام من وقت لآخر قصصاً عن توقيف مهاجرين من قبل مواطنين ضبطوا متنكرين بثياب ضباط شرطة يطلبون جوازات السفر والمال، ومن ثم يتركون ضحاياهم بدون أموال في الطريق. إلا أن الجريمة المحلية الأكثر شيوعاً هي الفساد الحكومي، ولكن المواطنين يميلون إلى اعتبار هذه الظاهرة كتقليد مقبول على مر الزمن مقارنة بالجريمة الفعلية. ووفقاً للمعايير المحلية والدولية، عادة ما ترتبط الجريمة “الفعلية” بالاتجار بالمخدرات. حيث تمد العصابات المحلية والأجنبية السوق المحلي وتتاجر بالمخدرات من آسيا – غالباً من أفغانستان – إلى الغرب.

عام 2007 زعم تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الاتجار بالأشخاص أن قطر مقصد للاتجار بالأشخاص، وتستخدم في بعض الأحيان كدولة عبور. وغالباً ما يتاجر بالضحايا للعمالة القسرية أو الاستغلال الجنسي. وقد انتقد مقرر الأمم المتحدة غياب الحماية القانونية، والذي يجعل من المهاجرين عرضة للوقوع ضحية الاتجار إلى حد بعيد من قبل العصابات المنظمة. وعادة ما تتورط هذه العصابات في الأعمال الإجرامية المترابطة، كغسل الأموال والاتجار بالمخدرات والأسلحة والابتزاز، وتزوير التأشيرات وقروض الربا، والاستغلال.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “المجتمع” و “قطر”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: