الشرق الأوسط هو مهد الحضارات ، قبل أكثر من 6000 عام قبل الميلاد. وفي هذه البقعة من العالم عرف الناس طرق الزراعة والتدجين التي حررتهم من الحاجة للحِل الترحال بحثًا عن الطعام، كالصيد وتجميع الثمار. وفيه تشكلت أولى المجتمعات المستقرة وأولى أشكال الحكومة فيما بعد. لما يتمتع به من مناخ ذو شتاء معتدل ورطب، وصيف طويل حار وجاف.
فبين 4000 و3000 قبل الميلاد، بدأت أولى المدن -ولا سيما سومر- في الظهور في الجزء الجنوبي من المنطقة الخصبة بين نهري دجلة والفرات.
والشرق الأوسط منطقة جغرافية لها أهمية كبيرة في التاريخ، منذ العصور القديمة، كموقع استراتيجي. فهو جسر أرضي طبيعي يربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا. وقد كان موقعاً لبعض أقدم الحضارات في العالم. حيث شهد صعود وانهيار العديد من الممالك والإمبراطوريات، من بينهم المصريون والحثيون والبابليون والآشوريون والفرس، والتي تضمنت مساهماتهم الكبيرة في الحضارة الإنسانية. كما كان مهداً لثلاث ديانات عظيمة هي (اليهودية والمسيحية والإسلام).
وفي العقود الأخيرة، أضحى الشرق الأوسط أكثر أهمية من أي وقت مضى، بفضل احتياطياته الهائلة من النفط، والغاز، والثروات الطبيعية الأخرى.
لهذا كله ظلت منطقة الشرق الأوسط مغنماً للقوى العظمى فيما بعد. وقد شهد القرن العشرين اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916م، التي عملت على تجزئة الإمبراطورية العثمانية، وتقسيمها إلى مناطق سيطرةٍ ونفوذ بريطانية وفرنسية.
ومع أن دول المنطقة نالت استقلالها التام في النصف الثاني من القرن العشرين، سواءً باتفاقيات ثنائية لجلاء المستعمر أو بثورات دموية، غير أن الشرق الأوسط الغني بالثروات بقي على الدوام نقطة ارتكاز لضخ الموارد الطبيعية في شرايين الاقتصاد العالمي. لذا بقى محط نظر ومتابعة للقوى العظمى والاقتصادات الناشئة، تؤثر فيه ويتأثر بها.
ولا يخفى على أحد أن معظم سياسات المنطقة وتوجهاتها الاستراتيجية يتم التخطيط لها وتُحدد ملامحها في مطابخ القوى الكبرى في العالم.
وقد شهد الشرق الأوسط العديد من الأحداث خلال العقد الثاني من الألفية الثانية والتي ألقت بظلالها على الساحة الدولية من مشرقها إلى مغربها، وأغرت بعض القوى بالولوجبقوة لبسط نفوذها على المنطقة.
فقد عادت روسيا مرةً أخرى إلى الشرق الأوسط، وباتت على مقربةٍ من استعادة الوضع الذي كانت عليه حتى عام 1973م، عندما غيّر الرئيس المصري أنور السادات الولاء من الاتحاد السوفيتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وألقت العلاقات الأمريكية الإيرانية بظلالها على المنطقة، بعد أن أحكمت الولايات المتحدة حصارها على النظام الإيراني من خلال فرض سلسلة من العقوبات، التي تحول دون تطوير برنامجه النوويوتعمل على تقييد تمدده في المنطقة.
وتشارك بعض الدول العربية الولايات المتحدة في التصدي للمخططات الإيرانية ، من خلال تطبيع العلاقات مع دولة إسرائيل، على الرغم من اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للدولة العبرية ومشروعية المستوطنات، بما يخالف قرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي.
وكنتيجة لما أصطلح عليه بالفوضى الخلاقة، تعاني القارة الأوربية من تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط، والهجرة غير الشرعية من شمال أفريقيا.
وقد أغرت موجات الربيع العربي التي بدأت في عام 2011م، جمهورية الصين الشعبية ، بالكف عن الوقوف موقف المشاهد، بينما تنحدر المنطقة إلى حالة من الفوضى، ما قد يشكل تهديداً مباشراً للمصالح الصينية، سيما تدفق الموارد الطبيعية والمالية إليها (واردات النفط والمواد الخام وصادرات السلع الاستهلاكية).
هذا وأكثر تناولته فنك، في ملفات خاصة حول الشؤون الدولية في الشرق الأوسط.