المقدمة
تعتمد الإمارات العربية المتحدة في نظام حكمها على نظام اتحادي مكوّن من سبع إمارات وتهيمن عليه إمارة أبوظبي. وتقوم الحكومات المحلية في كل إمارة على سلالات أبوية تقليدية، حيث يحكمها شيوخ متحدّرون من سلالات كانت على رأس اتحادات القبائل. ولكل إمارة حكومتها المحلية الخاصة، وتختلف تعقيدات هذه الحكومات وفق حجم الإمارة وعدد سكانها.
ويجمع النظام الاتحادي للإمارات العربية المتحدة بين عناصر القيادة والحكومة التقليدية والحديثة، وكانت مهمته إعطاء البلاد هوية وطنية واستقراراً سياسياً متميزين. وتتمتع كل إمارة بصوتٍ في الإدارة المدنية للبلاد، وفي المجلس الأعلى ومجلس الوزراء، رغم بروز مكانة ونفوذ إمارتي أبوظبي ودبي. وعادة ما يتم اتخاذ القرارات الحاسمة، مثل الموافقة على الموازنة الاتحادية واختيار رئيس البلاد ورئيس الوزراء بالإجماع.
وتتمتع كل إمارة باستقلالية وسلطة واسعة في إدارة اقتصادها وأنظمتها الاجتماعية. والحكومات هي في يد العائلات المالكة وحلفائهم المحليين من التجار ورجال الأعمال الأغنياء والنافذين. وفي كل من الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، لا وجود للهيئات السياسية التمثيلية. ويمكن للناس العاديين التواصل مباشرة مع الزعماء المحليين بشأن مشاكلهم في منتدى استشاري تقليدي يُعقد بانتظام، ويُعرف بالمجلس.
السلطة التنفيذية
تقع السلطة التنفيذية في يد المجلس الأعلى للاتحاد والرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
ويعتبر المجلس الأعلى للاتحاد السلطة الدستورية الأعلى في البلاد والهيئة العليا لوضع السياسات. ويضم المجلس في حكام الإمارات السبع. ويقوم المجلس بانتخاب الرئيس ونائب الرئيس من بين أعضائه. كما يتمتع المجلس بسلطات تنفيذية وتشريعية، فهو الذي يرسم السياسات العامة، ويصادق على القوانين والمراسيم الاتحادية، ويوافق على تعيين واستقالة رئيس الوزراء من قبل الرئيس؛ كما يقيله من منصبه بناء على توصية من الرئيس. ويجتمع المجلس أربع مرات في السنة. ولحاكمَي دبي وأبوظبي سلطة حق النقض الفيتو. وفي حال تعذّر على حاكم ما حضور اجتماع، يجوز لولي العهد أن ينوب عنه. ولا يكون لأولياء العهد ونواب الحكام الذين يحضرون اجتماع المجلس بحضور حكامهم أيّ دور رسمي في الجلسة على الإطلاق.
ويأتي على رأس الدولة الرئيس، وتكون فترة ولايته خمس سنوات. ويقوم المجلس الأعلى للاتحاد بانتخاب رئيس البلاد أو يعيد انتخاب الرئيس الحالي.
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هو الرئيس الحالي لدولة الإمارات العربية والمتّحدة، وهو أيضًا حاكم إمارة أبوظبي. لقد شغل منصب الحاكم خلفًا لأخيه خليفة بن زايد آل نهيان الذي توفّي في 13 مايو عام 2022.
كان خليفة بن زايد يحكم البلاد منذ 4 نوفمبر 2004. وفي عام 2009 تم تجديد ولاية رئاسته البالغة خمس سنوات، وكان معروفًا بتأييده للغرب. وبعد إصابته بجلطةٍ دماغيةٍ في عام 2014، نادرًا ما شوهد في الأماكن العامة. ومنذ ذلك الحين، كان ولي العهد محمد بن زايد (المعروف أيضًا بـ MBZ) هو الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان والد خليفة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أوّل رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وغالبًا ما يُشار إليه باسم “أبو الأمة”.
وتمتد ولاية نائب الرئيس لمدة خمس سنوات أيضاً. ويقوم الرئيس باختياره، مع العلم بأنه بحاجةٍ إلى المجلس الأعلى للاتحاد.
ويشغل هذا المنصب حالياً الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي ورئيس الوزراء. ويترأس رئيس الوزراء، الذي يعيّنه الرئيس، مجلس الوزراء، أو الحكومة.
الحكومات المحلية
يحدّد الدستور العلاقة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، ويسمح ببعض المرونة في توزيع السلطة. ولا تزال الحكومة التقليدية تلعب دوراً هاماً في حكومة الإمارات العربية المتحدة، حيث يؤدي المجلس دوره في ضمان وصول الشعب إلى الحكام. ويستمع الحاكم خلال انعقاد المجلس الوطني إلى شكاوى الشعب وينظر في الخلافات، ويوزّع الهبات. ونظرياً، يمكن لكل مواطن يعيش تحت ولاية الحاكم المشاركة في المجلس.
وعلى العموم، تُسند زعامة الإمارة إلى القبيلة الأبرز سياسياً فيها، ثم يختار كبار رجال القبيلة الحاكمة من صفوفهم الزعيم الأعلى للإمارة، أي الأمير. وغالباً ما يقع الاختيار على ابن الأمير السابق، لكن ذلك لا يحدث بصفةٍ دائمة. وفي الوقت ذاته، تحظى كل قبيلة بزعيمها أو شيخها الخاص، وبدرجة معينة من التعددية السياسية الضرورية لترسيخ مكانة الأسرة الحاكمة، كما يظهر من مؤسسة المجلس.
السلطة التشريعية
ليس هناك انتخابات أو أحزاب سياسية أو مؤسسات تمثيلية ديمقراطية فعلية في الإمارات العربية المتحدة. ويتم اختيار رئيس البلاد وهيئاتها الحكومية من خلال مشاورات بين الزعماء التقليديين أو المعينين من قبلهم ضمن إطار الدستور. وفي السابق، كانت التشريعات على شكل مراسيم صادرة عن المجلس الأعلى للاتحاد.
المجلس الوطني الاتحادي
تم إدخال تغيير طفيف على الحكومة في كانون الأول/ديسمبر 2006، على شكل انتخابات محدودة غير مباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، وهو هيئة استشارية ظهرت عام 1972. وتشمل مهام المجلس الوطني الاتحادي مناقشة التعديلات الدستورية ومشاريع القوانين القابلة للموافقة أو التعديل أو الرفض (علماً أنه لا يحق للمجلس التقدّم بمشاريع قوانين)؛ ومراجعة مشروع الموازنة السنوية للاتحاد؛ ومناقشة المعاهدات والاتفاقيات الدولية. ويتألف المجلس من 40 عضواً: 8 من كل من أبوظبي ودبي، 6 من كل من الشارقة ورأس الخيمة، 4 من لكل من عجمان وأم القيوين والفجيرة. وحتى عام 2006، كان حكام الإمارات السبع يعيّنون كامل أعضاء المجلس لولاية سنتين. ومنذ ذلك الحين، يتم تعيين نصف أعضاء المجلس عن طريق هيئة انتخابية مؤلفة من 6689 عضواً يختارهم الحكام السبعة الذين يقومون أيضاً بترشيح النصف الآخر. وفي عام 2008، أصدر المجلس الأعلى للاتحاد تعديلاً دستورياً لتمديد عضوية المجلس الوطني الاتحادي إلى 4 سنوات.
وفي أيلول/سبتمبر عام 2011، تم إقرار إجراء انتخابات غير مباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، وذلك في أعقاب اندلاع ثورات “الربيع العربي”؛ حيث تم السماح لـ 129,274 مواطن إماراتي – ثلثي السكان البالغين، أو 20 ضعف الأعداد المشاركة في عام 2006 – بالمشاركة في اختيار 20 مرشحاً من أصل 40 لعضوية المجلس الوطني الاتحادي. وتقوم اللجنة الوطنية للانتخابات التي تأسست عام 2011 باختيار الأشخاص الذين يسمح لهم بالمشاركة في عملية الاختيار. ومنذ ذلك الحين، شهد المجلس مشاركة 7 سيدات فيه، ستة بتعيين من الحكام وواحدة بالانتخاب.
ومنذ عام 1972، أكمل المجلس الوطني الاتحادي 14 جلسة تشريعية. ووفق الدستور، يتعيّن إيداع مشاريع القوانين الاتحادية لدى المجلس لمراجعتها وتقديم التوصيات بشأنها. وتبنّت الحكومة على مرّ السنوات أغلبية توصيات المجلس وتعديلاته، كما تم تعديل مشاريع قوانين أصلية صادرة عن مجلس الوزراء لتتلاءم مع احتياجات المواطنين الذين يفترض أنه يمثّلهم.
السلطة القضائية
يعتمد قانون دولة الإمارات العربية المتحدة على نظام مزدوج يشمل المحاكم الشرعية والمدنية، علماً بأن الإمارات لم تقبل بالسلطة القضائية الإلزامية لمحكمة العدل الدولية. ويختلف تطبيق مجموعة القوانين هذه من إمارة إلى أخرى. فبعضها يميل بشكلٍ أكبر إلى الليبرالية والانفتاح كما هو الحال في إمارة دبي. في حين تتسم هذه القوانين بكونها أكثر محافظة وتحفظاً، كما عليه الحال في الشارقة. وعلى النظام القضائي أن يتطور ليلحق بالتطوّر السريع للأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كون التشريعات الملحة تأتي على شكل مراسيم يصدرها الحاكم أو الرئيس.
وتتضمن السلطة القضائية، التي يضمن استقلاليتها الدستور كلاً من: 1) المحكمة العليا – وهي أعلى هيئة قضائية ويعيّن الرئيسُ قضاتها؛ 2) المحاكم الابتدائية.
وفي النظام القضائي المزدوج للإمارات العربية المتحدة، تعالج المحاكم الشرعية القضايا الجنائية والأحوال الشخصية، في حين تعالج المحاكم المدنية قضايا القانون المدني. ويُحاكم غير المسلمين على الجنح الجنائية في المحاكم الشرعية، إلا أن عقوبة غير المسلم تكون مدنية في أغلبية الأحيان وفقاً لتقرير القاضي، بدلاً من العقوبات الشرعية.
ويؤخذ على الإمارات العربية المتحدة رفضها إلغاء عقوبة الإعدام أو منح العمال المهاجرين حقوقاً أساسية (خاصة حق التنظيم)، أو تطبيع وضع عديمي الجنسية لتمكينهم من الحصول على المساواة الكاملة والمساعدات في مجالات العمل غير المشروط والرعاية الصحية والمساعدات الحكومية الأخرى. وفي عام 2009، أصدرت محاكم في الشارقة ودبي 13 حكماً بالإعدام، لم يتم تنفيذ أي حكم منها.
الأحزاب السياسية
تتسم دولة الإمارات العربية المتحدة بنظام سياسي مغلق، فلا انتخابات ولا أحزاب سياسية. ويقوم رئيس الدولة بتعيين رئيسَ الوزراء والوزراء الذين يديرون الشؤون اليومية للبلاد. ويتم تعيين نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الأربعين وانتخاب النصف الآخر من خلال هيئة انتخابية يختار حكام الإمارات السبعة أعضاءها كل أربع سنوات، علماً بأن المجلس يحظى بصلاحية استشارية فقط.
ويعتبر تأسيس الأحزاب السياسية محظوراً في الإمارات العربية المتحدة، كما أن حقوق الاجتماع والتنظيم محدودة. كما أن المنظمات غير الحكومية المستقلة محظورة، ويتعيّن على جميع المنظمات التسجيل لدى الحكومة، وهي عرضة للإغلاق من قبل الحكومة. وتعتبر النقابات التجارية غير قانونية. وفي عام 2002، أنشأت شرطة دبي دائرة لحقوق الإنسان مهمتها مراقبة ظروف المساجين وإعادة تأهيلهم وتنفيذ برامج لضحايا الجريمة، في حين تبقى مجموعات حقوق الإنسان المستقلة محظورة في البلاد.
البيروقراطية
يعتبر القطاع العام قطاع التوظيف الأكبر في الإمارات العربية المتحدة، ويشغل الإماراتيون معظم المناصب فيه. وتشكل الحاجة إلى معالجة طلبات ملايين الزوار، وتراخيص الإقامة والعمل، إضافة إلى الخدمات اليومية الأخرى (مثل المرافق، والهاتف، والإنترنت، وتسجيل السيارات) تحدياً للنظام. ولا تزال الكثير من هذه الخدمات تستلزم أعمالاً ورقية معقدة وأختام وانتظار في صفوف طويلة ومراجعة المكاتب الحكومية وشبه الحكومية عدة مرات. إلا أنه تم إدخال الكثير من التحسن، على شكل تسهيلات على الانترنت مباشرة وإعادة تنظيم بعض الخدمات لزيادة سرعتها وفعاليتها، كما هو الحال في خدمة تسجيل السيارات.
وما يزيد البيروقراطية تعقيداً الاحتكارات والميل نحو مركزية بعض الخدمات الرئيسية، والتي تستثني المنافسين من القطاع الخاص وتقلل من فعالية الخدمات ونوعيتها. ومثال تقليدي على ذلك شركة “اتصالات” شبه الحكومية التي كانت، حتى عام 2007، المزوّد الوحيد للهاتف والإنترنت والتلفزيون في البلاد، والتي تعتبر غير فعالة على نطاق واسع. وتحسّن الوضع بعض الشيء بعد إنشاء شركة “du” شبه الحكومية لكسر احتكار “اتصالات”، وذلك بإدخال تنافس وخيارات أكثر للمواطنين. ولأن الوظائف الحكومية مفتوحة بالغالب للإماراتيين، فإن المواطنين يفضلون العمل في هذا القطاع. وتشمل الأسباب الأخرى: الرواتب المرتفعة؛ والفوائد الممتازة (بما فيها التقاعد)؛ وقصر ومرونة ساعات العمل؛ وبيئة العمل المريحة. وكنتيجة لذلك، أصبحت قطاعات الدولة (مثل الشرطة والقوات المسلحة) والوزارات الحكومية (مثل الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب) والمؤسسات شبه الحكومية (مثل مؤسسة الاتصالات العملاقة “اتصالات”) مكتظة بالموظفين الإماراتيين.
إلى جانب رداءة الخدمات وتفشي المحاباة و”الواسطة”، تنجم بعض المشاكل البيروقراطية عن هشاشة مركزية الإدارة وغياب الإجراءات الموحدة بين الإمارات السبع. بحيث يتطلب تغيير العمل ومكان الإقامة (من دبي إلى أبوظبي على سبيل المثال) عملية طويلة ومعقدة لتغيير رخصة العمل والكفيل ووضع الإقامة.
الفساد
على غرار البلدان الأخرى في المنطقة، تعاني الإمارات العربية المتحدة من تفشّي ظاهرتي المحاباة والمحسوبية، خاصة ما يُعرف “بالواسطة”، حيث يصل البعض إلى مبتغاهم من خلال علاقات شخصية أو النفوذ الذي توفّره لهم مكانتهم أو ثروتهم أو هويتهم الوطنية (فالجنسية الإماراتية ميزة فضلى). وتتم الكثير من الخدمات بفعالية وسرعة، ولكن في أغلبية الأحيان تتوفر فقط لأعمال معينة أو مقابل مبلغ أكبر من المعتاد.
ومع أن الخدمات الحكومية مكلفة بشكل عام، والدفع نقداً، إلا أن الرشاوى والاستغلالية قليلة نسبياً. ومع ذلك، كان هناك حالات فساد كبيرة، حيث تم كشف موظفين حكوميين كبار في الخدمة المدنية استغلوا مناصبهم وسيقوا إلى العدالة.
وينص قانون الإمارات العربية المتحدة على عقوبات جنائية في حالات الفساد الحكومي، وبشكل عام تطبّق الحكومة القانون بشكل فعال. ويتفشّى الفساد الحكومي على الأغلب على المستوى الإداري. إلا أن قوانين الدولة تخفي الكشوفات المالية للموظفين الحكوميين، مما يصعّب قياس مدى وعمق الفساد الرسمي المحتمل.
ونظراً لانعدام استقلالية المحاكم في البلاد، فمن غير الوارد تقريباً مساءلة الأشخاص الذين في السلطة أو المرتبطين بالأسر الحاكمة، أو ملاحقتهم قضائياً، أو معاقبتهم بسبب الفساد. ويسود الاعتقاد بأن المحاباة والممارسات المالية والقانونية الفاسدة مستمرة، حتّى في حال ظهور أدلة ثابتة. فعلى سبيل المثال، عام 2008 أعادت دائرة المحاسبة إلى وزارة المالية حوالي 300 مليون درهم (82 مليون دولار أميركي) اختلسها موظفون. وفي نهاية العام، لم تتوفّر معلومات عن مصير هؤلاء الموظفين. وينص القانون على إمكانية وصول عامة الشعب إلى المعلومات الحكومية، إلا أن الحكومة تتبع هذا الشرط انتقائياً، ولا يتم الرد على طلبات الحصول على المعلومات.
الإصلاحات المؤسساتية
منذ عام 2006، بُذلت بعض الجهود لإصلاح الأنظمة الحكومية المحلية والاتحادية. وتبلورت رؤية الحكومة في الخطة الإستراتيجية لعام 2007، بتغطية ستة قطاعات تنموية – التنمية الاجتماعية والاقتصادية؛ والقطاع العام؛ والعدالة؛ والأمان؛ والبنية التحتية؛ والمناطق الريفية – بناءً على البرنامج الوطني لعام 2005 والذي أعدته الوزارات الاتحادية. ويبقى اتخاذ الخطوات اللازمة لزيادة التعاون بين الهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية وتحسين الكفاءة وإعادة إحياء دور الوزارات في وضع التنظيمات ورسم السياسات، فضلاً عن تحديث الخدمات المدنية.
وفي عام 2006، كانت إحدى أهم الإصلاحات السياسية إدخال الانتخابات غير المباشرة لنصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي. كما بُذلت الجهود لتعزيز فعالية المؤسسات العامة وشفافيتها (للإمارات العربية المتحدة هيئة تدقيق رسمية لمراقبة أموال الاتحاد ومراجعة السجلات المالية الرسمية). ويتم تخصيص الموازنة السنوية الأكبر في الإمارات لأبوظبي، حيث تصل نفقاتها إلى ثلاثة أضعاف نفقات الاتحاد نظراً لارتفاع إنتاجها النفطي. وكجزء من الإصلاحات المالية، أنشأت هذه الإمارة جهاز أبوظبي للمحاسبة لمراقبة إيرادات ونفقات جميع المؤسسات الحكومية عن كثب وضمان حسن إدراة أموال الدولة. وتتمتع الهيئة بصلاحية مراجعة إيرادات ونفقات كافة الدوائر الحكومية المحلية، بما فيها المجلس الاستشاري الوطني، والمنشآت العامة، وجميع المؤسسات التي تمتلك فيها حكومة أبوظبي نسبة 25% على الأقل. كما يراقب جهاز المحاسبة تطبيق عقود القروض والسجلات الاستثمارية والمالية للمؤسسات العامة وتشرف على جرودها ومستودعاتها.
وتشمل الإجراءات الإصلاحية الأخرى تعديل المادة 62 من الدستور التي تحظر على رئيس الوزراء ونوابه، أو أي وزير من الحكومة الاتحادية الدخول في صفقات أعمال مع الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية أو شغل أي منصب آخر.
الإصلاح السياسي والربيع العربي
بدأت موجة الانتفاضات في المنطقة في كانون الثاني/يناير 2011 في تونس، وسرعان ما انتشرت إلى مصر وليبيا والبحرين وعُمان واليمن وسوريا، مما دفع الإمارات العربية المتحدة إلى تنفيذ إصلاحات سياسية. وقبل الربيع العربي، حدثت الإصلاحات الأكثر أهمية في كانون الأول/ديسمبر 2006 عندما أجريَت انتخابات محدودة وغير مباشرة لاختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي. والهدف من هذه الخطوة، إلى جانب مشاركة 9 سيدات في البرلمان، أن تكون الأولى في عملية مصممة لتعزيز المشاركة العامة والدور الذي لعبه المجلس الوطني الاتحادي في الحكومة. وتشمل الخطوات الأخرى تعزيز السلطة التشريعية والقانونية للمجلس وتطوير قنوات فعالة للتنسيق بين المجلس والسلطة التنفيذية، مثل مجلس الوزراء. ومنذ الانتخابات، يسائل المجلس وزراء في الحكومة حول قضايا التضخم ومسائل اقتصادية واجتماعية أخرى. وجلساته مفتوحة لعامة الشعب. وفضلاً عن ذلك، لكل إمارة مجلسها الاستشاري الخاص بها. وإزاء التغيرات في المحيط السياسي الإقليمي، فقد زاد المجلس الوطني الاتحادي من قوة وقاعدة الهيئة الانتخابية من 7000 ناخب عام 2006 إلى 130,000 ناخب عام 2011، يمثلون شريحة أكبر من الإماراتيين ما فوق سن 21. ووصف وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي والشؤون الخارجية أنور قرقاش الخطوة بأنها مصممة لتشجيع “مشاركة أوسع تعزّز التجرية الاتحادية وفقاً لرؤية سموّ الرئيس”. وأكد قرقاش على أهمية زيادة مشاركة المرأة والشباب في الهيئة الانتخابية.