المقدمة
عُمان هي السلطنة الهادئة التي نجحت في رسم سياسة خارجية مكنتها من العيش بسلام وسط جميع ما تعيشه المنطقة من تقلباتٍ واضراباتٍ سياسية. السلطنة التي تحكمت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بمدخل الخليج العربي/الفارسي، كان لها دورٌ فاعل في مواجهة مطامع القوى الأوروبية في منطقة الخليج وفي الهند نفسها. ويضاف إلى ذلك أن العُمانيين ساهموا في ولادة المذهب الإباضي وامتد نفوذ دولتهم إلى زنجبار في إفريقيا.
في هذا القسم، نبحر في تاريخ عُمان من حاضره إلى ماضيه، محاولين بذلك سبر أغوار الأحداث الفاصلة التي رسمت حاضر وهويّة هذه الدولة ككيان من عين المؤرّخ.
قابوس يعيد رسم السلطنة (١٩٧٠-٢٠٢٠)
على مدى حكمه الذي دام نحو خمسة عقود، نجح قابوس بن سعيد في تحويل عُمان، الدولة النفطية الصغيرة، من بلد فقير تمزقه النزاعات إلى بلد يتمتع بدرجة ما من الرخاء.
السلطان قابوس حرص على اتباع سياسة الحياد إزاء العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وطبع بلاده الواقعة في منطقة تعج بالصراعات والتوترات بهذا الطابع الحيادي.
ظلّ السلطان الراحل قابوس بن سعيد آل سعيد على رأس الدولة شاغلاً في الوقت ذاته منصب رئيس الوزراء. وأصبح قابوس سلطاناً للبلاد منذ 23 يوليو 1970م حتى 10 يناير 2020م. تولى قابوس منصب رئيس وزراء البلاد أيضًا منذ 23 يوليو/تموز 1972م. وظل مهيمنا على صناعة القرار الأعلى في عُمان طوال فترة حكمه، إذ شغل مناصب رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع، ووزير المالية، ووزير الخارجية.
وقابوس، الذي ليس له أيه أولاد، كان عدَّل القانون الأساسي للبلاد عام 1996م، حيث ألزم عائلته بأن تختار خلفاً ذكراً من ذرية تركي بن سعيد، سلطان مسقط وعمان بين عامي 1871 و1888م، لتولي منصب السلطان في حال وفاته. ووضع قابوس وثيقة تتضمن اسم الشخص المفضل لديه (ابن عمه) لتولي منصب السلطان الذي يخلفه وهو سلطان عمان الحالي هيثم بن طارق آل سعيد.
وأطاح قابوس بن سعيد بأبيه السلطان سعيد بن تيمور. تعارضت أفكار قابوس التقدمية والعالمية مع ميول والده إلى الإبقاء على محافظة وانعزالية عمان. وبدعم من البريطانيين والصفوة السياسية في عمان، تولى قابوس البالغ من العمر ٣٠ عاماً السلطة بعد انقلاب عام 1970م. ونفي والده إلى لندن حيث مات هناك عام 1972م.
لقراءة المزيد أنقر هنا وهنا.
آل البوسعيد واليعاربة والنباهنة (١٩٢٠-١١٥٤)
لعدة عقود، اندلعت الثورات لأسباب مختلفة، إلى أن تم التفاوض على معاهدة عام 1920م (معاهدة السيب) التي منحت بشكل أساسي الإمامة والسلطنة الاستقلال النسبي والحق في إدارة شؤونها الخاصة.
مع وفاة سيد سعيد بن سلطان عام 1856م، انفصلت عمان عن زنجبار، رغم استمرار حكمهما من قبل أسرة البوسعيد الحاكمة، حتى بعد إعلان بريطانيا دخول زنجبار تحت الحماية البريطانية عام 1891م.
أواخر القرن الثامن عشر، تغيرت شبكة التجارة التقليدية في المحيط الهندي وتوسعت. وقد أرست إنجلترا وفرنسا والقوى الغربية الأخرى أقدامها في منطقة المحيط الهندي بقوة. وبدأ رأس المال والتكنولوجيا الغربية تهيمن على التجارة الإقليمية.
في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، كان 80% من حجم التجارة مع الهند في مسقط، والتي كانت تسيطر بالفعل على الممر إلى الخليج العربي/الفارسي. وكانت في الغالب في أيدي الهنود المقيمين في عمان.
لقراءة المزيد أنقر هنا وهنا.
بدأت السيطرة البرتغالية في الانحسار في القرن السابع عشر، جزئياً نتيجة مُنافسة القوى الفارسية والأوروبية، مثل الهولنديين والبريطانيين الذين وصلوا إلى المنطقة سعياً وراء أهدافهم التجارية. وقد تمكن الحكام المُتعاقبون في عمان من طرد البرتغاليين من موانيهم بل وشاركوا في طردهم نهائياً من الهند وشرق إفريقيا. وسقط أخر معقل للبرتغاليين في مومباسا في يد العمانيين عام 1698.
في مطلع القرن السادس عشر، ربطت شبكة بحرية مزدهرة البلاد الواقعة على حدود الخليج العربي/الفارسي، مثل العراق وإيران وباكستان، مع إفريقيا والهند والشرق الأقصى. وكانت عمان مُشاركة بنشاط.
لقراءة المزيد أنقر هنا.
الإسلام وما قبله (٧٥٠م-٦٠٠ق.م)
اعتنق سكان عمان الإسلام أثناء حياة الرسول مُحمد حوالي 630 للميلاد. في السابق، عَبَد العمانيون، كغيرهم من سكان شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط، آلهة الشمس والقمر وغيرها من الأجرام السماوية. كما كان هناك الهندوس والمسيحيون في المنطقة.
شارك العمانيون في تأسيس المذهب الإباضي في البصرة في منتصف القرن السابع. وانتشر المذهب في عمان (كما اعتنقته بلاد في شمال إفريقيا مثل الجزائر وتونس، حيث لا تزال جيوب منه موجودة هناك)، وأسس أتباعه دولة تحت قيادة زعيمهم الديني المُنتخب، الإمام. وظهر أول إمام إباضي عام 750 للميلاد، باسم الإمام جولندى بن مسعود. وبالتالي، حصلت البلاد على استقلالها عن الخلافة العباسية في بغداد.
حوالي القرن الثاني الميلادي، دخلت أولى القبائل العربية البلاد. وهؤلاء كانوا جزءً من حركة النزوح الكبرى القادمة من الجزء الشمالي من شبه الجزيرة العربية. ووصلوا عن طريق جنوب غرب المملكة العربية السعودية (اليمن) وبوابة التوام الشمالية (العين، وتقع قرب الحدود مع الإمارات العربية المُتحدة) بين عامي 100 و800 ميلادية. وفي ذلك الوقت، كانت عمان خاضعة للحكم الفارسي. وقد سيطر الحكام الفرس على المداخل الساحلية وأجزاء من المناطق الداخلية منذ القرن السادس قبل الميلاد على أقل تقدير.
تشير الحفريات الأثرية في المستوطنات أن الرعاة عاشوا في عمان منذ 7000 عام على الأقل. وفي فترة مبكرة من الألفية الثالثة قبل الميلاد، كان لسكان ضفتي الخليج نفس أسلوب الحياة والثقافة، وهو ما يُعرف بثقافة “أم النار”. وقد عُثر على هذا الدليل خلال الحفريات في عمان، وأم النار، وهي جزيرة تقع قرب أبو ظبي، وإيران.
لقراءة المزيد أنقر هنا.