وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حكم السلطان قابوس

سلطان عمان قابوس بن سعيد آل سعيد (Photo by ANDREW CABALLERO-REYNOLDS / POOL / AFP)

المقدمة

أدت ثورة ظفار إلى انقلاب ملكي غير دموي في يوليو/تموز 1970، عندما أطاح قابوس بن سعيد بأبيه السلطان سعيد بن تيمور. ولد قابوس في صلالة في نوفمبر/تشرين الثاني 1940، ونال قسطًاً من تعليمه في بريطانيا العظمى حيث درس أولاً في كلية خاصة منذ 1958 وما بعدها، ثم في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهورست. وخدم كضابط في الجيش البريطاني في جمهورية ألمانيا الاتحادية لفترة قصيرة. عام 1965، بعد دراسات عليا في لندن وقيامه بجولة حول العالم، تم استدعاؤه إلى الوطن ووضع في عزلة في قصر صلالة.

تعارضت أفكار قابوس التقدمية والعالمية مع ميول والده إلى الإبقاء على محافظة وانعزالية عمان. وبدعم من البريطانيين والصفوة السياسية في عمان، تولي قابوس البالغ من العمر 30 عاماً السلطة بعد انقلاب عام 1970. ونفي والده إلى لندن حيث مات هناك عام 1972.

ورث السلطان قابوس بلاداً كانت مُصابة بالأمية والفقر وتفتقر إلى البنية الاجتماعية المناسبة مثل التعليم والرعاية الصحية. كما واجه على الفور تمرداً شرساً على الدوام في ظفار. وبمشاركة القوات والمعدات البريطانية ووحدات مُسلحة من الأردن وإيران ودعم مالي من المملكة العربية السعودية والإمارات، تم القضاء نهائياً على التمرد في ظفار عام 1975.

كان حكم قابوس، كحاكم مطلق ومثقف، إشارة لبداية تحول عمان إلى دولة حديثة. وأنشأ السلطان هيكلاً عصرياً للحكومة، وأطلق تغييرات جذرية في التعليم والرعاية الصحية، وبنى بنية تحتية حديثة، وطوّر مصادر البلاد الهامة من النفط والغاز. ويُعتبر السلطان قابوس الزعيم الأكثر شعبية في العالم العربي حتى الآن. تتميز الثقافة العمانية باحترام النظام الأبوي في القيادة والقبول العام للشكل الحالي للحكومة وشرعية الدولة القومية. لكن يبدو من حين لآخر أن المواطنين العمانيين يتطلعون إلى مُشاركة سياسية أكبر. ورغم كل إصلاحاته، لا يبدو السلطان ميالاً إلى إجراء تغييرات رئيسية في النظام الحالي.

التطورات الأخيرة

مع أنّ عمان كانت تعتبر على الدوام بلداً مستقراً سياسياً، إلا أنها شهدت إضطرابات وإحتجاجات عام 2011 عندما تجمّع  مواطنون عمانيون للاحتجاج ضد ارتفاع البطالة وتكاليف المعيشة وفساد المسؤولين الحكوميين ومن أجل ظروف عمل وأجور أفضل. وعلى المستوى السياسي طالب المتظاهرون بتوسيع الحقوق المدنية والسياسية وسلطة مجلس الشورى الاستشاري واستقلال القضاء وضمان حرية التعبير. كما حمل البعض يافطات كُتب عليها شعارات تأييد للسلطان. وفي شباط/فبراير وآذار/مارس، تجمع متظاهرون أيضاً في دوار الكرة الأرضية في صحار، وأوقفوا حركة السير وطالبوا “ببرلمان حقيقي”. وفي الحال امتدت الاحتجاجات إلى مدن أخرى، مثل هيما. وقامت الشرطة والجيش بتحطيم معسكرات الاحتجاج واعتقال عدد غير معروف من الأشخاص. كما سقط عدد من القتلى عقب الاحتجاجات.

وعلى رغم من الإصلاحات الإجتماعية والسياسية التي أعلنها السلطان قابوس عام 2011, عادت المظاهرات في الربيع 2012, ضد البطالة والإصلاحات البطيئة. وتمّ إعتقال الناشطين والمدونين والصحفيين الذين عبّروا عن نقدهم لعجز الحكومة لتنفيذ الإصلاحات ولحماية حقوق الإنسان. قي عام 2012, حُكم عليهم 35 ناشط بالسجن بتهمة التظاهر والتعبير عن آرائهم في وسائط التواصل الإجتماعي, حسب منظمة هيومن رايتس واتش.

أجبرت المظاهرات في عمان السلطات على القبول بتسوية بشأن الشفافية والمساءلة في الحكم. وبالتالي، استجاب السلطان قابوس للاحتجاجات بإصلاحات جوهرية أكثر ما فعله ملوك الخليج الآخرون. والتفسير الوحيد لرده الاستثنائي هو أن كل السلطة متركزة في يد السلطان؛ إضافة إلى أن السلطان غير مقيد بخلافات ضمن العائلة المالكة. إلا أن تجدد الاحتجاجات كان علامة على أن الاصلاحات الاجتماعية والسياسية المحدودة لن تُرضِ العمانيين. واستطاع السلطان تجنب تطور الأزمة، ولكن على حساب استمرار قمع الناشطين والمزيد من القيود على حرية التعبير والاجتماع.