وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حقوق الإنسان في السودان

حقوق الإنسان في السودان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. Photo Geneva Centre for Human Rights Advancement and Global Dialogue.

المحتويات

القانون الدولي لحقوق الإنسان
اتفاقيات جنيف
اتفاقيات وقعتها السودان
حقوق الإنسان في السودان

أصبح مفهوم حقوق الإنسان معروفاً ومصطلحاً مقبولاً يتم تداوله على نطاقٍ واسع. التفسيرات المتباينة ممكنة، مع وجود اختلافاتٍ عادةً وفقاً للخلفية الثقافية. ومع ذلك، فإنّ معظم هذه التفاهمات تشتمل، شعورياً أو لا شعورياً، على الحقوق الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 1948. وقد كُتب في أعقاب الحرب العالمية الثانية “… على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم…” وبالتالي، كان مُراداً له أن يكون عالمياً حقاً، لحماية المواطنين من أي نوعٍ من أنواع الانتهاكات التي شهدها العالم مؤخراً، على النحو المُبين في الديباجة والمواد الثلاثين الواردة في هذا الإعلان.

وعلى هذا النحو، تتضمن الإعلان مواداً حول الحق في الحياة بكرامة؛ والحرية والأمن؛ وحرية التنقل؛ والحق في الجنسية والتعليم؛ والمعاملة العادلة بين البشر والاحترام؛ فضلاً عن حرية التعبير والرأي، والحماية من التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

القانون الدولي لحقوق الإنسان

الإعلان ليس مُلزماً من الناحية القانونية، إلا أنه أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان. تم تشكيل عهدين ملزمين تابعين للأمم المتحدة كنتيجةٍ للإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. غالباً ما يُشار إلى هذه الوثائق الثلاث معاً بـ”الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.”

وعلى مدى سنوات طويلة، تمت كتابة مواثيق أخرى للإضافة إلى والإسهاب في هذه القاعدة، مع التركيز على مواضيع مختلفة مثل اللاجئين (1951 و1967)، والتمييز ضد المرأة (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)- 1979)، والأشخاص ذوي الإعاقة (2008)، ومناهضة التعذيب (1987)، وحماية العمّال المهاجرين (1990)، ومناهضة التمييز العنصري (1969)، على سبيل المثال لا للحصر.

بالإضافة إلى ذلك، قامت منظمة العمل الدولية بتجميع عدد كبير من الاتفاقيات، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بمعايير العمل والقوى العاملة، والتي تعتبر 8 منها من “الاتفاقيات الأساسية،” ألا وهي حرية تكوين الجمعيات (1948، الاتفاقية رقم 87)، وحق المفاوضة الجماعية (1949، الاتفاقية رقم 98)، وتحريم السُخرة (1930، الاتفاقية رقم 29، و1957 الاتفاقية رقم 105)، والحد الأدنى للسن (1973، الاتفاقية رقم 138)، وعمالة الأطفال (1999، الاتفاقية رقم 182)، والمساواة في الأجر (1951، الاتفاقية رقم 100)، وتكافؤ الفرص والمعاملة (الاتفاقية رقم 111).

اتفاقيات جنيف

اتفاقيات جنيف هي تنقيح للاتفاقيات التي تمت صياغتها سابقاً، والتي تم تعديلها بعد الحرب العالمية الثانية، وتركز بشكلٍ خاص على معاملة الأشخاص في زمن الحرب. تتألف من أربع اتفاقيات، وثلاثة برتوكولات إضافية. وتوضح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ هذه الاتفاقيات “تهدف إلى ضمان احترام كرامة الإنسان، المعترف بها دولياً من حيث المبدأ، حتى في خضم الأعمال العدائية.”

وخلال سلسلة من اجتماعات الخبراء، وتجمعات وكالات الصليب الأحمر، والتقاء ممثلي الحكومات مراراً، تم تنقيح المواد إلى أنّ تم تقديم مشروع قانون في المؤتمر الدبلوماسي لوضع اتفاقيات دولية لحماية ضحايا الحروب عام 1949. تم التوقيع على الاتفاقية الختامية من قِبل تسعة وخمسين دولة، البعض منها لم تعد موجودة، بالإضافة إلى توقيع المزيد من الدول منذ ذلك الحين.

تم تجميع إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام من قِبل منظمة التعاون الإسلامي في عام 1990، خلال مؤتمر العالم الإسلامي التاسع عشر لوزراء الخارجية في القاهرة، وتم التوقيع عليه من قِبل 57 دولة. يحمل هذا الإعلان مبادىء مماثلة، إن لم تكن متطابقة، للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكن تتضمن أيضاً، بصورة ملحوظة، على مواد تتعلق بـ”القانون في الحرب” – حدود السلوك المقبول زمن الحرب، بشكلٍ مماثل لاتفاقيات جنيف. كما يتناول إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام المساواة بين الرجل والمرأة، وحقوق الطفل، والحرية، والحق في الرعاية الطبية، والحق في تقرير المصير، وغيرها. أبرزها المادة (25) من هذه الوثيقة التي تدرج الشريعة الإسلامية باعتبارها المرجع الوحيد بما في ذلك العقاب. تمت المصادقة على إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام من قِبل 45 دولة، مما مجموعه 57 عضواً في منظمة التعاون الإسلامي.

اتفاقيات وقعتها السودان

وقّع السودان على اتفاقات جنيف في 23 سبتمبر 1957، والبروتوكول الإضافي الأول (المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة) في 7 مارس 2006، والبروتوكول الإضافي الثاني (حماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية) في 13 يوليو 2006. وعلاوة على ذلك، أصبح السودان من الدول الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل في 3 أغسطس 1990، بالإضافة إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل في 26 يوليو 2005.

السودان عضو في منظمة التعاون الإسلامي منذ عام 1969، وصادق على جميع الاتفاقيات الثمانية الأساسية لمنظمة العمل الدولية ما عدا واحدة، وبالتحديد الاتفاقية المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات (الاتفاقية رقم 87)

اللاجئون

تستند الاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين إلى المادة (14) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتقر حق اللجوء وحماية اللاجئين. تمت الموافقة عليها خلال اجتماع الجمعية العامة في 14 ديسمبر 1950، ودخلت حيز النفاذ في 22 أبريل 1954. ومع ذلك، حددت الاتفاقية الأصلية نطاقها باللاجئين الفارين قبل الأول من يناير 1951. وعلى هذا النحو، تم إدراج بروتوكول إضافي عام 1967، وإزالة هذه القيود.
في 22 فبراير 1974، أكد السودان انضمامه للاتفاقية والبروتوكول. من خلال “الانضمام” تقبل الدولة عرض أو فرصة أن تصبح طرفاً في المعاهدة، التي تم التفاوض عليها أو توقيعها سابقاً من قِبل الدول الأخرى. لها نفس الأثر القانوني للمصادقة. ومع ذلك، كان للسودان تحفظات بشأن المادة (16)، التي تتعلق بحرية الحركة.

المرأة

تمت الموافقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تُسمى أيضاً سيداو، خلال دورة الجمعية العامة في 18 ديسمبر 1979، ودخلت حيز النفاذ في 3 ديسمبر 1981.
السودان ليس طرفاً في اتفاقية سيداو.

الأشخاص ذوي الإعاقة

تمت الموافقة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خلال دورة الجمعية العامة في 13 ديسمبر 2006 ودخلت حيز النفاذ في 3 مايو 2008. وفي الوقت نفسه، تمت الموافقة على البروتوكول الاختياري، وإعطاء لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أهلية فحص الشكاوى الفردية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة من جانب الدول الأطراف في البروتوكول. لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي هيئة مكونة من خبراء مستقلين تقوم بمتابعة تطبيق الاتفاقية. وقع السودان على الاتفاقية في 30 مايو 2007، وصادق عليها في 24 أبريل 2009. كما أنه انضم إلى البروتوكول الاختياري في 24 أبريل 2009.

التعذيب

تم اعتماد اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية، والتي يُشار إليها أيضاً باتفاقية مناهضة التعذيب فحسب، خلال دورة الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1984. وفي 26 يونيو 1987 تم تسجيلها وبالتالي دخولها حيز النفاذ. تتم مراقبة تطبيقها من قِبل لجنة مناهضة التعذيب، وهي هيئة تتألف من 10 خبراء من جنسياتٍ مختلفة. جميع الدول الموقعة ملزمة بإرسال تقارير منتظمة إلى لجنة مناهضة التعذيب، والتي على أساسها يتم وضع التوصيات. وقع السودان على الاتفاقية في 4 يونيو 1986 دون أي تحفظات، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوة منذ ذلك الوقت.

العمال المهاجرين

تمت الموافقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم من قبل الجمعية العامة في 18 ديسمبر 1990 ودخلت حيز النفاذ في 1 يوليو 2003.
السودان ليس طرفاً في هذه الاتفاقية.

التمييز العنصري

تمت الموافقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل الجمعية العامة، ووفقاً لذلك استهل التوقيع عليها في 7 مارس 1966. دخلت حيز النفاذ في 4 يناير 1969. وعلى الرغم من الوضوح في عنوان الاتفاقية، إلا أنها تهدف إلى طمس خطاب الكراهية وتعزيز التفاهم. تتم مراقبة تنفيذ المواد من قبل اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، التي تُقدم لها تقارير نصف سنوية من قبل كل دولة من الدول الموقعة. وهي مسؤولة عن التعامل مع الشكاوى بين الدول والأفراد والتي تتعلق بعدم الامتثال لأحكام الاتفاقية، على النحو المنصوص عليه في المادة (14).
انضم السودان للاتفاقية في 12 مارس 1977 دون أي تحفظات.

حقوق الإنسان في السودان

تدهورت حالة حقوق الإنسان في السودان منذ عام 1989، فقد وقعت انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ففي دارفور، فشلت السُلطات في حماية الناس من الاشتباكات العنيفة بين المجتمعات، وبخاصة بين المزراعين الأفارقة وبين رعاة الماشية والجمال العرب.
تواصل القوات السودانية مهاجمة قرى القبائل الإفريقية في دارفور التي يُشتبه بدعمها لجماعات المتمردين، فقد نزح أكثر من 500,000 شخص بسبب الصراع. كما ارتكب الجنجويد، وهي ميليشا القبائل العربية المسلحة من قِبل الحكومة، العديد من الفظائع ضدّ الأفارقة في دارفور، ممّا أسفر عن مقتل آلاف المدنيين، وحرقٍ للقرى، ونهبٍ للمتلكات. أدرج غالبية الجنجويد في وقتٍ لاحق بالجيش الوطني تحت مسميات حرس الحدود وقوات الدعم السريع.
قوض استمرار انعدام الأمن محاولات الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) لتهدئة المنطقة.

وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق، منع القصف العشوائي من قبل قوات الحكومة السودانية واشتباكات مع المتمردين، المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الآلاف من النازحين في هذه الولايات،فاضطر أكثر من 225,000 شخص إلى الفرار إلى مخيمات اللاجئين في جمهورية جنوب السودان وأثيوبيا.
كما واصلت قوات الأمن السودانية القبض على واعتقال الناشطين وأعضاء أحزاب المعارضة، وسيطرت على وسائل الإعلام، وفرضت قيوداً على عمل المجتمع المدني، وضايقت الجمعيات التي تتلقى تمويلاً أجنبياً.

وفي سبتمبر 2014 اندلعت الاحتجاجات في مناطق مختلفة من السودان رداً على ارتفاع أسعار الوقود والسلع الأساسية الأخرى، حيث ردّت القوات السودانية بقتل 175 متظاهراً على الأقل، واعتقال المئات من المتظاهرين وأعضاء المعارضة والناشطين.

وجهت المحكمة الجنائية الدولية بدايةً الاتهام للرئيس عمر البشير بتهمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية في دارفور في عام 2009، واتُهم خمسة مسؤولين آخرين بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب في دارفور. كما صدرت مذكرة اعتقال أخرى للرئيس البشير في يوليو 2010، ومع ذلك، لم تلقي الحكومة اهتماماً بهذه الاستدعاءات.

وعلى صعيدٍ آخر، يتعارض قانون الأمن القومي لعام 2010، والعديد من القوانين الأخرى مع المبادىء الأساسية لحقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، جدّد قانون الأمن القومي السُلطات الواسعة لوكالات الأمن القومي لاعتقال واحتجاز الأفراد لمدّة تصل إلى أربعة أشهر ونصف دون رقابة قضائية، فضلاً عن التقصي والاعتقال. كما يُتيح قانون الأمن القومي لرجال الأمن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان مثل التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة السيئة وانتزاع “الاعترافات” بالإكراه. ويمنح قانون الأمن القومي الحصانة لأفراد المخابرات الوطنية وجهاز الأمن من المحاكمة واتخاذ إجراءاتٍ تأديبية لجميع الأفعال التي ترتكب في سياق عملهم، وخلق أجواءٍ للإفلات من العقاب. وعلاوة على ذلك، وسّع التعديل الأخير على الدستور في عام 2015 من تفويض منظمات الأمن القومي، من جمع وتحليل المعلومات الأمنية إلى تشكيل والحفاظ على القوات القتالية على غرار الجيش.