وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الاقتصاد في السودان

 النيل الأبيض
صيّادون على النيل الأبيض. Photo Ahmed Ginawi

المقدمة

عانى السودان من صراع اجتماعي طويل الأمد، وحرب أهلية. وفي يوليو 2011، فقد ثلاثة أرباع إنتاجه من النفط بسبب انفصال جنوب السودان. وقد كان قطاع النفط هو الدافع الأكبر لنمو الناتج المحلي الإجمالي للسودان منذ عام 1999. ولما يقرب من عقد من الزمان، ازدهر الاقتصاد على خلفية ارتفاع إنتاج النفط وارتفاع أسعار النفط والتدفقات الكبيرة للاستثمار الأجنبي المباشر. ومنذ الصدمة الاقتصادية التي مني بها السودان نتيجة انفصال جنوب السودان، ناضل السودان من أجل تحقيق الاستقرار في اقتصاده والتعويض عن فقدان عائدات النقد الأجنبي. فقد أدى توقف إنتاج النفط في جنوب السودان في عام 2012 لأكثر من عام وما تلاه من فقدان رسوم عبور النفط، إلى زيادة تفاقم الحالة الهشة للاقتصاد السوداني. وقد أدت النزاعات المستمرة في ولايات جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق، والافتقار إلى البنية التحتية الأساسية في مناطق واسعة، واعتماد الكثير من السكان على الزراعة المعيشية، إلى إبقاء نصف السكان عند خط الفقر أو أسفله، وفقًا لكتاب حقائق العالم لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

يحاول السودان تطوير مصادر غير نفطية للإيرادات، مثل تعدين الذهب والزراعة، مع تنفيذ برنامج تقشفي لخفض النفقات. ينتج السودان أكبر مصدر في العالم للصمغ العربي 75-80٪ من إجمالي الإنتاج العالمي. تواصل الزراعة توظيف 80% من قوة العمل.

طرح السودان عملة محلية جديدة، بعد انفصال جنوب السودان، ولا تزال تسمى الجنيه السوداني، ولكن قيمة العملة انخفضت منذ طرحها للتداول، وقد قامت الخرطوم رسمياً بتخفيض قيمة العملة في يونيو 2012، عندما أقرت تدابير تقشفية شملت إلغاء دعم الوقود تدريجياً. وتواجه البلاد أيضًا ارتفاعًا في معدل التضخم، والذي وصل إلى 47٪ على أساس سنوي في نوفمبر 2012 ولكنه انخفض إلى حوالي 35٪ سنويًا في عام 2017.

الناتج المحلي الإجمالي

توقع البنك الدولي أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي في السودان العام 2019 إلى معدل 3.1%. متسقاً بذلك مع توقعاته لارتفاع النمو الاقتصادي في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بذات القدر.

وقال البنك في تقريره (الآفاق الاقتصادية العالمية) لشهر يونيو 2018، إن النمو المحلي الإجمالي للبلاد سيوالي الارتفاع العامين المقبلين حيث سيرتفع من معدل 2.6% للعام 2018 إلى 3.1% العام 2019 ثم إلى 3.5% العام 2020.

وأرجع البنك هذه الزيادة إلى توقعاته بارتفاع إنتاج قطاع التعدين واستقرار أسعار المعادن على تعزيز النشاط الاقتصادي في البلدان المصدرة للمعادن، وإلى تحسن الظروف الزراعية واستثمارات البنية التحتية في بلدان أخرى في المنطقة.

اقتصاد السودان
المصدر: International Monetary Fund (IMF), World CIA Factbook, World Bank Data and World Trade Organization (WTO). @Fanack
المؤشراتالمقياس20162017التغير ±
الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 2010 مليار دولار76.14979.4113.262
معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي %4.74.3-0.4
الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالأسعار الثابتة 2010دولار1,9241,95935
الناتج المحلي الإجمالي بالقيمة الحالية مليار دولار95.584117.48821.904

المصدر: البنك الدولي.

الفقر

تستند أحدث التقديرات الرسمية للفقر في السودان إلى المسح القومي للميزانية والأسر للعام 2014/2015. في ذلك الوقت، يقدر أن 36.1 في المائة من سكان السودان لديهم مستويات من الإنفاق للفرد أقل من خط الفقر الوطني. يقوم البنك الدولي حاليًا بوضع اللمسات الأخيرة على تقرير الفقر الذي يقدر عدد الفقراء باستخدام خطوط الفقر الدولية (IPL) البالغة 1.90 دولارًا و 3.2 دولار أمريكي للشخص يوميًا (معايير الفقر المدقع والفقر العالمي، على التوالي). في غضون ذلك، تستند أرقام الفقر التي نشرها البنك الدولي للسودان إلى مسح عام 2009.

ففي عام 2009، كان ما يقدر بحوالي 46.5 في المائة من سكان السودان، 15.6 مليون سوداني، هبطت مستويات الإنفاق للفرد لديهم أقل من خط الفقر الوطني. وعند قياسه على خط الفقر الدولي للبنك الدولي (IPL) البالغ 1.90 دولار للشخص في اليوم (تعادل القوة الشرائية 2011)، كان 14.9 في المائة من السكان فقراء. وعندما تم قياس الفقر على أساس خطوط الفقر الدولية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل الأعلى (3.2 دولار و5.5 دولار لكل شخص في اليوم)، كان 40.5 في المائة و 73.2 في المائة فقراء، على التوالي.

ففي عام 2009، كان معدل الفقر في المناطق الريفية، حيث يعيش ما يقرب من ثلثي السكان، أعلى بكثير منه في المناطق الحضرية. وكانت التباينات واضحة أيضا في جميع أنحاء المحليات. فعلى سبيل المثال، كان معدل انتشار الفقر في شمال دارفور، أعلى بثلاثة أضعاف من مثيله في العاصمة الخرطوم.

يشير مؤشر جيني البالغ 35.4 إلى أن عدم المساواة كان معتدلاً مقارنة بالبلدان الأخرى في أفريقيا جنوب الصحراء. ويرى البنك الدولي أن أرقام الفقر وعدم المساواة الحالية لا تزال غير واضحة. وتشير التقديرات إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2018 أدى إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة ووضع الرفاه الاقتصادي العام.

المؤشراتالعدد (مليون نسمة) 2009المعدل (%)
خط الفقر الوطني15.646.5
خط الفقر الدولي 2 بالجنيه السوداني (2009) أو 1.90 دولار أمريكي (تعادل القوة الشرائية 2011) في اليوم للفرد الواحد5.014.9
خط الفقر في فئة الدخل المتوسط الأدنى 3.4 بالجنيه السوداني (2009) أو 3.20 دولار أمريكي (تعادل القوة الشرائية 2011) في اليوم للفرد الواحد13.640.5
خط الفقر في فئة الدخل المتوسط الأعلى 5.9 بالجنيه السوداني (2009) أو 5.50 دولارات أمريكية (تعادل القوة الشرائية 2011) في اليوم للفرد الواحد13.640.5

المصدر: البنك الدولي.

البُنية التحتية

الاتصالات

بدعمٍ من عائدات النفط المرتفعة بين عاميّ 1999- 2011، تحسّنت البُنية التحتية في السودان بشكلٍ ملحوظ مقارنةً بفترة ما قبل النفط. كان لهذا التحسّن تأثيرٌ قوي على نموّ نصيب الفرد، حيث ساهم بما نسبته 1,7% وفقاً لتقرير البنك الدولي. ساهمت ثورة المعلومات والاتصالات بالجزء الأكبر من نموّ السودان. فقد استثمرت البلاد بقوة في البُنية التحتية في السنوات الأخيرة، محققةً بعض الإنجازات البارزة. فعلى سبيل المثال، تمكنّ 10,5 مليون سوداني من استخدام الإنترنت عام 2014 وذلك وفقاً لأرقام وزارة الاتصالات السودانية، أي أنّ هذا يقرب من ربع سكان البلاد. كما خطّت السودان خطواتٍ هائلةً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من خلال تحرير القطاع وبالتالي جذب رأس المال الخاص بشكل كبير. فضلاً عن ذلك، فقد ارتفعت نسب انتشار الهاتف المحمول من أقل من 1% عام 2000 إلى 77% مع حلول نهاية عام 2015.

الطرقات

تضاعفت شبكة الطرقات في السودان تقريباً من حيث الطول، إذ بلغت 6,200 كيلومتر، والتي جرى تعبيدها بين عامي 2000 و2008. ومع ذلك، لا تزال الكثير من مناطق البلاد تفتقر إلى الطرقات. يمتاز التوسع الهائل في شبكة الطرق في السودان بسوء البناء والافتقار إلى الصيانة الملائمة.

يؤثر هذا النقص في الطرق الملائمة بشكلٍ سلبي على إنتاج المنتجات الزراعية والحيوانية، والتي تقع في المناطق الريفية، كما أنّه يعوق قدرتها على الوصول إلى الأسواق المحلية والخارجية، ممّا يجعلها أقلّ قدرة على المنافسة في الأسواق الإقليمية من خلال إضافة المزيد من تكاليف النقل.

ومع ذلك، ترتبط البلاد بطرق معبدة مع جيرانها الثلاث المهمة، وهي مصر وإريتريا وأثيوبيا وإلى حدود جنوب السودان، تشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى.

السكك الحديدية

شبكة السكك الحديدية واسعة النطاق في السودان، إذ تبلغ حوالي 4757 كيلومترًا من خطوط السكك الحديدية في جميع أنحاء البلاد، والتي تصل إلى جميع المدن والبلدات الرئيسية. لعبت السكك الحديدية في السودان والتي بُنيت على يدّ القوات البريطانية الغازية في أواخر القرن التاسع عشر، دوراً في بناء الدولة وتوفير البُنية التحتية للزراعة والتجارة والصناعة حتى منتصف السبعينيات. ومنذ ذلك الحين، بدأت السكك الحديدية في التدهور بسبب نقص الصيانة والتجديد. واليوم، تعمل السكك الحديدية بحوالي خُمس طاقتها. وفي عام 2016، نقلت السكك الحديدية في السودان 850 ألف طن متري من البضائع.

أُعيقت عدّة محاولات لصيانة وتحسين شبكة السكة الحديدية وقدرتها بسبب عدم الاستقرار السياسي ونقص التمويل، فضلاً عن التدخلات السياسية للحدّ من نفوذ اتحادات سكة الحديد التي تتمتع بالقوة. تمّ إهمال السكك الحديدية من الحكومة التي فضلت الاستثمار في الطرق السريعة الأقلّ كلفةً. وفي عام 2015، ذُكر أنّ سكك الحديد تمتلك 60 قاطرةً في الخدمة، إلّا أنّ سرعتها القصوى تصل إلى 40 كيلومترًا في الساعة فقط بسبب سوء حالة الخطوط.

قُدمت أول خطوة جادّة لتحديث السكك الحديدية في السودان عام 2014، بمساعدة من الصين. أصبح قطار النيل الصيني الحديث بين عطبرة والخرطوم يتمتع بشعبية كبيرة على الرغم من أنّ الرحلة تستغرق وقتاً أطول من الحافلات، ذلك أنّه أرخص وأكثر آمناً.

كما تحدّث مسؤولون في الحكومة السودانية مراراً وتكراراً عن مشروعٍ لبناء سكة حديد من بورتسودان على البحر الأحمر عبر البلاد وصولاً إلى الجارة الغربية تشاد، وفي وقتٍ لاحق إلى الكاميرون بكلفة 2 مليار دولار. ومرة أخرى، الصين هي الشريك المُقترح لهذا المشروع الكبير.

وفي عام 2015، صرّح الرئيس البشير، خلال زيارته في الحملة الانتخابية لما تُسمى “مدينة السكك الحديدية،” عطبرة، أنّه ملتزم بتوسيع شبكة السكك الحديدية الحالية.

النقل النهري

يوفر نهر النيل، الذي يتكون من النيل الأبيض والنيل الأزرق، طريقاً هاماً للنقل الداخلي، كما لعب دوراً غاية في الأهمية تاريخياً. ومع ذلك، فإنّ فائدته مقيدة بسبب العديد من الشلالات في النيل الرئيسي، بين الخرطوم وجنوب السودان. فضلاً عن ذلك، يمتاز النيل الأبيض جنوب السودان بروافده الضحلة ممّا يمنع عبور المراكب كبيرة الحجم. أمّا النيل الأزرق فغير مناسب للنقل النهري ويحتوي على سدّين ممّا يجعله أقل ملائمة للنقل النهري.

لعب النقل النهري على مدى التاريخ، دوراً حيوياً في ربط شمال وجنوب السودان، إلّا أنّه أُعيق بسبب الحرب الأهلية بين عاميّ 1983-2005، واستقلال جنوب السودان. ومؤخراً، أعلن الرئيس البشير عن إعادة افتتاح النقل النهري إلى الجنوب كجزءٍ من لفتة تصالحية اتجاه جمهورية جنوب السودان.

الموانىء البحرية

يمتلك السودان ثلاث موانىء عاملة في المياه العميقة، هي بورتسودان، وسواكن، ومحطة مرسى بشاير لتصدير النفط. فقد كان سواكن أقدم الموانىء العاملة منذ القرن الحادي عشر على الأقل. بنيت الإدارة الاستعمارية في السودان، ميناء بورتسودان في عام 1906، ذلك أنّ سواكن، الذي يبعد 45 كيلومتر فقط، أثبت عدم كفاءته فضلاً عن صغر حجمه بالنسبة للسفن الكبيرة في القرن العشرين. وفي عام 2014، تعامل بورتسودان مع 1,539,034 طن متري من الصادرات، و6,002,652 طن متري من الواردات.

البُنية التحتية في السودان
البُنية التحتية في السودان. Source: Logistics Cluster, Wikipedia. ©Fanack

تأسّست الشركة الوطنية للملاحة، الخطوط البحرية السودانية، عام 1962، كمشروع مشترك بين البنك اليوغسلافي للتجارة الخارجية وشركتي تصنيع سفن شحن يوغسلافية.

وفي عام 1967، اشترت الحكومة السودانية الحصة اليوغسلافية. ارتفع عدد السفن المملوكة للخطوط البحرية السودانية إلى عشر سفن، حيث بلغ مجموع الحمولة الكلية أكثر من 122,200 طن عام 1990. وبعد أن بلغت أوجها بأسطولٍ مكوّن من 15 سفينة عام 1980، بدأت ا4لخطوط البحرية السودانية في منتصف الثمانينات بيع أسطولها الواحدة تلو الأخرى بسبب الصعوبات المالية. واليوم، لا تمتلك الخطوط البحرية السودانية أيّ سفنٍ تشغيلية، كما نفى مُدرائها مؤخراً تقارير صحفية عن نيّة الحكومة خصخصة الشركة، متعهدين بأنّ الشركة ستنتعش قريباً وسيتمّ شراء سفن جديدة.

الطاقة

الكهرباء

تضاعفت القدرة على توليد الطاقة في السودان ثلاث مرات، من حوالي 800 ميجاواط في عام 2007 إلى 2,687 ميجاواط عام 2015، مع التحول لاستخدام الطاقة الكهرومائية بدلاً من الطاقة الحرارية باهظة الثمن. يوّلد سدّ مروي، الذي بُني بين عامي 2003 و2010 على الشلال الرابع لنهر النيل في شمال السودان، 1,250 ميجاواط. وهذا يجعل منه أكبر مشروع معاصر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا. ومع ذلك، لا يزال نقص الطاقة الكهربائية المعوّق الرئيسي في الاقتصاد السوداني.

ووفقاً لتقرير وسائل الإعلام المحلية، تعمل المصانع في السودان بربع طاقتها الإنتاجية التصميمية، بسبب النقص في الطاقة، كما أنّ النقص في الطاقة يحدّ بشكلٍ ملحوظ من القدرة التنافسية للصناعات السودانية في كلٍّ من الأسواق المحلية والدولية. ويُقدر أنّ إجمالي إنتاج الطاقة يُلبي 70% فقط من إجمالي الطلب على الطاقة في السودان، وهو ما يُفسر تخطيط الحكومة لبناء ثلاثة سدود إضافية للطاقة الكهرومائية في الشريك وكجبار ودال، على الرغم من المناهضة القوية من قِبل المواطنين لمواقع بناء هذه السدود في شرق وأقصى شمال السودان.

تمّ انتقاد سدّ مروي لترحيله القسري لنحو خمسين ألف شخص من منازلهم التاريخية إلى المناطق شبه الصحراوية التي تمّ تطويرها بشكلٍ سيء. ومن القضايا الأخرى التي تثير القلق، تأثيره السلبي المحتمل على البيئة، التي لم تتمّ دراستها بعناية، والتراث الأثري المفقود تحت مياهه.

الزراعة

مرّ الاقتصاد السوداني بعصور زاهية، لكن تعاقب الحكومات العسكرية وفشلها في إدارة موارد الدولة بطريقة رشيدة أهدر الكثير من مواردها الكبيرة.

كان الاقتصاد السوداني يعتمد على الزراعة والرعي وإنتاج الصمغ العربي وبعض الصناعات، وكان مشروع الجزيرة من أكبر المشاريع الزراعية في أفريقيا ويمثل وريد الاقتصاد الوطني.

يقع مشروع الجزيرة الزراعي في وسط السودان بين النيلين الأزرق والأبيض في السهل الطيني الممتد من منطقة سنار إلى جنوب الخرطوم عاصمة السودان، وتبلغ مساحته مليونين و200 ألف فدان (850 كم).

أُنشئ المشروع في عام 1925. من قبل الاستعمار البريطاني لمدّ المصانع البريطانية بحاجتها من خام القطن والذي شكل العمود الفقري لاقتصاد السودان بعد الاستقلال، ويعتبر مشروع الجزيرة أكبر مشروع مروي في أفريقيا.

ساهم المشروع خلال السنوات الماضية بأكثر من 65% من الإنتاج الزراعي السوداني، وكان يشكل (قبل النفط) 45% من صادرات السودان، ويساهم في الميزانية العامة للسودان بهذه النسبة الكبيرة.

شهد مشروع الجزيرة، بداية الثمانينيات تدهورا كبيرا أدى إلى تراجع إنتاج القطن المحصول الرئيس الذي يدر العملة الصعبة للخزينة العامة.

وتتمتع جمهورية السودان بشكل عام بالتنوع في المناطق الزراعية، التي تناسب مجموعة واسعة من المحاصيل. حيث يستحوذ على أكبر منطقة مروية في أفريقيا جنوب الصحراء، ويحتل المرتبة الثانية في القارة من حيث الزراعة المروية. وتتركز معظم الأنشطة الزراعية التجارية في حزام عبر وسط البلاد، والمعروف باسم السهل الطيني المركزي. وتعتمد الزراعة في السودان على هطول الأمطار والري من الأنهار الرئيسية (نهر النيل وروافده).

وتشكل مخرجات القطاع الزراعي في السودان نحو 80% من صادرات البلاد. وتعد الزراعة قطاعًا حاسمًا في الاقتصاد السوداني كمصدر رئيسي للمواد الخام والغذاء والنقد الأجنبي. وتقدر مساهمة الصناعة الزراعية في إجمالي الإنتاج الصناعي نحو 60%، في شكل مواد خام.

وقد ظهر اتجاه جديد يتعلق باستثمارات كبيرة في المجال الزراعي من خلال الاستحواذ على مساحات كبيرة من معظم الأراضي الزراعية الخصبة من قبل شركات دولية من الصين والهند وتركيا ومصر والسعودية والخليج ودول أخرى لديها مصلحة في الاستثمار في الزراعة في السودان.

وفقًا لنتائج بعثة التقييم السنوية لإمدادات المحاصيل والأغذية التي تقودها الحكومة، قدر إجمالي إنتاج الحبوب في السودان بنحو 8.2 مليون طن ، بزيادة 57 في المائة عن انخفاض إنتاج عام 2017 و 30 في المائة عن متوسط السنوات الخمس السابقة؛ وتعيد منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” هذا الحصاد الوفير إلى الوفرة في الأمطار الموسمية وتوزعها الجيد في ذلك العام. وقد تم تسجيل أكبر زيادة للمحصول في المناطق المزروعة والمحصودة في المساحات البعلية التقليدية بإقليم دارفور (شمال وغرب وجنوب ووسط وشرق دارفور)، حيث سمح التحسن في الوضع الأمني لعدد كبير من النازحين بالعودة إلى ديارهم والمشاركة في الأنشطة الزراعية.

.بالإضافة إلى زيادة خصوبة التربة. وقدرت “الفاو” إجمالي إنتاج الحبوب لعام 2018 بحوالي 8.2 مليون طن، بزيادة 57 بالمائة عن انخفاض الإنتاج في عام 2017 بنحو 30 بالمائة عن المتوسط

ويقدر البنك الدولي نسبة العاملين في قطاع الزراعة السوداني عام 2018 بنحو 43.14% من إجمالي المشتغلين في الدولة، مقارنة بنحو 43.44%، 43.22% في عامي 2016، و2017 على التوالي. وتقدر القيمة المضافة في القطاع الزراعي (بالأسعار الثابتة للدولار الأمريكي في عام 2010) بنحو 21.37 مليار دولار في عام 2017، مقارنة بـ 20.86 مليار دولار في العام 2016.

الإنتاج الحيواني

تعتبر تربية الحيوانات جزءاً مهمّاً من الاقتصاد الوطني. فقد ارتفع الإنتاج خلال السنوات الأخيرة بسبب المعالجة البيطرية الأفضل، وسياسات التسليف الأكثر تحرراً، وارتفاع أسعار السوق.

تتمّ تربية الماشية في جميع أنحاء السودان بصورة رئيسية من قِبل المجتمعات الرعوية والرعوية الزراعية، حيث تعتمد الفئة الأولى على الثروة الحيوانية، في حين تعمد الفئة الثانية على الثروة الحيوانية والزراعة. قدّرت وزارة الثروة الحيوانية في السودان في عام 2011 وجود 103 مليون رأس ماشية، منها 28,6 مليون من الأبقار، و39,2 مليون من الأغنام، و30,7 مليون من الماعز، و4,7 مليون من الإبل.

تتمّ تربية أكثر من 55% من هذه الحيوانات في دارفور وكردفان، حيث يتفاوت حجم القطعان من أقلّ من 50 رأس إلى بضعة آلاف للأسرة.

يُعيل قطاع الثروة الحيوانية في السودان حوالي 17% من السكان. وتلبّي المنتجات الحيوانية السودانية الطلب المحلي على اللحوم، بالإضافة إلى وجود فائض كبير للتصدير والذي يبلغ مجموعه حوالي 25% من إجمالي صادرات البلاد عام 2015.

النفط

بدأ التنقيب عن النفط في السودان عام 1959، عندما منحت أجيب، وهي شركة نفط إيطالية، الامتياز للتنقيب عن النفط في منطقة البحر الأحمر في شمال شرق السودان؛ حيث لم يتمّ العثور آنذاك على النفط. كما بحثت العديد من الشركات الأوروبية الأخرى عن النفط والغاز في السودان، ولكن دون جدوى.

بدأت شركة النفط الأمريكية العملاقة، شيفرون، عملياتها في السودان عام 1975، حيث حصلت على امتيازات ضخمة وبخاصة غرب كردفان وغرب أعالي النيل. نجحت شركة شيفرون في حقلين، أبو جابرة وشارف، على الحدود بين دارفور وكردفان. وسرعان ما اكتشفوا حقولاً كبيرة غرب أعالي النيل، بالقرب من بانتيو، وتم تطوير حقل المجلد، حيث تم العثور على حقلين نفطيين ضخمين، هما الوحدة وهلجليج، اللذين يقعان اليوم في المنطقة المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان.

أوقفت شركة شيفرون عملياتها في السودان عام 1984، بعد هجمات من قبل المتمردين الجنوبيين لحركة أنيانيا الثانية، وربما أيضاً بسبب انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، ممّا جعل استثمارات شيفرون في السودان أقلّ جدوى.

في ذلك الوقت، تقرر أن يتم تصدير النفط المكتشف حديثاً عبر خطٍ للأنابيب يتمّ بناؤه من حقول النفط إلى البحر الأحمر.

وهذا يعني أنّ معظم البُنية التحتية للنفط ستبنى في الشمال. وفي يونيو 1992، وفي أعقاب الانقلاب العسكري لعام 1989، أعلن الرئيس السوداني، البشير، أنّ شركة كونكورب انترناشونال، وهي شركة سودانية صغير مملوكة لرجل أعمال سوداني مقرّب من الحزب الحاكم، اشترت امتياز شركة شيفرون.

استمرّ التنقيب عن النفط وتصديره من منطقة مزقتها الحرب الأهلية، بتكاليف بشرية وبيئية باهظة. فقد أرادت الحكومة السودانية الحصول على النفط أيّاً كانت التكاليف، حتى وإن عنى ذلك الإضرار بالبيئة. في حين أرادت حركة جيش التحرير الشعبي السوداني وقف هذه الجهود، ممّا أدّى إلى صراعٍ بين الطرفين. وخلال هذه العملية، أنشأ الجيش السوداني بين عامي 1992 و1993 منطقة خالية تماماً من الحياة المدنية، تمتدّ لعدة كيلومترات خارج حقول النفط والمنشآت ذات الصلة.

الطفرة النفطية لاثني عشر عاماً

تم تحميل أول شحنة من النفط الخام السوداني على متن ناقلة شل في مرسى بشاير على البحر الأحمر (18 كيلومتر جنوب بورتسودان) في 13 أغسطس 1999، لتعلن بدء اثني عشر عاماً من النموّالاقتصادي غير المسبوق. وصل إنتاج النفط في السودان ذروته بما معدله 500,000 برميل في اليوم تقريباً عام 2007، قبل أن يتراجع بعض الشيء في الفترة ما بين 2008-2009. ووصل الإنتاج إلى حوالي 120,000 برميل في اليوم بعد استقلال جنوب السودان عام 2011، ممّا وضع حداً لسنوات “الازدهار،” ذلك أنّ حوالي 75% من النفط والإنتاج كان يأتي من حقول النفط فيما يُعرف اليوم بجمهورية جنوب السودان، بينما توجد 90% من خطوط الأنابيب ومنشآت التصدير في شمال السودان.

تم بناء خط أنابيب تصدير النفط البالغ طوله 1540 كيلومتر، من حقول النفط الموجودة في ولاية جنوب كردفان في السودان ودول أعالي النيل وبحر الغزال، في جمهورية جنوب السودان الحالية، إلى محطّة التصدير البحرية على البحر الأحمر، من قِبل شركة النيل الكبرى لعمليات البترول (GNPOC)، وهي مجموعة من الشركات الصينية والماليزية والأوروبية، بتكلفة وصلت إلى مليار دولار أمريكي.

حسّن توقيع اتفاق السلام الشامل في يناير 2005، ووقف الأعمال العدائية بين السودان وجمهورية جنوب السودان الحالية، من إنتاج وتصدير النفط. ونصّ الاتفاق على تقسيم النفط المُنتج في الجنوب بحصة 50/50 بين الحكومة في الخرطوم والحكومة الإقليمية في الجنوب، في جوبا. بعد الاستقلال، تصاعدت التوترات بين السودانين التي أشعلتها قضايا رسوم عبور النفط من جنوب السودان إلى الشمال، وترسيم الحدود والمناطق المتنازع عليها بين البلدين، بما في ذلك الأراضي الغنية بالنفط، أبيي.

رسوم عبور النفط

اتفق السودان وجنوب السودان، بعد محادثاتٍ شاقة في أديس أبابا في سبتمبر 2012، على أن يدفع الجنوب للسودان 9,50 دولار أمريكي للبرميل الواحد عن صادرات النفط، بالإضافة إلى رسوم قدرها 15 دولارًا أمريكيًا للبرميل الواحد استيفاءً لصفقة 3,028 مليار دولار التي يتمّ دفعها في ثلاث سنوات. تم الاتفاق على هذا المبلغ من كلا الجانبين كجزءٍ من الترتيبات المالية الانتقالية للتعويض عن خسارة عائدات السودان بسبب انفصال جنوب السودان عام 2011. عندما تم التوصل إلى الاتفاق، كان سعر برميل النفط يزيد على 100 دولار للبرميل الواحد.

ومع اندلاع الحرب الأهلية في الجنوب عام 2013، انخفض الإنتاج من 240,000 برميل في اليوم إلى 140,000 برميل في اليوم، وانخفضت أسعار النفط إلى 29 دولاراً، وبالتالي تعذّر على الجنوب مواصلة إنتاج النفط والاحتفاظ فقط بـ4 دولارات عن البرميل الواحد.

يتوجب على كلا البلدين الجلوس على طاولة المفاوضات مجدداً للتوصّل إلى اتفاقٍ جديد في يناير 2016 والذي سيتمّ بموجبه تقّلب رسوم عبور النفط وفقاً للأسعار العالمية بدلاً من المبلغ الثابت وأن يتمّ دفع مبلغ الـ3,028 مليار دولار على مدى فترة أطول. تُرك اتخاذ قرار تحديد المبلغ الذي سيُدفع للتقنيين. ولا تزال رسوم عبور النفط المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية بالنسبة للسودان.

تسببت عائدات النفط بأهمّ التطورات وغيرها من التغييرات في اقتصاد السودان على مدى العقدين الماضيين. فقد تم بناء آلاف الكيلومترات من الطرقات الجديدة، وأصبحت مرافق الأقمار الاصطناعية الحديثة والاتصالات الرقمية متوفرة في جميع أنحاء البلاد، كما تم بناء سدّ ضخم بالطاقة الكهرومائية على نهر النيل فضلاً عن محطات توليد الطاقة الحرارية. كما ارتفعت أرقام الاقتصاد الكلي للبلاد، بما في ذلك ارتفاع معدل نموّ الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض مستويات التضخم. وتمّ استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السودان.

ومع ذلك، كان لهذه الطفرة على مدى عقدٍ من الزمان تأثيرٌ سلبيٌّ على الزراعة، التي كانت مُهملة وتُركت لمزيدٍ من التدهور، ممّا أدّى إلى المزيد من الفقر والهجرة الجماعية إلى العاصمة، الخرطوم، وغيرها من المدن. من ناحيةٍ أخرى، تكشف الآلاف من الفلل الفخمة، في الأحياء الراقية للخرطوم، كيف وأين انفقت أجزاء كبيرة من عائدات النفط.

الذهب

كان يتمّ التنقيب عن الذهب في تلال البحر الأحمر منذ العصور الفرعونية. وخلال السبعينيات، اكتشفت الحكومة أكثر من خمسين موقعاً محتملاً للذهب في أجزاء مختلفة من البلاد. تم إطلاق العديد من المشاريع المشتركة بين المؤسسة السودانية للتعدين، وهي مؤسسة حكومية، والشركات الأجنبية مثل الشركة العملاقة الفرنسية أريفا، وشركة لامانشا ريسورسز الكندية، في الثمانينيات، حيث أنتجت هذه المشاريع الذهب في كلٍّ من أرياب وجبيت وعدّة مناجم أخرى بالقرب من تلال البحر الأحمر، ابتداءً من عام 1987. وفي عام 1988، تمّ استخراج حوالي 78,000 كيلوجرام من الذهب الخامّ في السودان. وفي أواخر التسعينيات، أسست السودان وشركتان فرنسيتان للتنقيب عن الذهب مشروعاً مشتركاً لاستثمار احتياطيات الذهب في خور أرياب في تلال البحر الأحمر.

اضطرت الشركتان الفرنسيتان إلى بيع حصتهما لرجل أعمال مصري في مايو 2015، نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على السودان، مع رفض البنوك الفرنسية التحويلات المالية من السودان.

في عام 2012، افتتح الرئيس السوداني، عمر البشير، أول مصفاة للذهب في البلاد، والتي تم تصميمها لتكون واحدة من أكبر مصافي الذهب في أفريقيا. تبلغ الطاقة السنوية للمصفاة 150 كيلوجرام في اليوم، و150 طنًا من الذهب و30 طنًّا من الفضة سنوياً. تعمل حكومة السودان بجدّ وتأمل أنّ عائدات تعدين الذهب ستعوض إيرادات النفط التي تمّت خسارتها بعد استقلال جنوب السودان عام 2011، والحرب الأهلية التي اشتعلت في الجنوب وأعاقت إنتاج النفط وحرمت السودان من رسوم عبور النفط.

يُعتبر التنقيب عن الذهب أو التعدين التقليدي، كما يُطلق عليه في السودان، مصدراً حيوياً للدخل لكلٍّ من الحكومة السودانية وحوالي مليون شابّ سوداني من الذين يتجولون في الصحاري والوديان بحثاً عن الذهب خلال السنوات القليلة الماضية. فقد صرّح الوزير السوداني للتعدين للصحافة أنّ الانتاج الكلي من الذهب في السودان قد بلغ 77 طنًا عام 2014، ومن المتوقع أن يرتفع في المستقبل القريب، حيث أنتج أقل من 10 طن من قِبل الشركات الوطنية والأجنبية المهتمة بالتنقيب عن الذهب،أما الـ63 طنًا المتبقية، فقد أُنتجت من التعدين التقليدي. ووفقاً للوزير السوداني للتعدين، صدّر السودان 1,36 مليار دولار من الذهب عام 2014.

كما يتمّ استخراج الكروم الخامّ في تلال أنقسانا في جنوب النيل الأزرق منذ السبعينيات، والذي يعدّ أيضاً من الموارد المهمة للتصدير بالنسبة للسودان. فقد تمّ تصدير أكثر من 200,000 طن متري من الكروم الخامّ لليابان وأوروبا الغربية إلى أن توقّف الإنتاج بسبب انتشار الحرب الأهلية في المنطقة عام 1983. استؤنف الإنتاج عام 1988 بقدرة تصل إلى 5000 طن متري سنوياً.

الصناعة

يعاني القطاع الصناعي كغيره من القطاعات الإنتاجية في السودان من مشكلات عديدة أدت في مجملها إلى تراجع الإنتاج في وقت توقفت فيه العديد من المنشآت الصناعية، وتتنوع أسباب هذا التوقف، فمنها ما يرجع لندرة الطاقة أو ارتفاع أسعارها خاصة الكهرباء أو بقية مدخلات الإنتاج، والنتيجة النهائية أن كثيراً من المصانع لم تعد عجلاتها تدور فباتت بلا إنتاج.

وخسر السودان نحو ثلاثة أرباع ثروته من النفط مع انفصال دولة جنوب السودان في عام 2011، كما يعاني اقتصاد البلاد بعد 20 عاما من العقوبات الأمريكية، التي رُفعت في أكتوبر/تشرين الأول 2017. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت العقوبات بعد اتهام السودان بدعم جماعات إرهابية.

وكانت كشفت وزارة الصناعة والاستثمار في ولاية الخرطوم أغسطس/آب عام 2017 عن توقف (35%) من المصانع بالولاية، وعزت أسباب توقفها لعدة أسباب اقتصادية متمثلة في عدم وجود تمويل لأصحاب المصانع ومشاكل التقانات وعدم توفر الإمداد الكهربائي وضعف البنية التحتية.

وعزا مختصون في القطاع أسباب تراجع القطاع لمشكلات تسببت فيها الحكومة نفسها، مشيرين لتزايد تكاليف الإنتاج وصعوبة استيراد الآليات الثقيلة وغلاء أسعارها بالإضافة للجمارك والرسوم المفروضة عليها، مما يرفع من تكلفة الإنتاج.

وفي تقرير رسمي في النصف الثاني من عام 2018، تم رصد توقف (200) مصنع من جملة (250) مصنعاً بمنطقة الباقير الصناعية، أي توقف 80% من المصانع من جملة 250 مصنعًا، شملت مصانع (الحبوب الزيتية والأدوية الطبية والأسمنت والجلود ومصانع معدات زراعية – مصانع الألبان – النشا – الجلكوز – الحديد – الأثاثات – الألمنيوم – الأعلاف) بجانب مطاحن الغلال وشركات النقل، ومصانع الزيوت ومصانع إسفنج ومصانع الصمغ العربي وغيرها من المصانع. وشخص التقرير نقاط الضعف في الترابط بين القطاع الصناعي والمراكز البحثية والتدريبية، بجانب صغر حجم معظم المنشآت الصناعية بالمنطقة وضعف الترويج للمنتجات على المستوى المحلي والإقليمي، إضافة إلى عدم وجود معامل حديثة لضبط جودة ومعالجة المنتج.

وأشار التقرير إلى تخلف كثير من التقنيات المستخدمة في الإنتاج ، فضلاً عما يواجهه قطاع التصنيع من مشكلات أبرزها تذبذب الإمداد الكهربائي للتصنيع، إضافة لتعدد تحصيل الرسوم والجبايات بالإضافة إلى تقاطع القوانين وتداخلها ما بين الحكومة الاتحادية والولائية تجاه المناطق الصناعية، فيما اتهم التقرير الجهات الرسمية المختصة بالقطاع الصناعي بالإهمال وعدم حمايتها للمنتج المصنع محلياً.

وشكل العاملون في القطاع الصناعي للسودان في الفترة بين 2015 و2018 نحو 15% من إجمالي المشتغلين وفقًا لتقديرات البنك الدولي.

الغزل والنسيج

يعود تأسيس أول مصنع حديث للنسيج إلى عام 1945، عندما تمّ إنشاء مصنع أنزارا للنسيج (في الولاية الاستوائية) من قِبل القطاع الخاصّ. تمّ تصميمه لإنتاج 4 إلى 5 ملايين ياردة من القماش سنوياً، من القطن المزروع محلياً. ومع ذلك، بدأ بناء الصناعات النسيجية على نطاق واسع في عهد الحكومة الوطنية الأولى، مباشرة بعد الاستقلال عام 1956، وفيما بعد في ظلّ نظام نميري (1961-1985).

وفي عام 1962، بدأ أول مصنع، مصنع الغزل والنسيج السوداني، الذي تمّ تمويله بالكامل من قِبل القاع الخاص السوداني، إنتاجه، ليتبعه إنشاء عدد كبير من المصانع. تعتمد صناعة الغزل والنسيج في السودان فقط على القطن الذي يُزرع في البلاد.

تمتلك الحكومة السودانية 15 مصناعاً للغزل، تعمل منها خمسة مصانع فقط، و17 مصناعاً للنسيج، تعمل منها أربعة فقط فضلاً عن كون غالبيتها خاضعة للخصخصة.

كما أنّ هناك تسعة مصانع كبيرة للغزل والنسيج تديرها شركات وطنية وشركات المشاريع المشتركة في السودان. ينتشر حوالي 75 مصنعًا صغيرًا للنسيج، متفاوتة القدرة الإنتاجية، بشكلٍ أساسيّ في الجزيرة، المنطقة الرئيسية المنتجة للقطن في السودان، وحول العاصمة الخرطوم. ويُقدّر إجمالي الطاقة التصميمية لصناعة الغزل والنسيج في 54,000 طن من الخيوط المغزولة 380,000 ياردة من القماش سنوياً، إلّا أنّ هذه المصانع تعمل بجزء صغير من طاقتها الإنتاجية.

تعاني صناعة الغزل والنسيج من العديد من الصعوبات المالية والميكانيكية والتقنية، ويعود ذلك بشكلٍ أساسي إلى انخفاض إنتاج القطن في السودان بسبب القرار السياسي الذي اتخذته الحكومة بإنتاج المزيد من القمح في مشروع الجزيرة بدلاً من القطن في التسعينيات، والذي أثبت أنّه قرار كارثيّ بعد مضي عدّة سنوات. وهذا إضافةً إلى النقص المتكرر في الطاقة الكهربائية، وإغراق السوق المحلية بالمنسوجات المستوردة الرخيصة. حتى أنّ بعض المصانع أوقفت إنتاجها لفترات طويلة، كما فقد 80,000 من العمال السودانيين، على الأقل، وظائفهم خلال السنوات العشر الأخيرة، بسبب الانخفاض في صناعة النسيج في السودان حتى عام 2013.

تمّ ضمّ ثلاثة مصانع للغزل والنسيج لمجموعة شركات جياد، وهي مجموعة صناعية رائدة مملوكة للحكومة، عام 2015. كما يخضع مصنع آخر هامّ للغزل في مشروع الجزيرة، التابع للحاج عبدالله، لإعادة التأهيل. ومن المتوقع أن تحيي هذه التدابير صناعة الغزل والنسيج وتزيد من نموّ الصناعات التحويلية.

معالجة السكر

صناعة السكر صناعة رئيسية في السودان، الذي يعتبر ثالث أكبر منتج للسكر في إفريقيا. ويوجد في السودان ستّة مصانع لقصب السكر، تابعة لشركة السكر السودانية ومقرها الخرطوم، وهي الجنيد، وحلفا الجديدة، وسنار، وعسلاية بإجمالي إنتاج سنوي يبلغ 288,000 طن، وشركة النيل الأبيض للسكر التي تطمح لإنتاج 450,000 طن في السنة. شركة سكر كنانة هي شركة مساهمة مملوكة بنسبة 30% لشركة النيل الأبيض للسكر، وتمتلك مصنع كنانة الذي يُنتج 400,000 طن سنوياً، ممّا يجعله أكبر مصنعٍ في السودان، بل أكبر مصنع في العالم لإنتاج السكر الأبيض.

شركة سكر كنانة مشروعٌ مشترك بين الحكومة السودانية والحكومة الكويتية، والمستثمرين من القطاع الخاص وغيرهم من بعض صغار المساهمين المحليين والأجانب.

وبينما تمتلك الكويت ما نسبته 30,5% من الأسهم، والمملكة العربية السعودية 10,92%، والشركة العربية للاستثمار 6,96%، والحكومة السودانية (35,17% من الأسهم)، تشتهر الشركة بسمعتها السيئة فيما يتعلق باتخاذ القرارات دون استشارة المساهمين من دول مجلس التعاون الخليجي. فعلى سبيل المثال، في منتصف عام 2014، لاحت في الأفق أزمة تهديدات متتالية من قِبل وزير الصناعة لإقالة المدير العام، وفي نهاية المطاف، تمّ ذلك دون علمه أو استشارة المساهمين.

وخلال السنوات الخمس الماضية، ذهب ما لا يقل عن 2 مليار دولار من الاستثمارات المحلية والأجنبية لصناعة السكر. كما تمّ بناء مصنعين جديدين، فيما تمّ تجديد بعض المصانع الموجودة بالفعل. وقد حاولت الحكومة المضي قدماً في خطة مثيرة للجدل لخصخصة مصانع السكر، ولكنها رُفضت من قِبل الجمعية الوطنية مرّات عديدة.

الإسمنت

زادت طفرة البناء خلال العقدين الماضيين الطلب على الاسمنت في السودان بشكلٍ كبير، ممّا جعله واحداً من أهمّ الصناعات غير الزراعية. يوجد في السودان سبعة مصانع للإسمنت، حيث استثمرت العديد من الشركات الصينية والسعودية والتركية أكثر من 2 مليار دولار في صناعة الإسمنت السودانية خلال السنوات القليلة الماضية. تبلغ الطاقة الإنتاجية للإسمنت 15 مليون طن سنوياً، ولكن بلغ الإنتاج الفعلي 3,5 مليون طن فقط عام 2014. ويعتبر انقطاع التيار الكهربائي العامل الرئيسي لخفض الإنتاج.

التجارة والقطاع المصرفي

التجارة

في عام 2013، صدّر السودان 3,92 مليار دولار أمريكي على شكل سلع، واستورد 7,83 مليار دولار، ممّا أدّى إلى ميزان تجاري عاجز بقيمة 3,91 مليار دولار. الصادرات الرئيسية في السودان هي النفط الخام (2,43 مليار دولار)، والأغنام والماعز (423 مليون دولار)، والبذور الزيتية- ما عدا السمسم (377 مليون دولار)، والراتنجات من الحشرات- أي الصمغ العربي (117 مليون دولار)، والذهب (73,3 مليون دولار)، في حين تتصدر قائمة الواردات كل من القمح (683 مليون دولار)، والسكر الخام (464 مليون دولار)، والأدوية (260 مليون دولار)، والسيارات (196 مليون دولار)، والإطارات المطاطية (144 مليون دولار).

وجهات التصدير الرئيسية للسودان هي الصين (1,92 مليار دولار)، والمملكة العربية السعودية (516 مليون دولار)، واليابان (412 مليون دولار)، والهند (306 مليون دولار)، وكوريا الجنوبية (116 مليون دولار). في حين أنّ مصادر الواردات هي الصين (2,39 مليار دولار)، والهند (832 مليون دولار)، ومصر (526 مليون دولار)، والمملكة العربية السعودية (518 مليون دولار) وألمانيا.

القطاع المصرفي

يوجد في السودان 34 بنكًا عاملًا، 16 منها مملوكة بالكامل أو في معظمها من قبل المساهمين من القطاع الخاصّ، وسبعة بنوك تجارية مملوكة للدولة، وأربعة بنوك أخرى مملوكة للدولة لتوفير التمويل لقطاعات معينة من الاقتصاد، واثنين من البنوك الاستثمارية.

تلتزم معظم البنوك في السودان بمبادىء الصيرفة الإسلامية، وتوفّر منتجات مالية يتمّ هيكلتها لتتوافق مع الشريعة الإسلامية. عملياً، على الرغم من أّنّ هذه البنوك تدّعي عدم فرض فائدة على القروض وتمويل التجارة، إلّا أنّ الرسوم الإدارية وغيرها من الرسوم التي تفرضها البنوك الإسلامية، دائماً أعلى بكثير من معدل الفائدة السائد في البنوك العادية. تستثمر معظم البنوك التجارية في السودان بشكلٍ أساسي في التمويل المحلي وبشكلٍ جزئيّ في تمويل التجارة الخارجية، مع محدودية الموارد المخصصة لتمويل الزراعة والصناعة.

وضعت العقوبات الدولية ضدّ السودان وفرضت القيود على التعاملات المالية مع السودان قيوداً شديدة على البنوك السودانية من الوصول إلى التجارة المصرفية والمالية الدولية. يمكن للمصارف السودانية تحويل وتلقي الأموال من الخارج عبر البنوك الوسيطة فقط في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة، ممّا جعل البلاد عرضةً للضغوطات المالية والسياسية. ولا يستطيع السيّاح في السودان استخدام بطاقاتهم المصرفية، ذلك أنّ السودان ممنوعٌ من معاملاتٍ كهذه.

القوى العاملة

workforce Sudan Economy
مجموعة من النساء المزارعات يتعاونّ فيما بينهنّ في الأعمال الزراعية. Photo CIFI Sudan

وفقاً لمسح القوى العاملة لعام 2011 الذي أجرته وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل في السودان، تُقدّر القوى العاملة بـ9,3 مليون فرد، مقارنةً بـ5,3 مليون في مسح عام 1990، بمعدل نمو سنوي بلغ 2,1% عام 2011. وقدّرت منظمة العمل الدولية نسبة البطالة عام 2009 بنحو 13%. وازدادت أعداد العاطلين عن العمل إلى 1,8 مليون عام 2011، بزيادة سنوية نسبتها 3,3%.

وتسببت الهجرة من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية بنقص في اليدّ العاملة غير البارعة في المناطق الريفية، وبخاصّة في المناطق الزراعية المروية مثل الجزيرة ومصانع قصب السكر. وفي الوقت نفسه، غيرت الهجرة إلى الخارج من قبل العمالة الماهرة والمهنيين هيكل القوى العاملة بدايةً في التسعينيات، ممّا أدّى إلى نقصٍ في العمالة الماهرة في البلاد بالكامل.

أدّى تدهور القطاع الزراعي وانتشار عدم الاستقرار والصراع العرقي إلى المزيد من البطالة في المناطق الريفية. فقد انخفضت القوى العاملة في القطاع الزراعي عام 2011 إلى 47% من 60% كما لوحظ في دراسة عام 1990، ممّا خفض حصة الزراعة بنسبة 7,2%.

الفساد

تعتبر مجموعات المراقبة الدولية السودان أحد أكثر الدول فساداً في العالم، حيث يحتلّ المرتبة 165 (من أصل 167)، وذلك وفقاً لمؤشر مدركات الفساد لعام 2015. يطلب الموظفون الحكوميون الرشاوى مقابل الخدمات التي تحقّ للأفراد والشركات بالقانون، كما غالباً ما ينخرط المسؤولون الحكوميون بالممارسات المتعلقة بالفساد. فضلاً عن ذلك، لا يتمّ التحقيق مع المسؤولين الذين يُشتبه بضلوعهم في قضايا الفساد، ولكن طلب المراقب العام للحسابات بمحاكمة أعضاءٍ من الحكومة بتهمة اختلاس الأموال العامّة. حتى أنّ تُهَم الفساد طالت نائب المدير السابق لبنك السودان والوزير المالي الحالي بدر الدين محمد.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “الاقتصاد” و “السودان”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: