وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الإعلام في السودان

الإعلام في السودان
محطة إذاعية في السودان. Photo Jaco Klamer

المقدمة

بدأت أول صحيفة دورية في السودان، صحيفة الغازيته السودانية باللغتين العربية والانجليزية، النشر في عام 1899. فقد استخدم البريطانيون، الذين تشاركوا السلطة الإدارية على السودان مع مصر، الجريدة لنشر القوانين الجديدة والأحكام الرسمية.

وبعد أربع سنوات، صدرت أول صحيفة عربية خاصة في السودان وهي صحيفة السودان. ومرةً أخرى، كان الناشر من الخارج، وهذه المرة رجال أعمالٍ لبنانيين سبق وأنشأوا صحفاً مؤيدة للحكومة في بيروت والقاهرة. وفي السنوات اللاحقة، اتبعت صناعة الصحافة الناشئة في السودان، إلى حدٍ كبير، نمط المُلكية الأجنبية (عادة رجال الأعمال اللبنانيين والمصريين والأوروبيين) وموقفاً مؤيداً للحكومة.

وخلال العقود الثلاثة الأولى من تاريخها، تعرضت الصحافة السودانية بشكلٍ روتيني للرقابة الإنجليزية المصرية، سيما أن البلاد بدأت تشتعل في ظل حكامها الاستعماريين. اعتمد السودان أول قانون صحافي في عام 1930. ولم تتمكن الصحف من النشر بدون تصريح، مما كان يعني أن على المالكين ومجالس التحرير الحصول على موافقة الحكومة، كما خضعت جميع الطبعات للرقابة من قبل إدارة الاستخبارات.

وفي ظل هذه الحقبة من القيود المفروضة على الصحافة، ظهرت أول صحيفة يومية في السودان، النيل، في عام 1935. وقد أعقب ذلك في عام 1940 أول بثٍ إذاعي سوداني من أم درمان لمدة 30 دقيقة يومياً بث خلالها آخر المستجدات عن الحرب العالمية الثانية. غير أن الثغرات في التكنولوجيا والبنى التحتية، أدت إلى تأخير خدمة الإذاعية الوطنية لأكثر من 30 عاماً.

وقد أطلق استقلال السودان في عام 1955 العنان لعصرٍ متقلب للصحافة، مما يعكس الاضطرابات السياسية المزمنة التي عانت منها البلاد. وبعد الانقلاب العسكري عام 1958، حُظرت الأحزاب السياسية وصحفها، وفي عام 1964، ألغيّ ذلك القرار.

وصل البث التلفزيوني إلى السودان في عام 1963، بفضل مهندسي وتكنولوجيا ألمانيا الغربية. وفي عام 1969، استولى الجنرال جعفر النميري على السلطة. وفي العام التالي، قام بتأميم الصحافة وحظر جميع المنشورات المستقلة. ولم تتم استعادة الصحافة الحرة حتى عام 1985، عندما أطيح بنميري في انقلاب عسكري.

وقد أدت الحكومة البرلمانية التي حكمت لفترةٍ وجيزة بعد النميري، إلى نشوء موجةٍ من المنشورات الجديدة. إلا أن الرقابة عادت بعد الانقلاب العسكري الثالث الذي حصل في السودان في عام 1989. وفي اليوم الأول له في منصبه، حظر الرئيس عمر البشير جميع المنشورات باستثناء جريدة القوات المسلحة، وسمح بعد ذلك لعددٍ قليل من الصحف المملوكة للجيش أو للحكومة بالعمل كناطقٍ بلسان الحكومة.

وفي التسعينيات، عندما لم يكن بإمكان غالبية السودانيين القراءة أو الكتابة، كان التلفزيون والإذاعة الأدوات الرئيسية للاتصال الجماهيري. وخلال الحرب الأهلية الثانية في السودان، بين عامي 1983 و2005، قامت الفصائل المتحاربة، مثل التحالف الوطني الديمقراطي والحركات الانفصالية الجنوبية مثل الجيش الشعبي لتحرير السودان، بتشغيل محطات إذاعية سرية. وبثوا عبر الموجات الهوائية السودانية من إريتريا وإثيوبيا من أجل التحايل على الرقابة. وفي الوقت نفسه، نمت شعبية أطباق الأقمار الصناعية بين السودانيين الأثرياء في التسعينيات. وتمكن المشاهدون من الوصول إلى البرامج الإذاعية الأجنبية مقابل رسوم سنوية تدفع للحكومة.

وأدى قانون المطبوعات والنشر لعام 1993 إلى تخفيف القيود المفروضة على وسائل الإعلام، وسمح للصحف “السياسية” باستئناف النشر بترخيصٍ من الحكومة. وساهم إدخال الإنترنت، تدريجياً في النصف الثاني من التسعينات، في توسيع نطاق وصول المواطنين السودانيين إلى المعلومات. ومع ذلك، حافظت الحكومة على سيطرة صارمة على وسائل الإعلام طوال العقد.

ومع تفاقم الحرب الأهلية، أعلن الرئيس البشير في عام 1999 حالة الطوارىء التي مهدت الطريق لمزيدٍ من الرقابة الحكومية على وسائل الإعلام. وقد رفع ذلك جزئياً في عام 2001.

أدى توقيع اتفاق السلام السوداني في عام 2005 إلى فترة أكثر ديمقراطية لوسائل الإعلام. إلا أنه سرعان ما وجدت الصحافة المستقلة الوليدة في البلاد نفسها تواجه تهديداتٍ حكومية، حيث اعتقل 15 صحفياً سودانياً وأجنبياً في النصف الأول من عام 2006. وعندما انفصل جنوب السودان رسمياً في عام 2011، وجدت، مرةً أخرى، وسائل الإعلام السودانية نفسها في ظل تدخلٍ حكومي متزايد وسط الاضطرابات السياسية.

حرية التعبير

بالتالي، ليس من المستغرب أن تكون وسائل الإعلامية السودانية من بين الأكثر قمعاً وفقاً لمؤشر حرية الصحافة لعام 2017 الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، والذي وضع السودان في المرتبة 174 من أصل 180 بلداً.

يكفل الدستور السوداني لعام 2005، ظاهرياً، حرية الصحافة. وتنص المادة (39) على أن “تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي.”

ولكن تنص المادة أيضاً على أن “تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب.” كما يتضمن قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009 إشارات غامضة حول التحريض الديني أو العرقي.

اضغط للتكبير. @Fanack
اضغط للتكبير. @Fanack
اضغط للتكبير. @Fanack
اضغط للتكبير. @Fanack

ومع ذلك، فإن القانون أكثر وضوحاً بشأن العقوبة: حظر المنشورات التي تتم إدانتها، ومحاسبة الصحفيين المسؤولين شخصياً عن كل ما ينشرونه. كما يمنح القانون السلطات سلطة إغلاق الصحف لمدة تصل إلى ثلاثة أيام دون أمرٍ من المحكمة وفرض تعطيل مؤقت على المدى الطويل. كما يجب على جميع الصحفيين التسجيل لدى مجلس الصحافة الوطني، الذي يخضع لإشراف مباشر من الرئيس البشير.

ويمكن للصحفيين السودانيين أن يواجهوا دعاوى جنائية أو مدنية تتعلق بالتشهير، على الرغم من أن مثل هذه الحالات كانت نادرة في السنوات الأخيرة. كما أن الرقابة أكثر انتشاراً بكثير، إذ تصدر دائرة الاستخبارات والأمن الوطنية بشكلٍ روتيني توجيهاتٍ للمحررين وتغلق بشكل مؤقتٍ وسائل الإعلام التي لا تمتثل.

كما نظم قانون الأمن الوطني لعام 2010 الحصانة للسلطات التي تقوم باعتقال الإعلاميين والرقابة عليهم باسم الأمن القومي. وخلال الانتخابات الوطنية لعام 2015، استولت دائرة الاستخبارات والأمن الوطنية على مطبوعات كاملة من عدة صحف، من بينها صحيفة المجهر السياسي السودانية، حيث واجه الصحفيون السودانيون اتهاماتٍ جنائية بعد معارضتهم القمع الحكومي. ومن أبرز الحالات التي وقعت في ديسمبر 2015، اعتقال اثنين من محرري الصحف هما عثمان ميرغني من جريدة التيار السودانية وأحمد يوسف التاي من صحيفة الصيحة، حيث اتهم ميرغني والتاي بنشر أخبار كاذبة وتقويض النظام الدستوري. ويُعاقب على الجريمة الأخيرة بالإعدام، حيث تم الإفراج عنهما بكفالة في انتظار المحاكمة.

وفي مارس 2016، أضرب 30 صحفي سوداني عن الطعام تضامناً مع ميرغني والتاي، محتجين خارج مكاتب جريدة التيار السودانية. وفي أبريل 2016، ألقيّ القبض على الصحفي أحمد زهير داود بعد تغطيته احتجاجات الطلاب في جامعة الخرطوم. احتجز داوود دون توجيه أي تهمة لأكثر من شهر، مما أثار احتجاجاتٍ دولية. وحتى الآن لم يتم تأكيد الافراج عنه.

من جهةٍ أخرى، فإن انتشار الانترنت في السودان منخفض نسبياً. ومع ذلك، ترصد السلطات وتراقب الاتصالات عبر الإنترنت عن كثب. ويقترح تحديث قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009، الذي سيبدأ سريانه في وقتٍ لاحق من عام 2017، إنشاء مجلس متخصص لرصد نشاط وسائل التواصل الاجتماعي. كما حذر وزير الإعلام السوداني من أن التشريع سيستخدم لمتابعة أي شخص ينشر أخباراً كاذبة لتشويه سمعة السودان.

التلفزيون

يحظى البث التلفزيوني في السودان باحتكارٍ من قبل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون السودانية، وهي شبكة حكومية تأسست في عام 2002. ولا يتم رسمياً حظر القنوات التلفزيونية الخاصة، إلا أن قبضة الحكومة على البنية التحتية والتمويل تعني وجود محطات أقل.

وقد منحت بعض القنوات الخاصة الحق في البث من خارج البلاد. أبرز القنوات كالأتي:

  • تلفزيون أم درمان: تأسس عام 2010 كقناة خاصة في السودان. وفي نوفمبر 2016 أمرت الحكومة السودانية بإغلاقه، بزعم أنه لم يحصل على تصريح سليم. وقد بثت القناة مؤخراً تغطية انتقادية لتدابير التقشف في البلد.

الإذاعة

تعتبر الإذاعة الوسيلة الأكثر انتشاراً في السودان، ذلك أنها تصل إلى المناطق الريفية البعيدة، فضلاً عن كون تكلفة البث قليلة نسبياً. وبحلول عام 2007، كانت 18 ولاية من ولايات السودان البالغ عددها آنذاك 26 ولاية، ضمن بث محطات الإذاعة الإقليمية. وتنتشر المحطات الوطنية، العامة منها والخاصة، بشكلٍ رئيسي خارج الخرطوم أو أم درمان. وتحتفظ الحكومة بنسبة 15% على الأقل من جميع القنوات الإذاعية. وتشمل المحطات الوطنية الأكثر شعبية ما يلي.

المملوكة للدولة:

  • إذاعة جمهورية السودان: محطة الإذاعة الحكومية التي أنشئت استناداً إلى مؤسسة خدمة البث في الحرب العالمية الثانية في أم درمان والتي أعيد تسميتها إلى “إذاعة جمهورية السودان” بعد أن حققت البلاد استقلالها. واليوم، تبث المحطة على مدار 24 ساعة في اليوم وهي بمثابة منفذ دعاية رئيسي للحكومة السودانية.

  • راديو القرآن الكريم: محطة وطنية تأسست في عام 1970، تقدم برامج دينية على مدار 24 ساعة.

  • إذاعة البيت السوداني: محطة مكرسة للثقافة السودانية والشؤون العائلية.

  • إذاعة الخدمة الأوروبية: محطة إذاعية تقدم برامجها باللغتين الإنجليزية والفرنسية لتلبية احتياجات المستمعين من غير المواطنين.

المملوكة للقطاع الخاص:

تميل معظم المحطات الإذاعية التجارية إلى بث البرامج الموسيقية والترفيهية، مثل إذاعة مانجو 96 إف إم، وتجنب المحتوى الذي من المحتمل أن يجذب الرقابة الحكومية. أحد الاستثناءات هي محطة خرطوم إف إم، المملوكة لوزير المالية السابق عبد الرحيم حمدي، وهي بمثابة برنامج حواري يناقش القضايا الاقتصادية من موقفٍ مؤيد للحكومة.

وقد أنشأت عدة منظمات دولية محطاتٍ إذاعية غير معتمدة في السودان في السنوات الأخيرة. ويهدف هذا الجهد إلى نقل المعلومات إلى المناطق الضعيفة أو التي تعاني من النزاعات، مثل دارفور أو الحدود بين السودان وجنوب السودان. فقد تأسس راديو دبنقا في عام 2008 كمحطة ضمن نطاق الموجات القصيرة تبث في منطقة دارفور، بالتعاون مع مجموعة فري بريس أن ليمتيد الهولندية غير الربحية. وفي عام 2011، وبعد إنفصال جنوب السودان، أنشأت المجموعة أيضاً راديو تمازج، لتزويد “المنطقة الحدودية المهمشة” بما أسمته الأخبار غير الحزبية في كلا البلدين.

الصحافة

من الصعب الحصول على إحصاءات لجمهور قراء الصحف السودانية. وقدر تقرير صادر عن المجلس الوطني للصحافة في عام 2006 إجمالي التداول اليومي بـ292,700 – في الوقت الذي بلغ عدد سكان البلاد حوالي 33 مليون نسمة. وكما هو الحال مع التلفزيون والإذاعة، يجب أن تتم رقابة جميع محتويات الصحف من قبل الرقابة الحكومية. ومع إضفاء الطابع الديمقراطي على قواعد المُلكية الصحفية بعد اتفاق السلام، بدأت الحكومة في تأسيس شركات وهمية لشراء حصصٍ في الصحف المستقلة. في الواقع، إن ما نسبته 90% من المنشورات “المستقلة” في السودان في عام 2013 كانت مملوكة لحكومة الخرطوم.

وتتضمن أبرز المطبوعات اليومية التي تصدرها صحيفة “الرأي العام،” وهي إحدى أقدم الصحف السودانية وأكثرها تأثيراً، والتي نشرت لأول مرة في عام 1948. بالإضافة إلى جريدة الصحافة السودانية، التي تأسست عام 1961 كصحيفة خاصة يومية، والتي تم بيعها إلى جهاز الأمن السوداني في عام 2013. وتشمل الصحف الأخرى المملوكة للقطاع الخاص المؤيدة للحكومة صحيفة أخبار اليوم والخرطوم، شبه المستقلتين.

وقد تجرأت بعض الصحف على تبني موقف أكثر انتقاداً تجاه الحكومة، والتي تشمل صحيفتي الوطن والتيار، حيث تم إيقاف كليهما مؤقتاً، وصادرت أجهزة المخابرات والأمن نسخاً كاملة منها. أغلقت التيار بين عامي 2012 و2014 لانتقادها مراقبة الحكومة لأحزاب المعارضة. وفي عام 2015، تم إيقافها مرة أخرى، وهذه المرة لمعارضتها تخفيضات دعم الوقود. وفي فبراير 2015، استولت السلطات على نسخ مطبوعة من صحف الوطن والتيار وأخبار اليوم و11 صحيفة يومية أخرى دون تفسير. وتعتبر صحيفة الجريدة، المعارضة المرخصة من الحكومة، هدفاً متكرراً بشكل خاص للتهديدات الحكومية. فقد تمت مصادرة ثمانية من المطبوعات للصحيفة على مدى ثلاثة أسابيع في ديسمبر 2016، دون سابق إنذار ودون أي تفسير.

وسائل التواصل الاجتماعي

لا يستطيع سوى ما يقرب من ربع سكان السودان الوصول إلى الإنترنت، لذلك من الصعب قياس أثر وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، أطلقت عدة حملات على الانترنت في السنوات الأخيرة، وبات المزيد من السودانيين يعبرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ففي عام 2016، على سبيل المثال، أثار خالد الوزير، مقدم برنامج حواري على تلفزيون النيل الأزرق، غضباً واسع النطاق بعد الإشارة إلى العمال المنزليين الإثيوبيين بلغة “منحازة عرقياً،” وسرعان ما أنشأ النقاد صفحة على الفيسبوك وأطلقوا وسماً (هاشتاق) مطالبين باعتذار. جذبت الحملة تغطية إعلامية تقليدية، وسرعان ما اعتذر الوزير.

كما أطلقت حملة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي في نوفمبر 2016 من قبل حركة التغيير الآن، وهي مجموعة من الناشطين الذين تجمعوا في الأصل للاحتجاج على تخفيضات الإعانات. وحثت الحركة المواطنين على المشاركة في “إضرابٍ” بالبقاء فى منازلهم. استجاب العديد من الناس للدعوة، وأغلقت الشركات والمدارس في الخرطوم. وفي الشهر التالي، حققت الحملة نجاحاً في مقاطعة المعاملات الحكومية. وأعلن الرئيس البشير، متحدياً، أن “نظامه لن تتم الإطاحة به من خلال لوحات المفاتيح.” ومع ذلك، من الواضح أن التعبئة عبر الإنترنت تحقق النتائج المرجوة.

وقد ردت الحكومة السودانية عن طريق تكثيف عمليات الانتقام ضد منتقديها على وسائل التواصل الاجتماعي. كما تستخدم الخرطوم، بشكلٍ متزايد، رسائل واتساب المسربة كدليلٍ في جرائم الإنترنت وقضايا التشهير. كما تم أيضاً استهداف المشاركات على الفيسبوك، وقد وجد إبراهيم بقال، أحد مستخدمي الفيسبوك ممن انتقدوا حاكم ولاية شمال دارفور في فبراير 2016، نفسه محتجزاً لمدة 55 يوماً.

المنشورات على الانترنت

خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تمتعت وسائل الإعلام الإخبارية عبر الإنترنت في السودان بالحرية في العمل مع قيودٍ قليلة نسبياً. ولكن بدأ ذلك يتغير مع تكثيف الحكومة رقابتها على الصحافة الرقمية. وعليه، يتم حظر المواقع الإلكترونية التي تعتبر “غير أخلاقية” أو تدعو “للكفر” من قبل مقدمي خدمة الإنترنت السودانيين. ولا يزال هناك عدد قليل فقط من المواقع الموجهة سياسياً التي يتم مراقبتها ومنعها بفعالية. ونتيجةً لذلك، تبقى شبكة الإنترنت منصة غاية في الأهمية لمنافذ الأخبار المستقلة.

وكان وليد الدود مكي الحسين، وهو مواطنٌ سوداني يعيش في المملكة العربية السعودية، قد أطلق موقع الرّاكوبة عام 2005. وتنشر الصحيفة الإلكترونية أخباراً ومقالات رأي من مجموعة متنوعة من المساهمين السودانيين والدوليين. أغلقت السلطات السودانية الموقع عدة مرات. وفي يوليو 2015، ألقي القبض على الدود دون توجيه تهمةٍ رسمية إليه، وأفرج عنه في فبراير 2016 مع عدم اتخاذ أي إجراء آخر ضده أو ضد الموقع.

كما تم حظر موقع صحيفة حريات السودانية الإلكترونية، البالغة من العمر سبع سنوات، من قبل الحكومة خلال الاحتجاجات في جامعة الخرطوم في عام 2012. وأشار رئيس التحرير آنذاك، الحاج وراق، إلى الحظر باعتباره “جزء من منهجية محاولة النظام السوداني وقف الأخبار عن المظاهرات المناهضة للحكومة التي تصل إلى الشعب السوداني.”

فقد كان لمحاولات الحكومة للرقابة في بعض الأحيان نتائج عكسية. فعندما لم يتمكن العديد من الصحفيين المستقلين من الحصول على اعتمادٍ حكومي، هاجروا للعمل في موقع صحفية التغيير. وقد نمى الموقع منذ ذلك الحين ليصبح منفذاً صريحاً نسبياً للأخبار.

وأخيرا، تستضيف إذاعة دبنقا، التي أسستها منظمة غير ربحية هولندية، موقعاً شقيقاً للأخبار، الذي غالباً ما ينتقد الحكومة السودانية.