وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

السكان في السودان

السكان في السودان
مشاركين في برنامج الغذاء العالمي، برنامج الغذاء مقابل الأصول، الذي يوفر للناس الوصول الحيوي للغذاء والمياه إلى جانب تحسين وإصلاح البنية التحتية، تينا، شمال كردفان. Photo Mohamed Siddig/WFP​

المحتويات

الفئات العمرية
المناطق السكنية
الجماعات العرقية
الدين
الهجرة واللاجئين
لتركيبة الاجتماعية

المقدمة

في ظل غياب إحصاءات رسمية لتعداد السكان، قدر عدد سكان السودان بنحو 43.83 مليون نسمة في نهاية عام 2020م ، وفقًا لـ بيانات الأمم المتحدة ، بمتوسط معدل نمو سكاني خلال خمس سنوات قدر بـ 2.4%، ويتوزع السكان حسب الجنس مناصفة تقريبًا بين عدد الذكور وعدد الإناث، بنسبة نوع 99.9 ذكر لكل 100 أنثى. وبلغ متوسط معدل النمو السنوي للسكان بين عامي 2010م و2020م نحو 2.33%.

والسودان بلد يمتاز بتنوعه العرقي، حتى بعد استقلال جنوب السودان عام 2011م؛ وقد شكل إجراء إحصاء رسمي دقيق للسكان في السودان تحدياً طوال تاريخ البلاد الحديث المضطرب. فلطالما كان العدد الدقيق للسكان في السودان وتكوينه العرقي مسألة خلافٍ سياسي. فعلى سبيل المثال، اتهمت حكومة جنوب السودان، حكومة الخرطوم بتعمد التلاعب ببيانات التعداد في المناطق الغنية بالنفط. وعلاوة على ذلك، كان من الصعب، بسبب الحروب الأهلية والاضطرابات السياسية، الوصول إلى جميع أنحاء البلاد في وقتٍ واحد لإجراء إحصاء دقيق. وسجل التعداد الرسمي الخامس والأخير، في عام 2008م، عدد سكان السودان -الشمالي حينئذ- بنحو 30.9 مليون نسمة، ما شكل 79% من مجموع سكان السودان ما قبل الانفصال بشقية الشمالي والجنوبي.

اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، وهناك لغات محلية سائدة كالنوبية وبعض اللغات المحلية واللغة الإنجليزي.

poulation of sudan
المصدر: “Statistical Year Book for the year 2016”, Central Bureau of Statistics, Republic of Sudan, World Bank Data, World Population Prospects 2019, UN DESA/Population division. @Fanack

وتتميز التركيبة السكانية في السودان بالتنوع العرقي والديني واللغوي، فهناك العرب والزنوج والبجا والنوبيونوغيرهم.

الغالبية العظمى هم مسلمون بنسبة 96.7%، وباقي الديانات تتراوح بين 3% مسيحيون في شمال السودان والخرطوم وجبال النوبة، وحوالي 0.03% ديانات تقليدية في منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق.

الفئات العمرية

المجتمع السوداني مجتمع فتي، حيث 42.01% من السكان دون سن الخامسة عشر وفقاً لتقديرات عام 2020م ، حسبما ذكر كتاب حقائق العالم لوكالة الاستخبارات الأمريكية، 20.94% في الفئة العمرية (15-24 عامًا)، 29.89% من جملة السكان تقع في الفئة العمرية (25-54 عامًا)، بينما تقع نسبة 4.13% فقط في الفئة العمرية (55-64 عامًا)، و3.03% عند 65 عامًا وما فوق.

ويقدر معدل الخصوبة لدى المرأة السودانية في عام 2020م بـ ـ4.4 مولودًا لكل امرأة؛ ومتوسط مدة الحياة المتوقع 64.95 سنة ( 63.1 سنة للذكور، و 66.8 سنة للإناث).

المناطق السكنية

باستثناء شريط التسوية الذي يتوافق مع ضفاف النيل، فإن شمال السودان، الذي يمتد حتى الصحراء الجافة، ذو كثافة سكانية قليلة؛ غير أن زيادة وفرة الغطاء النباتي وتوسيع نطاق الوصول إلى المياه يزيد من توزيع السكان في الجنوب ويوسع نطاق السكن على طول الحدود مع جنوب السودان تقريبًا. كما توجد مناطق كبيرة من السكان حول الخرطوم، جنوب شرق بين نهري النيل الأزرق والأبيض، وعبر جنوب دارفور.

وتقدر الكثافة السكانية عام 2020م في السودان 24.8 شخصًا/كم2. ووفقًا لبيانات البنك الدولي واستحوذت المناطق الحضرية على 34.94% من مجموع السكان، فيما الغالبية 65.06% يعيشون في المناطق الريفية.

وحسب تقديرات الأمم المتحدة تحتل العصمة الخرطوم المرتبة الأولى في البلاد من حيث عدد السكان بـ 5.68 مليون نسمة. وكانت أعلنت الحكومة السودانية خطتها لإجراء تعداد سكاني وزراعي شامل في البلاد، ينطلق في أبريل 2021م وحتى 2022م، والتزمت بتوفير 53 في المائة من تكاليفه البالغة 305 ملايين دولار، وبناء عليه ستجري أول انتخابات عامة في البلاد بعد انتهاء الفترة الانتقالية بحلول 2024م، كما سيوفر قاعدة بيانات لاتخاذ القرارات الاقتصادية بالبلاد.

population of sudan
المصدر: “Statistical Year Book for the year 2016”, Central Bureau of Statistics, Republic of Sudan, World Bank Data, World Population Prospects 2019, UN DESA/Population division. @Fanack
sudan population projections 1985 2045 AR CUT 1
الاسقاطات الساكنية المحتملة في السودان. المصدر: UN World Population Prospects, the 2015 Revision. إضغط للتكبير. @ Fanack ©Fanack CC BY 4.0
sudan population infant mortality and maternal mortality per year 1990 2015 AR CUT 1
معدل وفيات الرضع مقارنة مع معدل وفيات الأمهات في السودان. المصدر: World Data Bank. إضغط للتكبير. @Fanack ©Fanack CC BY 4.0
[/vc_column_inner][/vc_row_inner]

الجماعات العرقية

السودان بلدٌ متنوع بشكلٍ كبير على المستويين العرقي والجغرافي. ووفقاً لأرقام صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، يشكل السوادنيون العرب حوالي ثلثيّ السكان في السودان. من بينهم الكبابيش في شمال كردفان، وهم مشهورون بتربية الإبل؛ وقبائل الجعليون والشايقيّة التي استقرت على طول الأنهار؛ ومجتمعات البقارة من البدو الرحل في كردفان ودارفور؛ والشكرية والبطاحين العرب في شرق السودان.

بقية السكان تتألف من جماعات عرقية أخرى؛ وهي البجا في الشرق، والنوبيين في أقصى الشمال، والفور والزغاوة في دارفور، والإنقِسنّا في منطقة جنوب النيل الأزرق، والنوبة في الجبال في جنوب كردفان، وغيرها من الشعوب. تقسّم هذه الفسيفساء من الشعوب إلى حوالي 600 قبيلة بأحجام مختلفة والمنتشرة في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن وجود 300 لغة ولهجة.

يشكك بعض الباحثين والنشطاء بنسبة العرب في السودان، حيث أن هناك خلافات سياسية وأيديولوجية حول من عربي ومن لا. ويجادل البعض أنّ تحدث اللغة العربية فحسب لا يجعل الأفارقة عربا وأنّ معظم القبائل الناطقة باللغة العربية التي تعيش على طول النيل شمال الخرطوم هي في الحقيقة من النوبيين المستعربين.

هاجرت القبائل العربية في شمال السودان في الأصل في القرن الثاني عشر، وتزاوجوا مع السكان الأصليين، وأدخلوا الإسلام إلى البلاد. اللهجة السودانية العربية هي اللغة الأم لحوالي 70% من السكان، وهي اللغة السائدة في البلاد بأجمعها، واللغة الرئيسية في التعليم والإعلام. ويعود تفوق اللغة والثقافة العربية إلى موجات الهجرات العربية في القرن الثاني عشر. كما ساهم انتشار الإسلام في السودان بعملية طويلة من تعريب الشعب السوداني. فضلاً عن ذلك، هناك عدد هائل من اللغات واللهجات المحلية (غير المكتوبة) لمختلف المجموعات العرقية والتي يتم التحدث بها في المناطق الريفية.

استخدمت الهوية العربية والإسلام كأساس للتوحيد الوطني من عصر سلطنة الفونج إلى المهدية والحكم الانجليزي المصري المشترك.

ولا تزال التراكيب القبلية من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المهمة في السودان. كما ساهمت الحروب الأهلية والصراعات العرقية والاقتصادية في المناطق المهمشة في السودان في تصاعد تأثير العوامل القبلية واستمرار ظهور الولاءات القبلية على حساب قوة الحكومة المركزية في السودان. كما يعتبر التمثيل في الحكومة الوطنية على أسس قبلية- عرقية حقيقة من حقائق الحياة في السياسة السودانية منذ عقود.

الدين

السودان بلدٌ مسلم بالكامل تقريباً (97% وفقاً لأرقامٍ حكومية). المذهب السُني المالكي هو المدرسة السائدة للإسلام التي يلتزم بها السكان المسلمين. هناك أقليات صغيرة من غير المسلمين، التي تتألف من المسيحيين في جبال النوبة بالقرب من الحدود مع جنوب السودان، وبضعة آلاف من الأقباط المسيحيين من أصول مصرية، الذين يعيشون بشكلٍ رئيسي في الخرطوم، والذين استقروا في السودان على مدى القرنين الماضيين. بعد تنفيذ قانون الشريعة الإسلامية في السودان في عام 1983 والأسلمة الشاملة التي تقوم بها حكومة عمر البشير، هاجر العديد من الأقباط من السودان.

ينقسم المسلمون السُنة في السودان بشكلٍ أساسي إلى طائفتين رئيسيتين، الختمية والأنصار. يظهر هذا الانقسام في المجال السياسي، حيث دعمت الختمية الحزب الاتحادي الديمقراطي، في حين دعم الأنصار حزب الأمة. كما أنّ الزعماء الروحيين لهاتين الطائفتين هما أيضاً الزعماء السياسيين لتلك الأحزاب. لا توجد فروق دينية ذات أهمية بين هاتين الطائفتين المهيمنتين، فالإنقسام الطائفي سياسي، إذ يتعلق بدور كل طائفة منذ الثورة المهدية في الثمانينيات والتحالفات السياسية الداخلية والخارجية. تقليدياً، يُغطي النفوذ الطائفي والسياسي للأنصار جنوب وغرب البلاد، في حين تقع معاقل الختمية في الشرق والشمال.

ظهرت الحركات الإسلامية المتطرفة نسبياً بين المواطنين المثقفين في المدن مطالبين بإقامة دولة إسلامية تُطبق الشريعة الإسلامية. هذه المجموعات، وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين، التي استمرت بأسماء مختلفة طوال تاريخ السودان وشكلت تحدياً للطوائف الدينية التقليدية، استولت على السُلطة عام 1989.

كما أنّ صعود الإسلام السياسي في الثمانينيات، والتوزيع غير المتكافىء على نحوٍ متزايد للتنمية، وتهميش المناطق الخارجية، أجج مشاعر إقصاء الجماعات العرقية غير العربية في السودان، وبالتالي خلق الأزمة الحالية للهوية في السودان.

بالإضافة إلى ذلك، ظهرت جماعة إسلامية محافظة من السلفيين السُنة باسم أنصار السُنة، وهي مدعومة بقوة وبخاصة من الناحية المالية، من قِبل الجماعات السلفية المماثلة لها في المملكة العربية السعودية. بقي أنصار السنة بعيدين عن السياسة لفترة طويلة من الزمن بعد ظهورهم في الستينيات، إلا أنهم بدأوا مؤخراً بالمشاركة في الحياة السياسية، كما أنّ بعض قادتهم جزء من الحكومة الحالية.

كما تجذب الطرق الصوفية المختلفة أيضاً أعداداً كبيرة من المناصرين في السودان، في كلٍ من المناطق الريفية والحضرية، ولعبت دوراً هاماً في نشر الإسلام في السودان وبقية شمال أفريقيا.

الهجرة واللاجئين

تعتبر الهجرة عاملاً مهماً في الديناميكا السكانية في السودان. قبل الاستقلال بفترة طويلة، شهد السودان موجات من المهاجرين من غرب افريقيا في القرن الثامن عشر. كما هاجر آلاف السودانيين داخلياً، سواء بصفة دائمة أو مؤقتة. كانت أول هجرة جماعية موسمية ودائمة هجرة الأفراد من دارفور إلى منطقة الجزيرة كعمال في مزارع القطن في الأربعينيات. وفي وقتٍ لاحق، تم تشريد أعداد هائلة من البدو بسبب انتشار الجفاف والمجاعة التي أثرت على المناطق الشمالية الغربية من البلاد، وشماليّ دارفور وشماليّ كردفان، عام 1984.

ازدادت الأمور سوءاً مع تصاعد الحرب الأهلية في أواخر الثمانينيات ومن ثم في دارفور بداية عام 2003. وبحلول نهاية عام 2014، كان هناك 2,3 مليون نازح داخلياً، وذلك وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، مما يجعل السودان يأوي واحداً من أكبر تجمعات النازحين داخلياً في العالم. ازدادت الهجرة بين الولايات خمسة أضعاف منذ الستينيات، أغلبها من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، بحثاً عن فرص للعمل وخدمات اجتماعية أفضل، وبالتالي أضعف القدرة الإنتاجية الريفية في السودان.

وكانت أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بفرار أكثر من 11 ألف شخص من ولاية غرب دارفور السودانية إلى دولة تشاد المجاورة، جراء الاشتباكات المجتمعية هناك أواخر ديسمبر عام 2019م.كما أدت المواجهات إلى نزوح نحو 46 ألف شخص داخل البلاد. ومعظم من اضطروا إلى الفرار، كانوا أصلا من النازحين داخليا، بما في ذلك في مخيمات النازحين، حيث هرب الناس واحتموا بالمدارس والمساجد والمباني الأخرى في مدينة الجنينة.

وبما أن الجنينة تقع على بعد 20 كيلومترا فقط من الحدود، أشارت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى عبور آلاف اللاجئين إلى تشاد.

وتشير تقديرات 2020م إلى أن أكثر من 128 ألف لاجئ سوادني يعيشون في محافظة وداي، التشادية القريبة من الحدود مع السودان، في أوضاع مزرية، حيث إن معظمهم يقيمون في العراء أو في ملاجئ مؤقتة.

ووفقاً لـ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ما زالت السودان تشكّل بلد مُصدر وعبور ومقصد للتحركات المختلطة غير النظامية، بما في ذلك طالبو اللجوء واللاجئون الذين يستخدمون طريق الهجرة في شرق إفريقيا مروراً بليبيا ووصولاً إلى أوروبا. وما زال كل من الاتجار بالبشر واختطافهم وتهريبهم يشكل مصدر قلق كبير في مجال الحماية. ومن المتوقع أن يبقى الجزء الشرقي من البلاد نقطة الدخول للمهاجرين الإريتريين واللاجئين الذين يستمرون بمعظمهم بالعبور عبر الخرطوم قبل التوجه إلى أوروبا.

نتج عن توزيع السكان غير المتكافىء الناجم عن هجرة العمال والنازحين اختلافات كبيرة في الكثافة السكانية بين الولايات، حيث أنّ ولاية الخرطوم- المنطقة الأكثر كثافة سكانية – خمسة عشر ضعفا عن المعدل الوطني.

وقدر البنك الدولي عدد اللاجئين السودانيين حول العالم بنحو 10.56 مليون سوداني. معظمهم في مصر والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. ويعتبر المهاجرون السودانيون ثاني أكبر مصدرٍ للنقد الأجنبي الذي يحتاجه الاقتصاد الوطني بشدة، إلا أنّ هؤلاء المهاجرين أيضاً يقعون ضمن قائمة هجرة الأدمغة بالنسبة لبلد فقير مثل السودان.