وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

السياسة في السودان

الحكم في السودان الخرطوم
الخرطوم، السودان. Photo Flickr.

المقدمة

تسود السودان منذ استقلاله في عام 1956 حالة من انعدام الاستقرار السياسي، حيث شهدت البلاد ثلاث انقلابات عسكرية كرست وجود الأنظمة الاستبدادية لمدة 47 عاماً. ولم تستمر الفترات الديمقراطية في تاريخ السودان الحديث سوى 15 عاماً. وتعتبر الحروب الأهلية المتواصلة منذ الاستقلال من الملامح الأخرى لانعدام الاستقرار في السوان، إذ لم تحظى هذه الدولة سوى بفترةٍ بسيطة من السلام امتدت بين عامي 1972 و1983. كما تجلّت الأزمة السياسية السودانية في الانقلابات العسكرية، والحروب، والتدهور الاقتصادي، والفوضى الإدارية، والفساد.

ويمكن تفسير انعدام الاستقرار بعدم القدرة على التوصل إلى توافق لإيجاد حلٍّ وسط. ولم تقدّم النخبة التي استولت على السُلطة لفترة طويلة من الزمن شيئاً لمعالجة الأزمة في البلاد باستثناء اللجوء إلى الانقلاب العسكري كعلاجٍ للخلافات السياسية، أو الحلول العسكرية كعلاجٍ للمناطق المهمشة مثل الجنوب ودارفور.

وبطريقةٍ مماثلة، لم يكن هناك حلًا للظلم الاقتصادي المتفاقم والتنمية غير المتوازنة. وفي مواجهة المعارضة المنظمة التي سعت لاستعادة وتعزيز الديمقراطية والسلام والمساواة وحقوق المواطنين، فقد لجأت النخب الحاكمة إلى القمع ورفع شعارات الإسلام السياسي كحلٍّ وحيد للمشاكل التي تواجه البلاد، وذلك بصورةٍ مناقضة لطبيعة الديمقراطية.

وكانت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب قد انتهت في عام 1972، إلّا أنّ حرباً أخرى اندلعت عام 1983. وحملت هذه الحروب آثاراً عميقةً على حياة الناس ومنها المجاعة وتشريد أكثر من أربعة ملايين شخص. ووفقاً لبعض التقديرات، فقد قُتل أكثر من مليونيّ شخص أو توفوا بطريقة غير مباشرة بسبب الحرب على مدى عقدين من الزمن. وبدأت محادثات السلام بين الحكومة السودانية وحركة التمرد من الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 2002، وانتهت هذه المفاوضات بنجاح مع توقيع اتفاق السلام الشامل في يناير 2005. وأسفرت هذه الاتفاقية عن منح الجنوب الحكم الذاتي والذي انفصل عن الشمال لتشكيل دولةٍ مستقلة بعد إجراء استفتاء شعبي.

إلا أنّ حرباً أخرى اندلعت في دارفور عام 2003، ممّا أسفر عن تشريد حوالي المليون شخص وسقوط مئات الآلاف من الضحايا. وحتى شهر يونيو من عام 2016 على الأقل، ما تزال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي تسعى إلى المحافظة على استقرار الأوضاع في دارفور، من خلال إطلاق عملية حفظ سلام ضخمة تحت اسم “يومانيد” في 31 ديسمبر 2007 يوناميد.

وكان الصراع السياسي حول الدستور من المواضيع المحتدمة والثابتة في عهد كثيرٍ من الحكومات، حيث سيطرت فكرة النظام الفدرالي على النقاش في فترة ما قبل وما بعد الاستقلال، خاصةً وأن هذا الطرح كان مطلباً للجنوبيين الراغبين بالحصول على استقلاليةٍ أوسع في منطقتهم. ورغم قمع حكومة نظام 1958 العسكرية للحريات، إلّا أنّ النقاشات حول القضايا الدستورية استمرت. وأعادت ثورة أكتوبر من عام 1964 فتح الباب لهذا النقاش بعد استعادة الديمقراطية.

وركزت مناقشات ما بعد مرحلة عام 1964 على نوع الدستور الذي ينبغي اعتماده في البلاد، سواءً أكان إسلامياً أو علمانياً. وتعاملت اللجان الدستورية للجمعيات التأسيسية الأولى والثانية بتركيزٍ كبير على هذه المسألة.

وعادةً ما تلتزم الأحزاب اليمينية بخيار الدستور الإسلامي، على عكس المعسكر العلماني الذي ارتبط مع القوى العصرية والنخب الحضرية والسكان الأفضل تعليماً وفي مقدمتهم اليساريون المثقفون. ويمكن تفسير قرار حلّ الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في نوفمبر 1965 بأنه كان تعبيراً عن تنامي قوة الإسلاميين. وسعى الإسلاميون من خلال ذلك إلى تقليص نفوذ الحزب الشيوعي وغيره من القوى الحداثية التي برزت بقوة بعد ثورة أكتوبر 1964. وكانت هذه القوى تحظى بدعم المهنيين والمتعلمين الذين اكتسبوا تمثيلاً من خلال دوائر الخريجين، علماً بأن هذه الدوائر تمّ إنشاؤها في استجابة لطلب المزيد من التمثيل للأشخاص الذين أنهوا التعليم الثانوي. إلا أن هذه الدوائر ألغيت بقرارٍ من البرلمان في عام 1968. وكان المدافعون عن الدستور الإسلامي من رفض النظام الفيدرالي في الجنوب والذي كان أحد الوعود في إعلان الاستقلال. وانتمى هؤلاء إلى الأحزاب السياسية التي تفضل النظام المركزي عوضاً عن النظام اللامركزي، ونظاماً رئاسياً بصلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية وصلاحياتٍ محدودة لرئيس الوزراء، عوضاً عن نظامٍ برلماني.

وفي 25 مايو 1969، قاد العقيد جعفر النميري انقلاباً عسكرياً ضدّ أنصار الدستور الإسلامي. ودخلت البلاد عصراً جديداً، وأصدر النظام دستوره العلماني الذي قيّد الحريات والعمل السياسي في ظل نظام الحزب الواحد. إلا أن النميري أدار ظهره للعلمانية في عام 1983 معلناً “تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية” وبدأ بفرض عقوبات إسلامية قاسية. وهدّدت هذه القوانين الوحدة الوطنية، ممّا أدّى إلى اندلاع حربٍ أهلية أخرى في الجنوب عام 1983. وأُطيح بالنميري من السُلطة في أبريل 1985 بعد انتفاضة شعبية عمها الجيش. وسعت حكومة صادق المهدي، المُنتخبة ديمقراطياً، إلى التوصّل لاتفاق سلامٍ مع المتمردين في الجنوب، إلّا أنّ هذه الجهود تعثّرت بسبب الانقلاب العسكري الإسلامي في يونيو 1989. ومنذ ذلك الحين، يحكم عمر البشير البلاد مع ائتلافٍ من مختلف الجماعات الإسلامية.

السلطة التنفيذية

يشرف رئيس الجمهورية مع مجلس الوزراء على السلطة التنفيذية في عموم السودان، في حين يضطلع الولاة ومجالس الولايات بمهام السلطة التنفيذية على الولايات. وتضم هذه المجالس وزراء ومسؤولين آخرين يتم تعيينهم للعمل في عموم السودان وعلى مستوى الولايات.

وتُناط مهام السُلطة التنفيذية في النظام الرئاسي بالرئيس، في حين يقوم مجلس الوزراء بمساعدة رئيس الجمهورية في القضايا التنفيذية دون أن يقاسمه السلطة.

وباتت السودان دولة رئاسية اتحادية في أعقاب التعديل الحاصل على الدستور المؤقت لعام 2015. وشهدت السودان منذ استقلالها في عام 1956 تطبيق تسعة دساتير. ويمكن تفسير هذا العديد الكبير من الدساتير بحالة انعدام الاستقرار السياسي التي صعّبت على مختلف الأحزاب السياسية والمجموعات العرقية الاتفاق على دستورٍ دائم للبلاد.

ويحصل رئيس الجمهورية بموجب الدستور الحالي (المؤقت) على سُلطاتٍ واسعة، إذ تنصّ المادة (58) من الدستور على أنّه “رأس الدولة والحكومة ويمثّل إرادة الشعب وسلطان الدولة”، كما أنه “يصون أمن البلاد ويحمي سلامتها، ويشرف على المؤسسات الدستورية، ويوجّه السياسة الخارجية للدولة، ويمثّل الدولة في علاقاتها الخارجية، ويعيّن سفراء الدولة ويعتمد السفراء الأجانب، ويصادق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بموافقة الهيئة التشريعية القومية، ويعين شاغلي المناصب الدستورية والقضائية، ويرأس مجلس الوزراء القومي، ويدعو الهيئة التشريعية القومية للانعقاد أو يؤجل انعقادها أو ينهي دورتها، ويعلن الحرب وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون، ويعلن وينهي حالة الطوارئ وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون، ويبتدر التعديلات الدستورية والتشريعات ويصادق على القوانين، ويصادق على أحكام الإعدام ويمنح العفو ويرفع الإدانة ويخفف العقوبة وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون القومي”.

ويتشارك نائب الرئيس مع الرئيس مسؤولية إعلان الحرب وإعلان نهاية حالات الطوارئ.

ويُعين الرئيس، من بين مسؤولين آخرين، نائب الرئيس، ومجلس الوزراء، ووزراء الدولة، وقُضاة المحكمة الدستورية (بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الولايات)، ورئيس القضاء وهو رئيس المحكمة القومية العُليا. كما أنّ موافقة الرئيس مطلوبة قبل دخول مشاريع القوانين حيز التنفيذ. ويحق للرئيس الاعتراض على مشاريع القوانين، ولكن يحقّ للهيئة التشريعية القومية إبطال حقّ النقض هذا بأغلبية ثلثي المجلسين. ويجوز للهيئة التشريعية القومية سحب الثقة من الرئيس أو نائب الرئيس بأغلبية ثلاثة أرباع جميع أعضاء المجلسين. ويجوز لأي شخص الطعن بأي عمل يقوم به الرئيس أو مجلس الوزراء أمام المحكمة الدستورية أو أي محكمة أخرى.

وكان الرئيس السوداني حسن البشير قد ألغى منصب رئيس الوزراء بعد الانقلاب العسكري الذي قام به في عام 1989. واستمر إلغاء هذا المنصب حتى عام 2017 عندما قرر البشير تعيين نائبه بكري حسن صالح رئيساً لمجلس الوزراء. وجاء هذا القرار في أعقاب المشاورات التي أجراها النظام السوداني مع الأطراف السياسية المختلفة بهدف تشكيل حكومة وفاق وطني. ويرى العديد من المراقبين أن الحكومة السودانية ما تزال في قبضة البشير.

وتسود قرارات مجلس الوزراء القومي على جميع القرارات التنفيذية الأخرى، ويجيز قراراته بتوافق الآراء أو بالأغلبية البسيطة، كما أنّ جميع الوزراء والمسؤولين الآخرين مسؤولون بصورة مشتركة وجماعية عن قرارات المجلس. وتشتمل مهام مجلس الوزراء القومي على تخطيط سياسات الدولة، وابتدار مشاريع القوانين القومية والموازنة القومية والمعاهدات الدولية والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف. ويتلقى المجلس التقارير حول الأداء الوزاري القومي للمراجعة واتخاذ الإجراء، فضلاً عن تلقي التقارير حول الأداء التنفيذي للولايات للعلم أو بهدف التنسيق.

وعلى مستوى الدولة، تتألف السُلطة التنفيذية من الوالي، الذي يتمّ تعيينه من قِبل رئيس الدولة، وفقاً لتعديلات الدستور الصادر في يناير 2015؛ علماً بأنه لا يجري انتخابه بشكلٍ مباشر كما كان في السابق. ويقوم الوالي بتعيين مجلس وزراء الولاية. ولا يتمتع المجلس التشريعي للولاية بسلطة عزل الوالي، بل إن هذا الأمر من صلاحيات الرئيس. وقبل التعديلات، كان المجلس التشريعي للولاية يتمتع بسُلطة عزل الوالي من خلال موافقة ثلاثة أرباع أعضائه على ذلك ضمن تصويتٍ لحجب الثقة. وكان يشترط في ذلك أن يكون الوالي قد أمضى أحد عشر شهراً على الأقل في منصبه. ويمكن عزل وزير الولاية بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس وزراء الولاية.

وتقوم التعديلات التي أُدخلت على الدستور عام 2015 بمنح الرئيس سُلطةَ تعيين ولاة الولايات بدلاً من انتخابهم. ويلغي هذا التعديل من الناحية العملية النظام الفيدرالي الذي تمّ تقديمه بشكلٍ رئيسي كآلية لحلّ الخلافات والقضاء على المظالم الإقليمية. وتقوّض التعديلات أساس الحكومة الاتحادية وتحوّلها إلى مجرد حكومة محلية ضمن دولة مركزية للغاية.

وعلى الرغم من أنّ الدستور المؤقت لا ينصّ على التمثيل السياسي لمنطقة محددة أو للفئات المهمشة في السلطة التنفيذية، إلّا أنّ اتفاق سلام شرق السودان ووثيقة الدوحة للسلام في دارفور تنصان على تمثيل المصالح الإقليمية. ومع ذلك، فإنّ هذه الاتفاقيات مجرد ترتيبات مؤقتة تمّ التفاوض عليها مع بعض المناطق.

السلطة القضائية

تتكون السلطة القضائية في السودان كلاً من المحاكم النظامية (الجنائية والمدنية)، والمحاكم العسكرية والمحاكم القبلية ومحاكم الأمن القومي الخاصة. وتعفى هذه المحاكم من بعض المتطلبات القانونية، وخاصة فيما يتعلق بحقوق المتهم. ويتولى رئيس المحكمة العُليا الإشراف الكامل على السلطة القضائية، وهو مسؤولٌ بشكلٍ مباشر على ذلك أمام الرئيس. ويُدار القضاء المدني من قِبل المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، ومحاكم الدرجة الأولى. وتُدار العدالة الجنائية أمام المحاكم العليا، التي هي جزءٌ من المحاكم النظامية. ويتضمن قسم الشريعة من السُلطة القضائية عدة محاكم برئاسة رئيس القضاة. ومع ذلك، يخضع القضاء إلى حدٍ كبير للسلطة التنفيذية؛ خاصةً وأن الرئيس يقوم بتعيين أعضاء المحكمة العليا.

قوانين الشريعة

اتفقت الأطراف المشاركة في المصالحة الوطنية لعام 1977 على أن يتولّى حسن الترابي، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في السودان (جبهة الميثاق الإسلامي)، رئاسة اللجنة المكلفة بمراجعة القوانين العلمانية لجعلها تتفق مع الشريعة الإسلامية. وقامت اللجنة بصياغة سبعة مشاريع قوانين، بما في ذلك مشروع قانون صندوق الزكاة (الزكاة، صدقة واجبة/ فرض)، ومشروع قانون مصادر القرارات القضائية، ولكن المشروع الوحيد الذي أصبح قانوناً هو مشروع حظر الخمور. كما دعت اللجنة إلى إقامة الحدّ (العقوبات الإسلامية، بما في ذلك بتر الأطراف والإعدام) وحظر الفائدة على القروض.

ولم تصدر خلال السنوات الست التالية أية قوانين إسلامية فما عدا مشروع قانون صندوق الزكاة. ولكن بعد تعيين حسن الترابي في منصب المدعي العام في نوفمبر 1981، شُرعت الأسلمة ووصلت ذروتها في سبتمبر 1983، عندما أصدر الرئيس النميري القوانين الإسلامية المُقترحة بقرار جمهوري. وبموجب قوانين “سبتمبر” باتت الشريعة قانون البلاد بعد إقرارها دون مناقشة من قبل مجلس الشعب في نوفمبر 1983، ومن هذه القوانين قانون القرارات القضائية، والقانون الجنائي الجديد الذي يتضمن أحكاماً بإقامة الحدّ.

وأثار تطبيق إقامة الحدّ استياء العلمانيين المسلمين وغير المسلمين. وكان هناك مخاوف بشأن فرض القوانين الدينية على مجتمع متعدد الأديان فضلاً عن الحرص على سمعة الدين الإسلامي نفسه. وأثارت إقامة الحدّ معارضة قوية لنظام النميري، حيث رفض عدد من القضاة تطبيق الأحكام الجديدة، ما أدى إلى فصلهم من مناصبهم وتعيين غيرهم من غير المؤهلين للعمل في السلك القضائي لمواصلة تطبيق إقامة الحدّ. وساهم هذا في سيادة الرعب داخل المحاكم. وفي الوقت نفسه، تمّ استبعاد العديد من المسلمين المعتدلين من مناقشة قضية القوانين الإسلامية.

وفي عام 1985، تزايد رفض مثل هذه القوانين، كما تنامى أيضاً الإيمان بجورها. وبعد سقوط نظام النميري في عام 1985، تمّ إيقاف تطبيق القوانين الإسلامية الصارمة، إلا أن إلغاء هذه القوانين لم يكن ممكناً للحكومة العسكرية التي تولّت السلطة بعد النميري، ولا لحكومة حزب الأمة المنتخبة ديمقراطياَ، علماً بأن هذا المطلب كان رئيسياً للمعارضة والحركة المسلحة في الجنوب. وعندما اتخذت حكومة الصادق المهدي خطواتٍ للاستجابة لهذه المطالب، قام عمر البشير بانقلابٍ عسكري، وهو الذي كان عضواً في حزب حسن الترابي (الجبهة الإسلامية القومية)، وذلك قبل أن تبدأ الحكومة دورتها للتصويت على إلغاء قوانين سبتمبر. وكان الحافز وراء ذلك هو التخوف من التطورات التي ستنجم عن إلغاء هذه القوانين.

ولا تزال حدود الرجم والجلد والصلب وبتر الأطراف عقوباتٍ قانونيةً في السودان. وبعد توقيع اتفاقية نيفاشا مع الحركة الشعبية في عام 2005، لم تعد القوانين الإسلامية تطبق في الجنوب منذ انفصلاه، إلا أنها ما تزال سارية المفعول في الشمال.

الحكومة المحلية

تم تقسيم السودان أثناء فترة الحكم الثنائي المصري- البريطاني إلى ثمانية محافظات تخضع لسلطة الحاكم العام. وبين عامي 1937 و1942، تمّ إنشاء الإدارات الأهلية التي تمتّعت بسلطات لتوفير الخدمات الاجتماعية في المناطق. وفي عام 1943، تمّ تشكيل مجالس المحافظات للإشراف على أنشطة خارج نطاق الإدارة المحلية. وجرى تعيين مجالس المدن والبلديات استناداً إلى نمط المجلس الثقافي البريطاني. وفي عام 1951، صدر قانون الحكم المحلي في محاولة جادّة لملائمة مبادئ الحكومة المحلية البريطانية مع ظروف بلد نامٍ مثل السودان. واعتمد السودان على نظام الإدارة الأهلية التقليدي المكوّن من شيوخ العشائر وغيرهم من كبار الشخصيات. وبموجب هذا النظام، تمتع زعماء القبائل المحليين بسلطة قضائية محدودة. وبعد الاستقلال، تم إنشاء مجالس المحافظات في عام 1960. وبعد الثورة أكتوبر 1964، تمّ إلغاء نظام الإدارة الأهلية في بعض المناطق. والآن، يُقسّم السودان إدارياً إلى ثماني عشرة ولاية، وتقسم هذه الولايات إلى 133 محلية.

خريطة ولايات السودان الحكم
خريطة تُظهر ولايات السودان الثماني عشر وعواصمهم. ©Fanack

الأحزاب السياسية

ارتبط تأسيس الأحزاب السياسية السودانية بالخلافات داخل المؤتمر العام للخريجين، وهو أول منظمة وطنية شاملة للجميع وأنشأ في عام 1918. وفي منتصف الأربعينيات، انتهى وجود مؤتمر الخريجين وظهرت الأحزاب السياسية. وعلى الرغم من الأصول الليبرالية لهذه الأحزاب، ومن أجل تعزيز شعبيتها، سعى البعض إلى ربطها بالطوائف الدينية، التي كانت سمة بارزة من سمات هذه الأحزاب. فقد رعى الإمام عبد الرحمن المهدي، زعيم طائفة الأنصار، ما يُسمى بالتوجه السياسي لـ”الاستقلال،” فيما أيّدت الطائفة الدينية الأخرى، الختمية، بزعامة علي الميرغني، الوحدة مع مصر.

وبحلول أوائل الخمسينيات، برزت بوضوح كتلتان سياسيتان في السودان وهما “الاتحادي” و”الاستقلال”.

ودعت الأحزاب الداعمة للاستقلال إلى الاستقلال التام عن كلٍّ من الدول الاستعمارية (بريطانيا ومصر). ومن الأحزاب الداعمة للاستقلال حزب الأمة الذي أُسّس عام 1938 واعتمد في البداية شعار “السودان للسودانيين” بدلاً من اعتماد برنامج حزبي معين. في حين دعا حزب القوميين، الذي أُسّس عام 1944، إلى حق تقرير المصير وفترة انتقالية محددة قبل أن تنال البلاد استقلالها من الحكم الثنائي. ويعتبر الحزب الجمهوري، الذي أسسه محمود محمد طه عام 1945، أول حزب يدعم الاستقلال ويخرج ببرنامج ينتقد طائفتي (الأنصار والختمية) لتعاونهم مع بريطانيا ومصر، علماً بأن برنامج هذا الحزب استند على الإسلام. أمّا الحزب الجمهوري الاشتراكي، الذي أُسّس عام 1951 من قِبل بعض قيادات الإدارة الأهلية (شيوخ العشائر) فقد دعا لاستقلال السودان والحكم الذاتي الكامل الفوري. واليوم، لا يزال حزب الأمة فقط (بفصائله المتعددة) يتمتع بالشعبية، ويعدّ أحد أكبر الأحزاب السياسية في البلاد.

وعلى الرغم من اتفاق الأحزاب الوحدوية على الدعوة لنوعٍ من أنواع الاتحاد مع مصر، إلا أن هذه الأحزاب كانت متعددة ومختلفة من الناحية التنظيمية. وحظي حزب الأشقاء، الذي أُسّس عام 1943، بدعم زعيم الطائفة الختمية علي الميرغني. ودعا الحزب الاتحادي، الذي أُسّس في سبتمبر 1944، إلى اتحادٍ على غرار الكومنولث، وكانت مبادئ الحزب تنصّ على نظام حكم ديمقراطي قائم على العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية.

ويعتبر حزب وحدة وادي النيل، الذي تأسس عام 1945 بعد خلافٍ مع قادة حزب الأشقاء، الأكثر تشدداً في التوجه الوحدوي، حيث دعا إلى الوحدة بين السودان ومصر. أما الحزب الليبرالي، الذي كان يُعرف منذ عام 1944 بحزب الوحدويون الأحرار، فقد دعا إلى تشكيل حكومة سودانية حرة ضمن اتحاد كونفدرالي مع مصر. وانقسم الحزب إلى جناحين، أحدهما دعا إلى الاستقلال التام واندمج فيما بعد مع حزب الأمة، والجناح الآخر احتفظ باسم حزب الوحدويون الأحرار والتزم بمبادىء الحزب.

ودعا حزب الجبهة القومية، الذي تأسّس عام 1951، إلى وحدة يمثلها رئيس واحد للدولة. وشهدت القاهرة في عام 1952 تأسيس الحزب الوطني الاتحادي، عندما دعا الرئيس المصري السابق محمد نجيب الأحزاب الوحدوية لمناقشة التطورات الدستورية في السودان. وأعلن القادة الوحدويون حل أحزابهم وتأسيس الحزب الوطني الاتحادي برئاسة السيد إسماعيل الأزهري الذي أصبح فيما بعد أول رئيس وزراء للسودان. وشهد الحزب الوطني الاتحادي انقساماً لحقبةٍ من الزمن بعد تأسيس الطائفة الختمية لحزب الشعب الديمقراطي. إلا أن الحزبين عادا للعمل مجدداً في عام 1967 تحت حزب واحد تحت اسم الحزب الاتحادي الديمقراطي. واليوم، انقسم الحزب الاتحادي الديمقراطي إلى عدة فصائل، على الرغم من الجهود المبذولة لتوحيد الحزب.

ويمكن تصنيف الأحزاب السياسية السودانية في وقتنا الحالي، وبخاصة تلك التي شاركت في الحكومات، إلى ثلاث مجموعات رئيسية: أولاً، الأحزاب الطائفية الدينية التي يمثلها حزب الأمة وأحزاب الاتحاد الديمقراطي (مع كل الفصائل وعمليات الدمج). ثانياً، الأحزاب ذات الأيديولوجيات المتطرفة، مثل الحزب الشيوعي السوداني والجبهة الإسلامية القومية (المؤتمر الوطني والمؤتمر القومي)، والبعث العربي. ثالثاً، الأحزاب الاقليمية بما في ذلك الحزب الليبرالي (من الجنوب)، والاتحاد الوطني الافريقي السوداني، والحزب الوطني السوداني (من جبال النوبة).

وشارك أكثر من 70 حزباً سياسياً في مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في الخرطوم في ديسمبر 2015، في حين قاطع أكثر من عشرة آخرين مؤتمر الحوار. وأدت العديد من العوامل إلى حالة الانقسامات بين الأحزاب القديمة والأحزاب الجديدة. فعلى سبيل المثال، انقسم حزب الأمة، والحزب الاتحادي الديمقراطي، والحزب الشيوعي، والبعثيين، إلى عدة فصائل، حتى أنّ الحركات المسلحة في دارفور وفي الشرق انقسمت.

الإسلاميون

يجب أن يأخذ التصنيف إلى إسلاميين وعلمانيين في عين الاعتبار الظروف الخاصة بالبلد. فالغالبية العظمى من الأحزاب المسجلة، والتي تتغير باستمرار، تصرّح بالتزامها بالشريعة في برامجها السياسية. وعلى سبيل المثال، يدعو حزب الإخوان المسلمين إلى “تطبيق شريعة الله في مختلف جوانب الحياة”، في حين يدعو حزب الأمة إلى “ترسيخ مبادىء الشريعة الإسلامية كمذهب وأسلوب حياة”. ويدعو برنامج الحزب الاتحادي الديمقراطي إلى “الامتثال إلى الشريعة الإسلامية وقيم الأديان الأخرى”، أمّا الجبهة الإسلامية القومية فتدعو إلى “تطبيق شريعة الله والمُثل العُليا للدين الإسلامي”. وتشير هذه الدعوات إلى “مقاصد الشريعة الإسلامية” والتي تعني الأهداف الخمسة الأساسية التي تركز على المحافظة على الإيمان، والحياة، والنسل، والفكر، والممتلكات/ الثروات.

وينقسم الإسلاميون في السودان بين اتجاهين، إذ هناك الاتجاه المعتدل الذي تمثله الأحزاب التقليدية على أساس الطوائف الدينية، وهناك الاتجاه المتطرف والذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين، بمختلف تجمعاتها. ويُسيطر المتطرفون حالياً على السُلطة.

وتشكلت جماعة الإخوان المسلمين في السودان في أبريل 1949، وغيّرت اسمها عدّة مرات. ففي عام 1968 كان يُطلق عليها اسم جبهة الميثاق الإسلامي، وهي تحالفٌ بين الإخوان المسلمين والسلفيين (الذين يطمحون للعيش كما كان عليه السلف الصالح). وتزعم حسن الترابي الإخوان في عام 1969 حتى انشق بعض الأعضاء لتشكيل عام 1979 نواة الحزب الحالي بقيادة الشيخ صادق عبد الله والدكتور الحبر يوسف. وفي تلك الفترة، تم تغيير اسم الحزب من جديد ليصبح الجبهة الإسلامية القومية.

وشغل الترابي منصب الأمين العام للجبهة خلال فترة الديمقراطية التي دامت بين عامي 1986 و1989. ونظّمت الجبهة الإسلامية القومية انقلاباً ضد النظام الديمقراطي في عام 1989، لتؤسس بعدها تنظيمًا سياسيًّا جديدًا تحت اسم المؤتمر الوطني، وهو الآن الحزب الحاكم في السودان. وعندما انقسم الحزب في الصراع بين الترابي والرئيس البشير، أسس الدكتور الترابي مجموعة خاصة به، هي حزب المؤتمر الشعبي في عام 1999. وفي 5 مارس 2016، توفي الدكتور حسن الترابي في أحد مستشفيات الخرطوم بعد تعرضه لسكتة دماغية.

العلمانيون

تعتبر الأحزاب المعارضة المتحالفة ضدّ النظام الإسلامي المتشدد علمانية إلى حدٍّ قريبٍ أو بعيد، إذ يعبّرون عن هدفهم من خلال الدعوة إلى إقامة ”الدولة المدنية”. كما يتبنى اليساريون، والأحزاب الاقليمية، وبعض فصائل الأحزاب التقليدية هذا الاتجاه.

اليساريون

تمّ تشكيل الحزب الشيوعي السوداني عام 1946 باسم الحركة السودانية للتحرر الوطني. وتشتمل الاتجاهات اليسارية الأخرى على أحزابٍ تأثرت بالاشتراكية القومية العربية مثل حزب البعث، الذي انقسم إلى حزب البعث السوداني، وحزب البعث العربي الاشتراكي في السودان (الفرع الإقليمي لحزب البعث العراقي في السودان)، وحزب البعث العربي الاشتركي- تنظيم السودان (الفرع الإقليمي لحزب البعث السوري في السودان). والحزب الناصري (تأسس عام 1980)، والحزب الديمقراطي الاشتراكي السوداني (تأسس عام 2002)، كما ظهر أيضاً الحزب الليبرالي الديمقراطي (الذي تأسس عام 2003) على الساحة.

الجيش

حلت السودان في المرتبة 69 من 137 بين الدول التي شملها تقرير Global Firepower لعام 2019.

وقدر عدد من بلغوا سن الخدمة العسكرية في عام 2019م وفقًا لتقرير غلوبال فاير باور 1,197,393 فردًا، كما قدر حجم الإنفاق العسكري في العام ذاته بنحو 2.47 مليار دولار. وقد شكل حجم الإنفاق العسكري للبلاد نحو 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018م، مقارنة بنحو 3.0%، و3.9% في عامي 2016، و2017 على التوالي، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

كان يُعرف الجيش السوداني قبل عام 1955 بقوة دفاع السودان، التي أنشأها الجيش البريطاني. وبعد الاستقلال، أصبح اسمه الجيش السوداني. وشارك الجيش السوداني بقوة في الحروب الأهلية وفي الجهود المبذولة لمكافحة جماعات التمرّد بعد عام 1955. واستمرّت الحرب في جنوب السودان حتى عام 2005، تخللتها فترة سلام وجيزة بين عامي 1972 و1983. كما تشهد منطقة دارفور منذ عام 2003 صراعاً مريراً بين الجيش السوداني والحركات المتمردة في هذا الإقليم.

وتنقسم القوات المسلحة السودانية إلى القوات البرية (200,000 جندي)، والبحرية، والقوات الجوية. وتعتبر الخدمة العسكرية إلزامية للرجال ما بين سن 18-30 عاماً وتستمر لمدّة عامين. وتُقدر النفقات العسكرية السودانية بما نسبته 4,7% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 20% من ميزانية الحكومة.

المؤشرالعددالمرتبة من 137 دولة
إجمالي عدد الأفراد العسكريين189,000-
عدد العاملين بالجيش 104,000-
عدد قوات الاحتياط 85,000-
إجمالي قوة الطائرات 19150
الطائرات المقاتلة4639
الطائرات الهجومية8131
طائرات النقل2333
إجمالي قوة طائرات الهليكوبتر7348
عدد مدربي الطيران1171
عدد الدبابات41043
مركبات القتال المدرعة 40386
منصات الصواريخ 2057
عدد القطع البحرية18-

وتنقسم القوات المسلحة السودانية إلى القوات البرية والبحرية والجوية. وتعتبر الخدمة العسكرية إلزامية للرجال ما بين سن 18-33 عاماً وتستمر لمدّة عامين. وتُقدر النفقات العسكرية السودانية بما نسبته 4,7% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 20% من ميزانية الحكومة.

وتقاتل الكثير من الجماعات شبه العسكرية إلى جانب الجيش السوداني، وتحت قيادته ودعمه. ومن هذه المجموعات قوات الدفاع الشعبي التي أُنشأت عام 1989 لمساعدة الجيش في الحرب في جنوب السودان والدفاع عن النظام. ويوجد في صفوف قوات الدفاع الشعبي، التي تعتبر فكرياً أكثر ولاءً للحكومة من الجيش، حوالي 10,000 مقاتل فعلي، و50,000 احتياط. ويقوم الجيش السوداني بإدارة قوات الدعم السريع شبه العسكرية، والتي أُنشأت رسمياً في يونيو 2013، لمحاربة حركات المتمردين في دارفور وجبال النوبة. ويمكن تتبع جذور قوات الدعم السريع إلى ميليشيات الجنجويد التي استخدمتها الحكومة السودانية في دارفور منذ عام 2003.

ويعتبر السودان من الدول ذات الاكتفاء الذاتي على مستوى تصنيع الأسلحة الخفيفة، والمركبات المدرعة، والذخيرة، والتي تمّ تطويرها بمساعدة إيران خلال العقدين الماضيين. وتعتبر مؤخراً الصين وإيران المورد الرئيسي للجيش السوداني. كما تمتلك القوات المسلحة أيضاً، وبخاصة القوات الجوية، معدات عسكرية روسية قديمة. وكانت صحيفة إزفيستيا الروسية قد كشفت في أيلول 2016 عن صفقة روسية – سودانية لتزويد الخرطوم بـ170 دبابة من طراز “T-72”.

وفي نوفمبر 2016، تم الكشف عن طلب السودان لستة طيارات تدريبية صينية من طراز “FTC-2000”.

وشارك الجيش السوداني في العديد من البعثات الخارجية، ابتداءً من المشاركة الرمزية في الحروب المصرية الإسرائيلية لعامي 1967 و1973، ووصولاً إلى قوات حفظ السلام العربية في لبنان عام 1977. وفي عام 2015، انضم الجيش السوداني إلى قوات التحالف بقيادة السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن.

ويمتلك الجيش السوداني تاريخاً طويلاً من التدخل المباشر في السياسة. فقد استولى للمرة الأولى على السلطة بقيادة إبراهيم عبود بين نوفمبر 1958 وأكتوبر 1964، وللمرة الثانية بقيادة جعفر النميري بين مايو 1969 وأبريل 1985، وللمرة الثالثة بقيادة عمر البشير منذ 30 يونيو 1989 وحتى وقتنا الحالي.

الجيش السوداني
المصدر: globalfirepower.com. @Fanack

السياسة الخارجية

كانت السياسة الخارجية للسودان خلال السنوات الـ25 الماضية في إطار العلاقات المتوترة والتخوف المستمر مع جميع جيرانها والمجتمع الدولي تقريباً. وعندما أصبح جلياً تورط الإسلاميين السودانيين بقيادة حسن الترابي بالانقلاب العسكري في 30 يونيو 1989، أعرض العالم عن السودان. كما عزل النظام الجديد في الخرطوم نفسه بشكلٍ أكبر من خلال تأييد الغزو العراقي للكويت عام 1990، الذي تمّ إدانته على نطاقٍ واسع.

وسرعان ما عملت الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، ودول الخليج العربي على تحجيم علاقاتها مع السودان، وفي نهاية المطاف قطع المساعدات الاقتصادية التي تشكل حاجةً ماسّة للسودان. خرجت البلاد معزولةً وخالية الوفاض من هذه الأزمة الإقليمية، والتي قلبت جيرانها ضدّها. ومع ذلك، استمرّت السياسات المنحرفة لحكومة الخرطوم؛ فقد أصبحت الحكومة السودانية ملاذاً آمناً للإسلاميين المتشددين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أسامة بن لادن الذي انتقل إلى السودان عام 1991 وبقيّ هناك حتى عام 1996. اتّهمت الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية والخليجية، حكومة السودان بدعم الإرهاب الدولي وزعزعة استقرار البلدان المجاورة.

كما وصلت العلاقات مع مصر أدنى مستوياتها مع محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا في عام 1995، حيث اتُهمت الخرطوم بتسهيل الهجوم.

كما شجّعت سجلات حقوق الإنسان لحكومة الخرطوم وحملتها القاسية على معارضيها المزيد من الانتقادات الخارجية وفرضت المزيد من العقوبات. وفي 3 نوفمبر 1997، فرضت حكومة الولايات المتحدة حظراً تجارياً على السودان جنباً إلى جنب مع التجميد الكامل لأصول حكومة السودان، بموجب الأمر التنفيذي 13067.

فضلاً عن ذلك، فقد فشلت الحكومة السودانية من الاستفادة من اتفاق السلام الذي وقع مع حركة التمرد، الجيش الشعبي لتحرير السودان في جنوب السودان في عام 2005، والذي أنهى عقدين من الحرب الأهلية. كما أنّ اندلاع الحرب الأهلية في دارفور في عام 2003 والأعمال الوحشية المرتكبة من قبل حكومة السودان، دمّر تعزيز العلاقات الخارجية للبلاد. وفي مارس 2009، أصبح البشير أول رئيس حالي يُتهم بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، بسبب أفعال الحكومة في دارفور.

وفي الوقت نفسه، عملت الخرطوم بجدٍّ من أجل التعويض عن علاقاتها التي تضررت مع الغرب ومعظم جيرانها من خلال تعزيز العلاقات التجارية والسياسية مع إيران والصين وجنوب شرق آسيا وروسيا، حيث حقّقت نجاحاً ملحوظاً في مساعيها. فقد لعبت الشركات الصينية والماليزية دوراً حيوياً في إنتاج وتصدير النفط من السودان، ابتداءً من عام 1998.

وبعد عام 2011، ومع تغيّر الأجواء السياسية في المنطقة والعالم، ومع تغيّر التحالفات في الشرق الأوسط بشكلٍ مستمر، يبحث السودان عن خياراتٍ أخرى لإصلاح ذات البين مع جيرانه وبقية العالم.

الانضمام إلى قوات التحالف التي تقودها السعودية ضدّ المتمردين الحوثيين في اليمن في عام 2015، مثالٌ بارز على هذا الاتّجاه الجديد. تهدف هذه الخطوة إلى التعويض عن الخطأ الجسيم بالوقوف إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 1990 من خلال المصالحة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، والتضحية بعلاقات وثيقة مع إيران في وقت واحد. وقد عقدت عدّة اجتماعات رفيعة المستوى بين مسؤولين سودانيين وسعوديين، كان أكثرها أهمية بين البشير والملك سلمان في مايو 2015.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “السياسة” و “السودان”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: