وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التحديات الأمنية التي تواجه اليمن (2011 – 2014)

المشهد بعد هجوم إنتحاري قريب من منطقة اجتمع فيها أفراد حركة انصار الله الحوثيين في صنعاء
المشهد بعد هجوم إنتحاري قريب من منطقة اجتمع فيها أفراد حركة انصار الله الحوثيين في صنعاء, 9 تشرين الأول/أكتوبر 2014 / Photo Anadolu Agency

كواحدة من أكثر الدول ضعفاً وهشاشة في العالم، تواجه اليمن العديد من المشاكل والتحديات مثل الفقر، والفساد المالي والإداري، والإضطربات السياسية والإجتماعية، ومؤخراً، التحديات الأمنية. يمكن أن تؤدي هذه المشاكل إلى مزيد من العنف وتعريض حياة المواطنين اليمنيين ودول الجوار والعالم أجمع للخطر. فالحكومة اليمنية غير قادرة على السيطرة على أراضيها وبالتالي تُعد اليمن أرضاً خصبةً للتهديدات العالمية مثل الإرهاب وتجارة المخدرات والدمار البيئي.

وما زاد الطين بله موجة الربيع العربي التي أجتاحت هذا البلد الهش منذ عام 2011 والتي رفعت من وتيرة التهديدات الأمنية. عمل المجتمع الدولي بجدية كاملة في محاولة لمنع اليمن من الإنزلاق في براثن حرب أهلية وتككلت الجهود الدولية في جمع الفرقاء والخصوم على طاولة المفاوضات تحت ما يسمى الحوار الوطني الشامل. وبالرغم من نجاح المؤتمر وخروجه بتوصيات لبناء دولة يمنية جديدة موحدة، إلا أنّ الواقع يفرض خلاف ذلك. في الحقيقة، شكّل الحوار الوطني الشامل ساحة خصبة للأطراف المتصارعة، إذ يبدو أنّ كل طرف كان يعيد ترتيب اوراقة ويُعيد جمع حساباته لكل السيناريوهات المحتملة. ولهذه الأسباب، تواجه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني مصاعب كبيرة لتطبيقها على أرض الواقع، وخصوصاً في جانب التهديدات الأمنية الرئيسية.

لا تزال التهديدات الأمنية التي تواجه اليمن قوية وفي تفاقم مستمر:

· استمرار التهديدات وعمليات القاعدة وانصار الشريعة خصوصاً في جنوب اليمن

· إنتشار الوجود العسكري للحوثيين الشيعة في مناطق واسعه من اليمن، فضلاً عما جلبه هذا من مشاكل سياسية وطائفية

· استمرار الصراعات على مختلف المستويات وداخل دهاليز أجهزة الدولة بين قطبي النظام السابق : قطب الاسلام السني السياسي المتمثل في حزب الاصلاح وحلفائة، وفي الجانب الآخر قطب علي عبدالله صالح، الرئيس السابق وحلفائة من القادة العسكرين والسياسيين والمدنيين

شكّلت التطورات الكبرى التي جرت في سبتمبر 2014، المتمثلة في سيطرة التيار الحوثي على العاصمة صنعاء، إنعكاساً للإنقسام الحاد في نخبة أو شبكة الحكم التي حكمت اليمن ما يقارب 33 عاماً. وفي عام 2011، انقلب حلفاء علي عبدالله صالح في القطب المحسني ضده، مما أدى إلى إعفائه من منصبه. وفي المقابل تحرك صالح وبقوة من أجل الإنتقام ورد الإعتبار، وهذا ما حصل بالفعل بعد أّن استطاع الحوثي إخراج القطب المحسني من دائرة الضوء.

وبغض النظر عن دور صالح وأعوانه في تحركات الحوثي الاخيرة، ما يهم هو دوامة الصراع المتصاعد القائم حالياً، إذ تلقى الحوثيون، بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء، العديد من رسائل التهديد من قبل الجماعات الاسلامية السنية المتشدده التي تتعامل مع الأزمة من منطلق عقائدي وليس من منطلق سياسي. وبالتالي، تزداد المخاوف من نقل نموذج الصراع المدني العراقي إلى اليمن بين المتشددين السنة والشيعة. وأكبر دليل على ذلك، التفجيرات الانتحارية التي وقعت في 9 اكتوبر 2014 في تظاهره لأنصار التيار الحوثي والتي أسفرت عن مقتل 70 فرداً وإصابة حوالي 90 آخرين.، حيث أعلن تنظيم القاعدة مسؤليته عن التفجير.

يتم إشعال فتيل الصراع الطائفي نتيجة ضعف مواقف الأطراف الداخلية المتصارعة في اليمن والتماسها دعم القوى الطائفية الاقليمية، على سبيل المثال، التواصل الحوثي- الايراني في مقابل ارتباط السعودية المتعدد الاوجه مع العديد من التيارات والجماعات القبلية والحزبية والدينية السنية على الجانب الاخر. ونتيجةً لذلك، ترتبط تسوية الصراع في اليمن بمدى التقدم في حل الصراعات الإقليمية وخصوصا بين السعودية وايران.

غالباً ما يكون حجم الدعم الإيراني للشيعة في المنطقة مبالغاً به، إلا أنّ هذه التصورات تعكس أهمية الأمر، وبالتالي فإن تقدّم الحوثي يقلق دول الخليج والقوى العالمية الأخرى. ذلك لأنه، من وجهة نظرهم، يعني بسط الحوثيين سيطرتهم على اليمن، السيطرة على البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، وبخاصة طرق التجارة العالمية التي تمرعبرها.

كما أنّ التهديد الأمني يدعم مطالب فصائل الحراك في الجنوب التي تنادي بالإنفصال عن شمال اليمن. وستعود هذه المطالب القديمة إلى الواجهة مجدداً، في حال تمكّن الحوثييون من السيطرة على البلاد بأكملها.