من الصعب تأكيد عدد القتلى والجرحى. في منتصف شهر أيلول/سبتمبر 2011، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش سقوط 219 قتيلاً في هجوم شنته قوى الأمن ومسلحين موالين للحكومة (وأوردت مصادر أخرى عدد القتلى بأكثر بكثير). كما سقط عدد أكثر بكثير من الجرحى.
في 23 أيلول/سبتمبر 2011، عاد صالح فجأة من السعودية ليسيطر مجدداً على زمام الأمور بشكل كامل. إلا أن سرعان ما اتضح أنه لم يعد له أية خيارات أخرى. كثفت السعودية، وهي من أهم مانحي المساعدات المالية، من الضغوط ودعت لاستقالته.
إضافة إلى ذلك، في 21 تشرين الأول/أكتوبر تبنى مجلس الأمن بالأغلبية قراراً يطالب باستقالته (والذي يتضمن الموافقة على حصانة صالح ومسؤولين آخرين، وهو أمر مثير للجدل لأسباب سياسية وقانونية).
مع أن القرار لا يحمل أية عقوبات يمكن فرضها على صالح ومسؤولين كبار آخرين، إلا أنه كان من الواضح للرئيس أنها كانت تلوح في الأفق إذا ما رفض الامتثال.
أخيراً وتحت ضغوطات متزايدة انهار صالح، أو كما يبدو، بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وذلك بالتوقيع على اتفاق نقل السلطة بحضور الملك عبد الله عاهل السعودية بعد ذهابه إلى الرياض. قام صالح بنقل مهامه الرئاسية إلى نائب الرئيس، هادي، الذي سيدير شؤون الدولة لفترة 90 يوماً إلى حين موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 شباط/فبراير 2012 (حيث أن هادي هو المرشح الوحيد فيها)؛ ويقوم بذلك إلى جانب حكومة انتقالية يرأسها محمد باسيندوا، وهو سياسي معارض يحظى بالاحترام، بالإضافة إلى ممثلين عنالمؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك (لم يشارك التحالف المدني للثورة الشبابية فيها؛ ونادى بإضراب شامل على غرار مصر).
حصل وزراء حزب المؤتمر الشعبي العام على وزارتي الدفاع والخارجية، بينما حصل وزراء المعارضة على وزارتي الداخلية والمالية، الأمر الذي يسبب صداعاً سياسياً دائماً. وهذه هي المرحلة الأولى من برنامج إصلاح سياسي على مرحلتين. تبدأ المرحلة الثانية بعد تولي هادي منصب الرئيس. ومدة ولايته سنتين، ومن بعدها تجري انتخابات رئاسية جديدة واستفتاء عام على دستور جديد.
سرعان ما ازدادت حدة التوتر بين صالح – الرئيس الفخري حتى 21 شباط/فبراير 2012 – والرئيس المؤقت هادي. فقد تسبب صالح بإهانة عندما أعلن في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 عن عفو عام عن الذين “ارتكبوا أخطاء خلال الأزمة” (باستثناء الذين تورطوا في الهجوم على صالح في 3 حزيران/يونيو).
وبغض النظر عن كونه لم يعد له السلطة لإصدار مثل هذه الأحكام، فقد اتضح بأن أنصاره هم المستفيدين قبل كل اعتبار (في 8 كانون الثاني/يناير 2012، صادقت الحكومة الانتقالية على العفو؛ فلحزب المؤتمر الشعبي العام أغلبية عظمى في مجلس النواب). إضافة إلى ذلك، وراء الكواليس لا يزال لصالح نفوذ كبير في الحكومة الانتقالية من خلال عملاء حزب المؤتمر الشعبي العام).
يطالب المحتجون بأنه لن يتم تلبية الإصلاحات السياسية والاقتصادية الضرورية طالما بقي مسؤولون كبار– يترأسون وحدات من الجيش والأجهزة الأمنية أو مدعومين منها – من نظام صالح في الحكم. والمعارضة منقسمة. وقسم من “المعارضة الموالية” السابقة انضم إلى الحكومة الانتقالية. وطالب مسؤولون مقربون من صالح بتأجيل الانتخابات الرئاسية في 21 شباط/فبراير نتيجة الوضع في البلاد، والذي يبقى متوتراً.