المقدمة
رغم أن اليمن آخذ بالتحضر السريع، إلا أنه بلد ريفي للغاية. يعيش ما يقارب من ثلاثة أرباع السكان حياة ريفية تقليدية في القرى الجبلية، وبعضهم في مناطق نائية جداً. ينتشر الفقر على نطاق واسع، والظلم الاجتماعي عميق. والتسول شائع في شوارع المدن الكبرى. المرأة محرومة من المساواة في المجتمع. غير أن الرعاية الصحية تتحسن بسرعة.
المرأة
يضع القانون اليمني المرأة على قدم المساواة مع الرجل، ولكن غالباً ما تعيق التقاليد تنفيذ القانون. فعلى سبيل المثال، تتمتع المرأة بحرية السفر وفقاً للقانون، ولكن غالباً ما يتم إرجاع النساء غير المتزوجات دون محرم في المطارات. وتحتاج المرأة المتزوجة إلى موافقة زوجها للسفر إلى الخارج. تبلغ أجور النساء 30% فقط من أجور الرجال. وفي استطلاع عام 2003، خلصت الأمم المتحدة إلى أن 50% من النساء المتزوجات يتعرضن للعنف الذكري. وفي استطلاع عام 2003، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن 38,2% من النساء بين سن 15 و 49 عانين شكلاً من أشكال الختان. وعلى لائحة الأمم المتحدة 2011 للمساواة بين الجنسين، تحتل اليمن المرتبة 146.
يقال بأن النساء يبشرن بأمل كبير لليمن. فغالباً ما تنجز الفتيات بشكل أفضل في المدرسة، كون الحياة المهنية هي أفضل وسيلة لتحقيق الاستقلال. للفتيات متسع من الوقت للدراسة، حيث لا يفترض بهن قضاء الوقت خارج المنزل. يتم تنفيذ أغلب الأعمال المكتبية من قبل النساء، مع أن غالباً ما يكون رؤسائهن من الرجال. وبشكل عام، المرأة غير مقبولة في المناصب الإدارية والسياسية. أشار استطلاع للرأي أوائل عام 2008 أن 53% من الذين أجري عليهم البحث – ثلاثة أرباعهم من الذكور الشباب – عارضوا انتخاب أنثى لمنصب المحافظ في صنعاء.
عام 2006، جعل المؤتمر الشعبي العام الحاكم أحد أهدافه دمج عدد أكبر من النساء في الاقتصاد، واضعاً هدف 15% من المناصب الحكومية. غير أنه لم يتم وضع موعد نهائي لتنفيذ هذا الهدف. وتشكل النساء 22% من القوة العاملة. وتكون هذه النسبة 38% في الاقتصاد غير الرسمي، في حين أن نصيب الإناث من القطاع العام الرسمي هو 9% فقط. عام 2010، حدد تقرير التنمية البشرية الخسائر الاقتصادية الناجمة عن عدم المساواة بأكثر من 80%، مقارنة مع هولندا 17% والصين 45% وقطر 67% والعراق 75%.
الفتيات
بشكل عام ليس للفتيات اليمنيات فرص كثيرة للتطور الذاتي. فنسبة الفتيات اللواتي يبلغن 14 عاماً ولم يلتحقن بمدرسة أو بعمل هي الأعلى في العالم: 44% (الذكور 18%)، مع فارق بين المناطق الحضرية (18%) والريفية (52%) (تقرير التنمية العالمية 2007). عام 2010، بم يلتحق 567,702 طفل في سن الذهاب إلى المدرسة الابتدائية في مدرسة إبتدائية أو ثانوية (المصدر: البنك الدولي) وفي معظم العائلات يتم إخراج الفتيات من المدرسة في سن مبكرة من أجل إعدادهن للأمومة. وفي العقود الأخيرة، ارتفع سن الزواج من 10 إلى 15 عاماً (والرجال من 21 إلى 21,5)، غير أن 52% من الفتيات لا يزلن يتزوجن قبل أن يبلغن 18 عاماً (7% بالنسبة للذكور) (تقرير التنمية العالمية 2006).
تتزوج واحدة من أصل سبع فتيات قبل أن تبلغ الرابعة عشرة من عمرها. والتباينات الجغرافية كبيرة. ففي المكلا (على الساحل الجنوبي) كان متوسط سن الزواج عشر سنوات، بينما كان في الحديدة وحضرموت ثماني سنوات. ويجري التحديث في المدن الكبيرة. حيث تدخل الفتيات الآن الأماكن العامة بأرقام تشهد نمواً سريعاً، غير أنها لا تزال محجبة وأقلية. عام 2008، رفض البرلمان التعديل الذي اقترحته اللجنة الوطنية للمرأة لرفع السن الأدنى للزواج إلى 18 عام. لفتت قضية نجود علي، فتاة من صنعاء عمرها 9 سنوات تم تزويجها قسراً إلى رجل عنيف يبلغ من العمر ثلاث أضعاف عمرها، انتباه العالم، فقام البرلمان بالموافقة على اقتراح رفع سن الزواج إلى سبعة عشر عاماً، ولكنه رفض بعد ذلك لأسباب غير معروفة.
التعليم
كان التعليم حكراً على أبناء النخبة من الأسياد والقضاة حتى ثورة عام 1962. وكان هناك عدد قليل من المدارس. ومنذ الثورة، تم بناء المدارس في جميع أنحاء البلاد، لتعليم الأجيال الجديدة. تبلغ نسبة البالغين المتعلمين اليوم 60%، وتلحق النساء بركب التعليم بسرعة من خلال مراكز محو الأمية في المدن والبلدات الرئيسية.
تقع المدارس على قمم التلال بين القرى. عادة يحضر تلاميذ المرحلة الابتدائية الدروس الصباحية، ويستخدم الأطفال الأكبر سناً نفس الصفوف في فترة بعد الظهر. تم تحديد الرسوم على بضعة مئات من الريالات (بضعة دولارات) في السنة، بالإضافة إلى تكاليف الزي المدرسي. عام 2009، دخل أكثر من 80% من مجموع الأطفال إلى المدرسة الابتدائية، وتابع 40% من الطلاب التعليم الثانوي، وتلقى 10% من الطلاب التعليم العالي. الأرقام بالنسبة للفتيان أعلى بكثير من الفتيات. ينهي معظم الذكور مرحلة التعليم الابتدائي.
أما بالنسبة للفتيات، ينهي فقط نصف الـ 64% (عام 2005، حيث ارتفعت من 45% عام 2001) من الفتيات تعليمهن، واللواتي التحقن بالمدرسة بشكل فعلي. أما البقية فينقطعن عن الدراسة عند أول إشارة إلى النضج الجنسي. ونسبة الالتحاق بالمدرسة الثانوية هي 27% بالنسبة للإناث و 47% بالنسبة للذكور (2009). ويأتي المعلمون من الخارج (من مصر وسوريا و الأراضي الفلسطينية المحتلة عادة).
من غير الواضح ما إذا كان الأطفال الذين ينتمون إلى طبقة الأخدام الدنيا يتلقون التعليم، ولا عددهم في حال ذلك. فالقاعدة غير المكتوبة تقول بأن الأخدام غير مؤهلين للحصول على الخدمات الاجتماعية، وذلك لأن القليل من اليمنيين يسمحون لأبنائهم بالاختلاط بهم.
الصحة
كانت الرعاية الصحية المؤسساتية في اليمن معدومة عملياً حتى ستينات القرن العشرين. ومنذ ذلك الوقت، تم بناء العديد من المستشفيات والعيادات الطبية في المناطق الريفية النائية، وتم تخريج آلاف الأطباء والعاملين في مجال الصحة. وتأرجح الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية عام 2009 حول 5% من مجموع النفقات (المتوسط العالمي 10%)، مع وجود ثغرات تم ملؤها عن طريق المساعدات الخارجية. يتم إنفاق ما يقارب من ثلث مجموع النفقات العامة والخاصة في مجال الصحة خارج اليمن. وهناك أقل من خمسين طبيباً يمنياً لكل 100,000 شخص (المتوسط العالمي 112).
يعيش عدد كبير من اليمنيين الريفيين في قرى منعزلة، على بعد ساعات من المساعدات الطبية. والمعرفة بالقضايا الصحية في المناطق الريفية لا تزال محدودة للغاية. ونتيجة لذلك، تتفشى حالات الأمراض بشكل منتظم، مثل السل والكوليرا، كما يتفشى شلل الأطفال وحمى الوادي المتصدع وأنفلونزا الطيور بشكل دوري. أكثر من نصف السكان (الذين يعيشون على السفوح وطول الساحل) عرضة للإصابة بمرض الملاريا، والتي تسبب 30,000 حالة وفاة سنوياً. وهناك فقط ما يزيد عن 2000 حالة مسجلة لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، غير أن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية يقدر الرقم الفعلي بـ 23,000 عام 2009، 237 منهم فقط يتلقون العلاج.
على مدى عدة عقود، كانت المرأة اليمنية هي الأكثر خصوبة في العالم، حيث تلد أكثر من سبعة أطفال وسطياً. انخفض هذا المعدل إلى 4,7 الآن، وذلك نظراً للجهود المتواصلة التي يبذلها تحالف عريض من زعماء سياسيين ودينيين وقبليين للتأكيد على فوائد الأسرة النووية. ارتفع استخدام وسائل منع الحمل من 10% إلى 25% خلال العقد الماضي. وانخفضت وفيات الأمهات من 1,4% إلى 0,3%، وذلك نتيجة لتواجد عاملي الرعاية الصحية في واحدة من كل أربع ولادات. ويعادل الرقم الأخير ضعف الرقم الذي كان عام 1990، وذلك بفضل تدريب الآلاف من القابلات. وانخفضت وفيات الأطفال (دون سن الخامسة) من 142 لكل 1000 طفل عام 1990 إلى 78 عام 2009، كان 68 منهم من الرضع.
يعاني حوالي نصف الأطفال اليمنيين من نقص الوزن وثلثهم من الوهن الشديد بسبب سوء التغذية. الاستخدام الواسع النطاق والمتزايد للقات يضر بالصحة لأنه يكبح الجوع مما يؤدي إلى اضطرابات في الأكل والنوم. علاوة على ذلك، أدى الاستخدام المتزايد للأسمدة والمبيدات في زراعة القات إلى مشاكل صحية عديدة. يبلغ متوسط العمر المتوقع لنساء اليمن 67 وللرجال 63، وهذا هو المتوسط الإقليمي بالضبط، ولكنه دون المتوسط العالمي (71 و 68).
الفقر
وفق الأرقام الدولية، يعتبر اليمن أفقر دولة في الشرق الأوسط وواحد من أفقر الدول في آسيا. ربما من المفيد أن نقارن مقاييس اليمن بمقاييس أفريقيا. عام 2011، احتلت اليمن المرتبة 154 في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة من أصل 187 دولة، فوق السنغال ونيجيربا مباشرة وتحت بلدان مثل بابوا وغينيا الجديدة وتنزانيا. يبلغ متوسط الدخل السنوي 2,213 دولار مقارنة مع 5,269 في مصر (المرتبة 101) و 23,274 دولار في المملكة العربية السعودية (المرتبة 55). يعيش نصف السكان تقريباً (45%) على أقل من دولارين، و 17,5% على 1.25 دولار أو أقل يومياً.
الفروقات في اليمن كبيرة، حيث يشكل الـ 10% الأغنى 30% من الدخل القومي، بينما يشكل الـ 10% الدنيا 1,3% فقط. تشير الأرقام إلى أن سكان الريف هم الأفقر، ولكنها قد تكون مضللة أحياناً لأن سكان الريف مكتفون ذاتياً إلى حد كبير مع تراجع في الإنتاج المحلي. أما بالنسبة لفقراء المناطق الحضرية فالوضع أسوأ، حيث لا مفر لهم من الجوع. ويجوب المتسولون شوارع المدينة. وينتظر الجياع مخلفات الطعام خارج المطاعم التي على طرفي الطريق. بالكاد تحسن الوضع خلال العقدين الماضيين، يتم ترجيح أي تحسن وفق معدل النمو السكاني المرتفع.
مع ذلك، هناك العديد من السكان الأثرياء وطبقة متوسطة نامية. لا يتم تسجيل قسم كبير من أموال النفط وأرباح القات والتحويلات المالية للعمال المغتربين، غير أنها تغذي الاقتصاد غير الرسمي دون شك. ونتيجة لذلك، يهيمن الاقتصاد غير الرسمي على اليمن.
الجريمة
على مدى سنوات عديدة، كانت اليمن تعتبر من أكثر الدول تسليحاً في العالم، حيث تحظى الأسلحة النارية الصغيرة بشعبية كبيرة بين سكان القبائل. تملأ صور أفراد القبائل المسلحين ببنادق كلاشنيكوف والمسدسات والخناجر العديد من الأخبار وتقارير البلاد. ولا تزال الأسلحة النارية الصغيرة تحظى بشعبية كبيرة في المناطق الريفية. ولكن الحظر الأخير على الأسلحة وضع حداً لحمل السلاح في المناطق الحضرية. ومن المعتقد بأن هناك 6-9 ملايين سلاح ناري صغير في البلاد (50 مليون سابقاً)، وهو ما يعادل 40 قطعة سلاح لكل مئة شخص، وهو نصف الرقم المسجل في الولايات المتحدة.
ساهم الحظر المفروض على الأسلحة في المناطق الحضرية في انخفاض معدلات الجريمة إلى حد كبير، حيث انخفضت بنسبة 35%. وهناك زيادة بطيئة في الجرائم المرتكبة من قبل أشخاص غير مسلحين، إلا أنها تبقى مشكلة صغيرة مقارنة بالدول الأخرى. يبلغ المعدل الرسمي للجريمة في اليمن 1,2 لكل 100 شخص. وتكاد تكون السرقة والسطو معدومة، فالمدن آمنة جداً ليلاً ونهاراً. فالقوانين المتعلقة بالجريمة والعقوبة، على أساس الشريعة الإسلامية، قاسية، ويتم عرضياً تنفيذ حكم الشنق العلني للقتلة والجلد العلني وقطع اليد للصوص والسارقين والرجم العلني للزناة. ويتراوح عدد السجناء من 3000 إلى 14,000. ونتيجة صراع العصابات الشمالية والاضطرابات الجنوبية، يتزايد عدد السجناء السياسيين المحتجزين دون تهمة أو محاكمة.
غالباً ما احتلت اليمن عناوين الصحف العالمية بأخبار عن اختطاف السياح من قبل قبليين. ففي الفترة بين عامي 1996 و 2001، حدثت 47 عملية خطف لأجانب، تشمل 114 سائحاً و 43 مغترباً. ولكن عمليات الخطف اليمنية تختلف عن عمليات الخطف الجنائية العادية. فالسبب الرئيسي لعملية الخطف هو الضغط على الحكومة (وشركات النفط الأجنبية) لبناء المدارس و الطرقات و المرافق الطبية في المناطق القبلية المهملة. وهو استمرار لتقليد قديم، حيث يقوم الحكام بموجبه باحتجاز أبناء القبائل لإجبار زعماء القبائل على الخضوع لهم. وعادة تتم معاملة السياح المختطفين والمغتربين كضيوف، ويتم إطلاق سراحهم دون أذى. وأصبحت الحكومة أقل تساهلاً تجاه عمليات الاختطاف بعد حادثتي عام 1999 (التي حدثت على أيدي أعضاء في تنظيم القاعدة بدلاً من قبليين).
أحدث المقالات
فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “المجتمع” و “اليمن”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: