وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

اليمن: حرب الشمال

اليمن الحوثيين
أحد الثوار الحوثيين

يخوض الجيش في المناطق المجاورة لصعدة حرباً لمكافحة التمرد منذ عام 2004. والطرف المعارض هم الحوثيون، مجموعة زيدية معارضة من أتباع حسين بدر الدين الحوثي الذي توفي أثناء اندلاع العنف لأول مرة عام 2004. والعدد الدقيق للضحايا غير معروف حتى الوقت الحاضر، مع أن عدة آلاف لقوا مصرعهم من كلا الجانبين. تجاوز عدد المشردين 400,000 شخص، وتم تدمير العديد من المنازل في القتال. وأقامت منظمات اللاجئين الدولية مخيمات للاجئين في صعدة وما حولها وعلى الحدود السعودية والساحل الغربي.

يتركز الصراع على اختراق حكومي لمنطقة صعدة، المعقل التقليدي للزيديين وعاصمة الإمامة لفترة طويلة. بدأت حركة الشباب الحوثي المؤمن لحشد تأييد واسع في تسعينات القرن الماضي، وذلك كرد فعل على تهميش المذهب الزيدي. وبسبب تزايد نفوذ الوهابية السعودية – والتي تحول إليها الكثير من الناس كنموذج إسلامي أكثر ربحاً – انخفضت نسبة الزيديين من عدد سكان اليمن من 50% إلى 20% في العقود الثلاثة الماضية. وكثيراً ما قامت الحكومة بتعيين أئمة وهابيين في مساجد صعدة، وبذلك تحرم الزيديين من أوقافهم (مؤسساتهم الدينية) وممتلكات طائفتهم. تم اعتقال العديد من مؤيدي المذهب الزيدي في صنعاء بعد اندلاع القتال عام 2004. وحزب الحق هو حزب سياسي يمثل الحركة.

اليمن السعودية حرب
الحرب في شمال اليمن على الحدود الجنوبية للملكة العربية السعودية

تؤكد الحكومة اليمنية بأن الحوثيين حركة أصولية محافظة تسعى لإعادة الإمامة الملكية القديمة. وقبل اندلاع القتال، قيل بأن الحوثية أصولية مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية ومتهمة بالقيام بهجمات على الطائفة اليهودية في الشمال. ويبدو أنها كانت محاولة لحشد الدعم العالمي للهجوم على الحوثيين. إلا أن هذه الصورة غير صحيحة. فقد تكون الطائفة الزيدية محافظة، إلا أنها دائماً ما كانت معتدلة ومتسامحة. واليهود اليمنيون المتبقون موجودين في الشمال الزيدي حيث كانوا يعيشون مع القبائل الزيدية بعد أن نقلت “عملية البساط السحري” عشرات الآلاف من اليهود اليمنيين إلى إسرائيل في خمسينات القرن المنصرم. استمر هذا حتى حرب الحوثيين الرابعة، عندما نقلت الحكومة اليهود المتبقيين من صعدة إلى صنعاء في كانون الثاني/يناير عام 2007، وذلك بسبب تهديدات الحركة الحوثية، كما قيل.

وفق الحكومة، تدعم إيران وليبيا الحوثيين مالياً. وتم إبعاد أعضاء بارزين من عائلة الحوثي من اليمن، ولكنهم لا يزالون يمثلون الحركة في المنفى. تم رفع الحصانة البرلمانية عن يحيى الحوثي، عضو البرلمان عن حزب الحق، وهو يعيش في ألمانيا الآن. في أوائل عام 2007، أوقفت جهود الوساطة، التي قامت بها دولة قطر، القتال في ذلك الوقت، إلا أنه اندلع مرة أخرى على نطاق أوسع في آذار/مارس عام 2008، ممتداً إلى جنوب عمران وما وراءها. وفي أيار/مايو عام 2008، اقترب الحوثيون من منطقة بني حشيش الحضرية – على طول الطريق من صنعاء إلى مأرب – من مدينة صنعاء ومطارها. وفيما يسمى بـ “الحرب الخامسة في الشمال”، ذكرت التقارير الصحفية مشاركة قوات الكوماندوس الأمريكية واللواء الجمهوري، بقيادة أحمد ابن الرئيس، في القتال.

استمرت الحرب بشكل متقطع خلال عامي 2009 و 2010؛ وكانت الثقة المتبادلة منخفضة، وعلى ما يبدو كان لدى كل من الطرفين صعوبة في الحفاظ على اتفاقية السلام القطرية. ويقال بأن الحكومة قامت بتسليح العشائر السنية المعارضة للمشاركة في القتال. عام 2010، تورطت المملكة العربية السعودية في الحرب “السابعة” عندما اخترقت جماعات من الحوثيين الأراضي السعودية. ترتبط المحافظات السعودية، عسير وجيزان ونجران، تاريخياً وقبلياً باليمن، وتتضمن جماعات كبيرة من الزيديين. ردت المملكة العربية السعودية بقصف مواقع الحوثيين على طول الحدود وفي عمق الأراضي اليمنية.

لم يشهد نيسان/أبريل عام 2011 “حرباً ثامنة”، لأن القوات اليمنية كانت متورطة بشدة في الاضطرابات الأهلية في المعقل ومحاربة الميليشيات في أبين، كما انشق علي المحسن – قائد اللواء الشمالي الذي كان عدو الحوثيين الرئيسي – إلى المعارضة في آذار/مارس عام 2011. وشهد الربيع العربي هيمنة الحوثيين على أجزاء كبيرة من الشمال المعززة والممتدة إلى محافظات الجوف وعمران وحجة. وذكرت الصحف بأن صعدة هي المدينة اليمنية الوحيدة التي لم تعانِ من نقص الغذاء والماء والوقود. وفي أيار/مايو، أعلن برنامج الغذاء العالمي عن استئناف تقديم المساعدات الغذائية إلى الشمال، واصفاً ذلك بالانجاز العظيم، لأن البرنامج أصبح قادراً على الوصول إلى مناطق كانت معزولة منذ بداية الصراع عام 2004.

في آذار/مارس عام 2011، تم تعيين فارس مناع حاكماً جديداً لصعدة، على ما يبدو بالتواطؤ مع زعماء الحوثيين، والذين زودهم بالسلاح لبعض الوقت. عام 2008، تم وضع مناع على القائمة السوداء من قبل الولايات المتحدة على أنه تاجر أسلحة، والذي يُزعم بأنه عمل بتجارة الأسلحة من أوروبا الشرقية إلى الصومال. وكان مناع حتى عام 2010 عضواً في حزب المؤتمر الشعبي العام وحليفاً للنظام في الحروب الشمالية.