وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حُكم آل خليفة منذ عام 1971

 آل خليفة
المنامة عام 1945

استقلال البحرين عام 1971

بعد إعلان الاستقلال، أعلن الأمير عيسى أن البحرين ستتبنى الشكل الدستوري للحكومة. تم إعداد مجلس وطني منتخب ذي سلطة استشارية فقط في دستور عام 1973 وتعيينه عام 1974، ولكن عيسى حلّ هذا المجلس الضعيف بعد عشرين شهراً فقط، وذلك عندما رفض تمرير قانون أمن الدولة. تميّزت ثمانينات وتسعينات القرن العشرين القمعية بالاضطرابات السياسية المستوحاة جزئياً من الثورة الإيرانية. وخلال هذه الفترة، ازداد التعاون العسكري مع الولايات الأمريكية المتحدة أيضاً. عام 1999، أعلنت وفاة الأمير عيسى عندما كان وزير الدفاع الأمريكي يهمّ بمغادرة قصر الأمير. خلف عيسى ابنه حمد الذي أدخل دستوراً جديداً عام 2002 وأعلن نفسه ملكاً. بدأ حمد فترة قصيرة الأمد من الإصلاح الليبرالي، سرعان ما ألغاه. كان البرلمان الثنائي المجلس الذي أدخله أقل قوّة ومستقلاً عن مجلس عام 1974.

نظام آل خليفة

حتى في منطقة معروفة بالحكومات الاستبدادية، لفترة طويلة، كان لنظام آل خليفة في البحرين سمعة سيئة بشكل خاص لطابعه القمعي. إحدى التفسيرات لذلك هو أن العائلة وصلت إلى الحكم في البحرين عن طريق الغزو. وعندما وصلوا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، كان الأرخبيل مأهولاً بشكل أساسي بالشيعة العرب الأصليين (البحارنة). بقي آل خليفة السنّة إلى حد كبير بمنأى عن البحارنة أثناء تأسيس حكمهم، معتمدين بالأحرى على دعم قبائل العتوب السنّة الأخرى الذين كانوا قد هاجروا معهم من الكويت في الأصل. كما اعتمدوا على دعم النجديين الحضر (تجار سنّة غير قبليين من وسط العربية، استقروا في مدن البحرين الساحلية في نفس الفترة التي وصلت فيها العتوب أو بعد ذلك بوقت قصير). ومنذ البداية، كان الحوار السياسي بين الطبقة الحاكمة السنّية الناشئة والبحارنة الشيعة المرؤوسين غائباً تماماً تقريباً.

التفسير الثاني هو بيئة الأرخبيل غير العادية. حتى وقت قريب، كانت أكبر جزر الأرخبيل خضراء نسبياً. وهذا ما جعل الزراعة المستقرة ممكنة، معظمها زراعة تمور، وهذا بدوره سهّل إقامة حكم إقطاعي شبه مركزي كان مستحيل الحدوث في المناطق الأكثر جفافاً والأكثر رعوية مثل قطر. وقام كل ملك جديد من آل خليفة بتوزيع مزارع التمور القائمة وحقوق القرى الإقطاعية بين أفراد الأسرة الأقوياء أو المفضلين كإقطاعيات خاصة. واصل البحارنة في الأرياف العمل في الأرض، بينما كان الإقطاعيون من آل خليفة يجنون الأرباح المالية التي تدرها المزارع. وتمّيزت سلطة أولئك الإقطاعيين بالحراس الشخصيين المسلحين من العبيد السود. وتوسعت الفجوة بين الحاكم والمحكوم جراء النظام الإقطاعي الذي هيمن على الجزر حتى فترة الاستعمار.

نظام آل خليفة

حتى في منطقة معروفة بالحكومات الاستبدادية، لفترة طويلة، كان لنظام آل خليفة في البحرين سمعة سيئة بشكل خاص لطابعه القمعي. إحدى التفسيرات لذلك هو أن العائلة وصلت إلى الحكم في البحرين عن طريق الغزو. وعندما وصلوا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، كان الأرخبيل مأهولاً بشكل أساسي بالشيعة العرب الأصليين (البحارنة). بقي آل خليفة السنّة إلى حد كبير بمنأى عن البحارنة أثناء تأسيس حكمهم، معتمدين بالأحرى على دعم قبائل العتوب السنّة الأخرى الذين كانوا قد هاجروا معهم من الكويت في الأصل. كما اعتمدوا على دعم النجديين الحضر (تجار سنّة غير قبليين من وسط العربية، استقروا في مدن البحرين الساحلية في نفس الفترة التي وصلت فيها العتوب أو بعد ذلك بوقت قصير). ومنذ البداية، كان الحوار السياسي بين الطبقة الحاكمة السنّية الناشئة والبحارنة الشيعة المرؤوسين غائباً تماماً تقريباً.

التفسير الثاني هو بيئة الأرخبيل غير العادية. حتى وقت قريب، كانت أكبر جزر الأرخبيل خضراء نسبياً. وهذا ما جعل الزراعة المستقرة ممكنة، معظمها زراعة تمور، وهذا بدوره سهّل إقامة حكم إقطاعي شبه مركزي كان مستحيل الحدوث في المناطق الأكثر جفافاً والأكثر رعوية مثل قطر. وقام كل ملك جديد من آل خليفة بتوزيع مزارع التمور القائمة وحقوق القرى الإقطاعية بين أفراد الأسرة الأقوياء أو المفضلين كإقطاعيات خاصة. واصل البحارنة في الأرياف العمل في الأرض، بينما كان الإقطاعيون من آل خليفة يجنون الأرباح المالية التي تدرها المزارع. وتمّيزت سلطة أولئك الإقطاعيين بالحراس الشخصيين المسلحين من العبيد السود. وتوسعت الفجوة بين الحاكم والمحكوم جراء النظام الإقطاعي الذي هيمن على الجزر حتى فترة الاستعمار.

الاجراءات البريطانية القمعية

 آل خليفة
صيد اللؤلؤ عام 1911

التفسير الثالث هو الإدارة الاستعمارية البريطانية. أصبحت سلطة آل خليفة المحلية تتركز بشكل متزايد في يد واحد أو أكثر من زعماء المشايخ خلال الهيمنة البريطانية-الهندية العسكرية والاقتصادية على منطقة الخليج. وكانت السفن الحربية البريطانية-الهندية قد أنشأت “السلام البريطاني Pax Britannica” في أوائل القرن التاسع عشر. طرح الدبلوماسيون البريطانيون-الهنديون وفرة من المعاهدات على الشيوخ الأكثر قوة في الخليج، وكانت إحدى نتائجها الثانوية الهامة تعزيز وضع هؤلاء الشيوخ بشكل كبير في عيون أقرانهم ورعاياهم.

وبدعم من الاعتراف البريطاني الرسمي، تمكن هؤلاء الشيوخ من ترقية مناصبهم المحلية من رؤساء شيوخ قبائل إلى “حكام” بلا منازع على بقعة معينة من الأرض، غالباً غير محددة ودائماً غير مرسومة. ولمصالحها الخاصة في جزر البحرين ذات الموقع الاستراتيجي، عززت بريطانيا الحكم المركزي فيها أكثر من أي مكان آخر في الخليج. لم يتسامح مستشارو حاكم آل خليفة من البريطانيين، الذين أحدثوا أولى قوات الأمن الوطنية ونظام الاستخبارات في البلاد، مع المعارضين السياسيين. فقد تم ترحيلهم إلى الهند، وبعد استقلال الهند عام 1947، إلى جزيرة القديسة هيلانة، المكان الذي نفي إليه نابليون.

جزّار البحرين

استمر آل خليفة بممارسة العادة الاستعمارية البريطانية بترحيل المعارضين “المحليين” بعد استقلال البحرين عام 1971. وفقط مؤخراً تم إلغاء النفي كعقاب سياسي بموجب دستور البلاد لعام 2002. وقبل عامين، تم أخيراً إلغاء رمز آخر للقمع عندما غادر البلاد أيان ستيورات هندرسون، آخر ضابط أمن بريطاني في البحرين. تم توظيف هندرسون في الأصل من قبل آل خليفة عام 1965 لإنشاء كتيبة شرطة خاصة. وعندما كان في أوج قوته، ترأس ثلاث مديريات مختلفة للأمن الداخلي، وكان أحد أقوى الرجال وأكثرهم مهابة في البلاد. بعد الاستقلال، كانت استقالته إحدى المطالب الرئيسية للمعارضة التي تم توظيفه في الأساس لإضعافها وتعذيب أعضائها شخصياً. لم يقدّم “جزار البحرين” هذا إلى المحكمة أبداً، لا في بريطانيا ولا في البحرين. بل تم تكريم هندرسون بلقب “قائد الإمبراطورية البريطانية” من قبل الملكة إليزابيت الثانية عام 1986، ويذكرنا بالتورط البريطاني، الرسمي وغير الرسمي، في إقامة دولة البحرين الاستبدادية والقمعية.