وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المجتمع في البحرين

قصر الصخير
قصر الصخير

المقدمة

في صيف عام 2006، وبعد أن أصبح برنامج Google Earth متوفراً للجمهور، قامت وزارة الإعلام بحجب الموقع، ولكن حتى ذلك الوقت، كان بإمكان شعب البحرين لأول مرة، وبنقرات قليلة من الماوس، مشاهدة التناقض الحاد بين حدائق القصر الخضراء الواسعة والمناطق الساحلية التي يمكن لأفراد الأسرة الحاكمة فقط الوصول إليها وبين القرى المغبرة والعالية الكثافة السكانية ذات الأغلبية الشيعية. والآن أصبح يمكن رؤية التفاوت.

أدت الرقابة فقط إلى المزيد من الاهتمام ولقطات الصور المحظورة التي انتشرت على نطاق واسع. كانت حيازة الأراضي في البحرين قضية حساسة منذ فترة طويلة. ولفترة طويلة من القرن العشرين، عانى البحارنة، أصحاب الأراضي الشيعة الأصليين، من المصادرة التعسفية لممتلكاتهم من قبل العائلة الحاكمة وحلفائها. ووفق مصادر في المعارضة، 95% من مساحة اليابسة في البلاد ذات ملكية خاصة، 80% تملكها العائلة الحاكمة نفسها. ومنذ ظهور اقتصاد النفط في خمسينات القرن العشرين، عندما أصبحت التنمية العقارية والصناعية أكثر ربحية من الزراعة – خاصة التمور – تم إفراغ الأراضي الزراعية السابقة بسرعة لبناء المناطق السكنية الفاخرة ومباني المكاتب وملاعب الغولف. وتدفق عمال الزراعة وصيادو اللؤلؤ السابقون إلى المدن، حيث يعيش معظمهم في أحياء الطبقة العاملة المزدحمة والفقيرة في المنامة والمحرق.

مع ذلك، كان هؤلاء المهاجرون من المناطق الريفية أحسن حالاً من الناحية المادية من أقاربهم الذين تركوهم وراءهم. وفي مدن البحرين، كان بعض التنقل الاجتماعي ممكناً بسبب الفرص التي يوفرها الاقتصاد النفطي الجديد. وظهرت الطبقات الوسطى من البحارنة الحضر تدريجياً. ولكن في قرى البحارنة، وفرت الأعمال التقليدية لزراعة التمور والصيد والحرف اليدوية آفاقاً أقل بكثير للتقدم المادي. وتظهر هذه القرى خصائص العالم غير المتطور: ارتفاع معدلات البطالة والخصوبة وتدني مستوى الخدمات التعليمية والاجتماعية. لا يمكن توضيح هذا التفاوت الوطني في توزيع ثروة البحرين بشكل أفضل من صور أراضي القصر الواسعة التي تقزّم قرى الشيعة البائسة المحيطة به – ومن هنا تأتي القوة الثورية لـ Google Earth في البحرين.

الأسرة

مؤشر المساواة بين الجنسين في البحرين
مؤشر المساواة بين الجنسين في البحرين عام 2011

يبقى المجتمع البحريني أبوياً بعمق. يرأس الزوج والأب الأسرة النووية ويراقب أخلاق زوجته وأولاده والإناث غير المتزوجات في العائلة الممتدة. عند الطلاق، تمنح المحاكم الدينية في البلاد الأمهات بشكل عام الوصاية على بناتهن دون التاسعة وأبنائهن دون السابعة، وعند هذا العمر تعود الحضانة إلى الأب عموماً. يحتفظ الأب بالوصاية على أولاده حتى بلوغهم الإحدى والعشرين سنة من العمر. وحتى الأب الذي لا يملك حق الوصاية يحتفظ بحقه في اتخاذ جميع القرارات القانونية المتعلقة بأولاده. للمرأة الحق في طلب الطلاق في المحاكم الدينية، ولكن يمكن للمحاكم أن ترفض الطلب.

المرأة

يمكن للمرأة الشيعية (بموجب القانون الشيعي) أن ترث، بينما لا ترث المرأة السنّية بموجب القانون المالكي السنّي في مسائل الأحوال الشخصية. لكن القيم تتغير بالفعل. أدى التحضّر السريع والتعليم العام والانكشاف على مواقف أكثر تحرراً، عن طريق وسائل الإعلام الحديثة والسفر، بالمرأة البحرينية إلى قضاء وقت أكثر وأكثر خارج المنزل. وحتى وقت قريب، كانت البحرين تعتبر رائدة بين دول الخليج العربي في مجال تعليم وعمل المرأة. فبينما تلحق باقي دول مجلس التعاون الخليجي والإمارات بركب البحرين أو – كما في حالة دبي – تجاوزتها بوضوح في الإمكانيات التعليمية والمهنية للمرأة، لا تزال البلاد تحتفظ بنسبة عالية نسبياً من النساء في القوى العاملة. تصل نسبتهن في القطاع الخاص إلى 13% فقط، ولكنهن يشكلن 42% من القوى العاملة العامة. حتى أن هذا الرقم أكثر إثارة للإعجاب نظراً لأن الكثير من النساء البحرينيات يتوقفن عن العمل عندما يتزوجن، فيبقى لهن بضع سنوات فقط بين التخرج والزواج ليكنّ فاعلات في سوق العمل. ولكن حتى هذا النموذج آخذ بالتغير: تعود النساء البحرينيات بشكل متزايد إلى العمل بعد ولادتهن.

التعليم

يعود نظام التعليم الرسمي في البحرين إلى عام 1932، وهو الأقدم في دول مجلس التعاون الخليجي. فمنذ صدور قانون التعليم عام 2005، أصبح التعليم إلزامياً ومجانياً لجميع الأطفال، المواطنين وغير المواطنين على حد سواء، من 6 إلى 15 سنة (الموافق للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة. ومع أن القانون الجديد يفرض غرامات على آباء الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة، إلا أن السلطات لا تطبق هذا القانون بحذافيره. تقترب نسبة التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي غير الإلزامي من 100%، والذكور حوالي 90%. ووفق وزارة التربية والتعليم في البحرين، التحق 62,958 من الذكور و 64,023 من الإناث بمدارس البحرين خلال العام الدراسي 2008-2009.

أهم مؤسسات التعليم العالي هي: جامعة البحرين وجامعة الخليج العربي. هناك اثنتا عشرة جامعة خاصة والعديد من المعاهد المتخصصة.

التعليم في البحرين
التعليم في البحرين. المصدر: وزارة التعليم في البحرين

نقص المهارات

تذهب ثلثا الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص إلى الأجانب. يفضل أرباب العمل في القطاع الخاص العمالة الأجنبية على السكان الأصليين، جزئياً بسبب افتقار البحرينيين إلى المهارات الضرورية. يعاني البلد على وجه الخصوص من نقص في التدريب المهني. ولإصلاح المشكلة، وكجزء من حملة أوسع نطاقاً لإصلاح نظام التعليم البحريني، تم افتتاح “بوليتكنك البحرين” عام 2008. حيث تقدم دورات لمدة عامين وأربعة أعوام في مجالات مثل التسويق والإعلان والهندسة.

الصحة

كانت البحرين الدولة الخليجية الأولى التي تقدم لرعاياها رعاية صحيّة مجانية. واليوم، ووفق منظمة الصحة العالمية (عام 2009)، متوسط العمر المتوقع في البحرين هو 73 للذكور و 76 للإناث، وتنفق البحرين 4,5% من الناتج الإجمالي المحلي على الرعاية الصحيّة. توفر مرافق وزارة الصحة الرعاية الصحية المجانية للبحرينيين والرعاية الصحية المدعومة لغير البحرينيين. تحتل البحرين مرتبة جيدة على مؤشرات الصحة الرئيسية: معدلات التلقيح مرتفعة ومعدلات وفيات الأمهات منخفضة.

حذرت منظمة الصحة العالمية مؤخراً من أن أمراض العصر – مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسرطان – “آخذة بالارتفاع بشكل كبير في البحرين، وتمثل الأسباب الرئيسية للوفاة في البلاد”. وتقول إن تدخين التبغ بين الرجال والنساء يشكل “مصدر قلق” والسمنة “مشكلة ناشئة كبرى”. الأمراض المعدية تحت السيطرة إلى حد كبير في البحرين “نتيجة لبرنامج التلقيح الفعّال جداً”. تم القضاء تقريباً على أمراض الأطفال المعدية، ولكن الإنتانات الفيروسية، مثل مرض السيلان والزهري والتهاب الكبد، آخذة بالارتفاع. ضربة الشمس هي الأكثر خطورة بين عمال البناء الأجانب: هناك حظر رسمي على العمل في الهواء الطلق بين الساعة 12 ظهراً والساعة 4 مساءً بين شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس، إلا أن أرباب العمل يتجاهلونه في كثير من الأحيان.

الجريمة

في البحرين معدلات جريمة منخفضة. وفق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، سجّلت البحرين معدل 0,6 جريمة قتل لكل 100,000 مواطن في عام 2008 (أحدث الأرقام المتوفرة).

وفق منظمة العفو الدولية، تفرض البحرين عقوبة الإعدام فقط على غير المواطنين. ووفق منظمة حقوق الإنسان، تم إعدام شخص واحد على الأقل عام 2010 وحكم على شخص آخر بالإعدام. جرائم الشوارع العنيفة أمر نادر الحدوث، ولكنه آخذ بالارتفاع. وأكثر الجنح شيوعاً هي نشل المحفظة والهاتف المحمول من السيارات أو الجيوب. تلقي بعض المصادر باللائمة على المهاجرين من جنوب آسيا، في حين يؤكد آخرون بأن الآسيويين الجنوبيين هم الضحايا الأكثر شيوعاً، مدّعين أن مجموعات من الشباب المحليين يهاجمون الآسيويين الجنوبيين ويسرقونهم في الشوارع. تنقل منظمات الجريمة الدولية المخدرات إلى سوق المخدرات المحلية الصغيرة وإنما المتنامية (وإن كانت ليست على مستوى دبي التي تشكل بوابة شحن كبيرة). ومع أن العقوبات المفروضة على استخدام المخدرات وخيمة، إلا أن القانون لا يحظر الاتجار بالبشر بالتحديد.

وفق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لحقوق الانسان لعام 2010، يعتبر الاتجار بالبشر مشكلة كبيرة، كما إساءة معاملة العمال الأجانب، ولا سيما العاملات في المنازل. ويعتقد أن العنف ضد المرأة منتشر، ولا سيما العنف الزوجي، ولكن ليس هناك قوانين بحرينية تعالج العنف ضد المرأة بشكل صريح. وبينما الاغتصاب غير قانوني وتتم إدانة مرتكبيه، لا يعالج القانون موضوع الاغتصاب الزوجي. ولا يزال التحرش الجنسي مشكلة واسعة الانتشار، وقد ذكرت الصحف المحلية عدة حالات تعرض فيها الجناة للاعتقال.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “المجتمع” و “البحرين”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: