وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تاريخ البحرين

تاريخ البحرين

المقدمة

منذ حوالي 5000 عام، (2800 ق.م– 323 ق.م) كانت البحرين موطناً لحضارة دلمون من العصر البرونزي، والتي استمرت نحو ألفي سنة. وكانت مملكة دلمون مركزاً تجارياً مهماً، وقد اتصلت بمراكز حضارية مع وادي السند وفارس والساحل الشرقي لأفريقيا وحضارة بلاد الرافدين. كما كانت هذه المملكة مركز ربط للتجارة بين الجزيرة العربية والهند، وهو مركز ما زالت البحرين تحتفظ به، فضلاً عن عمل أهلها في نشاطي الزراعة وصيد الأسماك. ويعود اسم بحرين “مثنى بحر” للدلالة على تمتعها بمصادر مزدوجة للمياه العذبة.

احتُلت البحرين بالتناوب من قبل البابليين والسومريين واليونانيين والفرس والبرتغاليين والأتراك، وآخرين. وعرَّف اليونانيون جزيرة البحرين باسم “تايلوس” (323ق.م- 200م)، وسميت بعد ذلك “أوال” حتى أوائل العصر الإسلامي نسبة إلى قبيلة بني وائل العربية العدنانية المهاجرة إليها من شبه الجزيرة العربية.

ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تصنّف مملكة البحرين كأرضٍ قديمة غنية بالثقافة والتاريخ، فقلعة البحرين عاصمة دلمون مدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي. كما أن العديد من المواقع الأخرى مثل مقابر عالي الأثرية ومعبد باربار ومتنزه سار للتراث وحصن عراد ومحمية جزر حوار يجري النظر فيها لإدراجها في قائمة التراث العالمي. وقد أضيفت مدافن دلمون الأثرية على قائمة التراث العالمي في العام 2019.

العصور الوسطى والإسلام

كانت البحرين من أوائل الأقاليم التي دخلها الإسلام في القرن السابع، وشارك أهلها في “الفتوحات الإسلامية”. وفي العهد الأموي (661–750)، أصبحت البحرين تابعة لإمارة البصرة في العراق، وبه ازدهرت الحركة التجارية بسبب إصلاح الطرق البرية وتنشيط حركة الملاحة البحرية وانتعاش تجارة العبور عبر الخليج العربي/الفارسي. بعد ذلك، تعاقبت على البحرين سلطات العصر العباسي، حتى أصبحت تحت حكم ملوك هرمز في عام 1230م. وحكم ملوك هرمز البحرين ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة حين أخذوا البحرين من الجبوريين في منتصف عام 1521م واستمر حكمهم لها حوالي 80 عاماً، حين أخذها الصفويون [سلالة من شاهات بلاد فارس] عام 1602م. وفي سنة 1529م، قام الملك الهرمزي توران شاه محمد شاه، ابن مظفر الدين مهار توران شاه، بتعيين جلال الدين مراد محمود شاه حاكماً على البحرين والذي حكمها عام 1529م وحتى مقتله 1577م.

أسس جلال الدين أسرة حاكمة في البحرين باسم أسرة «برانغار» أي السواحلي، وحكم من بعده ابنه الأول كمال «جمال» الدين محمود مسعود شاه حتى مقتله عام 1602م ومن ثم ابنه الثاني أمير يوسف شاه حتى مقتله في معركة ضد المحاولة الأخيرة للبرتغاليين لاستعادة البحرين عام 1605م.

من العثمانيين إلى الحماية البريطانية

ضمّ العثمانيون الإحساء إلى ملكهم سنة 1550م، وفي يونيو/حزيران 1559م، وصل الجيش العثماني إلى البحرين بقيادة مصطفى باشا والي الإحساء. وفي عام 1861، أصبحت البحرين محمية بريطانية، وفي عام 1913م وقعت بريطانيا والدولة العثمانية معاهدة تعترف باستقلال البحرين، على أن تبقى الدولة تحت الإدارة البريطانية.

اكتشف النفط في جبل الدخان بالبحرين عام 1931م، وبدأ الإنتاج في العام التالي. وتولى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الحكم عام 1961. وفي يناير 1970، ترأس شقيق الحاكم الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة المجلس الإداري للدولة، وتخلت إيران في العام ذاته عن مطالبتها بالسيادة على البحرين بعد أن أظهر تقريراً للأمم المتحدة أن البحرينيين يريدون دولتهم أن تبقى مستقلة.

الاستقلال والمملكة الدستورية

وفي أغسطس 1971، أعلنت البحرين استقلالها وتوقيع معاهدة جديدة للصداقة مع بريطانيا، وأصبح الشيخ عيسى أول أمير للبلاد، وتحول مجلس الدولة إلى مجلس للوزراء. وبعد الإعلان الرسمي للاستقلال في نهاية العام ذاته، وقعت الإمارة الجديدة اتفاقاً يسمح للولايات المتحدة باستئجار المرافق البحرية والعسكرية.

ومع نهاية عام 1972، عقدت أول انتخابات للمجلس الدستوري في البلاد، واقتصر التصويت على الذكور فوق سن 20 عاماً فقط.

انضمت البحرين إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية مايو/أيار 1981، والذي يضم أيضاً الكويت، وعمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة. ومع نهاية العام، اتُهمت “الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين” بزعامة رجل الدين الشيعي حجة الإسلام هادي مدرسي بالتآمر للإطاحة بالحكومة في اليوم الوطني للبحرين 16 ديسمبر/كانون الأول.

احتلت القوات القطرية أبريل 1986 جزيرة فشت ديبال وانسحبت بعد شهرين بوساطة سعودية، وفي العام ذاته تم افتتاح جسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالمملكة العربية السعودية.

شاركت البحرين عام 1991 في ائتلاف “عملية عاصفة الصحراء” ضد العراق في حرب الخليج، وذلك كجزء من قوات درع الجزيرة التابع لمجلس التعاون الخليجي. وفي يوليو/تموز من العام ذاته، نقلت قطر مطالبتها الإقليمية بجزر حوار، وفشت ديبال، وجرادة قيتات إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وما لبثت أن وقعت البحرين بعد ثلاثة أشهر اتفاقية للتعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة تنصّ على حماية مرافق الميناء وإجراء مناورات عسكرية مشتركة.

وقد حفِل عقد التسعينيات من القرن العشرين بسلسلةٍ من القلاقل الأمنية بين الأكثرية الشيعية والسلطة السنية الحاكمة على الرغم من تعديلات وزارية أسفرت عن ضم خمسة وزراء من الشيعة عام 1995.

مع نهاية الألفية الثانية، توفي الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، وخلفه نجله حمد بن عيسى آل خليفة في مارس 1999. وشهد العقد الأول للحاكم الجديد سلسلة من الإجراءات والإصلاحات على المستوى السياسي، أبرزها تحوّل الإمارة الصغيرة إلى مملكة دستورية، وتعيين مسيحي ويهودي وأربع نساء في مجلس الشورى، ومنح المرأة حق التصويت والترشح للمناصب السياسية، وتعين أول امرأة في منصب وزاري، وأخرى يهودية في منصب سفير، وإجراء أوّل انتخابات محلية وبرلمانية منذ 30 عاماً تقريباً في عام 2002.