وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الإصلاح في البحرين عام 1999

الملك حمد بن عيسى آل خليفة
الملك حمد بن عيسى آل خليفة

المقدمة

عندما توفي الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة في 6 آذار/مارس عام 1999 بنوبة قلبية بعد حكم دام أكثر من 37 عاماً، ترك البلاد وراءه في حالة اضطراب. وصل العداء الطويل الأمد بين شيعة المدن الساخطين والطبقات العليا التي معظمها من السنّة والمسيطرة على القطاع التجاري في المنامة وعلى الحكومة، إلى أوجه في أواخر تسعينات القرن لعشرين. واعتباراً من عام 1994، تصادم المتظاهرون الشيعة مراراً مع قوات الأمن المستعدة دائماً لإطلاق النار.

طالب المتظاهرون باستعادة المجلس الوطني المنتخب الذي كان في الفترة من عام 1973 إلى عام 1975 (عندما تم تعليق الدستور) والعودة إلى الحكم الدستوري. دائماً ما كانت الحكومة تشير إلى التأثيرات “الأجنبية” (أي إيران)، ولكن يمكن التوصل إلى جذور الاضطرابات الداخلية والاجتماعية والاقتصادية بوضوح من ازدياد هجمات الحرائق المتعمدة الموجهة إلى العمال الآسيويين المهاجرين. كان وضع الاقتصاد غير مستقر، ومن الطبيعي أن يمقت الشيعة العاطلون عن العمل استيراد العمال بأجور مرتفعة من الدول الآسيوية الأقل تطوراً.

جذبت أعمال الشغب المنتظمة في الشوارع وقمعها من قبل الحكومة انتباه الصحفيين الغربيين ومنظمات حقوق الانسان. وبدورها أدت الصحافة السيئة في البحرين إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية، مما فاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في التسعينات. بدا الحكم الاستبدادي لآل خليفة وكأنه في خطر محدق. وقيل أن بعض أفراد الأسرة الحاكمة، بما فيهم الأمير عيسى وابنه حمد، اعتقدوا بضرورة تقديم تنازلات سياسية لتحقيق الاستقرار في البلاد وضمان مكانة آل خليفة، ولكن السلطة الحقيقية في البحرين لم تكن في يد الأمير وبطانته المفترض أنهم من الاصلاحيين.

كان الأمير عيسى حاكماً بالاسم، بينما شقيقه خليفة بن سلمان، الذي كان رئيس وزراء لفترة طويلة، كان الحاكم الفعلي. سيطر خليفة على قوات الأمن وعيّن المؤيدين المخلصين في مناصب وزارية رئيسية. فضّل خليفة القبضة الحديدية القديمة والمجرّبة على منح الامتيازات السياسية، مهما كانت محدودة، كحل لمشاكل البلاد. وعندما خلف حمد بن عيسى والده عام 1999، كان عليه ليس فقط مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الطاغية في البلاد، وإنما أيضاً عمه القوي.

قوة دفاع البحرين

في صراعه مع أنصار عمه، اعتمد حمد بن عيسى على دعم الجيش، قوة دفاع البحرين التي أنشأها بنفسه في السبعينات وبقيت تحت سيطرته. كان الدعم الثابت للجيش حاسماً بالنسبة لحمد، الحقيقة التي أكدها بذاته بعد وقت قصير من توليه السلطة عام 1999، وذلك عند تقديم وارثه وابنه الأكبر سلمان كقائد أعلى جديد لقوة دفاع البحرين. لكن حمد كان بحاجة إلى قاعدة قوة أوسع لمواجهة خليفة، لذلك اعتمد على مجموعة الاصلاحيين الذين كانوا يحيطون بوالده الراحل. وبينما أظهر الأمير الجديد فتوراً ونزعة غير مقنعة نحو التحرر السياسي قبل عام 1999 – حيث شاركت قوة دفاع البحرين بنشاط في عمليات قمع، واعتمد على مجندين باكستانيين بدلاً من الشباب الشيعي المحلي لملء الصفوف الدنيا من جيشه – أعلن حمد فجأة وبشكل مثير للاستغراب عن برنامج طموح للإصلاحات السياسية في خطاب اليوم الوطني في كانون الثاني/ديسمبر عام 1999.

"الحوار الوطني"

في خطوة غير مسبوقة، دعا حمد المثقفين إلى القصر للتشاور، ووعد بـ “حوار وطني” حول الدستور. وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 2000، عيّن لجنة لإعداد ميثاق وطني حول “الإطار العام لنهج الدولة المستقبلي”. وتم عرض مسودة الميثاق على عامة الشعب في الشهر التالي. كان المشروع طموحاً وفق المعايير المحلية – فقد نص على فروع حكومية تنفيذية وقضائية وتشريعية، والشعب باعتباره مصدر السلطات جميعاً، وحقوق سياسية للمرأة، وحرية التعبير. بيد أنه كان غامضاً بشكل ينذر بالشؤم.

علاوة على ذلك، حدد الميثاق الأمير على أنه “رئيس السلطات الثلاث” ونص على برلمان من مجلسين حيث يتألف “المجلس الثاني” من “أهل كفاءة وخبرة” يتم تعيينهم. وعلى الرغم من بعض الشكوك، أقنعت الحكومة المعارضة بالنوايا الليبرالية للميثاق عن طريق إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين المتبقيين وإظهار الإذعان لمطالبهم بأن يكون للهيئة المنتخبة سلطة تشريعية كما كان الحال من 1973 إلى 1975.[/three_fourth]

الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة
الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة

رئيس الوزراء خليفة بن سلمان
رئيس الوزراء خليفة بن سلمان

الملك حمد بن عيسى آل خليفة
الملك حمد بن عيسى آل خليفة