وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

البحرين: الحماية البريطانية منذ أوائل القرن السابع عشر

التحالف البريطاني مع آل خليفة

كان أسلاف الأسرة الحاكمة الحالية في البحرين، آل خليفة، من بين القبائل البدوية السنيّة المعروفة بشكل جماعي باسم بني عتبة/العتوب، والذين هاجروا من وسط الجزيرة العربية إلى الكويت في أوائل القرن الثامن عشر. عام 1766، كان آل خليفة من بين مجموعة العتوب الذين أبحروا من الكويت إلى شبه جزيرة قطر، واستقروا على ساحلها الشمالي الغربي. كان هذا الموقع ملائماً لأرصفة البحرين الغنية باللؤلؤ، حيث كان لقبائل العتوب مصالح تجارية بينما كانوا يقيمون في الكويت. عام 1782، انتقل أفراد قبائل العتوب إلى جزر البحرين – التي كانت آنذاك تحت سيطرة الفرس من خلال الحاكم العماني – مما أثار محاولة فاشلة للفرس-العمانيين بطردهم من المنطقة عام 1783. وفي أعقاب انتصارهم المفاجئ، استقر العتوب في جزر البحرين ذات الأغلبية الشيعية الساحقة.

نتيجة انتصار العتوب على الفرس، حققت قبيلة آل خليفة سيادة سياسية في الأرخبيل. نجح مؤسس السلالة المالكة الحالية، أحمد بن خليفة (المعروف باسم الفاتح)، والذي حكم حتى عام 1794، في إحباط محاولات الفرس والعمانيين في استعادة سلطتهم. إلا أن ابني أحمد المشتركين في الحكم، سلمان وعبد الله، كانوا أقل نجاحاً، وأصبحوا تابعين بشكل مؤقت لآل سعود في نجد وحاكم عمان على التوالي. وعند وفاة سلمان عام 1825، انقسمت الأسرة الحاكمة إلى فرعين متنافسين. وكانت العشيرتان المتنافستان، مقر الأولى في المنامة والثانية في قطر، مدعومتين بحلفاء أجانب. ومن وقت لآخر، اجتاح العنف الجزر، وتم استهداف أفراد مجتمع التجار الأغنياء المحليين الذين كانوا تحت حماية “الراج البريطاني” في الهند.

كانت شركة الهند الشرقية البريطانية متواجدة في منطقة الخليج منذ أوائل القرن السابع عشر. عام 1816، زار البحرين ممثل الشركة في بلاد فارس – ما يسمى بالمقيم، في بوشهر – بناء على دعوة من الحاكم الشريك عبد الله. فوقعا اتفاق صداقة يسمح بإنشاء وكالة للشركة في البحرين، بالإضافة إلى تشجيع التجارة السلمية المتبادلة. وسرعان ما تم تعيين تاجر هندي كأول وكيل “محلي” للشركة. يميّز هذا التعيين بداية النفوذ السياسي البريطاني الهندي في شؤون البحرين الداخلية والخارجية. أصبح المقيم السياسي للحكومة الهندية، الذي حل محل شركة الهند الشرقية المحلولة عام 1858، صانع الملوك في البحرين من مقر إقامته في بوشهر.

إضفاء الطابع المؤسساتي على حكم آل خليفة

عام 1861، قام المقيم السياسي بتعيين عيسى بن علي آل خليفة (عيسى الكبير) ذي الإحدى والعشرين سنة من العمر حاكماً جديداً للبحرين، مما أنهى عقوداً من الصراع الداخلي على نحو فعّال. حكم الشيخ عيسى بسلام تحت إشراف بريطاني حتى عام 1923، عندما استبدله البريطانيون بابنه البكر حمد الأكثر ليونة. في تلك الأثناء، بلغت السلطة البريطانية-الهندية أوجها في الخليج – وخاصة في البحرين. عام 1900، تم استبدال الوكلاء “المحليين” في مشيخات الخليج بوكلاء بريطانيين من الخدمة السياسية الهندية، والذين كانوا يميلون لحكم المشيخات كإقطاعيات خاصة بهم. وعندما اكتشف النفط في جبل دخان عام 1932، خصص البريطانيون جزءً من العائدات لبناء الإدارة الاستعمارية التي تم بناء دولة البحرين الحديثة عليها. ومن خلال إنشاء قوة شرطة قوية ونفي المعارضين السياسيين إلى الهند، وضعت بريطانيا مخطط نظام سياسي قمعي اعتمد عليه حكام آل خليفة بعد الاستقلال.

تشارلز بلغرايف

استقلال البحرين 1971

“”استقلال البحرين 1971″” by Mark Morgan Trinidad A is licensed under CC BY 2.0

كان “المستشار” البريطاني تشارلز د. بلغرايف الحاكم الفعلي للبحرين لمدة حوالي 30 عاماً. وكانت الحكومة البريطانية في الهند قد عيّنته عام 1962″سكرتيراً شخصياً” لحمد بن عيسى آل خليفة بهدف زيادة تعزيز السيطرة البريطانية على الشؤون الداخلية للبحرين. وضع بلغرايف أسس إدارة الدولة الحديثة والبنية التحتية المادية والجهاز الأمني. عام 1957، اضطر إلى مغادرة البحرين بعد أن أصبح محور مظاهرات القومية العربية المعادية لبريطانيا.

خلف سلمان بن حمد والده عام 1942. ومن المحتمل أنه أدرك من النهاية المفاجئة للراج البريطاني الهندي عام 1947 عدم الاعتماد أكثر على الدعم البريطاني لحكم أسرته. عام 1948، وقّع سلمان اتفاقاً مع المملكة العربية السعودية اعترافاً منه بالقوة الصاعدة لجارته الطموحة. وعند وفاة سلمان عام 1961، دعمت السعودية حكومة خلفه، عيسى بن سلمان آل خليفة، عسكرياً ومالياً.

وعندما أعلنت بريطانيا انسحابها السياسي من منطقة “شرق السويس” عام 1968، لم يقم عيسى بن سلمان بدمج البحرين في أساسات القوة الإقليمية فحسب، وإنما أيضاً ورث دولة حديثة ذات هوية مميزة. وبالتالي، لم يكن هناك حاجة ملحة لانضمام البحرين إلى مشيخات الخليج الأدنى فيما أصبح يدعى لاحقاً بالإمارات العربية المتحدة. وفي 11 آب/أغسطس عام 1971، أصبحت البحرين إمارة مستقلة.