وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

القمع في البحرين عام 2004

صورة عملاقة للملك حمد بن عيسى آل خليفة في المنامة
صورة عملاقة للملك حمد بن عيسى آل خليفة في المنامة

المقدمة

عام 2004، عادت الحكومة إلى سياسة القمع والترهيب العنيف. وترددت في البحرين أصداء انعدام الأمن الإقليمي الناتج عن احتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة و “الحرب على الإرهاب” الدولي والوضع المتدهور في فلسطين. وزعزعت زيادة شعبية رجال السياسة من الإسلاميين الشيعة استقرار الحكومة، خاصة عندما خضع العراق إلى صراع طائفي ثم حرب أهلية. ومالت كفة ميزان القوى الجديد في منطقة الخليج لصالح إيران، المسألة التي أقلقت المملكة العربية السعودية وحلفاءها الغربيين الذين غضوا الطرف الآن عن الجهود التي تبذلها الحكومة البحرينية للحد من المعارضة الشيعية في الغالب؛ وبالتالي تمكنت الحكومة البحرينية من كبح الجماح المتزايد للمعارضة الصاخبة وجماعات حقوق الانسان.

في نيسان/أبريل عام 2004، تم إعتقال رئيس لجنة شهداء وضحايا التعذيب بعد أن قام نشطاء حقوق الانسان بتنظيم احتجاج في البحرين خلال أول سباق فورمولا وان. في كانون الأول/ديسمبر، اعتقل عبد الهادي الخواجة، المدير التنفيذي لمركز البحرين لحقوق الانسان من قبل قوات الأمن، وتم حل مركزه. وفي وقت سابق، دعا الخواجة إلى استقالة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، الذي اتهم على نطاق واسع بانتهاكات حقوق الإنسان والفساد.

وفي العام نفسه، تمت محاكمة 19 من أعضاء الجمعيات السياسية الرئيسية في البلاد، بما في ذلك “الوفاق” الشيعية غالباً و “الوسط” القومية السنّية و “جمعية العمل الوطني الديمقراطي” اليسارية العلمانية بتهمة “تقويض الدولة” عن طريق محاولة جمع تواقيع معارضة للدستور المعدّل. وأدخلت الحكومة قانوناً جديداً للحد من أنشطة الجماعات السياسية.

لكن الاضطرابات الاجتماعية استمرت، وأعادت المواجهات المتواترة المتزايدة بين المتظاهرين وقوات الأمن الكثير من ذكرى التسعينات العنيفة. في 12 آب/أغسطس عام 2006، وقّع الملك حمد قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل إلى حد كبير، والذي حظّر أي عمل من شأنه “الإخلال بالوحدة الوطنية” أو “تعطيل السلطات العامة من أداء واجباتها”. تزايدت ادعاءات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان حول سوء المعاملة والتعذيب في السجون، مشيرة إلى تدهور خطير في الوضع الإنساني المحلي.

هذا ما دفع الحكومة البحرينية إلى تحذير نشطاء حقوق الانسان المحليين في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2008 بعدم الاجتماع مع مسؤولين أجانب أثناء تواجدهم في الخارج ومناقشة قضايا من شأنها “إضعاف الثقة المالية في دولة البحرين أو النيل من هيبتها”.

الانتخابات البرلمانية

في تلك الأثناء، استمرت التجربة البرلمانية. وفي نهاية عام 2006، شاركت “الوفاق” بالانتخابات البرلمانية. ومن ثم فازت بـ 17 مقعداً من أصل أربعين وأصبحت أكبر مجموعة في مجلس النواب. كما فازت “جمعية الأصالة الإسلامية” السنّية بخمسة مقاعد وجمعية “المنبر” بسبعة. لم يفز أي ممثل علماني، وكانت “لطيفة القعود” المستقلة أول امرأة بحرينية تفوز بمقعد. وكالعادة، احتفظ أفراد عائلة آل خليفة بمناصبهم الحكومية الرئيسية.

ولم يتم تعيين أي عضو من “الوفاق” في مجلس الوزراء، وبقي خليفة بن سلمان رئيس المجلس. وفي مجلس النواب، مارست المعارضة حقها في انتخاب وزراء الحكومة، ولكن تأثيرهم على سياسة الحكومة بقي في الحد الأدنى. ومع غياب الإصلاح الجوهري والركود الاقتصادي الشديد الذي يلوح في الأفق، كانت مرونة النظام السياسي في البحرين على وشك خضوعها لاختبار جدي.