اجتمع، في 16 يناير 2014، ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ونائب القائد الأعلى لقوات الدفاع البحرينية بوفد من جمعية الوفاق (المعارضة الشيعية) التي يرأسها رجل الدين الشيعي علي السلمان. واعتبر هذا الإجتماع من قِبل الدوائر الدولية “تفعيلاً لعملية الحوار السياسي” لحل الازمة السياسية المستمرة في البحرين منذ ثلاث سنوات، والتي انتهت رسمياً قبل ثمانية أيام لتعليق المعارضة مشاركتها في سبتمبر 2013.
واعتبر الإجتماع المفتوح لولي العهد مع المعارضة خطوة جريئة. كما التقى ولي العهد أيضاً مع وفد يمثل جمعيات الفاتح (الإئتلاف الموالي للحكومة) برئاسة الشيخ عبداللطيف المحمود ووفد آخر يمثل السلطة التشريعية.
وفي بيانٍ رسمي، أعلن القصر الملكي ” نيته عقد لقاءات ثنائية مع الأطراف المشاركة في الحوار، لضمان تمثيل رؤيا واضحة لكل طرف والتأكيد على الإرادة القوية لدور الحكومة في توحيد المجتمع والحفاظ على الوحدة”.
هذه الدعوة إلى الحوار، والتي تبعتها عدة بيانات من القصر الملكي، وضعت الأسس لحوارٍ مستقبلي، في ظل الوضع الأمني المتوتر. وطالبت المعارضة التي يقودها الشيعة، والتي تدّعي أنها تمثل الأغلبية الشيعية في البحرين، باستمرار الأجواء الأيجابية التي تُشّرع أي أبواب للحوّار، بما في ذلك إطلاق سراح سجناء الرأي ووقف المحاكمات والمداهمات الأمنية والقيود المفروضة على حرية الكلام. وطالب ممثلي الفاتح، من جانبهم، بوقف العنف من قِبل المعارضة.
بعد أسبوعين من هذه الدعوة إلى الحوار، أصدرت المحكمة الإدراية حكماً بحل مجلس علماء الشيعة وتصفية أمواله. هذا ويضم المجلس العديد من علماء الشيعة البارزين ممن يدعمون المعارضة. وجاء هذا الحكم على خلفية دعوى قضائية أقامها وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف. وقد أتهم أعضاء المجلس باستغلاله من أجل القيام بأنشطة سياسية تحت غطاء الطائفة الدينية، حيث وصفت المعارضة القرار بأنه تدخل في شؤون الدين.
الاضطهاد مستمر
وفي أبريل، رحلّت السلطات البحرينية رجل الدين الشيعي حسين نجاتي (الممثل البحريني لرجل الدين الشيعي الاكثر نفوذاً في العراق) إلى بيروت، بعد أن أسقطت السلطات الجنسية البحرينية عن رجل الدين الشيعي و30 بحرينياً آخرين في ديسمبر 2012. وفي هذه الأثناء، استمرت، في بعض الأحيان، احتجاجات عنيفة من قِبل المتظاهرين الشيعة. وتبقى هذه المظاهرات محدودة نوعاً ما مقارنةً بمظاهرات عام 2011، التي سحقتها قوات الأمن التابعة للنظام الملكي السني. وأصبحت بعض جماعات المعارضة متطرفة في رد فعلها اتجاه تدهور حقوق الإنسان وطالبت بالإطاحة بالنظام الملكي.
ومع ذلك، يتمسك تيار الوفاق بمطلبه بأن تجلب الإصلاحات نظاماً ملكياً دستورياً. وتتهم السلطات المعارضة بتبعيتها لإيران، وهو إدعاءٌ نفته كل من إيران وجماعات المعارضة. كما تتهم الحكومة وجماعات الأغلبية السنية الموالية للحكومة، المعارضة بالتحريض على العنف والإرهاب.
لم تنتهي أعمال العنف والثأر بعد دعوة الحكومة للحوار. واعتبرت المؤسسات التي تديرها الحكومة والأحزاب الموالية أنّ أعمال العنف التي تُثيرها الجماعات المتطرفة التابعة للمعارضة مؤشر، لا لُبس فيه، بعدم استعداد الأخير بأن يكونوا جزءاً من الحوار. ومن ناحيةٍ أخرى، رأت المعارضة أنّ الإستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن يعدّ السبب الرئيسي لتردي حقوق الإنسان ومؤشر على عدم وجود إرادة جادة من قبل الحكومة للدخول في حوار.
كما تشكو المعارضة أيضاً من أنّ الناشطين قد حُكم عليهم بالسجن لمدة طويلة. ووفقاً لجمعية الوفاق، أصدر القضاء أحكاماً بالسجن تصل إلى أكثر من 1700 سنة ضد 173 متهماً في أبريل 2014. من بين هذه الأحكام، ما أُصدر بحق 12 متهماً بالسجن مدى الحياة بتهمة التواطؤ مع أطراف ثالثة. كما تم الحكم على متهمين آخرين بالسجن خمسة عشر عاماً بتهمة التعاون مع أطراف ثالثة، وحُكم على البعض الآخر بالسجن مدى الحياة بتهمة علاقتهم بموجة التفجيرات.
في غضون ذلك، استكمل وفد فني من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف زيارته لمملكة البحرين. وخلال الزيارة التي استمرت لشهرين، قام الوفد بالتعاون مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، بوضع برنامج لمواجهة تحديات حقوق الإنسان.
وجاءت هذه الزيارة بعد حوار مطول بين المفوضية والحكومة حول الدور الحقيقي الذي يمكن أن تقوم به المفوضية في البحرين. طالبت المفوضية بعدم إعاقة عملها خلال الزيارة، ولكن حاولت الحكومة منع أي انتهاك لسيادة الدولة. ولذلك، تم تأجيل الزيارة الخاصة المقررة للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، السيد خوان منديز، ثلاث مرات.
في يونيو 2014، نشرت 46 دولة في مجلس حقوق الإنسان، بياناً مشتركاً حول البحرين. رحب البيان ببعض الخطوات الإيجابية في البحرين، من بينها إنشاء مفوضية حقوق السجناء وزيارة الوفد الفني، ومع ذلك لا زال موضوع حقوق الإنسان يشّكل مصدر قلق: “إننا نشعر بالقلق إزاء الاحكام الطويلة التي صدرت بحق من يمارسون حقوقهم في حرية التجمع السلمي وحرية التنظيم وعدم وجود ضمانات كافية لضمان محاكمة عادلة. نحن نشعر بالقلق إزاء قمع المظاهرات”.
في غضون ذلك، تأثر الإقتصاد البحريني في السنوات الثلاث الماضية. بدأ التأثير السلبي على الإقتصاد بالتزامن مع الأزمة الإقتصادية العالمية التي ضربت القطاع المالي وشملت الأزمة السياسية في المملكة منذ اندلاع حركة الإحتجاج في فبراير 2011. وعلى الرغم من أنّ معدل النمو الاقتصادي في المملكة قد انخفض بشكل ملحوظ، إلا أنّ الاقتصاد عموماً لم يعاني حتى الآن عواقب كارثية، حيث أن ارتفاع أسعار النفط العالمية حدَّ من تأثير الأزمة المالية وتأثيرها على الإيرادات الوطنية. ولكن النمو المطرد في الإنفاق، والدين العام، والاعتماد الكلي تقريبا على إيرادات النفط- إنتاج النفط والغاز بنسبة تفوق 70 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي- قد تدق ناقوس الخطر لمضاعفة محتملة للمخاطر الإقتصادية والمالية في السنوات القادمة.