ظهرت موسيقى الراب والهيب هوب في عُمان حوالي عام 2008 عبر منصات الإنترنت، التي تمكن مغنوا الراب المحليين من “التبارز” من خلالها مع مغني الراب الإقليمين في منافساتٍ فردية أو جماعية. واليوم، على الرغم من كون هذا الفن محصوراً على اليوتيوب، إلا أنه لا يزال يتم تجاهله إقليمياً وفي باقي أنحاء العالم.
المقال الوحيد حول مغنيي الراب العمانيين والذي وصل إلى وسائل الإعلام العالمية كان مقابلةً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في يوليو 2017 مع مهند العدواني، المعروف باسم هنود العُماني، عن نسخته العُمانية الفكاهية لأغنية ديسباسيتو التي حقت نجاحاً مدوياً للمغني لويس فونسي. أحدثت الأغنية التي تشتكي من إرتفاع المهور في عُمان ضجةً على الإنترنت، حيث حصدت أكثر من ربع مليون مشاهدة بعد 24 ساعة من طرحها على الإنترنت.
وعليه، قرر شابان هما يوسف الطائي (23 عاماً)، وأحمد الحمراشدي (28 عاماً) افتتاح صفحة على موقع انستغرام وقناة على اليوتيوب بعنوان فن القوافي. تهدف فن القوافي، التي أطلقت في أغسطس 2017، إلى عرض أغاني مغني الراب المحليين على الإنترنت، وتنظيم الحفلات الموسيقية وجذب الإنتباه إلى المشهد المحلي. وقال يوسف لنا في فَنَك “لاحظنا أن مشهد الراب في عُمان مُهمل ومن الصعب إيجاد الفنانيين.” وأضاف “من خلال هذه [المنصة]، نجمع الفنانيين ونصبح أكثر بروزاً.”
قاموا بتنظيم حدثين حتى الآن، الأول في نوفمبر 2017، حيث أدى أكثر من 20 مغني راب أغانيهم، إلا أنه لم يجذب سوى حوالي 450-500 شخص، والثاني في نهاية ديسمبر. وهذه المرة، تمكنوا من جلب مغني الراب السعودي الشهير كلاش لإعطاء رأيه بالفنانين المحليين في إحدى المسابقات، والتي جذبت حوالي 2500 شخص. ومن المقرر أن يتم تنظيم الحدث التالي في منتصف أبريل، مع أداء مغنيين راب من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى جانب مغني الراب المحليين.
وكما قال يوسف “لا يُنظر إلى الراب بطريقة جيدة، فالجيل القديم يعتبر الراب شيء بعيد كل البعد عن الثقافة والرقي.” وأضاف “يجعل هذا من الصعب التواصل مع الشركات لرعاية الفعاليات، كما أنه لا يوجد أي دعم حكومي على الإطلاق.” هذه المنصة ضرورية جداً لضمان التعرف على الفنانيين العُمانيين ذلك أن غالبيتهم لا زالوا يعملون بوظائف بدوامٍ كامل. وقال الحمراشدي لفَنَك “بدأت الأمور تتغير العام الماضي. فقد بدأت مواهب جديدة بالظهور، وبدأ الناس يهتمون بما نفعله. أي شخص يمتلك موهبة وشبكة جيدة يستطيع فعل هذا، الأمر يتعلق بالوقت فقط.”
يغني معظم مغنيي الراب العُمانيين باللغة العربية لأن القليل منهم يفهمون أو يتحدثون الإنجليزية. وقال يوسف “في البداية، كان مغنوا الراب يكتبون أغانٍ لإهانة بعضهم البعض. ولكن هذا هو أفضل مكانٍ لتحقيق الشهرة، من خلال المنافسة. لطالما كان العُمانيون يمارسون شكلاً من أشكال الراب المتمثل في شعر المدح، الذي يتبارى فيه شاعرين على خشبة المسرح ليُظهر الآخر بصورة سيئة. ولدى الكثير من مغني الراب شعراء في أسرهم، فهو فنٌ يسهل الوصول إليه.”
في بداياته، كان الراب العُماني من نوع الأندرجراوند، ولكن شهد عام 2016 انتشار المشهد من خلال أغانٍ ومغني راب جدد. وكما يقول الحمراشدي “اليوم، يُصدر الأفراد أو الفرق ألبوماُ في الشهر، إنهم يستمتعون حقاً بهذا الفن.” وهناك فرقتان معروفتان في عُمان هما Death Shot وThe_B’z، اللتان تركزان أكثر على عرض مهاراتهما في موسيقى الراب أكثر من نقل رسائل قوية.
يتحدث مغنوا الراب الآخرين عن المشاكل الإجتماعية دون الخوض في السياسة، وذلك على سبيل المثال من خلال التحدث من وجهة نظر شخصٍ يعاني من مشكلة ما بدلاً من التطرق إلى سبب المشكلة، مثل أغنية “يا بابو هدي” لآر بي 2 وعماد، و”يوميات عاطل” ليونج أي، اللذان يتحدثان عن صعوبة إيجاد وظيفة. “إلا أنهم يفعلون ذلك بطريقة مضحكة،” كما يقول يوسف. ويتابع قوله “يغني الآخرون عن حياتهم، وأصدقائهم اللذين توفوا، بينما يتحدثون كثيراً عن أمهاتهم! إلا أن معظمهم لا يحبون أن يكونوا جديين ويفضلون استخدام النكات، وإظهار قوتهم وخلق التوترات مع الفرق الأخرى.”
مغني راب شاب آخر يبلغ من العمر 22 عاماً، عبود سنوبي، الذي اعتاد غناء الراب منذ عام 2012 عن حياته، ولكن أيضاً عن الوضع السياسي في المنطقة العربية. وبإلهامٍ من مشهد الراب في دول الخليج والمملكة العربية السعودية، بدأ بالإستماع إليهم قبل أن يحاول بنفسه. وبمساعدة فرقته MCC Legend، قام بتحميل أغانٍ على شبكة الإنترنت من خلال المنصات المتخصصة بالراب قبل أن ينتقل إلى اليوتيوب عام 2015. وقال لفَنَك “الجميع مشغولون بحياتهم، حتى أنا إذ أعمل حالياً على إنهاء درجة الماجستير في القانون.” وأضاف “لذا في بعض الأحيان أقوم بإصدارة أغنية منفردة بنفسي واستخدم اسم الفرقة.”
وهو متفائلٌ جداً حول مستقبل مشهد الراب في عُمان، “بدأ الكثير من المستمعين الجدد يهتمون بنا وبكلمات أغانينا. ففي عام 2017، اتحد الجميع بفضل أغنية سايفر راب عُمان، وحصلنا على ما يقرب من 130 ألف مشاهدة. بدأ الناس من الخليج بالتعرف علينا، والمزيد من الشركات باتت مهتمةً برعاية الفعاليات المتعلقة بالراب. كما أن الحفل الذي ضم كلاش سمح بالتعريف ببعض الفنانيين أيضاً، هذا ضخم.” واليوم، ينتظر فرصاً جديدة لتطوير فنه وتصدير موسيقاه.