وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الراب الكردي: مشهدٌ في طور النمو

في خضم الصراعات المتعاقبة، يُكافح الشباب في كردستان العراق ليُسمع صوتهم، إذ يعتبر الراب الوسيلة الجديدة للقيام بذلك، حيث يُغني الفنانون بالعشرينات من عمرهم عن حياتهم، وعن السياسة ورغبتهم في إقامة دولة مستقلة. وعلى الرغم من عدم تمتعهم بالشهرة التي يتمتع بها مغنوا الراب الأكراد في الشتات، وبخاصة في ألمانيا، إلا أنهم عادةً ما يجذبون ما بين 500 إلى ألفي شخص لحضور عروضهم المباشرة.

ويقول إم جاي (MJ)، وهو مغني راب يبلغ من العمر 24 عاماً أصله من الموصل ويعيش اليوم في إربيل “بدأت غناء الراب عندما كنت أعيش في الموصل عام 2005، وبدأت بتأليف كلماتي الخاصة عام 2006 عندما انتقلت للعيش في دهوك.” ويُضيف عندما انتقلت للدراسة في إربيل، بدأت بتقديم العروض بشكلٍ منتظم أمام الجماهير، على الرغم من أن أول عرض قدمته كان في عام 2007، الذي يمكن اعتباره أول “عرض للراب” على خشبة المسرح لأي مغني راب كردي. بدأت بالتعاون مع موسيقيين آخرين [حيث كان يشارك كمغنٍ ثانوي، إلا أن غالبية أداءه كان مباشراً وليس مسجلاً] وافتتحت استديو خاص بي في المنزل حيث أقوم بتأليف الموسيقى والاسطوانات.” وبغنائه الراب باللغة الانجليزية في محاولةٍ للوصل إلى جمهورٍ أوسع، غالباً ما يغني إم جاي عن نفسه، وكيف تؤثر الحرب والدين والقضايا الاجتماعية عليه.

ويقول إن الراب الكردي مختلف تماماً عن المشهد العراقي، “الراب العراقي أكثر توجهاً نحو تحدي مغني الراب الآخرين واستعراض المهارات فضلاً عن الحديث عن المشاكل الاجتماعية العميقة.” وفي الوقت نفسه، فإن الراب الكردي متأثرٌ بشدة بالراب الإيراني، الذي يتضمن الألحان البطيئة مع الاستخدام المكثف للبيانو أو الكمان ذلك أن “بعض مغني الراب الذين أصبحوا مشهورين في وقتٍ مبكر في كردستان نشأوا في إيران، كما تأثرت ثقافة موسيقى البوب الكردية بشكلٍ كبير بتركيا وإيران بسبب اعتماد الأكراد على القرب الاقتصادي والجغرافي لهذه البلدان.

وعادةً ما نتحدث عن الخيانة والحب والعواطف.” وأضاف “الخيانة موضوعٌ شائعٌ في الحب. ففي الفولكلور الكردي هناك موضوعان مهيمنان: الشهادة من أجل الوطن والحب. فقد كُتبت أغانٍ ملحمية عن التضحية بنفسك من أجل أرضك أو من تحب. وعلاوة على ذلك، فهو يتبع الصيغة المعيارية لغناء الراب، وهي مشهورة جداً في دهوك وبعض أجزاء من السليمانية.” كما أعرب عن أسفه بأن “عائد غناء الراب ليس بالجيد، فضلاً عن كون غالبية مغني الراب مستقلين ويتوقفون عن غناء الراب بعمرٍ معين، على عكس مغني الراب العراقيين الذين يجنون المال من شهرتهم.” وأوضح هذا الوضع بقوله: “في الوقت الحالي، لا أملك أنا أو أي شخص آخر من مغني الراب الأكراد أي وصولٍ للمسارح الدولية، ولا يمكننا حتى ذلك لأن الراب ليس من الأنواع الموسيقية الشعبية، كما أن الفنانيين مقيدين بقدراتهم الإنتاجية، والكلمات ومهارتهم.”

وعلى عكس إم جاي، يغني ريزان جمال الراب باللغة الكردية. فقد ولد في تركيا وانتقل بعدها للعيش في السويد، حيث بدأ بغناء الراب باللغة السويدية والتركية، وبعدها، بعد تعلمه الكردية، غنى باللغة الكردية أيضاً. أطلق أول ألبوم راب باللغة الكردية عام 2011، حيث يعتبر التاريخ والمشاكل الكردية في صميم موسيقاه، إذ قال “بدأت غناء الراب باللغة الكردية ذلك أنها لغة بلادي من جهة، ولأعبر عن مشاكل شعبي وبلادي من جهةٍ أخرى باللغة الكردية. أتطرق للعديد من المواضيع إلا أن معظمها عن الأكراد وكردستان الحرة. وبما أن حياة الأكراد وتاريخهم يتسمان بالحرب، لطالما كانت أغانيّ عن هذه الأمور. لم يتغير شيء منذ طفولتي، فلطالما كنا مضطهدين ومقموعين من قبل بلدانٍ مختلفة.”

إحدى أغانيه بعنوان “Em Kurdin” والتي تعني “نحن الأكراد،” وأغنية “Ado û zara،” تتحدثان عن شابين كرديين يعيشان في أوروبا، إلا أنهما يرغبان في أن يصبحا مقاتلان من أجل الحرية في كردستان.

ووفقاً لجمال، تطور مشهد غناء الراب بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة، مع ظهور العديد من مغني الراب والأساليب الجديدة للغناء. “أعتقد أن هذه مجرد البداية، لا زال لدينا الكثير لنقدمه، ولا يزال المشهد يتطور.” كما قال مغني راب آخر يدعى Aheng Abstract من دهوك ويعيش أيضاً في إربيل لفَنَك Fanack Chronicle “من النادر وجود مغني راب محترفين في كردستان. لا يوجد سوى عدد قليل ممن يملكون أذناً موسيقية ويمكنهم تأليف راب ذو قيمة بطريقة فنية.” وبالنسبة له، يمكن ايجاد أكثر مغني الراب الأكراد شهرةً في الشتات في ألمانيا. ومن بين هؤلاء Azad، الذي يعتبر أول من نشر الراب الكردي في الخارج، و Xatar و Sarhado أو حتى Kurdo، الذي ولد في السليمانية ويعيش اليوم مدينة هايدلبرغ الألمانية. واليوم، يغني Aheng Abstract ذو الـ27 ربيعاً، الراب منذ عشر سنوات حول الإصلاح الاجتماعي، والقضايا الثقافية، والمواضيع الفلسفية باللغتين الكردية والانجليزية.

أينما كانوا يعيشون أو أياً كانت شهرتهم، لم ينحرف مغنوا الراب الأكراد أبداً عن رغبتهم في السلام وإنشاء دولةٍ مستقلة، في حين يبذلون قصارى جهدهم للتقدم بالمشهد الغنائي للراب، على الصعيدين المحلي والدولي.

Advertisement
Fanack Water Palestine