وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الموسيقى في الشرق الأوسط - أم كلثوم
أم كلثوم. Photo: MENA / AFP

في منطقةٍ تعاني غالباً من انقساماتٍ بسبب الصراعات السياسية والأيديولوجية والطائفية، تبقى الموسيقى عاملاً مشتركاً بين شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فأولئك الذين يتقنون لغة الروح والقلب يتمتعون بشعبية كبيرة في جميع أنحاء المنطقة؛ شعبيةٌ تنبض بالحياة حتى بعد وفاة الملحنين والمغنيين والموسيقيين. وسواء كنت في بلدك أو خارجه، سيرافقك صوت أم كلثوم (مصر) ومحمد عبده (السعودية)، ولطفي بوشناق (تونس)، وفيروز (لبنان)، وناظم الغزالي (العراق) وغيرهم الكثير. نستعرض لكم في فَنَك تاريخ الموسيقى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما سنواصل استعراض الموسيقيين ومؤلفي الأغاني الجدد الذين يظهرون على الساحة الفنية، سواء كانوا ممن يتبعون القواعد التقليدية أو أولئك الذين يشقّون آفاقاً جديدة، لنعكس الحقائق المتغيرة في المنطقة.

لعبت الموسيقى دوراً رئيساً في ممارسة الطقوس الدينية وحياة البلاط الملكي في معظم أرجاء الشرق الأوسط القديم. ويرجِّح الباحثون أن الموسيقى في الشرق الأوسط استنبطت من الأغاني والأهازيج التي كانت سميراً لتحركات القبائل والعشائر في حلهم وترحالهم، حيث الحِل والترحال خصائص الباحثين عن الكلأ والماء في العصور الغابرة. ولكلمات الأغاني أهمية تفوق ألحانها.

عزز انتشار الموسيقى، الاتصال مع الثقافات المجاورة مثل الإمبراطورية البابلية والإمبراطورية الآشورية، التي ازدهرت في المنطقة في ذلك الوقت، مثلما حملت القبائل البدوية رسائل ثقافية مماثلة من وإلى المجتمعات المجاورة.

وموسيقى الشرق الأوسط، هي موسيقى العالم العربي والتركي والفارسي. وعلى الرغم من الاختلاف اللغوي وما صاحبه من اختلافاتٍ ثقافية، فقد انصهرت هذه الموسيقى في موروث واحد وعظيم بفضل العنصر الموحِّد لها، وهو الإسلام. وكانت الموسيقى تستخدم في تنفيذ بعض الأنشطة والطقوس الدينية. وبصفةٍ عامة، فقد اقتصر تنفيذ هذه الطقوس التي ترافقها لفتات موسيقية (دون اعتبارها موسيقى بحد ذاتها) على الأذان وتلاوة القرآن. أما المتصوفة، فقد قاموا بتوظيف الموسيقى (وحتى الرقص) في طقوس العبادة.

ومع انتشار الإسلام، وتوسعه، إبان عصر الخلافة العباسية، أصَّلَّت إسهامات زرياب لقيام لموسيقى شرق أوسطية عبر مجموعة من التحسينات، من بينها اختراع فن الموشحات، وإدخال المقامات، والإضافات لآلة العود. وبدأ عصرٌ ذهبيٌ من ازدهار الفنون والتقدم الثقافي يسود المنطقة.

وفي القرن التاسع، تطورت الموسيقى العربية للغاية، وأصبح لدى العرب بالفعل مجموعة موسيقية واسعة، وتاريخ موسيقي مسجل في الكتابة، وموسيقيين ومغنين مدربين تدريباً جيداً نشطوا الحياة الموسيقية في البلاط الملكي. كما تطورت الموسيقى التقليدية الفارسية الحالية خلال عصر القرون الوسطى بعد دخول الإسلام. وكان أبو نصر الفارابي أحد الموسيقيين المشهورين خلال تلك الحقبة، إذ ساعد في تشكيل التقليد الموسيقي في العالم الإسلامي من خلال كتابه “الموسيقي الكبير”. وكانت الفترة العثمانية واحدة من أكثر فترات التاريخ تألقاً من جهة الثقافة الموسيقية. فقد كان تنظيم موسيقاهم من أهم الأحداث الموسيقية في القرن الثالث عشر.

وبعد طرد اليهود من إسبانيا نهاية القرن الخامس عشر، وما أعقبها من سقوط للراية الأخيرة للمسلمين، انتقلت الموسيقى مع الناس إلى شمال أفريقيا والبلقان وتركيا وفلسطين أيضاً.

اتسم القرن التاسع عشر بالاتصال مع الغرب، مما جلب رغبة في تعريف وتوضيح النمط الموسيقي. ويعود السبب في ذلك بصفةٍ جزئية إلى الرغبة في تحديد معالم القومية العربية المزدهرة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى مواجهة الاصطدام الذي لا مفر منه مع الموسيقى الغربية. وتطورت الموسيقى وخضعت لسلسلة من العمليات الهامة في ظل هذه التأثيرات وأكثر، بدءاً من نهاية القرن التاسع عشر.

وُصِفَ القرن العشرين بالعصر الاستثنائي للموسيقى الشرقية، حيث مصر قبلة الفنون بمختلف ألوانها، وفيها تربعت أم كلثوم برفقة القصبجي على عرش الفن الشرقي يرافقهما محمد عبد الوهاب، وأسمهان وفريد الأطرش من سوريا. وشهدت شبه الجزيرة العربية ازدهاراً موسيقياً كبيراً بلغ ذروته، وبرزت أصوات من بينها محمد عبده، وطلال مداح، وأبو بكر سالم. وفي لبنان أصّل مسرح الرحابنة للتراث الغنائي لبلاد الشام بصوت فيروز. كما برز لطفي بوشناق في تونس، وناظم الغزالي في العراق، وصباح فخري فارس القدود الحلبية في سوريا، وغيرهم.

على جانب آخر، تطورت موسيقى البوب في إيران بسرعةٍ كبيرة. وروجت الإذاعات لمختلف الأساليب الموسيقية كالرومبا والتانغو والفالس. وعلى الرغم من أن موسيقى البوب الإيرانية كانت في البداية مجرد محاكاةٍ للموسيقى الغربية، إلا أنها كوّنت بمرور الزمن هويتها الخاصة. وساهم ظهور نجوم بارزين في عالم الموسيقى أمثال فيكن بأن تكون إيران من أشد بلدان الشرق الأوسط تأثراً بموسيقى الروك الغربية.

وكذلك اكتسحت موجة موسيقى البانك والروك تركيا في وقتٍ ليس ببعيد عن تقدم هذه الحركات في أوروبا والولايات المتحدة. وحظي بعض الموسيقيين والمغنيين الأكثر شهرةً في تركيا بمكانةٍ بارزة، ومنهم الموسيقي باريش مانتشو وإبراهيم تاتليسز.

مع بدايات القرن الحالي اشتعلت موسيقى الراب لتعبر عن صوت الثائرين والرديكاليين على مختلف توجهاتهم في ربوع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا…

للاطلاع بشكلٍ أكبر على الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اقرأ المزيد في هذا الملف الخاص من فنك.

Advertisement
Fanack Water Palestine