وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ألتراس المغرب: من مشجعين متطرفين إلى حركةٍ إجتماعية

يعتبر ألتراس المغرب من مشجعي كرة القدم المتعصبين، فقد اشتبكوا في السنوات الأخيرة مع السُلطات، ليصبحوا رمزاً لتهميش الشباب الباحث عن فرصٍ في بلدٍ لا يُقدم سوى القليل.

“في بلادي ظلموني” هي أغنيةٌ ألفها في مارس 2017 ألتراس النسور، عُشاق نادي الرجاء البيضاوي لكرة القدم. تُسلط المجموعة، التي تركز بشكلٍ أوسع على القضايا الاجتماعية، الضوء على نقص المساعدات الحكومية للمجتمعات الفقيرة والمهمشة. تقول كلمات الأغنية: “فهاد البلاد عايشين فغمامة، طالبين السلامة (…) صرفو علينا حشيش كتامة، خلاونا كي اليتامى، نتحاسبو فالقيامة (…) مواهب ضيعتوها بالدوخة هرستوها (…) كيف بغيتو تشوفوها (…) فلوس البلاد گع كليتوها للبرّاني عطيتوها (…) جيل قمعتوها.”

ومنذ سبتمبر 2018، تحول الاستياء الاجتماعي للألتراس إلى احتجاجات، فقد احتج لوس ماتادوريس، ألتراس نادي المغرب التطواني لكرة القدم، على وفاة حياة بلقاسم، وهي طالبة قتلتها قوات البحرية في 25 سبتمبر أثناء محاولتها عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إسبانيا بشكلٍ غير قانوني. تزامن موتها مع مبارة تطوان ضد الكوكب المراكشي. وبعد أسبوع، أي في 30 سبتمبر، أثناء مباراة بين حسنية أكادير وأولمبياد خريبكة، ردد أنصار الفريقين أغانٍ غير وطنية.

فقد قال الصحفي المختص في كرة القدم، فاروق عبدو، لنا في فَنَك: “من خلال مجموعات الألتراس، وجد الشباب هيكلاً، وشعوراً بالإنتماء وسبيلاً للبقاء في مجتمعٍ لا يجدونه في حياتهم اليومية.” وأضاف “تأتي شكاويهم من شعورهم بالتهميش، والرفض، وتسمح أغاني المشجعين بالتعبير عن ذلك.”

Specials- Ultras morocco
أحد المشجعين يحمل لافتةً كُتب عليها “الحرية للألتراس،” في حين يشجع آخرون فريقهم في مباراة ربع نهائي كأس الأمم الافريقية لعام 2017 بين مصر والمغرب في ملعب بورت جنتيل، في 29 يناير 2017. Photo AFP

وبالنسبة لخبير العلوم السياسية عبد الرحيم بورقية، أصبح الألتراس حركةً اجتماعية. وقال بورقية لفَنَك: “أصبحت التشجيع في المغرب مكاناً للتعبير عن الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي للشباب.” وأضاف “إنه وسيلة للتعبير والاحتجاج، وقبل كل شيء، هي الإطار الحقيقي لبناء الهوية، إذ تُظهر رغبة الشباب في أن تتم رؤيتهم، وأن يكونوا موجودين وأن يعترف بهم المجتمع الذي يشعرون أنهم منبوذين داخله، دون الخوض بالأحزاب أو الجمعيات السياسية. فقد أصبحت البيئة السياسية والرياضية حساسة لحشد الألتراس، على الأقل من الزاوية الأمنية، وأعضاء الجماعات الذين يعرِّفون أنفسهم اجتماعياً بأنهم مشجعون، يستغلون الفرص النادرة المتاحة لهم لإسماع صوتهم.”

وفي عام 2016، مُنع الألتراس من التعبير عن دعمهم من خلال شعاراتٍ مرئية مثل الأعلام والرايات، وغناء الأغاني وأداء أي نوع من الرقصات في المدرجات بعد شجارٍ وقع بين مشجعي الرجاء البيضاوي أدى إلى مقتل اثنين من المشجعين على الأقل. احتج الألتراس بكل وضوحٍ على هذا القرار ولكن دون أن يحالفهم أي حظ حتى أواخر عام 2017، عندما تركت حملات المقاطعة المتعددة الملاعب مهجورةً من قِبل مشجعي أكبر الأندية.

وفي هذا الصدد، قال عبدو “بعدها بدأ الحوار، وتم إطلاق سراح قادة المجموعة وعاد الألتراس إلى الظهور في الملاعب المغربية.” وتابع القول “تم تخفيف المنع ورفع الحظر في نهاية المطاف.” وأوضح الصحفي الموقف من خلال حقيقة أن الألتراس، ومنذ ظهورهم في عام 2005 كمجموعةٍ من المشجعين الذين يرغبون في دعم ناديهم بقوةٍ أكبر وإبداع، أصبحوا يطالبون بحقوقهم.

وأضاف، “هذه المجموعات مهمة لأنها تجلب الشهرة للنادي وتملأ الملعب، إلا أنهم أصبحوا مشهورين أيضاً في الخارج بسبب عروضهم المرئية المثيرة للإعجاب، مثل الإعلان المجاني لأندية كرة القدم.” وتابع القول، “ولكن من حينٍ لآخر، يمكن أن يصبح ضغط الألتراس [على الأندية] لتحقيق نتائج سلبياً، ويخلق العدد المتزايد من المشجعين، الذي قد يصل أحياناً إلى 50 ألفاً في المباريات المحلية، ظروفاً لتفشي العنف، مع وجود عوامل مزعجة مثل السكاكين والمخدرات، وغيرها.” ومع ذلك، أشار عبدو إلى أن العنف انخفض في عام 2018، حيث بات الألتراس يسيطرون على الشباب الذين ينضمون إلى مجموعاتهم.

وإلى جانب الدور الاجتماعي الذي يلعبه الألتراس اليوم، فإن لجاذبيتهم بُعدٌ آخر، كما أوضح بورقية: “في غضون 90 دقيقة، يعبرون عن مجموعة كاملة من المشاعر التي يمكن للمرء أن يشعر بها في حياته: الفرح والمعاناة والكراهية والألم والإعجاب والظلم.”

كما يُفضل عدم استخدام مصطلح “الشغب،” لوصف أعمال العنف التي يرتكبها المشجعون، واصفاً إياها بـ”جانب من جوانب العنف الحضري الذي يتمحور حول عرضٍ لكرة القدم،” وهي طريقة للإشارة إلى أن بعض المشجعين ميسوري الحال في حين أن الألتراس عادةً لا يكونون كذلك. من خلال تماسك وولاء بعض أفراده، وجد الألتراس منصةً للتعبير عن مخاوف جيلٍ مهمش لا يملك سوى القليل من الآفاق المستقبلية في المغرب.

Advertisement
Fanack Water Palestine