ضعفت قدرة بريطانيا على حماية الكويت بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية. ولم تعد المملكة المتحدة المدمّرة اقتصادياً قادرة على مواكبة المظاهر الإمبراطورية؛ فقد اضطرت عام 1947 إلى التخلي عن أعز البلاد التي تستعمرها إلى الدول السيادية الجديدة: الهند وباكستان. إلا أنها تمكنت من الاحتفاظ ببعض المواقع الاستيطانية في إمبراطوريتها السابقة في الشرق، من بينها مشيخات صغيرة في منطقة الخليج. اكتسبت هذه المشيخات أهمية إستراتيجية جديدة مع اكتشاف حقول نفط كبيرة ضمن أراضيها. كان أول اكتشاف للنفط في الكويت عام 1938، وبدأت الصادرات التجارية لهذه السلعة الثمينة عام 1946. وبحلول عام 1953، كانت الكويت أكبر منتج للنفط في منطقة الخليج. قدّرت احتياطياتها بـ 20% أو أكثر من احتياطيات العالم المعروفة.
كان “لثورة البترول” هذه انعكاسات بعيدة المدى. فعلى الصعيد الدولي، استقطبت حسد القوى الإقليمية، بينما أعطت حكام آل صباح الثقة – والقدرة المالية – لمحاولة إدارتها ذاتياً. عام 1961، كانت الكويت أولى المشايخ الخاضعة للبريطانيين التي تحصل على الاستقلال، والوحيدة التي أخذت زمام المبادرة بنفسها. وفي 19 حزيران/يونيو 1961، أصبح عبد الله الثالث (1895-1965) أول أمير لإمارة الكويت. عام 1962، تمت المصادقة على دستور وطني، وبعد مرور عام تم تنصيب أول مجلس أمة منتخب بشكل كامل. تم تعيين الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الوزراء من قبل أمير البلاد، الذي احتفظ أيضاً بحق حل مجلس الأمة متى شاء عملياً. أشرفت البيروقراطية النامية باطّراد على تطور اقتصاد البلاد ودولة الرفاهية الحديثة.
يتم تفسير الميزات شبه الديمقراطية للدستور الكويتي من خلال تاريخ البلاد السياسي – مع طبقة التجار القوية فيه – والظروف الخاصة التي صيغ فيها هذا الدستور. سيطرت المشاعر الوطنية القومية العربية اليسارية على الخطاب السياسي في الشرق الأوسط في الوقت الذي حصلت فيه الكويت على استقلالها. وبما أن آل صباح احتاجوا الى إضفاء الشرعية على وضع الاستقلال الحديث في الكويت ودورهم كسلالة حاكمة – مع تهديد العراق بضم الدولة “غير الشرعية”– كانت العائلة المالكة على استعداد للتوصل إلى أية تسوية. كما كانت شخصية عبد الله الثالث السالم الصباح (1950-1965) عاملاً مهماً؛ فقد دعم حركة المجلس في ثلاثينيات القرن العشرين، إلا أن خلفاءه كانوا أقل حماساً بشأن مشاركة الجماهير في العملية السياسية.
قام صباح السالم الصباح (1965-1977) بتعليق البرلمان والدستور عام 1976. وبسبب الاضطرابات السياسية الداخلية والإقليمية، أعاد جابر الأحمد الصباح (1977-2006) المؤسسات الحكومية عام 1981، ليعلقها مرة أخرى عام 1985.