العصور القديمة
نظراً لاعتماد الكويت على النفط، يبدو أنه من المناسب البدء بتاريخ البلاد في العصر الجوراسي (قبل 208-146 مليون سنة). حصرت العمليات التكتونية خلال العصر الجوراسي والعصر الطباشيري (قبل 146-165مليون سنة) ترسبات ضخمة من المواد العضوية تحت طبقات من الصخور عديمة النفاذ، مما أدى إلى تشكّل خزانات ضخمة من النفط تحت الأرض. وخلال ملايين السنين هذه، تشكلت قشرة الكويت الحالية من الرواسب الغرينية لنهر لم يعد موجوداً. كانت هذه الرواسب غنية بالمعادن، وتكثّف تركيز هذه المعادن عندما بدأ المناخ بالتحول إلى مناخ دافئ في نهاية العصر الجليدي الأخير منذ حوالى 11,500 سنة مضت. جلب ارتفاع وتبخر المياه الجوفية هذه المعادن إلى السطح بتركيزات كبيرة، مما لوّث التربة ومنع إمكانية أي نوع من الزراعة المستدامة
في حين دخل الكثير من منطقة الهلال الخصيب العصر الزراعي منذ حوالي 11,000 سنة، لم يحدث أي نشاط من هذا القبيل في الكويت الحالية. وبغض النظر عن أن الرعاة البدو كانوا بشكل مؤكد تقريباً يستخدمون المنطقة كأراضي رعي موسمية، وبينما لم يكن هناك ينابيع طبيعية تسمح بالاستقرار الدائم داخل البلاد، استقطبت المنطقة الغنية بالإسماك قبالة السواحل الشمالية للكويت مجتمعات صيد صغيرة. يصب نهرا دجلة والفرات في الخليج إلى الشمال مباشرة من الحدود الكويتية.
يستقطب الطين الغني بالمواد الغذائية الذي يحمله النهران مجموعة كبيرة من الأسماك والمحار. كما وفّر دلتا النهر هذا المياه العذبة التي يمكن نقلها إلى الساحل في قوارب، وهو النشاط الذي استمر لفترة طويلة حتى القرن العشرين. تم اكتشاف آثار مثل مجتمعات الصيد المبكرة هذه في رأس الصبية. تشير الجدران الحجرية وبقايا قارب وقطع الأواني الخزفية المكتشفة في هذا الموقع إلى روابط مع ثقافة عُبيد (4500-4000 قبل الميلاد) في بلاد ما بين النهرين.
تم اكتشاف المزيد من الآثار لاستيطان مبكر على جزيرة فيلكا، عند مدخل خليج الكويت. ومنذ 6000 سنة قبل الميلاد، تراجع مستوى سطح البحر في منطقة الخليج، وأصبح السكن البشري في فيلكا المنخفضة ممكناً حوالي منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد. كانت الجزيرة جذابة بشكل واضح: تقع في منطقة استراتيجية على طريق التجارة الساحلية من بلاد ما بين النهرين إلى الإمارات العربية المتحدة الحالية.
ولكونها جزيرة، يجعل الدفاع عنها أكثر سهولة بكثير ضد المغيرين البدو من مواقع البر الرئيسى المحيط بخليج الكويت. وعلى التلال الجنوبية الغربية لجزيرة فيلكا، تم اكتشاف آثار مستوطنة تجارية من العصر البرونزي تأسست حوالي عام 2300 قبل الميلاد. كما توجد آثار الحضارة الدينية التي ازدهرت في فترة حضارة دلمون، التي كانت على الأرجح تتمحور في نفس الفترة الزمنية تقريباً في البحرين الحالية.
الحضارة الهلنستية
انحدرت قوة دلمون بعد عام 1600 قبل الميلاد. كما ساهم ارتفاع منسوب مياه البحر خلال النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد في هجرة سكان جزيرة فيلكا حوالي عام 1000 قبل الميلاد. استمرت الدورة القديمة لارتفاع وانخفاض منسوب مياه البحر في الخليج بالتأثير على أنماط الاستيطان المحلية.
وعندما وصل نيركوس، قائد أسطول الإسكندر الأكبر، إلى رأس الخليج في عام 324 قبل الميلاد، كان منسوب المياه قد انخفض مرة أخرى إلى أقل من المستوى الحالي. وبالتالي، كانت منطقة جزيرة إيكاروس، التي يقال إن الإكسندر بذاته أطلق اسمها عليها، أكبر مما هي عليه اليوم. تم إنشاء مستعمرة تجارية أغريقية في الجزيرة. وعندما مات الإسكندر في بابل عام 323 قبل الميلاد وانهارت إمبراطوريته، احتفظت إيكاروس/فيلكا بهويتها الهلنستية. وبقي سكانها، العرب والفرس، يتحدثون اليونانية لعدة قرون. وربما اشتق اسم فيلكا الحديثة من كلمة “فيلاكيون” اليونانية الكلاسيكية، والتي تعني “بؤرة استيطانية”.