وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ارتفاع أعداد المهرجانات في السعودية يهدف إلى تعزيز السياحة والاقتصاد المحلي

Saudi Arabia- Janadriyah
فنانون سعوديون يرسمون جدارية للملك سلمان بن عبد العزيز (يمين)، وابنه ولي العهد محمد بن سلمان، خلال مهرجان الثقافة والتراث الثاني والثلاثين (الجنادرية)، الذي يُقام في ضواحي العاصمة الرياض في 17 فبراير 2018. Photo AFP

أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية أن أكثر من 120 مهرجاناً وحدثاً سيُقام في المملكة العربية السعودية في صيف عام 2018، وبخاصة في المواقع السياحية، في محاولةٍ لتشجيع زيارة البلاد وتعزيز الاقتصاد المحلي.

فالمهرجانات التي تغطي الرياضة والموسيقى والشباب والبيئة والمغامرات والتراث، من بين غيرها من المجالات، تزداد كل عامٍ من حيث التنوع والعدد. أشهرها، مهرجان الجنادرية، وهو مهرجانٌ ثقافي بالمقام الأول يُقام على مدار أسبوعين في شهر فبراير خارج العاصمة الرياض. يمزج المهرجان، الذي يعدّ من التجمعات الحيوية البعيدة عن المواضيع الدينية، بين سباقات الخيول والإبل بالحرف اليدوية وإلقاء الشعر، ليعكس تراث المملكة العربية السعودية الغني.

فقد وصفت لورا ألهو، وهي كاتبة فنلندية متخصصة بالسفر ومن المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي وتعيش في الرياض، الجنادرية على مدونتها المختصة بالسفر Blue Abaya بـ”أكبر مهرجانٍ من نوعه في الخليج، الذي يجذب ملايين الزوار من جميع أنحاء المنطقة كل عام […] خلال الجنادرية [في عام 2017]، زار أكثر من 3 ملايين شخص من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية ودول الخليج المهرجان.”

وقالت ألهو في لقاءٍ لها معنا في فَنَك حول العدد المتزايد والمتنوع من المهرجانات “يعدّ كل هذا جزءاً من رؤية 2030 وخطة سمو ولي العهد محمد بن سلمان تطوير السياحة في السعودية.” وأضافت “[يساهم هذا في بقاء] السعوديين والسياح المحليين داخل المملكة خلال العطلات من خلال توفير أنشطة ممتعة ذات جودة عالية ليقوموا بها بالقرب من منازلهم. كما تعدّ المهرجانات أيضاً من الوسائل الرائعة للترويج للثقافة السعودية، والحفاظ على الحرف اليدوية، ولتقدّر الأجيال السعودية الأصغر سناً تراثها.”

تقوم بعض المهرجانات على فكرةٍ رئيسية ما، وبعضها الآخر على الموقعٍ أو مناسباتٍ موسمية مثل العيد. كما أشارت ألهو أيضاً إلى مهرجان الملك عبد العزيز السنوي للإبل، وهو مهرجان ضخم مجاني يشتمل على أنشطة مثل مسابقة جمال الإبل، ومعرض، والقوافل المجهزة وورش عمل للأطفال. فقد اكتسب هذا المهرجان الذي يستمر لمدة شهر على اهتمامٍ دولي في أوائل عام 2018 عندما تم استبعاد مشاركة العديد من مالكي الإبل بعد حقنها بالبوتكس.

أما بالقرب من الطائف، فيعيد مهرجان سوق عكاظ محاكاة سوقٍ عربي قديم يعود إلى عصر الجاهلية. وكتبت ألهو على مدونتها: “تم إحياء مهرجان سوق عكاظ في عام 2006 من قبل الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، والذي يقام كل عام وفقاً للتقويم الهجري. يستمر هذا المهرجان لمدة أسبوعين وتقوم العديد من الشركات السياحية من جميع أنحاء المملكة بترتيب جولاتٍ سياحية هناك… كان يُقام سوق عكاظ قديماً في الفترة من 542 إلى 726 بعد الميلاد، وكان يعدّ الحدث الأكبر والأكثر أهمية من نوعه في ذلك الوقت. تاريخياً، كان أكثر من مجرد سوق، فقد كان السوق بمثابة مكانٍ لاجتماع زعماء القبائل والأشخاص المهتمين بالشعر والأدب.”

Saudi Arabia- Saudi concert Jeddah
Sنساء سعوديات يحضرن حفلاً غنائياً للمطرب المصري تامر حسني في جدة في 30 مارس 2018. وقد فوجىء آلاف المعجبين عندما طُبعت على تذاكر حفل تامر حسني الأول على الإطلاق في السعودية، عبارة الرقص “ممنوع منعاً باتاً.” Photo AFP

كما توصي مواقع السفر بالذهاب إلى المملكة أثناء ذكرى المولد النبوي، الذي يتم الاحتفال فيه بميلاد النبي محمد، وأثناء عيد الأضحى، الذي يأتِ بعد حوالي 70 يوماً من انتهاء شهر رمضان الكريم والذي يُصادف أيضاً ذكرى قصة إبراهيم عليه السلام عندما أراد التضحية بابنه إسماعيل تلبية لأمر الله، وغيرها من المهرجانات الدينية.

كما يشهد هذا العام المرة الأولى التي يُسمح بها لغير السعوديين بزيارة المملكة بتأشيرة دخولٍ سياحية. ففي نهاية شهر فبراير، قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوكالة الأسوشيتد برس، “أبواب [المملكة العربية السعودية] مفتوحة أمام الأشخاص الذين يرغبون بالقيام بأعمالٍ تجارية، والأشخاص الذين يعملون في المملكة العربية السعودية، والمستثمرون في المملكة العربية السعودية، والأشخاص الذين يزورونها لأغراض خاصة. واليوم ستكون أبوابها مفتوحة للسياحة مجدداً وفقاً لأسسٍ انتقائية.” فالنساء هنّ الفئة المستهدفة هنا، حيث تحصل النساء اللواتي يرغبن في زيارة المملكة لوحدهن ويتجاوز عمرهن الـ25 عاماً على تأشيرة دخولٍ لمدة 30 يوماً، في حين تدخل النساء اللواتي تقل أعمارهن عن 25 عاماً المملكة برفقة أحد أفراد العائلة.

وتهدف الحكومة إلى استقبال 30 مليون زائر بحلول عام 2030، مقارنةً بـ18 مليون زائر في عام 2016. ووفقًا للموقع الإلكتروني لمركز المعلومات والأبحاث السياحية، شهد عدد السياح خلال العام الماضي ارتفاعاً. بل إن أكثر من 28% من السياح اليوم هم من السعوديين، كما يدعم القطاع أكثر من 999 ألف وظيفة. ومن المأمول أن تؤدي زيادة أعداد المهرجانات إلى نقل المملكة أكثر فأكثر نحو تحقيق الأهداف المحددة لرؤية 2030.

ومع ذلك، هناك مخاوف من أن المملكة لربما تتوسع بما يفوق طاقتها، إذ قالت ألهو: “أصبح العرض متعدد الجوانب إلى حدٍ كبير، كما تقوم الهيئة العامة للترفيه بتنظيم مجموعة واسعة من الفعاليات المختلفة التي تلبي اهتمامات شريحة متعددة من الجماهير.” فقد تمت إقالة رئيس الهيئة، أحمد الخطيب، بعد ردود فعلٍ غاضبة من المحافظين على عرضٍ للسيرك الروسي ارتدت فيه إحدى المؤديات الروسيات ملابس ضيقة، بالإضافة إلى عرضٍ آخر للمصارعة الأمريكية ظهرت فيه مصارعات بملابس غير لائقة على الشاشات.

وعلى نحوٍ أكثر إيجابية، فإن الخطوات الأخيرة مثل قرار رفع الحظر عن دور السينما بعد 35 عاماً من المنع، والتدابير التي تسمح بإقامة الحفلات وغيرها من الفعاليات العامة تشير إلى رغبةٍ حقيقية في تحديث المجتمع السعودي. وتقول ألهو في هذا الصدد: “يبدو مستقبل الترفيه [في المملكة العربية السعودية] واعداً جداً.”

Advertisement
Fanack Water Palestine