وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حصار قطر 2017-2021م

قطر
جمل في منطقة صحراوية على الجانب القطري من معبر أبو سمرة الحدودي بين المملكة العربية السعودية وقطر، في 20 يونيو 2017. – أفادت إحدى الصحف أن حوالي 12 ألف من الإبل والأغنام سقطوا ضحايا للأزمة الدبلوماسية الخليجية، مما اضطرهم للعودة إلى قطر من المملكة العربية السعودية. (Photo by STRINGER / AFP)

المقدمة

في 5 يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين والحكومة اليمنية في المنفى والحكومة الليبية في الجزء الشرقي من البلاد، علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. فقد وجدت الدولة الصغيرة الغنية بالنفط والغاز، والتي ظلت منذ سنوات تقاتل في الحلبات فوق وزنها السياسي، نفسها في مواجهة أزمةٍ دبلوماسية هي الأشدّ منذ إعلان استقلالها عن بريطانيا في 3 سبتمبر 1971.

1.QATAR BLOCKADE MENA countries map AR 1024

وعلاوة على ذلك، طُردت قطر من التحالف الإسلامي بقيادة السعودية الذي يقاتل المتمردين الحوثيين في اليمن. تطورت الأزمة بعد ذلك بأيام، عندما أعلنت موريتانيا وجزر المالديف وموريشيوس أيضاً قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.

أدت هذه الخطوة المنسقة، التي أججت نزاعاً متجذراً منذ حين حول دعم دولة قطر المزعوم للجماعات الإسلامية، إلى حالة من عدم اليقين في البلاد، التي تشترك في حدودها البرية الوحيدة مع المملكة العربية السعودية وتستورد ما يقدر بنحو 40% من غذائها من المملكة. فقد انتشرت صورٌ من المحلات التجارية القطرية الكبرى برفوف فارغة وطوابير طويلة من الناس لتخزين الأغذية على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية.

وقالت وزارة الخارجية القطرية أن هذه الإجراءات لا مبرر لها وتستند إلى أخبار مزورة، في إشارةٍ إلى الادعاءات بتعرض موقع وكالة الأنباء القطرية “قنا” التي تديرها الدولة للاختراق في أواخر مايو 2017. ومع هبوط سوق الأسهم القطرية وارتفاع أسعار النفط، اتهمت قطر دول الخليج الأخرى بانتهاك سيادتها.

فقد وافقت قطر على إرسال الولايات المتحدة مكتب التحقيقات الفدرالي إلى الدوحة لمساعدة الحكومة القطرية في تحقيقاتها في حادث الاختراق المزعوم الذي ساهم في إشعال الأزمة. وفي 7 يونيو، أفادت شبكة سى إن إن أن المعلومات الاستخبارية التي جمعتها وكالة الأمن الأمريكية تشير إلى أن قراصنةً روس وراء الاختراق.

وفي 30 مايو، نشر موقع قناة العربية الإخباري السعودي سلسلةً من المطالب التي قالت مصادر دبلوماسية أنها ستكون مُلزمة في أي اتفاقٍ يتم التوصل إليه بين قطر والدول الأعضاء الأخرى في مجلس التعاون الخليجي. وتشمل هذه المطالب:

1. التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج والدول العربية؛

2. وقف التحريض من خلال القنوات الإعلامية القطرية؛

3. وقف تجنيس المزيد من المواطنين من دول الخليج الأخرى؛

4. وقف التحريض ضد مصر عبر سياساتها؛

5. وقف دعم جماعة الإخوان المسلمين الإسلامية؛

6. ترحيل الأشخاص المعادين لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى من الأراضي القطرية، سيما أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.

قطريون ينزلون إلى شوارع الدوحة للترحيب بعودة الأمير
قطريون ينزلون إلى شوارع الدوحة للترحيب بعودة الأمير من رحلته الأولى إلى الخارج خلال الأزمة الدبلوماسية الخليجية المستمرة، في 24 سبتمبر 2017. (Photo by KARIM JAAFAR / AFP)

وكانت السعودية والإمارات والبحرين قد قطعت علاقاتها مع قطر في عام 2014، قبل
اتفاق الرياض، وسحبت سفرائها من البلاد لمدة تسعة أشهر. وتعتبر المواجهة الاخيرة الاسوأ التي تعصف بالخليج منذ تشكيل مجلس التعاون الخليجي عام 1981.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشكلة الرئيسية التي تسببت في الصدع لم تلتئم أبد. فعلى الرغم من أن القطريين خففوا من لهجة تغطية قناة الجزيرة، فضلاً عن إغلاق مكتب الجزيرة بالقاهرة وطرد بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين  من العاصمة القطرية الدوحة، إلا أن طموحها بأن تكون فاعلاً إقليمياً لم يتراجع أبداً، ولا علاقاتها مع مجموعة من الإسلاميين السياسيين في جميع أنحاء المنطقة، مما أغضب دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لا تظهر أي تسامحٍ أبداً مع جماعة الإخوان المسلمين.

وربط العديد من المحللين التصعيد الأخير بالزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية خلال قمة الرياض في 20-21 مايو عندما تبنى بحماسة الرواية السعودية عن كونه شريكاً في الحرب ضد الإرهاب ومواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط.

وفي سلسلةٍ من التغريدات، بدا أن الفضل يعود لترامب بالقرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية وحلفائها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، التي تعبر حليفة غاية في الأهمية لأمريكا، والموافقة على هذه الخطوة على الرغم من محاولة وزارة الدفاع الأمريكية والبنتاغون البقاء على الحياد.

ففي تغريدة نشرها ترامب عبر موقع تويتر قال فيها “خلال رحلتي الاخيرة الى الشرق الأوسط ذكرت انه لا يمكن أن يكون هناك تمويل للأيديولوجيات الراديكالية فأشار القادة الى قطر.” إلا أنه غيّر مساره فيما بعد، واتصل بالأمير القطري وعرض عليه تقديم الوساطة الأمريكية لإيجاد حلٍ للأزمة.

وتستضيف قطر مركز العمليات الجوية المشتركة في قاعدة العديد الجوية التي توفر القيادة والسيطرة للقوة الجوية في جميع أنحاء العراق وسوريا وأفغانستان و17 دولة أخرى، وقد لعبت دوراً حيوياً فيما يسمى الحرب على الإرهاب.

وفي 6 يونيو، تحدث وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى بيكي أندرسون من شبكة سي إن إن، قائلاً أن الاتهامات السعودية بأن بلاده تدعم الإرهاب “لا تستند إلى وقائع.”
وقال آل ثاني “مع احترامي، فإن البيان مليء بالتناقضات؛ فهو يقول أننا ندعم من جهة إيران والمتطرفين في سوريا، والإخوان المسلمين في السعودية أو اليمن، والحوثيين في اليمن من جهةٍ أخرى، وكلهم خصوم على مختلف جبهات القتال.”

ووفقاً لما جاء في مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز، فقد دفعت قطر مؤخراً فديةً قدرها مليار دولار إلى إحدى الجماعات التابعة للقاعدة ومسؤولين أمنيين إيرانيين لإطلاق سراح أفراد من أسرتها المالكة الذين اختطفوا في العراق أثناء قيامهم برحلة صيد.

وقال أحد المراقبين الخليجيين الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن هذه هي “القشة التي قسمت ظهر البعير.” فعلى ما يبدو فإن السعوديين والإماراتيين عازمون على استخدام هذا كدليلٍ على سياسة قطر في تأجيج طرفيّ النزاع.

سياسة قطر الخارجية

وعلى صعيدٍ متصل، تمتلك الدوحة تاريخاً طويلاً بالوصول إلى الجماعات والشخصيات المثيرة للجدل. من قادة طالبان والمتمردين في السودان إلى قادة حماس وحتى حزب الله، عادةً ما تضع نفسها كلاعبٍ محايد يعمل كوسيطٍ في الصراعات الإقليمية من خلال القنوات الخلفية الدبلوماسية.

ومع ذلك، ووفقاً لأقسى منتقدي الدوحة – وخاصة السعودية والإمارات العربية المتحدة – تستخدم قطر مثل هذه السياسات للعب على كلا الجانبين من أجل تمويل الجماعات الإسلامية المتطرفة. وكما يقولون، فإن صفقة الرهائن كانت دليلاً آخر على ذلك هذا الدور. وكثيراً ما توجه اتهاماتٌ مماثلة إلى المملكة العربية السعودية نفسها.

إن الشاغل الرئيسي للإمارات العربية المتحدة هو جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها منظمةً إرهابية تشكل تهديداً لنظام حكمها الوراثي. ومع ذلك، بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن مقال ذا أتلانتك بعنوان “قطر: طفل الخليج المثير للمشاكل” يُفسر على أكمل وجه العلاقة بين قوةٍ إقليمية ودولٍة صغيرة تريد أن تلعب دوراً كبيراً.

وقال عبد الباري عطوان، الصحفي العربي المخضرم ورئيس تحرير صحيفة الرأي اليوم الكويتية، في مقابلةٍ تلفزيونية مع يورونيوز، أن قطر دفعت ثمن محاولة انتهاج سياسة خارجية مستقلة عن المملكة العربية السعودية. وأضاف انه في حال لم تلتزم الدوحة بالمطالب السعودية والاماراتية، فإنها ستواجه احتمالاً حقيقياً بالتعرض لغزوٍ عسكري وتغيير النظام.

تجاوز الحصار وتأثيراته

وسعت دول الحصار في نوفمبر 2017 القائمة السوداء للجماعات والأفراد ممن لديهم علاقاتٍ إرهابية مزعومة لتشتمل على منظمتين إضافيتين، وهما الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، و11 فرداً بمن فيهم مدير إدارة الإغاثة والتنمية الدولية بالهلال الأحمر القطري. ويُزعم أن جميعهم “نفذوا عملياتٍ إرهابية مختلفة تلقوا فيها دعماً قطرياً مباشراً.”

تمكنت دولة قطر الغنية من تجاوز الحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها دول الحصار بقيادة السعودية في يونيو 2017 من خلال صرف احتياطاتها المالية وتوسيع نطاق تعاملاتها مع إيران وتركيا.

وقد أثارت القيود التجارية في البداية مخاوف من نقصٍ وشيك في الغذاء في قطر، التي تستورد حوالي 40%  من غذائها عبر المملكة العربية السعودية، والباقي من خلال موانئ دولة الإمارات العربية المتحدة. ولكن تبيّن أن الوضع أقل سوءاً، فقد أشار صندوق النقد الدولي في أكتوبر أن “الاقتصاد القطري والأسواق المالية تعمل على التكيف مع الصدمة من الإجراءات المفروضة منذ 5 يونيو الماضي إثر الأزمة الدبلوماسية”. وبالمثل، لاحظ البنك الدولي أن قطاع النفط والغاز، الذي يمثل 80% من الصادرات و90% من الإيرادات الحكومية، لم يتأثر بشكلٍ كبير من الحصار.

في حين تأثرت القطاعات الأخرى بشدة، أبرزها شركة الخطوط الجوية القطرية. وتوقع الرئيس التنفيذي للشركة أكبر الباكر خسارة سنوية بسبب الحصار الذي أجبر الشركة على إلغاء بعض المسارات وإعادة توجيه رحلات أخرى إلى طرقٍ أطول، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الوقود.

2 QATAR BLOCKADE Air routes map AR1024

وعلى المدى القصير، اتجهت قطر لخطوط الشحن عبر سلطنة عُمان والكويت، وأكملت ميناء حمد الجديد بتكلفة 7,4 مليار دولار لدعم طرق التجارة البديلة وزيادة وارداتها من تركيا وإيران لتعويض التجارة المفقودة من جيرانها الخليجيين. وفي أغسطس 2017، ارتفعت الواردات غير الغذائية من إيران بنسبة 60% عن العام السابق.

فاعتماد قطر المتزايد على إيران نتيجة يمكن التنبؤ بها، إلا أنها نتيجةٌ تهكمية للحصار، ذلك أن واحدةً من الشكاوى الرئيسية للمملكة العربية السعودية هي علاقة قطر بطهران.

وتحتل قطر اليوم موقعاً أفضل من غالبية البلدان في تحملها للتبعات الاقتصادية للحصار: فهي أكبر مصدّر للغاز الطبيعي وواحدة من أغنى البلدان من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. واعتباراً من يوليو 2017، كان لدى قطر حوالي 340 مليار دولار من الاحتياطيات تحت تصرفها – 40 مليار دولار في البنك المركزي و300 مليار دولار في صندوق الثروة السيادية لدى جهاز قطر للاستثمار، وفقاً لما ذكره محافظ البنك المركزي عبد الله بن سعود آل ثاني. ومع ذلك، ذكرت وكالة التصنيف الائتماني، موديز، أن قطر أنفقت 38,5 مليار دولار من الاحتياطيات لدعم اقتصادها في الشهرين الأولين من الحصار. وبالإضافة إلى ذلك، أربكت الأزمة المستمرة المستثمرين، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن قطع التجارة لا يضر قطر فحسب، بل أيضاً البلدان التي تنفذ الحصار.

وقال ستيفن ديك، نائب رئيس موديز، عقب إصدار تقريرٍ وجد أن النزاع قد يضر بالتصنيف الائتماني لجميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي، “إن خطورة النزاع الدبلوماسي بين دول الخليج غير مسبوقة، مما يزيد من عدم اليقين بشأن التأثير الاقتصادي والمالي والاجتماعي في دول مجلس التعاون الخليجي.”

وقد قام المستثمرون من بلدان الحصار بالفعل بسحب الأموال من قطر، مما أدى إلى انخفاض مؤشر الأسهم بنسبة 22%. وعلى الرغم من ذلك، تبنى المسؤولون القطريون لهجةً متفائلة. ففي كلمة القاها الرئيس التنفيذي لبورصة قطر راشد بن علي المنصوري في 21 نوفمبر 2017، قال: “تخطينا صدمة الحصار ونعمل بشكلٍ طبيعي.” وأضاف المنصوري أنّ أكثر من 100 صندوق أجنبي جديد استثمروا في قطر منذ فرض الحصار، على الرغم من أنه لم يذكر أياً منها.

كما تجاهل الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الآثار بقوله “كانت الآثار الاقتصادية السلبية مؤقتة، واستوعب اقتصادنا معظمها بسرعة فائقة، وتكيف وطور نفسه من خلال إدارة الأزمة.”

إجمالي الدين الحكومي لقطر 2010-2020 (كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي)

نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر 2010-2020 (كنسبة مئوية من التغير السنوي)

واردات قطر من إيران 2012-2019 (مليون دولار أمريكي)

واردات قطر من السعودية 2012-2019 (بملايين الدولارات)

التقارب

رغم الانقسام بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي نتيجةً للحصار، قدّم المجلس جبهةً موحدة خلال قمته السنوية في 10 ديسمبر 2019 في العاصمة السعودية الرياض، حيث شملت هذه الوحدة قطر، على الرغم من استمرار الحصار البري والبحري والجوي للدولة الخليجية.

ومع ذلك، في ديسمبر 2019، صرح وزير خارجية قطر في مؤتمرٍ صحفي في روما أن الأزمة الخليجية “انتقلت من الجمود إلى التقدم.” وكشف عن إجراء محادثاتٍ بين المسؤولين القطريين والسعوديين، دون تقديم المزيد من التفاصيل. كما شاركت دول الحصار الثلاثة في مجلس التعاون الخليجي في بطولة إقليمية لكرة القدم في قطر، بعد تراجعها في اللحظة الأخيرة عن قرارٍ سابق بعدم المشاركة.

أدرك المحللون أن الظروف في المنطقة قد تغيرت، مما أدى إلى تغيير في موقف الأطراف المعنية، لكنهم قالوا إن هناك حاجة إلى المزيد للتوصل إلى حل طويل الأجل.

وبحسب ما قالته لنا في فَنَك، آبريل لونجلي ألي، نائبة مدير الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجموعة الأزمات الدولية غير الربحية، “في حين كان هناك شائعات عن وجود تقاربٍ في الماضي، إلا أن الأمر يبدو مختلفاً هذه المرة.” وأضافت “هناك حوافز مالية قوية لكلا الجانبين لإنهاء الأزمة، وربما يمكن للمخاطر الأمنية الجماعية التي تشكلها إيران بعد هجوم أرامكو أن تحفز هذا التعاون.”

ومن الجدير بالذكر أن هجوم أرامكو وقع في سبتمبر الماضي، عندما أصابت صواريخ وطائراتٍ مُسيّرة منشأتين للنفط مملوكتين للدولة في المملكة العربية السعودية، مما تسبب في تعطيل قرابة نصف الطاقة التصديرية للبلاد من النفط وحوالي 5% من الإنتاج العالمي. وعليه، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران والتي تقاتل تحالفاً تقوده السعودية في اليمن مسؤوليتها عن الهجمات رغم أن قلة صدقوا ذلك. فقد أشارت إحدى الاحتمالات إلى أن ميليشيات عراقية موالية لإيران كانت وراء الضربات.

“ربما الأهم هو التحول في المملكة العربية السعودية،” أضافت لونجلي ألي، وتابعت القول “منذ هجمات أرامكو، وبما أن المملكة تركز أكثر على أجندة الإصلاح الداخلية، يبدو أن الرياض تتخلى عن أو تقلل من مشاركتها في النزاعات الإقليمية المكلفة دبلوماسياً و/أو مالياً [مثل اليمن وقطر] وباتت تتخذ، على الأقل، بعض الخطوات لخفض التوترات مع إيران “.

وقالت أيضاً: “على الرغم من أن المسؤولين القطريين والسعوديين إيجابيون عموماً بشأن اتجاه الجهود لاستعادة العلاقات، إلا أن الخلافات لا تزال عميقة. حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق، وتم استعادة العلاقات الدبلوماسية ورفع الحصار، فمن المرجح أن تظل التوترات. وعلى الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستحتاج إلى مواكبة السعوديين، إلا أنهم قد يفعلوا ذلك على مضض، وستظل علاقاتهم مع قطر محفوفة بالمخاطر ومن غير المحتمل أن تتحسن بسرعة.”

ويرى طلحة عبد الرزاق، الباحث في معهد الاستراتيجية والأمن بجامعة إكستر البريطانية،

إمكانيةً لتقاربٍ حذر بين قطر واللجنة الرباعية، إذ قال لنا في فَنَك، “من الناحية المثالية، ستكون عودةً إلى حالة ما قبل الحصار، وهو الوضع السابق الذي كانت فيه دول مجلس التعاون الخليجي في حالة ترابطٍ شديد إلى حدٍ كبير، علناً على الأقل، حتى وإن كان هناك عداءٌ سري. وهذا من شأنه أن يعني تمكن الوصول إلى البلدان الأخرى عبر المجال الجوي واستئناف الاجتماعات التي تضم جميع القوى الخليجية. مصر ليست جزءاً من دول مجلس التعاون الخليجي، لكنها شريكٌ صغير في اللجنة الرباعية ولن تستمر بمقاطعتها من جانبٍ واحد في حال قيام المملكة العربية السعودية برأب الصدع مع قطر.”

على الرغم من المؤشرات على استعداد المملكة العربية السعودية وقطر لوضع التوترات جانبًا من أجل تقديم جبهة أكثر اتحادًا خلال الأوقات العصيبة، كان من الصعب تحقيق تغييرات كبيرة. فعلى سبيل المثال، دعا الملك سلمان من المملكة العربية السعودية الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، إلا أنه رفض العرض وأرسل وفداً صغيراً بدلاً من ذلك؛ ساخراً من السعوديين.

وقال عبد الرزاق: “كانت هناك ضوضاء إيجابية من كلٍ من قطر والمملكة العربية السعودية، لكن من الواضح أن الإمارات غير راضية عن أي تفاهمٍ متزايد تم تعزيزه بين الرياض والدوحة.” وأضاف “عقدت قمة دول مجلس التعاون الخليجي في أعقاب الهجوم على البُنية التحتية النفطية الحيوية في السعودية، مما تسبب في صدماتٍ لسوق النفط العالمية وتباطؤ الإمدادات مؤقتاً. كانت السعودية تبحث عن إدانةٍ عامة لإيران وأنشطتها الخبيثة في جميع أنحاء المنطقة، وتمكنت من إصدار بيانٍ مشترك بنسخةٍ مخففة. وبالتالي، لم تكن القمة حاسمة ولم تُغير الكثير على أرض الواقع.”

المملكة العربية السعودية

الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود يتحدث إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حول قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر
الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود يتحدث إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حول قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر لدعم الجماعات الإسلامية العنيفة في جميع أنحاء المنطقة. جدة، المملكة العربية السعودية، في 5 يونيو 2017. Photo AP

تقترب قطر والمملكة العربية السعودية تدريجياً من إنهاء الأزمة الخليجية المستمرة منذ ثلاث سنواتٍ ونصف والتي أدت إلى تفاقم الانقسامات في المنطقة. وجاء في إعلانٍ لمسؤولين كويتيين مطلع ديسمبر 2020 أن الرياض والدوحة “أكدتا التوصل إلى اتفاقٍ” يعيد “اللُحمة والوحدة الخليجية.”

ومع ذلك، قال وزير الخارجية السعودي إن الاتفاق مع قطر كان في متناول اليد، لكن المحللين ما زالوا متشككين في أن الخلاف الخليجي كان سيصل إلى نهاية حاسمة.

وفي هذا الصدد، يعتقد أندريس كريج، المحاضر في كينجز كوليدج لندن ومحلل شؤون الخليج، أن الجانبين اتفقا فقط على تخفيف حدة حملة الكراهية ضد بعضهما البعض. ومع ذلك، قد تتخذ الرياض إجراءً إضافياً لبناء الثقة من خلال فتح حدودها الجوية والبرية مع الدوحة، بيد أنه لم يتم تقديم أي تنازلاتٍ بشأن القضايا الجوهرية التي أدت إلى النزاع. ولكن خصوم قطر الخليجيين لم يكن أمامهم خيار سوى إنهاء النزاع في ظل استلام إدارةٍ أمريكية أقل وداً مهامها في يناير 2021.

وقال كريج لشبكة سي إن بي سي: “الآن وقد جاء بايدن، هناك المزيد من الضغط على السعوديين لإظهار حسن النية وإظهار أنهم شريك بنّاء في الشرق الأوسط.”

ومن الجدير بالذكر أن ولي العهد محمد بن سلمان كان قد تعرض لانتقاداتٍ شديدة من قبل الديمقراطيين وجماعات حقوق الإنسان منذ وصوله إلى السلطة في يونيو 2017. ففي غضون ثلاث سنوات فقط، قتل الحاكم المتهور الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي، وتسبب في كارثةٍ إنسانية في اليمن واعتقل العديد من النشطاء البارزين ورجال الأعمال وكبار أفراد العائلة المالكة في المملكة.

وكان يسعى محمد بن سلمان لتلميع صورته من خلال إقامة علاقاتٍ جيدة مع إدارة بايدن، وفقاً لأحد مستشاري السعودية والإمارات. وقال المستشار لصحيفة فاينانشيال تايمز إن تقارب الرياض مع الدوحة يهدف ليكون “هدية لبايدن.” وأضاف أن محمد بن سلمان شعر بالتهديد بعد فوز الديمقراطيين في الانتخابات.

بينما وقال محلل آخر مقرب من الأسرة الحاكمة السعودية، علي الشهابي، إن الرياض تحاول منذ فترة طويلة استئناف العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وقال لصحيفة فاينانشيال تايمز: “منذ بعض الوقت، كانت (الرياض) تعمل على إغلاق العديد من الملفات الساخنة ومن الواضح أن هذا إحداها.”

من جهته، أضاف كريج: “السعوديون عمليون هنا بنفس الطريقة التي يتصرف بها القطريون.” وتابع: “هناك تفاهم على أن الجبهة الخليجية الموحدة لا تزال تخدم الجميع على نحوٍ أفضل من إنفاق ملايين الدولارات في محاولة تقويض مواقف بعضهم البعض.”

الإمارات العربية المتحدة

من جهة أخرى بدت الإمارات العربية المتحدة  أقل حماساً لتقديم تنازلاتٍ لقطر لتحقيق “السلام.” ويقود الإمارات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الرجل الذي يعتقد الخبراء أنه حرض على الحصار على قطر. فقد غرّد عبد الخالق عبد الله، الباحث السياسي الإماراتي وأحد أبواق الإمارات، يوم 6 ديسمبر2020 أن المصالحة الخليجية لن تتحرك “مليمتر واحد” دون مباركة وموافقة الإمارات. وبعد ذلك بيومين، أعربت الإمارات عن نبرةٍ مختلفة، حيث قال أحد المسؤولين إن الإمارات تقدر المحاولات الكويتية والأمريكية لتعزيز وحدة الخليج. كما صرح وزير الخارجية المصري، الذي منع قناة الجزيرة من التواجد في بلاده، بأنه “يأمل أن تسفر هذه الجهود المشكورة عن حل شامل يعالج كافة أسباب الأزمة.”

 

إلا أنّ هذا الحل لم يكن مرجحاً، إذ كان من الممكن أن تقطع الدوحة علاقاتها مع بعض قادة الإخوان المسلمين، تماماً كما فعلت لإنهاء الخلاف الدبلوماسي مع السعوديين والإماراتيين في عام 2014. ولكن قطر لم تكن مستعدة لتقليص علاقاتها مع إيران أو قطع التواصل تماماً مع الجماعات غير الحكومية والإسلاميين. وبدلاً من ذلك، أملت قطر أن تحل محل عُمان كوسيطٍ يمكن الاعتماد عليه بين الأطراف المتنافسة في الشرق الأوسط، إذ يتطلع الأمير بشكلٍ خاص إلى جسر الانقسامات بين الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وإيران، وفقاً لمحللين.

يعدّ كل هذا جزءاً من سياسة قطر الخارجية في محاولتها تعزيز قوتها الناعمة، لتتمكن من ممارسة تأثيرٍ حقيقي في المنطقة. وعليه، أن تصبح الإمارة مركزاً للدبلوماسية أمرٌ غاية في الأهمية لهذه الرؤية.

وبحسب ما قالته نهى أبو الدهب، وهي زميلة في مركز بروكنجز الدوحة، لمجلة فورين بوليسي، “ويشمل ذلك استضافة محادثات رسمية وغير رسمية بين جماعات مثل حزب الله والحكومة اللبنانية في عام 2008، وطالبان والحكومة الأفغانية، والتي أُجريت مؤخراً في عام 2020، بالإضافة إلى المحادثات بين حماس وفتح، والمحادثات بين جماعات دارفور المتمردة والحكومة السودانية في عام 2009.”

وأضافت، “لم يكن قطع العلاقات بالكامل مع دولة أخرى إحدى سمات السياسة الخارجية القطرية النموذجية على الإطلاق.”

إن طموحات قطر الإقليمية لا تعني أنها لم تستثمرها أيديولوجياً في العالم العربي، فبالإضافة إلى كونها صانع سلام، دعمت قطر الجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة مثل جبهة النصرة في سوريا ودعمت الأحزاب السياسية الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة.

في الوقت نفسه، ضخت الرياض وأبوظبي بمليارات الدولارات لدعم طغاةٍ لا يرحمون مثل عبد الفتاح السيسي في مصر، والجنرال الليبي خليفة حفتر، والقادة العسكريون في السودان بعد الإطاحة بالديكتاتور السابق عمر البشير في أبريل 2019، إذ لطالما كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تخشيان من أن تُلهم الثورات الشعبية المظاهرات في بلديهما. من جانبها، ترفض قطر العمل كدولة تابعةٍ للسعودية، وعليه، لم يطرأ أي تغيير يذكر على جوهر خلاف الأزمة الخليجية.

نهاية الحصار

 الاجتماع التاسع والثلاثين للمجلس الأولمبي الآسيوي
(OCA) الشيخ أحمد الفهد الصباح (وسط)، وزير الرياضة والشباب السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل آل سعود (CR)، رئيس اللجنة الأولمبية القطرية الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني (إلى اليسار) ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (الثاني إلى اليسار) في صورة الاجتماع التاسع والثلاثين للمجلس الأولمبي الآسيوي في العاصمة العماني

في قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الخامس من يناير 2021 في مدينة العُلا شمال المملكة العربية السعودية وقع زعماء دول الخليج اتفاق “تضامنٍ واستقرار” يهدف إلى تسوية الخلاف تحت عنوان إعلان العُلا، فقد قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي ترأس القمة: ”هناك حاجة ماسة اليوم لتوحيد جهودنا، للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، لا سيما التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية، وخططها [إيران] للتخريب والتدمير.”

من جهتها، رحبّت تركيا، التي وقفت إلى جانب قطر خلال حصار الرباعي العربي، بالخطوة.

قد كانت هذه الخطوة متوقعة، حيث قادت المملكة العربية السعودية جهوداً لحل الأزمة وساعدت في تليين موقف الدول الثلاث الأخرى المتورطة في النزاع تجاه قطر. وعشية القمة، وافقت المملكة العربية السعودية على إعادة فتح مجالها الجوي وحدودها البرية والبحرية مع قطر، المغلقة أمام جارتها منذ يونيو 2017.

ومع ذلك، فمن المحتمل أن التغيّر الحاصل في مواقف الدول الأربعة يرجع إلى التغيير الذي طرأ على الإدارة الأمريكية مع خروج الرئيس دونالد ترمب من اللعبة- الشخص الذي منح المملكة العربية السعودية مساحةً كبيرة من الحرية في ظل أفعال المملكة المخالفة للأخلاق والقانون.

وعلى النقيض من ذلك، حذر الرئيس المنتخب (آنذاك) جو بايدن من أن المملكة لن تحصل على رحلاتٍ مجانية أثناء رئاسته. وبحسب ما ورد، فقد حثت واشنطن الدول المتنازعة على التوصل إلى قرارٍ قد يساعد في التوصل إلى تفاهم مشترك بشأن إيران.

ومع ذلك، يُشير المحللون إلى أن المصالحة بعيدة كل البعد عن حل الأزمة. فعلى المدى القصير والفوري، أتت الخطوة لتهدئة المخاوف من الحلفاء السعوديين الأقوياء إلا أن لُب الإتفاق لم يأتي بعد.

وتجدر الإشارة إلى أن نص الإعلان الختامي للْعُلَا‎ لا يذكر المظالم التي تم انتقاد قطر بسببها ألا وهي سياستها الخارجية. لذلك، فإنه لا يرقى إلى مستوى تأمين تحالف أقوى وأكثر ديمومة ، وفقًا لإلهام فخرو، كبيرة محللي دول الخليج في مجموعة الأزمات الدولية. كتبت فخرو أنه بينما يؤكد التزام دول مجلس التعاون الخليجي بتحقيق الأهداف الرئيسية للتحالف، فإن الإعلان ليس له تأثير كبير على التخفيف من حدة الصراعات التي لعبت فيها دول الخليج دورًا مركزيًا من خلال الحلفاء والوكلاء المحليين.

التنازلات

ومن المتوقع أن يكون هناك تنازلاتٌ من كلا طرفي الخلاف، إلا أن العديدين لا يتوقعون تقديم قطر لأي تنازلات.

وهنا، قال المحلل السياسي ستيفان لاكروا إن “[قطر] لا تقدم تنازلات،” وتقاوم مطالب عام 2017 وتعوض ما خسرته بوسائلها الخاصة وأيضاً بتطوير علاقاتٍ جديدة.

وبحسب ما قاله لراديو فرنسا الدولي “لربما تحاول قطر التصرف بحكمةٍ قليلاً لكن لا أعتقد أنها ستذهب أبعد من ذلك، مما يعني أن هذه الأزمة لن تحل بالكامل،” بينما أشار آخرون إلى أن أقصى ما يمكن أن ترضخ له قطر هو اعتدال نبرة شبكة الجزيرة الإعلامية أو حتى الحد من مدى اعتبار الإخوان المسلمين لقطر ملاذاً آمناً.

لكن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن، قال في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، إنه لن يطرأ أي تغيير على الشبكة التي تزعم الدول العربية الأخرى أنها تُستخدم كمنصةٍ لانتقادهم، كما لن تقطع قطر علاقاتها مع إيران أو تركيا.

وأكد أن “العلاقات الثنائية يحكمها بشكل أساسي القرار السيادي والمصلحة الوطنية،” مضيفاً أن “هذا لن يكون له تأثير على علاقتنا مع أي دولة أخرى”.

وعلى الرغم من الغموض الذي يلُف الشروط الحالية للاتفاقية، كانت هناك تلميحات من عبد الرحمن بأن بعض النتائج قد تكون إيجابية للمملكة العربية السعودية، المملكة العربية السعودية. وأشار عبد الرحمن إلى أنها قد تتلقى استثماراً من جهاز قطر للاستثمار، فضلاً عن تعليق الدعاوى المرفوعة لدى منظمة التجارة العالمية ومحكمة العدل الدولية بعد عزل قطر.

بيد أن الأطراف الأخرى المشاركة في النزاع ما تزال لديها تحفظات، إذ قال لاكروا لراديو فرنسا الدولي إن المقاطعة بدأت بسبب الإمارات: “في عام 2015، رأينا البلدين يبرمان نوعاً من اتفاقية أمنية مشددة للغاية. وفي عام 2017، كانت الإمارات من جرّت المملكة العربية السعودية إلى مقاطعة قطر.”

ويمكن القول إن التوترات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة آخذة في الازدياد حيث بدأت الأخيرة في تأسيس دورٍ لها في المنطقة لفرض أهميتها الجيوسياسية، إذ يمكن ملاحظة ذلك على وجه الخصوص في اليمن حيث تدعم الدولتان عناصر مختلفة من الحكومة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإن كانتا جزءاً من نفس التحالف.

أما فيما يتعلق بقطر، فقال المحللون إن الإمارات غير راضية عن العلاقة التي تربطها بأنقرة، حيث سبق وقال أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، إن هذا أحد المسائل التي ستُطرح مع ظهور الاتفاق.

وتابع قرقاش “ستكون الأبعاد الجيوستراتيجية أحد الأمور المهمة، كيف نرى التهديدات الإقليمية، وكيف نرى الوجود التركي؟” وأضاف إن تساؤلاتٍ ستنشأ حول التدخل في شؤون المنطقة من خلال الإسلام السياسي ووجود تركيا في الخليج.

ظاهرياً، أشادت الإمارات العربية المتحدة بالمصالحة، وكذلك كان حال مصر، ولكن كحال الإمارات أيضاً تخشى مصر من استئناف علاقاتها مع قطر، فقد ذكرت صحيفة أراب ويكلي أن القاهرة لم توضح موقفها من القمة كما تحدث المسؤولون المصريون بتقلّب أهواءٍ واضح حمل العديد من التفسيرات.

وتشير مصادر الصحيفة إلى أن اهتمامات مصر تمحورت حول ضمان رضا الأطراف الأربعة عن الاتفاق على الرغم من دعمها الظاهري.

كما أعربت البحرين بالمثل عن أملها في إتمام الاتفاق قبل القمة، رغم التوترات مع قطر على طول حدودها البحرية. وفي هذا الشأن، قال أندرياس كريج من كينجز كوليدج لندن إن المملكة الصغيرة كانت بمثابة “الوكيل.”

وقال للجزيرة “بينما تشعر الإمارات والسعودية بضغوط لمجاراة الضغط الأمريكي، يمكنهما استغلال البحرين لإظهار استيائهما من قطر بشكلٍ متواصل.”

يبدو أن قطر انتصرت بشكلٍ حاسم، رافضةً الإذعان على الرغم من الضغوطات الهائلة- وفي نهاية المطاف، يخدم خليجٌ موحد الشركاء الأجانب مثل الولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ أفضل.