المقدمة
في نهاية الأمر، اتفقت قوات فجر ليبيا وقوات عملية الكرامة على وقف إطلاق النار في يناير 2015. ليبيا الآن لديها حكومتان، إحداهما في طرابلس والأخرى في برقة، وهي مدعومة من خليفة حفتر وجيشه، وقد نقّلت مقرها من طبرق في أقصى شرق البلاد. كما تقاتل حفتر والجماعات الإسلامية من أجل السيطرة على بنغازي.
لكن الحكومتين فشلتا في إدارة البلاد، إذ تهدّمت البنية التحتية في ليبيا. وفي نهاية مارس 2015، استقال رئيس الوزراء الحكومة في طرابلس، عمر الحاسي، من منصبه بعد اتهامه بسوء الإدارة المالية، وحلّ محله خليفة الغويل. وفي الوقت نفسه تقريباً، كان رئيس الوزراء في طبرق، عبد الله الثني، يشكو الفساد هناك.
الاقتصاد
لم يكن لدى أي من الحكومتين ما يكفي من المال، لذلك كان هدفهما الرئيسي من القتال هو السيطرة على الموارد النفطية وإدارتها والاستئثار بعائداتها. وكانت تلك مشكلة مستعصية لأن منشآت إنتاج النفط كانت في المنطقة الساحلية الشرقية التي تُدعى “الهلال النفطي”، أما المؤسسات الحكومية المسؤولة عن بيع النفط وإدارة عائداتها، مثل المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، فكانت تقع في طرابلس غرب البلاد. لذلك واجهت منشآت النفط والغاز عمليات إغلاق متكررة أدت إلى تقلص صادرات النفط.
ففي أول عام 2013، بلغ إنتاج النفط الليبي 1.4 مليون برميل يومياً. لكنه انحدر في أبريل 2014 حتى وصل إلى نحو 200 ألف برميل في اليوم، ثم ارتفع إلى نحو 400 ألف برميل في اليوم في بداية 2016. ومع ذلك، كانت الطاقة الإنتاجية ربع ما كانت عليه قبل عام 2011.
وسرعان ما انخفضت العائدات من 27 مليار دولار في النصف الأول من عام 2013 إلى 13 مليار دولار في النصف الثاني منه، في حين كان مصرف ليبيا المركزي يخسر سبعة مليارات دولار شهرياً من احتياطياته من النقد الأجنبي. كما ازداد عجز المالية العامة من 44% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014 إلى 77% عام 2015، ثم 63% في عام 2016.
أدى انهيار الاقتصاد والبنية السياسية إلى مخاوف من تفكك ليبيا بالكامل. فقد تمكّن تنظيم الدولة الإسلامية من احتلال المنطقة المحايدة في سرت الواقعة بين شرق ليبيا وغربها. كما أدى ضعف فزان في الجنوب إلى فتح الطريق أمام موجات من المهاجرين اليائسين. وكان كلاهما تهديدين استراتيجيين لدول الاتحاد الأوروبي القريبة.
توغل تنظيم الدولة الإسلامية
أعطت الحرب الأهلية بين الحكومتين تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، المتمركز في سوريا والعراق، الفرصة للتوسع في ليبيا. إذ جنّد التنظيم أنصاره من القبائل والميليشيات الإسلامية. فتعهدت جماعة أنصار الشريعة بالولاء لتنظيم الدولة مقابل التمويل. وفي أكتوبر 2014، أرسل داعش مقاتليه الأجانب وأصبحت درنة أول ولاية للتنظيم في ليبيا. لكن داعش عجز عن السيطرة على المدينة، إذ وجد معارضة من الميليشيات الأخرى، ولم يكن لديه دعم يُذكر بين السكان. وفي يونيو 2015، اندلعت ثورة ضد داعش انتهت بطرد التنظيم من درنة في يوليو.
لكن التنظيم حقق نجاحاً أكبر في سرت التي وصل إليها في فبراير 2015. فقد سيطر على المدينة وساحلها الممتد إلى جانب قاعدة جوية ونظام ري النهر الصناعي العظيم ومحطة توليد الكهرباء. كما هاجم قاعدة مجاورة لإحدى ميليشيات مصراتة، وأضرموا النار في منشآت نفطية على ساحل خليج سرت. وقد فرض التنظيم رقابة اجتماعية شديدة من خلال شرطته ومحاكمه الشرعية، وأعدم من حكمت عليهم بأنهم مجرمون، وفرض رقابة مشددة على الاتصالات. علاوة على ذلك، دمّر مقاتلو داعش الأضرحة الصوفية وشنّوا حملة ضد من وصفوهم بالمرتدين، وأخمدوا أي انتفاضة قامت ضدهم.
إقليم فزان
بعد سقوط نظام القذافي عام 2011، انهارت الركائز الاقتصادية الرئيسية لمنطقة فزان الجنوبية. فتدهورت المشاريع الزراعية المملوكة للدولة وصارت من دون رأس مال أو خبرة تديرها.
كما توقف معظم إنتاج النفط حتى عام 2017. وحتى عندما كان إنتاج النفط بكامل طاقته الإنتاجية، كان الشمال هو الذي يستفيد من العائدات أكثر من فزان. وكانت موارد الإقليم من النفط والغاز بمثابة جائزة لأي حكومة تسيطر على الشمال. ومع غياب أي سلطة مركزية لفرض السيطرة، لجأ أهل فزان إلى تهريب المخدرات والأسلحة، بل وحتى تهريب الأشخاص والوقود والذهب علانيةً.
وقد جلب المهرّبون أعداداً هائلة من المهاجرين من النيجر وتشاد والسودان إلى أوروبا عبر سبها حتى إن أكثر من 90% من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء قد مرّوا عبر ليبيا. وقدّرت وزارة الداخلية الإيطالية أن 181 ألف شخص قد سلكوا طريق وسط البحر الأبيض المتوسط عام 2016، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن منظمة مجموعة الأزمات الدولية. لم يصل جميعهم إلى إيطاليا، ولكن في ذروة موجات الهجرة في النصف الأول من يونيو 2017، وصل إلى هناك ما يقرب من 80 ألف شخص، غالباً في قوارب محفوفة بالمخاطر عبر جزيرة لامبيدوزا الصغيرة وسط مضيق صقلية. وفي عام 2017، أشارت التقديرات إلى أن تهريب المهاجرين أنتجت عائدات سنوية تراوحت بين مليار دولار و 1.5 مليار دولار للمهرّبين. لم تكن هناك أي وسيلة لوقف موجات الهجرة غير الشرعية.
أما في جنوب البلاد، فكان يتم تهريب الوقود. ففرق السعر عام 2017 بين شمال ليبيا (0.12 دولار للّتر بسعر الصرف الرسمي) والنيجر وتشاد (نحو دولار واحد للّتر) جعل التهريب تجارة مربحة وصلت عائداتها إلى نحو ملياري دولار عام 2017.
أدى اكتشاف رواسب الذهب على الحدود مع تشاد عام 2013 إلى تطوير صناعة كبيرة غير رسمية لتعدين الذهب استخرجت أحياناً ما يصل إلى 15 كيلوغراماً من الذهب يومياً (تبلغ قيمتها نحو 400 ألف دولار). تركزت التجارة في مدينة مرزق التي قُدّر في عام 2017 أن 70% من أهلها كانوا يعملون في تعدين الذهب أو نقله، وذلك وفقاً لتقرير مجموعة الأزمات الدولية.
اندلعت الخصومات في الجنوب بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي. واستغل كل جانب الفصائل العرقية والقبلية في فزان، لكن كانت هناك أيضاً صراعات محلية بين أولاد سليمان والتبو، وبين أولاد سليمان والقذاذفة (قبيلة القذافي)، وبين التبو والطوارق. وكانت تلك الصراعات دموية في كثير من الأحيان.
اتفاق الصخيرات
أثار فراغ السلطة في سرت وفزان قلق الحكومات الغربية. فقد حاول الاتحاد الأوروبي وقف مهرّبي البشر من خلال القوة البحرية التي أنشأها عام 2014، لكنها فشلت في وقف تهريب البشر.
لم يكن خفر السواحل الليبي الذي درّبه الاتحاد الأوروبي يتبع مؤسسة واحدة، بل كان تابعاً لميليشيات مختلفة ومقسّم بين جناحين، الأول تحت إشراف وزارة الداخلية والآخر تحت سيطرة البحرية.
كما لم يكن من الممكن التدخل مباشرة. إذ كان التركيز منصبّاً على الانقسام السياسي بين طرابلس وبرقة.
ففي عام 2015، بدأ الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، وخليفته مارتن كوبلر الذي تولى المنصب في نوفمبر من العام نفسه، مفاوضات مع الحكومتين الليبيتين، على أمل التوصّل إلى اتفاق لتقاسم السلطة بحلول نهاية العام يضمن تشكيل حكومة موحدة وشرعية للإشراف على دستور وانتخابات جديدة، واستئناف إنتاج النفط وتصديره، وتحسين الاقتصاد، وتسريح الميليشيات، وطرد تنظيم الدولة الإسلامية من سرت.
وفي 17 ديسمبر 2015، توصلت الأمم المتحدة إلى اتفاق في مؤتمر عُقد في الصخيرات بالمغرب. وقد نتج عن الاتفاق السياسي الليبي (أو “اتفاق الصخيرات”) تشكيل مجلس لرئاسة الوزراء يرأسه رئيس مجلس الوزراء وبعضوية خمس نواب.
ثم شُكّلت حكومة الوفاق الوطني لسدّ الفجوة بين الحكومتين المتنافستين. وكان أول رئيس لها هو فايز السراج من طرابلس، والذي أصبح رئيساً للوزراء بمجرد أن صادق مجلس النواب على الاتفاقية. كما انضم العديد من أعضاء المؤتمر الوطني العام بعد حلّه إلى المجلس الأعلى للدولة الذي كُلّف بمهمة الإشراف على وقف إطلاق النار ونزع سلاح المليشيات. وحصلت حكومة الوفاق الوطني على ولاية أولية مدتها عام، ومن حق مجلس النواب تمديد فترة ولايتها.
حظي اتفاق الصخيرات بالدعم في غرب ليبيا، حيث أراد كثير من العامّة تشكيل حكومة لإنهاء العنف. وقد دعمها بعض قادة الميليشيات، لا سيما في مصراتة، كما فعل مجتمع الأعمال ومسؤولو المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط. فأصبحت حكومة الوفاق الوطني التي نتجت عن الاتفاق هي الحكومة الوحيدة التي تحظى باعتراف دولي واسع.
وبدعم الولايات المتحدة، شرعت الحكومة في طرد مقاتلي تنظيم داعش من سرت في حملة بدأت في مايو 2016. ورغم أن قوات حكومة الوفاق الوطني استولت سريعاً على الميناء والمطار، فقد وجدت مشقة كبيرة في السيطرة على المدينة نفسها. لكن بعدما قدّمت الولايات المتحدة الدعم الجوي، استطاعت حكومة الوفاق الوطني تحرير سرت بالكامل في 7 ديسمبر.
ومع ذلك، لم تكن حكومة الوفاق الوطني تتمتع بشعبية بين الليبيين كلهم. فقد زعم الإسلاميون أن الأجانب اختاروا مجلس الرئاسة. كما عارض الاتفاق أيضاً عبد الحكيم بلحاج، زعيم الجماعة الليبية المقاتلة المنحلّة.
ولاقى الاتفاق معارضة الأعضاء السابقين في المؤتمر الوطني العام الذين واصلوا الادعاء بأنه البرلمان الشرعي لليبيا. وقد كانوا مرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والبناء وبعض الميليشيات الإسلامية. فاحتشدوا حول خليفة الغويل الذي كان رئيساً للوزراء لفترة وجيزة قبل الاتفاق. عندما وصل السراج إلى طرابلس في مارس 2016، هرب الغويل إلى مصراتة، لكنه حاول تنظيم انقلابين ضد الحكومة الجديدة في أكتوبر وديسمبر من العام نفسه.
خليفة حفتر
جاءت المعارضة الأشد من شرق ليبيا، حيث رفض مجلس النواب في طبرق الاعتراف بالاتفاق السياسي الليبي وزعم أن الشرعية من حق حكومة أخرى لها مصرفها المركزي الموازي ومؤسستها الوطنية للنفط. وقد حظيت تلك الحكومة بدعم جيش حفتر. لكنها لاقت معارضة من الحركة التي يقودها إبراهيم الجضران، آمر حرس المنشآت النفطية السابق في برقة، والذي قاد حركة من أجل الحكم الذاتي لشرق ليبيا.
كان حفتر مستقلاً عن مجلس النواب. وقد جعل قاعدته في شرق ليبيا منذ سقوط القذافي، لكنه كان يتطلع دائماً إلى توحيد الدولة وأن يكون هو نفسه حاكمها. وكانت علاقته بالمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس أفضل من علاقته بالمؤسسة الموازية في بنغازي. كما أعرب عن سروره بدعم المجاهدين السلفيين المداخلة. إذ صرّح أحد مستشاريه السياسيين عام 2018 قائلاً: “طالما احترموا القانون العسكري وامتنعوا عن الوعظ الديني خلال خدمتهم في الجيش، فيمكنهم الانضمام”.
وكذلك كانت علاقة حفتر بطرابلس انتهازية. فعندما استولى الجيش الوطني الليبي على الهلال النفطي عام 2016، أصرّت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس على العمل مع حفتر؛ ما سمح لها بالسيطرة على العمليات النفطية في البلاد بأكملها. فارتفعت الصادرات من 300 ألف برميل يومياً في سبتمبر 2016 إلى أكثر من 1.1 مليون برميل يومياً في بداية 2018، فتدفقت العملات الأجنبية إلى المصرف المركزي في طرابلس نتيجةً لذلك. ومع ذلك، كان الجيش الوطني الليبي يتلقّى راتبه من المصرف المركزي الموازي في بنغازي.
في سبتمبر 2016، حاول إبراهيم الجضران المتحالف مع طرابلس السيطرة على الهلال النفطي في شرق ليبيا. لكن حفتر واجهه وطرد قواته. ثم تكرر الأمر نفسه عام 2018، وألحق حفتر الهزيمة بالجضران مرة أخرى. لكنه سلّم المنشآت النفطية الشرقية إلى المؤسسة الوطنية للنفط الموازية في بنغازي. لكنها كانت خطوة بلا جدوى، فالمؤسسة الموازية في بنغازي ليس لديها المديرون أو الموظفون اللازمون لإدارة صادرات النفط، كما أن الشركات الدولية لن تتعامل مع شركة تسيطر عليها حكومة غير معترف بها. وهذا ما أدركه حفتر، لكنه كان يستغل المنشآت النفطية للضغط على حكومة السراج في طرابلس للتدقيق في إدارة المصرف المركزي للتمويل والسيطرة عليها.
وفي أبريل 2019، شنّ حفتر هجوماً خاطفاً عبر ليبيا حتى اقترب من طرابلس للاستحواذ عليها. وكان الدعم الخارجي جزء من خطته. إذ قدّمت الإمارات والسعودية إمدادات كبيرة من الأسلحة، كما أمدّته مصر بالسلاح وفتحت الحدود أمامه. وقد رأت تلك الدول الثلاثة في حفتر طريقة لوقايتها من الإخوان المسلمين، وهذا يفسّر سر الترحيب بالسلفيين المداخلة في تحالف حفتر. أما في أوروبا، فقد اعتبرت الحكومة الفرنسية حفتر مقاوماً للتطرف وكذلك ضامناً لمصالحها النفطية في الشرق.
وكانت الحكومات الأوروبية الأخرى حريصة على حماية مصالحها الوطنية من خلال الاصطفاف مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. وفي عام 2019، وافقت حكومة الوفاق الوطني على إحكام السيطرة على الهجرة وتأمين مكانة شركة النفط الإيطالية إيني كأكبر منتج أجنبي للنفط في ليبيا. كما أدت الخصومة الخليجية بالحكومة القطرية إلى دعم السراج. لكن الداعم الأجنبي الأكبر كان تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان. شأنه شأن القطريين، كان أردوغان يكره سياسات الإمارات ومصر، لكن دعمه لم يخلْ من دوافع اقتصادية أيضاً. ففي نوفمبر 2019، وقعت أنقرة وطرابلس اتفاقية حدود بحرية تتيح لتركيا الوصول إلى احتياطيات ضخمة من الغاز في شرق البحر المتوسط.
تفوق حفتر في بداية القتال وكانت له اليد العليا، إذ تقدّمت قواته سريعاً واقتربت من طرابلس. وبحلول نهاية أبريل، كانت تقاتل للسيطرة على المطار. لكن الجيش الوطني الليبي لم يتوغل في المدينة قط. إذ طردت قوات حكومة الوفاق الوطني رجال حفتر من غريان في يونيو، لكن سرت بقيت تحت نفوذ الجيش الوطني الليبي حتى يناير 2020.
هُدَن مقترحة
في يناير 2020، دعمت الأمم المتحدة مؤتمراً شاركت فيه 11 دولة من بينها فرنسا وإيطاليا والإمارات وتركيا ومصر وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بهدف إنهاء القتال. وفي 11 يناير 2020، وافقت حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من الأمم المتحدة، والجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر على وقف إطلاق النار الذي اقترحته روسيا وتركيا.
لكنه لم يستمر طويلاً. وفي مارس 2020، فشلت هدنة قصيرة أخرى في أقل من 24 ساعة، وازداد القتال سوءاً لأن الطرفين لم يكونا على استعداد للمخاطرة بالهزيمة. بل إن الكفّة بدأت تميل إلى حكومة الوفاق الوطني التي استعادت السيطرة في مايو على موقع حفتر المتقدم في قاعدة الوطية الجوية على أطراف طرابلس. وفي بداية يونيو، رفعت حكومة الوفاق الوطني أخيراً حصارها عن طرابلس وبدأ الجيش الوطني الليبي في التراجع. وبحلول نهاية الشهر، بدأ حفتر يتحدث عن رفع سيطرته عن حقول النفط، وبدأ هدنة بحكم الأمر الواقع.
وفي أكتوبر 2020، أصبحت الهدنة رسمية، على الورق على الأقل، على طول خط المواجهة بين سرت والجفرة في أقصى جنوب وسط ليبيا. فقد تم الاتفاق على مغادرة المقاتلين والمرتزقة الأجانب بعدهم، ودمج القوات المسلحة في كيان واحد، وضمّ الشرطة وقوات الأمن إلى مركز عمليات مشترك. كما اتفقوا على فتح الطرق البرية والجوية، ومبادلة الأسرى بين القوات المتحاربة.
الأهم من ذلك أن المفاوضين أرادوا إعادة تدفق النفط، فخططوا لإعادة فتح مصفاة رأس لانوف وميناء السدر النفطي في الشرق. وفي 11 أكتوبر، بدأ حقل الشرارة النفطي، الأكبر في البلاد، في الجنوب الغربي في ضخ النفط. وقد مهّد هذا كله للتعامل مع أصعب مشكلة على الإطلاق: كيفية مشاركة المؤسسات الوطنية مثل مصرف ليبيا المركزي وتوزيع عائدات النفط بين شرق البلاد وغربها.