وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

القرآنيون: المنبوذون في الإسلام

Quranism
Photo: Marghoob bin Safdar / Flickr

يُطلق مُصطلح القرآنيون على مجموعة صغيرة من المسلمين الذين يرون بأن القرآن هو المصدر الوحيد للإيمان والدين الإسلامي والتشريع، إذ يُطلقون على أنفسهم “أهل القرآن” بينما يُطلق عليهم معارضوهم اسم “مُعطلي السُنة النبوية،” وهو تيار لطالما عانى في الشرق الأوسط من اضطهاد وعدم اعتراف وانتقاص من حقوقهم وهجوم دائم من المؤسسات الدينية الإسلامية والحكومات.

انتشر القرآنيون بشكلٍ كبير في الهند على يد رجل الدين الإسلامي أحمد خان خلال القرن التاسع عشر، بينما كان الانتشار الواسع لهم في مصر على يد الدكتور أحمد صبحي منصور، الذي كان يعمل استاذاً بجامعة الأزهر قبل أن يتم فصله منها لتوجهه الفكري القرآني عام 1985. غادر مصر وحصل أخيراً على لجوءٍ سياسي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002. ليس هناك تعداد رسمي للقرآنيين وغالبيتهم يُخفي معتقداته داخل الدول العربية خشية التنكيل والاضطهاد.

عادةً، يُعرف القرآنيون أنفسهم على أنهم دعاة وباحثين أصحاب جهاد وفكر سلمي يستهدفون إصلاح المسلمين بالرجوع إلى جوهر الإسلام الحقيقي وهو القرآن الكريم وفهمه فهماً موضوعياً وفق مصطلحاته وأسسه التشريعية. هم ليسوا جماعة أو طائفة أو حزباً وإنما هم أصحاب اتجاه فكري دعوي مفتوح أمام كل الناس من أجل ما أسموه “إزالة كل المتاريس التي وضعها الكهنوت الديني امام حركة الاجتهاد العلمي والعقلي للمسلمين.” بينما يراهم خصومهم من أصحاب المذاهب السلفية وغيرهم أنهم أصحاب أفكار ضالة ومرتزقة يهمهم المال والشهرة.

عقيدة القرآنيون

يرى القرآنيون أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للإسلام وشريعته لذا فهو غني عن باقي المصادر التي تستند إليها الفرق والطوائف الإسلامية، مثل الحديث والسُنة النبوية (ما ورد عن النبي محمد من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفة). وبشكلٍ خاص، يرون أن القرآن لم يترك شيئاً يحتاجه المسلمون لمعرفة دينهم إلا وذكرها ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وأوردها في آيته دون الحاجة لمصادر أخرى.

علاوةً على ذلك، يشكك القرآنيون بصحة المصادر الأخرى، ويجادلون أن القرآن هو كلام الله بينما باقي المصادر هي منقولة عن بشر. وفيما يتعلق بالأحاديث النبوية، فإن السبب الأكثر شيوعاً لرفضها هو عدم ذكرها في القرآن كمصدرٍ للتشريع، إذ أن السُنة النبوية لم تُكتب سوى بعد عقدٍ من وفاة النبي محمد وتنطوي على أخطاء وتناقضات.

على النقيض من ذلك، يرى خصومهم أن السُنة النبوية من أحاديث ووقائع هي شارحة ومكملة للقرآن ولا تُخالفه وأن أفعال النبي محمد هي وحي من الله.

ويقول الدكتور أحمد منصور، زعيم القرآنيين، في حوار صحفي أن سيرة النبي محمد الحقيقية هي في القرآن الكريم، وأن أول من كتب السيرة هو ابن اسحاق وذلك بعد موت النبي بعقود. وبحسب منصور، كتب ابن اسحاق السيرة النبوية من دماغه وأورد فيها أكاذيب هائلة، ومن جاء بعده أخذ عنه وأضاف افتراءات، وكلها صنعت شخصية وهمية للنبي محمد تتناقض مع شخصية النبي.
وبذلك فهم لا يعتبرون الأحاديث النبوية وباقي السيرة النبوية أو سيرة صحابة النبي وتابعيه مصدر تشريع وإنما وقائع تخضع للتقييم والحكم وليس للإتباع.

ويخالف القرآنيون علماء السُنة والشيعة في كثير من الأحكام والشرائع، مثل عدم وجود حد الردة في الإسلام، حيث يرى بعض علماء المنهج السلفي أن من يخرج من الإسلام يجب قتله، وكذلك حد الرجم حتى الموت للزانية والزاني المتزوجين، ونفي وجود عذاب في القبر مثلما يعتقد غالبية المذاهب من الطائفة السُنية. بالإضافة إلى إنكار حادثة المعراج، والتي يؤمن بها غالبية المسلمين من صعود النبي محمد إلى السماء وعودته مرة أخرى إلى بيته.

انتقادات القرآنيين

يتهم خصوم القرآنيين القرآنيون بنقص الإيمان لأنهم يُنكرون قدراً كبيراً من الإسلام من أحاديث نبوية وسيرة النبي وصحابته وتابعيه الذين فسروا وبينوا الكثير من تعاليم الإسلام. من جهتهم، يرى القرآنيون أن غالبية المسلمين يُعادون القرآن بينما هم يقدسون المصحف، أي انهم لا يأخذون من القرآن شيء إلا إذا كان معه كتاب من كتب البشر ويجعلونه حكماً على القرآن. كما أن بعض القرآنيين يتطرف ويزعم بأن السُنة تلغي أحكام القرآن، أي يضعون كلام الفقهاء والمفسرين فوق كلام الله.

على صعيدٍ متصل، تعرض القرآنيون للاضطهاد من كثير من الحكومات والمؤسسات الدينية في الشرق الأوسط. ووفق تقرير للمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، عن أحوال الأقليات الدينية في مصر فإن هـذه المجمـوعـة تـعـتـبـر صاحبة بدعة من قبل المؤسسات الرئيسية مثل الأزهر، ونتيجة لذلك تواجه الطائفة عداءً شديداً. ويشمل ذلك الخطاب المفعم بالكراهية والتحريض من قبل كبار المسؤولين في الأزهر، ويتهمون ممارسيها بأنهم يسعون لتقويض الإسلام. كما تعرضوا على مدى سنوات للمضايقة بين فترة وأخرى، وشمل ذلك الاعتقالات التعسفية. ففي عام 2007 على سبيل المثال، تم اعتقال أربعة من القرآنيين بتهمة التشهير بالإسلام. وفي أكتوبر 2010، تم إلقاء القبض على مدوّن من أتباع التيار فيما وصف بأنه “اختفاء قسري،” وسُجن لـ3 أشهر. وفي يوليو 2015 اعتقل أربعة قرآنيين من محافظة الشرقية وكان محور التحقيق معهم حول علاقتهم بأحمد صبحي منصور.

Advertisement
Fanack Water Palestine