وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الطائفة الأحمدية: واحدة من أكثر الطوائف الإسلامية جدلاً

Ahmadiyya
شاب يستمع إلى صلاة عيد الفطر لزعيم الجماعة الأحمدية في جميع أنحاء العالم حضرة ميرزا مسرور أحمد في مسجد بيت الفتوح في لندن في 26 نوفمبر 2003. Photo: NICOLAS ASFOURI / AFP

تعتبر الطائفة الأحمدية، المعروفون رسمياً بالجماعة الإسلامية الأحمدية، واحدة من أكثر الطوائف إثارة للجدل منذ نشأتها بإقليم البنجاب في الهند، في أواخر القرن التاسع عشر. وبين تمسك أتباعها بأنهم مسلمون أحمديون وبين من يعتبرهم خارجون عن الإسلام، وأخرين يعتبرونهم دين بذاته، تعرض أتباع هذه الطائفة للاضطهاد ومُنعوا من تأدية شعائرهم في غالبية الدول التي تنتشر فيها من الهند شرقاً وحتى المملكة المغربية غرباً.

نشأت الطائفة الأحمدية على يد ميرزا غلام أحمد القادياني (1835 – 1908)، الذي قال بأنه تلقى وحياً إلهياً وانه المسيح الموعود والمهدي المُنتظر، الذي يؤمن غالبية المسلمين بظهوره في آخر الزمان. ولدت الطائفة الأحمدية عند قبوله بيعة أصحابه له على ذلك في 23 مارس عام 1889.

يُعرّف الأحمديون أنفسهم بأنهم النشأة الثانية الموعودة للإسلام؛ والظهور الثاني الآخَر لجماعة المسلمين الملحقة بالأولين التي أنبأ عنها القرآن الكريم؛ وهي الفرقة الناجية الموعودة التي أنبأ عنها النبي محمد؛ وهي الخلافة الراشدة الثانية. كما لا يعتبرون أنفسهم حركة دينية ولا مذهباً فكريا قام رداً على مذاهب أخرى ولا جماعة سياسية بلباس ديني تطمح لتحقيق مصالحها، وإنما هي جماعة المؤمنين الأخيرة التي نشأت بأمر من الله بعد أن انحرف المسلمون عن المسار الصحيح وأصبح الإسلام جسداً بلا روح، لذا فقد خرجت لرفع المعاناة والآلام عن البشرية المُعذبة وتحقيق الأمن والسلام في العالم بالإيمان بالله وبالنبي محمد.

بينما ينظر خصوم الطائفة إليها على أنها طائفة خارجة عن الإسلام، وأن زعيمها هو مُدّعي النبوة بالكذب بادعائه أنه المسيح المُنتظر، وأنه أنشأ دعوته لخدمة الاحتلال البريطاني وتحريم قتاله تحت مبرر أنهم “ولاة أمر تجب طاعتهم،” مُستشهدين برسالة منسوبة إلى المؤسس ميرزا غلام أحمد إلى الحاكم الإنجليزي في الهند عام 1898 قال فيها “لقد ظللت منذ حداثة سني أجاهد بلساني وقلمي لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية وأنفي فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهال المسلمين، وأنا مؤمن بأنه كلما كثر عدد أتباعي كلما قلّ شأن الجهاد.” كما يقول خصومه أيضاً أن أتباع الأحمدية برروا ذلك بأن الإنجليز أنقذوا المسلمين من اضطهاد السيخ الذين منعوهم من ممارسة شعائرهم.

بعد تكفير الطائفة من قِبل الكثير من فقهاء المُسلمين، أصدرت دولة باكستان قراراً عام 1970 يمنع إطلاق صفة “مسلم” على أفراد الجماعة وتصنيفها على أنها “أقلية غير مسلمة.” كما أصدر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، التابع لرابطة العالم الإسلامي فتوى عام 1974 بتكفير الطائفة وأتباعها وأنها خارجة عن عموم المسلمين قائلاً بأنها “حركة تخريبية ضد الإسلام والعالم الإسلامي، وأنها تدعي زوراً وخداعاً أنها طائفة إسلامية، والتي تختفي بستار الإسلام ومن أجل مصالح دنيوية تسعى وتخطط لتدمير أسس الإسلام، وأنها تقف مع الاستعمار والصهيونية.”

انقسمت الأحمدية إلى فرقتين بعد وفاة خليفة المؤسس الأول، الحكيم نور الدين، عام 1913، إلى الجماعة الأحمدية اللاهورية بزعامة محمد علي اللاهوري، والجماعة الأحمدية القاديانية بزعامة نجل المؤسس، الميرزا بشير الدين محمود. واختلفت الأولى عن الثانية في عدم الاعتقاد بنبوة المؤسس على خلاف ما قاله نجله ولكنهم لا يُنكرون الإلهام الإلهي للمؤسس ويُطلقون عليه ألقاب المسيح الموعود والمجدد.

العقيدة

على خلاف غالبية المسلمين، تؤمن الطائفة الأحمدية بأن الوحي الإلهي لا يزال ينزل على البعض بعد النبي محمد وأن هذا الوحي قد نزل على مؤسس الطائفة، ميرزا غلام أحمد، وبأن المسيح عيسى ابن مريم قد مات منذ قرون مثله كمثل باقي الرسل والأنبياء.

كما تؤمن الطائفة بتناسخ الأرواح، حيث يقول مؤسسها بأن النبي إبراهيم قد ولد مرة ثانية بعد موته في جسد النبي محمد بعد ألفين وخمسين سنة، وأن النبي محمد قد تجسد في شخص غلام أحمد، ويُشترط في من يريد الدخول فيها أن يقوم ببيعة المؤسس وخلفاءه، وآخرهم الخليفة الخامس والحالي ميرزا مسرور أحمد.

كما يتعهد الأتباع بعشر شروط ويقول “أشهد الإيمان إيماناً كاملاً بأن سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، كما أؤمن بأن سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني عليه الصلاة والسلام هو ذلك الإمام المهدي والمسيح الموعود الذي بشّر به سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأتعهد بأنني سوف أسعى جاهداً للعمل بالشروط العشرة للمبايعة التي وضعها سيدنا المسيح والإمام المهدي عليه الصلاة والسلام. وسوف أؤثر الدين على الدنيا، وسأبقى دوما وفّيا بالخلافة الأحمدية، وأطيعكم (ميرزا مسرور أحمد).”

إنتشار الأحمدية

ينتشر أتباع الطائفة الأحمدية في جميع أرجاء الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ولكن غالبيتهم لا يُعلنون عن حقيقة عقيدتهم خوفاً من البطش والاضطهاد. ولكن هناك تقديرات بأن اعدادهم تبلغ قرابة 7 آلاف في مصر، وبين ألف و5 آلاف في الجزائر، وقرابة 500 في المغرب، واعداد أقل وغير معروفة في دول عربية أخرى، بينما يُقدر عددهم في العالم بقرابة 10 ملايين شخص.

الاضطهاد

عاني أتباع الطائفة الأحمدية من الاضطهاد منذ نشأة الطائفة في كل الدول العربية تقريباً. ووفق تقرير للمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، عن أحوال الأقليات الدينية في مصر، تعتبر الأحمدية طائفةً غير معترف بها رسمياً، وليس لهم الحق في بناء دور عبادة خاصة بهم ويضطرون لإقامة صلواتهم في بيوت خاصة. تعرض أتباع الطائفة لحملة قمع شديدة عام 2010، وتم القبض على مجموعة من 9 اشخاص يتبعون الطائفة بتهم ازدراء الدين وتقويض الاستقرار الوطني بسبب حيازتهم كتباً تتضمن التعاليم الأحمدية. كما تم في عام 2017 القبض على أحد المدرسين في محافظة الفيوم بتهمة الترويج للطائفة. وعلاوةً على ذلك، تم الحكم بحبس أحد الأشخاص لمدة 6 أشهر وغرامة 200 جنيه مصري (15 دولار تقريباً) بتهمة حيازة أحد كتب الأحمدية.

ولا تعترف المملكة العربية السعودية بأعضاء الطائفة الأحمدية كمسلمين، وهو ما يترتب عليه عدم السماح لهم بممارسة شعائر الحج أو العمرة، بينما يذهب بعض أعضاء الطائفة من الذين لا يُعلنون عن عقيدتهم ويمتلكون أوراقاً ثبوتية بانتمائهم للإسلام فقط دون التصريح بأنهم من الطائفة الأحمدية وذلك في الدول التي تعترف بكونهم جزء من المسلمين مثل الهند التي حكمت فيها المحكمة العليا في ولاية كيرالا بأنهم من المسلمين في ديسمبر من عام 1970، بالإضافة إلى كثيرٍ من الدول الأوروبية التي ينتشر فيها أتباع الطائفة.

وفي الجزائر، قامت المديرية العامة للأمن الوطني باعتقال محمد فالي، زعيم الطائفة في البلاد، و11 شخصاً من أتباعها في فبراير من عام 2017، بتهمة نشر العقيدة الأحمدية بعد العثور بحوزتهم على وثائق ومنشورات وأقراص مدمجة تتضمن الدعوة إلى اعتناق العقيدة الأحمدية. وفي عام 2018، جرى اعتقال آخرين من معتنقي الطائفة حتى بلغ عددهم 26 معتقلاً، وتم الحكم عليهم لاحقاً بالسجن لـ 3 و6 أشهر.

Advertisement
Fanack Water Palestine