وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ثقافة تونس

صورة تظهر ثقافة تونس
مهرجان الصحراء (Photo by FETHI BELAID / AFP)

المقدمة

في تونس تأصلت منذ زمن بعيد ثقافة خاصة تزين أخضرَها، لما تتسم به من تنوع، ويناعٍ إبداعي وفكري متجدد لا سقف لاستطالته، ولا مدى يتسع لشطحاته، ولا ينابيع ثقافية تنضب.

تنظم الخضراء العديد من المهرجانات الثقافية السنوية، حتى يكاد لا يخلو يوم من أيام السنة دون احتفال. تعج تونس بعشرات المتاحف والمعروفة باستقطابها لنحو 2.5 مليون زائر سنوياً، قبل اندلاع ثورتها التي فجرت الربيع العربي منذ فاتحة عام 2011م.

وقد لعبت القوانين المتعلقة بحماية التراث الثقافي ، إلى جانب الإعفاءات الممنوحة للعديد من الشركات التي تستثمر في التجديد وحماية الآثار التاريخية، والاستيراد الحر غير المقيد وغير المشروط، لعناصر النشر الثقافي بمختلف أنواعه بما فيها الآلات الموسيقية، دوراً مهمهاً في تنشيط الحياة الثقافية في البلاد.

وقد دأبت الحكومات المتعاقبة على توسع شبكة المؤسسات الثقافية التي تسعى إلى تحسين الحياة الثقافية للمواطنين، ومن بينها – المركز الوطني للرقص ومركز الموسيقى العربية والمتوسطية ومتحف الحضارة بقصر السعيد.

وتشتهر تونس بالمتاحف والمؤسسات الثقافية الأخرى، مثل متحف الفنون التشكيلية المعاصرة بقصر العبدلية بالعاصمة، والمركز الثقافي الوطني، والمركز الثقافي الدولي بالحمامات، وغيرها.

ومنذ تحول بيت الحكمة إلى المجمع التونسي للعلوم والفنون والآداب عام 1992م أصبحت الحياة الثقافية التونسية أكثر تألقا وازدهارا. فقد عمل المجمع الأكاديمي على جمع أعلام الثقافة البارزين وتمكينهم من مواصلة تطوير البحث في مختلف مجالات النشاط الفكري والعلمي وتبادل المعلومات، والمساهمة بالتنسيق مع المؤسسات الشبيهة به في العالم في إثراء اللغة العربية والسهر على سلامة استعمالها وتجميع قدراتها وتطويرها لكي تواكب مختلف العلوم والفنون، فضلاً عن المساهمة في العناية بالتراث في مجالات البحث والنشر، وتأليف المعاجم والموسوعات وترجمة المؤلفات، وتنظيم ندوات ومحاضرات في مجالات اهتمام المجمع، وتشجيع الإبداع ونشر مؤلفات ذات طابع علمي وأدبي وفني. ويأتي إلى الأكاديمية العلماء من كل أنحاء العالم يتبادلون خبراتهم مع نظرائهم التونسيين.

وتستضيف تونس المهرجانات السينمائية والفنية والتاريخية العديدة التي تسمي المهرجانات الصيفية في قرطاج والحمامات والتي تزورها شخصيات مشهورة في العالم، كالمهرجان الدولي للسينما ومهرجان الفنون المسرحية في قرطاج. وحيث ينتشي المزاج التونسي بمختلف الأنماط الموسيقية، يبرز التمازج بين موسيقى المالوف التقليدية والموسيقى الحديثة، ويقدم مركز الموسيقى العربية والمتوسطية في سيدي بوسعيد مجموعة واسعة من الفعاليات الموسيقية الأخرى، من بينها المهرجان الدولي للموسيقى الكلاسيكية ومهرجان الموسيقى الأندلسية ومهرجان الصحراء الدولي، وعلى خط الموازاة يتم تنظيم مهرجانات موسيقى الجاز الحديثة على نحو دوري.

للمزيد حول ثقافة تونس بمختلف جوانبها، يرجى الاطلاع على ما تناولته فنك حول هذا الملف.

الأدب

معظم الأعمال الأدبية التونسية التي تعود إلى القرن السابع مكتوبة باللغة العربية. نشر علي الدوعاجي، أحد كبار الأدباء في تونس، مؤلفاته باللغة العربية خلال فترة الحماية، الفترة التي وصلت فيها أعمال أدبية فرنسية عظيمة إلى تونس. يشتهر علي الدوعاجي على نطاق واسع بأنه مؤسس القصص الصغيرة التونسية. ومن بين الأدباء العرب المشهورين الآخرين: وليد سليمان وحبيب السالمي والبشير خريف. واشتهر هذا الأخير بإعادة ابتكار الرواية بإدراج اللغة العامية في قصصه. كما اشتهر الأدب الفرنكوفوني. فعلى سبيل المثال، ألهمت القصائد والروايات التي كتبها عبد الوهاب المدب، والتي حازت على جوائز عديدة، الكثيرين في جميع أنحاء العالم.

الحرف اليدوية

ثقافة تونس
رشيد، فخار تونسي يبلغ من العمر 45 عامًا، يصنع الطين في ورشة للفخار عمرها قرن من الزمان في Guellala في منتجع جزيرة جربة جنوب البحر الأبيض المتوسط، في 13 مايو 2017.(Photo by FETHI BELAID / AFP)

تشتهر تونس بالحرف اليدوية: السجاد والخزف والفخار ودباغة الجلود والموزاييك. وتعد مدينة القيروان مركز الصناعات الحرفية، وتوظّف الآلاف من الأشخاص معظمهم من النساء. بدأت صناعة السجاد في تونس في القرن التاسع عشر، وتنتج حالياً أنواعاً عديدة من السجاد المعروف في جميع أنحاء العالم: “المرقوم”، سجاد قصير الوبرة مصنوع من الصوف عليه زخارف بربرية؛ و “الكليم” متأثر بشكل كبير بالسجاد التركي العثماني؛ و “المنسوجات الجدارية” التي تحاك بألوان عديدة ولها شهرتها الخاصة.

ومن بين الحرف اليدوية القديمة الأخرى: الفخار والخزف التي تعود إلى آلاف السنين. هناك نوعان رئيسيان من الفخار: الأول تصنعه النساء، وهو مستخدم بشكل عام وأكثر شيوعاً في المناطق الريفية في تونس؛ والفخار المستدير يصنّعه الرجل. تشمل دباغة الجلود التطريز والسراجة والأدوات، مثل الشبشب الجلدي التقليدي التي لا يزال مستخدماً بشكل كبير. وغالباً ما يتم استخدام الحديد المطاوع لأغراض الزخرفة، بما في ذلك الأبواب والنوافذ وشبك الأسلاك المعدنية. هذه الحرف مستلهمة من الحرف العربية والإسبانية والبرتغالية.

يعتبر الموزاييك من أقدم وأهم الحرف اليدوية في العالم. والفسيفساء الرومانية هي الأكثر شيوعاً، غير أنها ليست الأقدم. يعرض متحف باردو الوطني مجموعة واسعة من اللوحات الفسيفسائية الرومانية. وهذه المعارض مفتوحة للعموم.

الفنون التقليدية والمعاصرة

تعكس الفنون التقليدية في تونس، مثل الخزف والموزاييك والسجاد وغيرها من الحرف اليدوية، التاريخ الفني الطويل والعريق في البلاد. وجميع الفنون التقليدية في تونس مصنوعة يدوياً. تعكس بعض الحرف اليدوية زخارف إسلامية، في حين تجسد حرف أخرى عناصر رومانية أو تركية عثمانية. هناك أيضاً فنون بربرية تنعكس في جوانب من الحرف اليدوية والعمارة في البلاد. خلال السلالات المسلمة، كانت الخط العربي واسع الانتشار، ويعود ذلك إلى حظر تصوير جسم الإنسان في ذلك الوقت.

الفنون المعاصرة

عام 1949، أسس عدد من الفنانين مدرسة تونس التي لم يقتصر طلابها على المسلمين التونسيين فقط، وإنما أيضاً ضمت فرنسيين ومسيحيين ويهوداً. كان الغرض من هذه المدرسة تعزيز التعبير الفني للمواضيع الوطنية. استبعدت المدرسة نوع الفن المعتمد في اللوحات الاستعمارية الاستشراقية. بعد استقلال تونس عام 1956، كان الفنانون متأثرين بشكل كبير بمواضيع مثل الهوية والقومية.

ثقافة تونس
امرأة تونسية تلتقط صوراً للرسوم التي عرضها العديد من رسامي الكاريكاتير في المرسى، 18 أبريل 2012. AFP PHOTO / FETHI BELAID

أطلقت ثورة عام 2011 موجة أخرى من التعبير الفني يعالج سنوات الدكتاتورية ويتناول مسائل مثل الهوية الوطنية التونسية. ومن بين أبرز طرق التعبير الشائعة في الفنون المعاصرة: الرسم على الجدران والملصقات الجدارية. عكس معرض فني تم تنظيمه في شهر حزيران/يونيو عام 2012 في المرسى، في ضواحي العاصمة تونس، الديناميكيات المختلفة – والمتعارضة أحياناً – في المجتمع التونسي المعاصر، حيث الناس يبحثون عن هوية البلاد التي تبدو مشتتة بين الحداثة والدين الإسلامي. احتج بعض الفنانين المشاركين في ذلك المعرض من خلال أعمالهم على تزايد تأثير الإسلام في المجتمع بعد الثورة التونسية. أثار ذلك سخط المسلمين المحافظين الذين اقتحموا المعرض، الذي اعتبروه تكفيرياً، وأتلفوا عدداً من الأعمال الفنية.

فن العمارة

ربما تكون المنازل البيضاء أكثر ما تشتهر به فن العمارة التونسية، وغالباً ما تتم زخرفتها بأطر نوافذ واسعة زرقاء اللون وبوابات ومداخل مبتكرة بلمسة فنية. عرف فن العمارة التونسية أنواع كثيرة، نظراً إلى تأثرها بثقافات مختلفة توالت على المنطقة على مر القرون. تنتشر الآثار الرومانية والفينيقية في شمال تونس وعلى طول الساحل. وفي وقت لاحق، أدخل العرب المآذن والمساجد إلى تونس، ولا تزال بعض المواقع الدينية مقصداً للزوار. وفي جنوب تونس، يمكن مشاهدة فن العمارة البربرية القديمة، بما في ذلك بيوت سكان الكهوف الشهيرة. خلال فترة الحماية الفرنسية، دخل فن العمارة والبنى التحتية الفرنسية إلى تونس.

الموسيقى والرقص

ثمة أنواع مختلفة من الموسيقى والرقص في تونس، وهي تعكس الإرث الثقافي الغني للبلاد. أشهر أنواع الموسيقى في تونس هي موسيقى “المالوف”، التي يستخدم في عزفها الكمان والناي والطبلة والسيتار. تعود أصول المالوف إلى بلاد الأندلس، إلا أن المالوف التونسي فيه عناصر بربرية ويشبه الموسيقى التركية وشمال إفريقيا التقليدية. الرقص التونسي التقليدي شبيه بالرقص المصري، غير أنه أسرع إيقاعاً وفيه بعض العناصر المختلفة من حيث الأسلوب.

المسرح والأفلام

تعتبر صناعة الأفلام والسينما في تونس من أشهر صناعات الأفلام وأكثرها تحرراً في العالم العربي. صورت العديد من الشركات مشاهد في تونس، ومعظمها لمسلسل “حرب النجوم” التي تم تصوير بعض مشاهدها في الصحراء التونسية. حقق المسرح التونسي نمواً كبيراً خلال فترة الحماية الفرنسية، وظهر العديد من المسارح خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. والمسرح الوحيد من تلك الفترة والذي لا يزال ناشطاً هو المسرح البلدي بتونس، والذي قدّم في العقود الماضية عروضاً مشهورة عديدة أداها ممثلون مشهورون.

ومنذ الثورة، تعرض المسرح وبعض الممثلين لهجوم من قبل سلفيين متشددين. ففي يوم المسرح العالمي عام 2012، تعرض عدد من الممثلين في هجوم على المسرح البلدي بتونس، كما هوجمت بعض صالات السينما احتجاجاً على بعض الأفلام التي اعتبرت ترويجاً لأفكار تكفيرية.

المتاحف

ثقافة تونس
السياح يشاهدون الفسيفساء أثناء زيارتهم لمتحف باردو الوطني، الذي يضم واحدة من أكبر مجموعات الفسيفساء الرومانية في العالم، في ضاحية لو باردو بالعاصمة التونسية تونس في 13 مارس 2020.(Photo by FETHI BELAID / AFP)

ربما كان متحف باردو في العاصة تونس أشهر متاحف البلاد، وقد كان قصراً لأحد البايات السابقين. تأسس هذا المتحف عام 1882، ويضم مجموعة مشهورة من لوحات الفسيفساء، معظمها رومانية. والمتحف الوطني بقرطاج هو متحف أثري تونسي آخر تم تأسيسه عام 1875. بإمكان الزوار رؤية بقايا مدينة قرطاج القديمة كما كانت عليه في عهد الرومان والفينيقيين. ويمكن رؤية العديد من المعالم الأثرية الشهيرة، بما فيها منحوتات بشرية ومنحوتات من الحجر الجيري والرخام. كما يعرض المعرض مجموعة من المجوهرات والأدوات المنزلية والأسلحة.

أهم المواقع الأثرية الرومانية في تونس هو موقع دقة، من المواقع المدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي. تقع دقّة على تلة في وسط الأرياف في شمال تونس، وتحتوي على آثار أكثر مدينة رومانية تم الحفاظ عليها في شمال إفريقيا.

الرياضة

تزداد شعبية الرياضة في تونس، خاصة رياضة كرة القدم. ومن أبرز أندية كرة القدم في تونس: نادي الترجي الرياضي التونسي والنادي الإفريقي. عام 2004، فاز المنتخب الوطني التونسي “نسور قرطاج” بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم. كما شارك في كأس العالم لكرة القدم.  وفي أكتوبر/تشرين أول 2020، حل المنتخب الوطني التونسي في المرتبة 26 بحسب تصنيف الفيفا.

ورياضة كرة اليد مشهورة في تونس، وقد شارك المنتخب الوطني مرات عديدة في البطولات العالمية وفاز بكأس الأمم الأفريقية لكرة اليد ثماني مرات. شاركت تونس في الألعاب الأولمبية منذ عام 1960. وفي دورة الألعاب الأولمبية التي أُقيمت في لندن عام 2012، حصدت تونس 6 ميداليات. حصل السباح أسامة الملولي على ميدالية ذهبية لماراثون الـ 10 كم. كما حصل على ميدالية برونزية في السباحة الحرة لمسافة 1500م، مما جعل منه أحد أهم وأشهر الرياضيين في تونس.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “الثقافة” و “تونس”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: