في يونيو 2005، فاز رئيس بلدية طهران السابق محمود أحمدي نجاد، وهو محافظٌ متشدد، في الانتخابات الرئاسية بنسبة 62% من الأصوات. فبعد منع أعضاء من أبرز الإصلاحيين من الترشح من قبل مجلس صيانة الدستور، حصل المحافظون المتدينون على الغالبية العظمى من المقاعد في الانتخابات البرلمانية لعام 2008. استبدل أحمدي نجاد حملة “الحوار بين الحضارات” التي أطلقها الرئيس خاتمي بسياسةٍ خارجية أكثر تصادمية.
انتخابات عام 2009 والحركة الخضراء الإيرانية
أجريت الانتخابات الرئاسية العاشرة في إيران في 12 يونيو 2009، حيث خاض محمود أحمدي نجاد الانتخابات الرئاسية ضد ثلاثة منافسين، هم مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، ومحسن رضائي. وفي صباح اليوم التالي، أعلنت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أنه بعد فرز ثلثي الأصوات، فاز أحمدي نجاد في الانتخابات بنسبة 62% من الأصوات، بينما حصد مير حسين موسوي ما نسبته 34%. ومع ذلك، كان هناك العديد من المخالفات في إعلان النتائج، مما شكل مفاجأة كبيرةً لعامة الشعب.
في أعقاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2009، اندلعت موجة احتجاجات واسعة النطاق ضد فوز الرئيس الإيراني الخلافي محمود أحمدي نجاد ودعماً لمرشحي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي في المدن الرئيسية في إيران وحول العالم، ابتداءً من 13 يونيو 2009. أطلق أنصار الاحتجاجات عدة أسماءٍ عليها، بما في ذلك الحركة الخضراء الإيرانية، كما تمت الإشارة إلى الأحداث أيضاً باسم ثورة تويتر بسبب استخدام المتظاهرين لموقع تويتر ومواقع الإنترنت الأخرى على شبكات التواصل الاجتماعي للتواصل فيما بينهم. وعليه، قمعت الشرطة والباسيج (مجموعة شبه عسكرية) أعمال الشغب والمظاهرات السلمية باستخدام الهراوات ورذاذ الفلفل، وفي بعض الحالات بالأسلحة النارية، كما تم وضع العديد من السياسيين الإصلاحيين رهن الإقامة الجبرية. ومع ذلك، اندلعت الاحتجاجات مرةً أخرى في فبراير 2011، بالتزامن مع الربيع العربي.
لم يكن للأحداث التي يُشار إليها بالحركة الخضراء أجندة مشتركة واحدة، بل كانت الحركة في البداية استمراراً لمطالب تعالت خلال فترة حكم خاتمي (1997-2005)، التي لم يتم تلبيتها إلى حدٍ كبير. لذلك، انطوت على بُعدٍ قوي لنشاط المجتمع المدني، والحملات من أجل حقوق الإنسان، والسعي لتحقيق الديمقراطية. كما كان لها جانب ثقافي واضح يُطالب بالتطبيع والمزيد من الانفتاح في المناخ الثقافي الإيراني.
إرث أحمدي نجاد
خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد، تم تقويض موقف إيران. وبسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم، أصبحت طهران عرضةً لعقوباتٍ اقتصادية من قِبل الغرب، استهدفت، من بين أمورٍ أخرى، صناعة النفط والسيارات والعملة الوطنية. أصبحت الآثار واضحة بشكلٍ متزايد: بلغ التضخم أكثر من 30% في عام 2012، بينما انخفضت الإيرادات الحكومية نتيجة لانخفاض صادرات النفط من 24,2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2010 إلى ما يقدر بنحو 15,3% في عام 2012؛ في حين كان النمو سلبياً بنسبة تقدر بـ -1,9% في عام 2012 (ميد). وعلاوةً على ذلك، أضرّ القمع القاسي للمعارضة الداخلية وتصريحات أحمدي نجاد العدوانية العلنية بسمعة إيران في العالم.
في فترة ولايته الثانية (2009-2013) انفصل أحمدي نجاد بشكلٍ متزايد عن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والأصوليين الإيرانيين، مما أثار في النهاية انتقاداتٍ علنية من خامنئي نفسه. فقد تمحور الخلاف حول وجهات نظر أحمدي نجاد بشأن قضايا السياسة الداخلية والخارجية، حيث اختار أحمدي نجاد وتلميذه إسفنديار رحيم مشائي تخفيف القيود الاجتماعية، خاصة بالنسبة للشباب، وهو ما مثل انحرافاً عن القانون الاجتماعي الصارم في إيران. كما عمدا إلى استحداث خطابٍ سياسي جديد، حيث استبدلا الإسلام السياسي بالمدرسة الإيرانية للإسلام، ولم يعد لرجال الدين كيانٌ اجتماعي. فقد صرّح مشائي إن الإيرانيين ليس لديهم مشكلة مع شعب إسرائيل (موقف مثير للجدل في إيران). بالإضافة إلى ذلك، استخدم أحمدي نجاد مكتب الرئاسة لوضع مؤيدين مقربين مثل مشائي في مناصب في السلطة على حساب الموالين مباشرةً للمرشد الأعلى، وأقال المسؤولين المرتبطين بخامنئي. وفي عام 2011، حاول أحمدي نجاد السيطرة على وزارة الاستخبارات بإقالة الوزير حيدر مصلحي. ومع ذلك، تولى خامنئي زمام الأمور وأبطل قرار الرئيس.
ومن الجدير بالذكر أن الاقتصاد تربع على قائمة القضايا الرئيسية التي أشعلت الشارع الإيراني، خلال حملة الانتخابات الرئاسية، على نحوٍ يفوق قضايا الديمقراطية والحريات الاجتماعية أو حتى العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
صور من الانترنت لمظاهرات عام 2009.