وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تغيير الجنس في إيران: ظاهرة متنامية

تغيير الجنس في إيران
أناهيتا و خطيبها الذين شاركا في الفيلم الوثائقي ” كن مثل الآخرين” والذي يتحدث عن المتحولين جنسيّا ً في إيران

تغيير الجنس  قانوني في إيران، وكما هو الحال في الدول الإسلامية الأخرى، يُعتبر أيضاً من المحرمات. فقد تم تناقل الأخبار، الدخيلة، حول تغيير الجنس في إيران عام 2010، عندما أعلنت المنظمة الطبية القانونية الإيرانية (ILMO) أنّ 270 إيراني يخضعون لعمليات تغيير للجنس كل عام. 56% من هؤلاء الذين يعانون “اضطرباً جنسياً؛”وهو لقبٌ إيراني للمتحولين جنسياً والمثليون، يرغبون في أن يصبحوا إناثاً. ووفقاً للمنظمة الطبية القانونية، تقدّم بين عامي 2006 و2010، ما مجموعه 1,366 إيراني للحصول على رخصة لتغيير الجنس. وعلى أساسٍ سنوي، ارتفع عدد الطلبات من 170 عام 2006 إلى 319 عام 2010. لم تُنشر المزيد من البيانات، ولكن تُشير الأعداد المتزايدة إلى استمرار هذا التوجه.

هناك اختلافٌ في وجهات النظر حول ما جعل من طهران عاصمة تغيير الجنس في العالم. ويرى البعض أنّ حظر المثلية الجنسية في إيران هو السبب. حتى أنّ البعض يدعيّ أن المثليين جنسياً يُجبرون على الخضوع للعملية الجراحية، على الرغم من أنه لم ترد تقارير عن مثل هذه الحالات. في الواقع، تُشير الإجراءات القانونية والطبية عكس ذلك. ويسعى آخرون لشرح السياق الديني والقانوني ليصبح تغيير الجنس ممكناً، ووفقاً لوجهة النظر هذه، يمكن أن يختار أولئك الذين يعانون من اضطراب جنسي، كما يُطلق عليهم، بإرادتهم الحرة تغيير جنسهم.

بدأت إجازة تغيير الجنس بعملية فقهية، فقد لعبت وجهات نظر آية الله الخميني دوراً رئيسياً في هذا الصدد. ففي ستينيات القرن الماضي، أصدر حُجة حول تغيير الجنس باعتباره أحد الظواهر الجديدة (الأمور المستحدثة) في الشريعة الإسلامية. ووفقاً للفتوى التي أصدرها، فإنّ تغيير الجنس لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. فقد أعرب عن اعتقاده أنّ المتحولين جنسياً تماماً كالمرضى الذين يحتاجون للشفاء من مرضهم.

وبعد ثورة 1979 وتأسيس الجمهورية الإسلامية، أحدثت توجيهات آية الله الروحانية والضغوطات المصاحبة لها تغييراتٍ في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك الهوية الجنسية. فتح ترخيصه الديني للتدخل الطبي لدى المتحولين جنسياً الأبواب على مصراعيها عام 1985 أمام أولئك الذين يسعون إلى تغيير جنسهم. ومع ذلك، فقد صرّح أنّ إجازة التحول تستند إلى شرطين: أولاً، ثبوت صحة مرض التحول الجنسي من خلال الفحوصات الطبية والنفسية؛ وثانياً، ينبغي أن يكون تغيير الجنس كاملاً. وهذا يعني، أنه ينبغي تحويل الشخص إما لذكرٍ كامل أو انثى كاملة. المرشد الأعلى الايراني الحالي والكثير غيره من العلماء الشيعة، لديهم نفس الموقف تجاه تغيير الجنس.

ليغير المرء من جنسه، لا بد من استكمال إجراءاتٍ قانونية. أولاً، يتوجب تقييم الشخص عقلياً من قِبل اثنين على الأقل من علماء النفس. بعد الحصول على موافقتهم، يتوجب أن يُقدم/تُقدم طلباً للمحكمة للحصول على موافقة لتغيير الجنس. بدورها، تطلب المحكمة من المنظمة الطبية القانونية الإيرانية فحص الشخص جسدياً وعقلياً. بعد الحصول على الموافقة من المتخصصين في المنظمة، يحصل/تحصل على رخصة لتغيير الجنس بحيث يستطيع/تستطيع استخدامها للخضوع لعملية جراحية في أحد المستشفيات المعتمدة من قِبل الحكومة. ففي طهران وحدها، يوجد 13 طبيبأ في الوقت الراهن من المختصين بهذه العملية. وبالإضافة إلى ذلك، تُقدم الحكومة مساعداتٍ مالية، ففي العام الماضي، خصصت الحكومة 647,000 دولار لدعم مرضى تغيير الجنس.

ومع ذلك تبقى هناك العديد من التحديات فيما يتعلق بسياسات الدولة والمواقف الاجتماعية تجاه تغيير الجنس. فأولاً، هناك الفهم الديني، وبالتالي الثقافي والاجتماعي للحياة الجنسية. ووفقاً لذلك، لا يسمح سوى بعلاقات الذكور والإناث في العلاقات الجنسية المتباينة، وكل من ينحرف عن هذا المعيار سلوكياً أو من الناحية الفسيولوجية مريضٌ ويحتاج إلى العلاج.

وثانياً، هناك التعريف الحكومي للاضطراب الجنسي، الذي ينطبق على كلٍ من المتحولين جنسياً والمثليين. هذا على الرغم من حقيقة أنّ المثليين جنسياً غالباً ما لا يجدون أي حرجٍ بالانجذاب إلى الأفراد من نفس الجنس ولا يحتاجون إلى تغيير جنسهم. وعلى الرغم من أنه لا توجد دلائل على إجبار المثليين جنسياً الخضوع لعمليات تغيير الجنس، إلا أنهم أيضاً لا يتمتعون بالحرية للتعبير علناً عن ميولهم الجنسية. وبالتالي، فإنّ إصلاح القوانين الإسلامية التي تتعلق بعلاج المثلية الجنسية تتطلب إصلاحاً دينياً وتدخلاً من علماء الدين.

وثالثاً، وصمة العار التي لا تزال مرتبطة بالمتحولين جنسياً، على الرغم من أنّ حدتها قد خفّت منذ فتوى آية الله الخميني. وعلى الرغم من الحداثة الكبيرة التي بات يتمتع بها المجتمع الإيراني، إلا أنه لا يزال معارضاً للحقائق الجديدة التي ينظر إليها باعتبارها مخالفة لمعتقداته الدينية. وعلى هذا النحو، لا تُقبل الهويات الجنسية للمتحولين جنسياً والمثليين جنسياً على وجه الخصوص. وهذا بدوره يخلق الحواجز أمام سياساتٍ أكثر انفتاحاً تجاه أولئك الذين يعانون “اضطراباً جنسياً.” ومع ذلك، أطلقت العديد من المبادرات لتغيير الرأي العام، ولكن لا زال يتعين القيام بالكثير في هذا الصدد.

Advertisement
Fanack Water Palestine