وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تاريخ إيران

تاريخ إيران
صورة ملف بتاريخ 6 مارس 1953 في إيران، تظهر آية الله بهبهني (عمامة) يحمله الحشد خارج بوابات القصر الملكي، متوسلاً شاه إيران ألا يغادر البلاد. (Photo by AFP ARCHIVES / AFP)

المقدمة

إيران التي تخضع حالياً لنظامٍ جمهوري إسلامي تزخر بالكثير من المراحل والتقلبات التاريخية المميزة. فهذه الدولة التي تعتمد نظام ولاية الفقيه، لعبت دوراً محورياً في الخلاف السني – الشيعي، كما لعب أبناؤها دوراً حاسماً في رسم مسار آخر لخلافةٍ إسلامية لا يهيمن عليها العنصر العربي.

أول إمبراطورية في التاريخ

تكوّنت الإمبراطورية الأولى على وجه الأرض في بلاد الفرس، وكان ذلك على يد الأُسرة الأخمينية التي حكمت الإمبراطورية الفارسية من القرن السادس وحتى القرن الرابع قبل الميلاد.

ينقسم تاريخ إيران المبكّر إلى ثلاث مراحل، تبدأ بمرحلة ما قبل التاريخ حتى مطلع الألفية الأولى قبل الميلاد، وفيها أول دليل على وجود البشر على الهضبة الإيرانية (100 ألف عام ق.م). وتغطي المرحلة الثانية “العصر شبه التاريخي” النصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد، في حين تتمثل المرحلة الثالثة في فترة حُكم الأُسرة الأخمينية التي دخلت فيها إيران مرحلة التاريخ المكتوب.

سقطت الإمبراطورية الأخمينية، مع فشل داريوس الثالث في صدّ جيش الإسكندر الأكبر؛ ليلقى داريوس آخر أباطرة الفترة الأخمينية على يد أحد جنوده عام 330 ق.م.

مات الإسكندر الأكبر (323 ق.م)، فأسس سلوقس -أحد كبار جنرالات الإسكندر- الإمبراطورية السلوقية (312-64 ق.م) التي امتدت من غرب آسيا، إلى الهند شرقًا، قبل أن تفككها الانشقاقات والثورات، ومن ثم الغزو الروماني.

بعد عقود من الصراع، تخلت روما عن طموحاتها في الشرق، وأطلق أوغسطس سياسة الاحترام، بعد اتفاقية سلام (20 ق.م) مع فرات الرابع Phraates IV ملك ملوك الإمبراطورية البارثية. ولم يكن باستطاعة الدولتين أن تفعلا شيئًا سوى الامتثال للاتفاقية.

أرسل فرات أبناءه وأحفاده إلى روما بين عامي 9 و10 ق.م، لكسب ودها. غير أنه أُغتيل على يد ابنه الأصغر فرات الخامس Phraates V، الذي احتل العرش (2 ق.م-4م). أعقبه أوردس الثالث (4-6/7م)، ثم فونونيس الأول (7/8-11م)

سميت الفترة (12-162م) بمرحلة معاداة الهلنستية، فتميزت بتوسع في الثقافة الفارسية الأصلية ومعارضة كل الأشياء الأجنبية.

سقطت الإمبراطورية الفارسية من جديد (162-226م) على خلفية عودة الصدامات المتكررة مع روما، فضلًا عن التصدعات والانقسامات في جسد الإمبراطورية. ووقعت في أيد الساسانيين.

الإمبراطورية الساسانية وظهور الإسلام

أحيا الساسانيون (226-651م) الحضارة الفارسية والزرادشتية وبذلوا جهدًا كبيرًا لإعادة تقاليد الأخمينيين. وبعد أكثر من أربعة قرون، سقطت الإمبراطورية الساسانية عقب فشل ملكها الأخير يزدجرد الثالث Yazdegerd III (633–651) في مقاومة طليعة جيوش الخلافة الإسلامية.

قتل علي بن أبي طالب عام661م، آخر الخلفاء الراشدين، ودبَّ الخلاف بين السنة والشيعة حول القيادة الإسلامية، وقد أصبح هذا الصدام بالغ الأهمية في التاريخ الإسلامي.

بين عامي 661 و750م قامت الخلافة الأموية وخضعت جميع الأراضي المفتوحة خضوعًا تامًا. واستخدمت الحروف العربية في الكتابة الفارسية إلى يومنا هذا.

ساهم الإيرانيون في إسقاط الخلافة الأموية عام 750م وساعدوا في قيام الدولة العباسية. وانتقلت عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد.

اعتمدت الخلافة العباسية 750-821م على الوزراء والبيروقراطية الفارسية في كثير من وظائف الدولة. وتغلغلت التقاليد الفارسية في نظام الحكم العباسي.

تآكل الهيمنة العربية وتشكيل ممالك محلية

بدأت قبضة الحكم العربي على بلاد فارس تضعُف، حيث وصلت ممالك فارسية محلية متعددة إلى سدّة الحكم وأقامت دويلات مستقلة في بلادهم، كالطاهريين (821-873)، والصفاريين (867-903)، والسامانيين (873-999)، والزياريين (928-1007)، والبويهيين (945-1055). وبعد ذلك، تبعتهم الأُسر التركية ذات الثقافة الفارسية، كالغزنويين (962-1186)، والسلاجقة (1038-1153)، والدولة الخوارزمية (1153-1220).

اجتاحت القوات المغولية لجنكيز خان بلاد فارس (1220م)، فأصبحت فارس جزءًا من إيلخانات (تابعة للخان الأعظم [ملك المغول])، يحكمها أحفاد هولاكو حتى 1404م.

غزا تيمورلنك إقليم فارس عام 1405م بأكمله واستولى على حلب ودمشق وجعل سمرقند عاصمة له. واتسمت فتوحاته بالقسوة والتخريب والوحشية، ولكنه رغم ذلك اهتم بالفنون وجعل من سمرقند تحفة معمارية.

تحت حكم الدولة الصفوية 1501-1722م أصبح المذهب الشيعي الاثنى عشري مذهبًا رسميًا للدولة.

وفي عام 1794م أسس محمد خان قاجار أسرة القاجار، واستعاد الاستقرار في البلاد بعد نصف قرن من الحروب.

تنازلت الدولة القاجارية عن القوقاز إلى روسيا بعد الحرب الروسية الفارسية الثانية عام 1828م.

من البهلويين إلى الجمهورية الإسلامية

في ظل الدولة البهلوية 1921-1979م، تم تبني “إيران” كاسم رسمي للبلاد، وشهدت إيران نموًا اقتصاديًا سريعًا وازدهارًا كبيرًا تزامن مع مناخ سياسي مستقر نسبيًا. وزادت قوتها العسكرية وأصبح لها مكانتها الدولية.

ومع تدهور الوضع السياسي، أُرغم الشاه محمد رضا بهلوي وأسرته على النفي، مطلع 1979م.

شهد العام ذاته عودة زعيم المعارضة الإسلامية آية الله الخميني من منفاه الذي استمر نحو 15 عامًا، ليعلن عن جمهورية إيران الإسلامية بعد استفتاء شعبي.

في يناير 1980م، أُنتخب أبو الحسن بني صدر كأول رئيس للجمهورية الإسلامية. وبدأت حكومته ببرنامج تأميم كبير في البلاد.

هاجمت جمهورية العراق الغرب الإيراني بسبب النزاعات الحدودية في سبتمبر 1980م، وشنّ الطرفان أطول حربٍ تقليدية في القرن العشرين. راح ضحيتها مليون نفس من الجانبين، ودامت ثمانية أعوام.

إيران بين المحافظين والإصلاحيين

في يونيو 1989م أُنتخب آية الله على خامنئي زعيمًا روحيًا جديدًا للجمهورية الإسلامية، بعد وفات آية الله الخميني.

وانتخب على أكبر هاشمي رفسنجاني رئيسًا للجمهورية في العام ذاته.

حظرت أميركا جميع أنواع التجارة مع إيران في مايو 1995م. وصدر في عام 1996م قانون تطبق فيه الولايات المتحدة عقوبات ضد أي شركة غير أميركية تقوم بالاستثمار في إيران أو ليبيا.

تم انتخاب الإصلاحي محمد خاتمي رئيسًا للجمهورية في مايو 1997م، ووعد بسيادة القانون، وإفساح مجال أكبر للديمقراطية وحقوق الإنسان، وإعادة العلاقات مع الغرب. ليهيئ المسرح لصراع -على السلطة- بين تيارين.

بعد دورتين رئاسيتين لخاتمي، استعاد المحافظون السيطرة على البرلمان عام 2004م. وانتخب محمود أحمدي نجاد، عمدة طهران المحافظ، رئيسًا للبلاد في العام التالي. استمرت رئاسته دورتين متتالين.

شهدت رئاسة نجاد جولات من التوتر مع المجتمع الدولي بشأن ملف إيران النووي.

عاد التيار الإصلاحي إلى المشهد بفوز حسن روحاني بمنصب الرئاسة عام 2013م، وأعيد انتخابه عام 2017م.

Advertisement
Fanack Water Palestine