وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

إدارة أوباما تبدأ خوض معركة عسيرة في الكونجرس بشأن الإتفاق الإيراني

iran nuclear deal kerry testifies fanack
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، يحيط به وزير الطاقة الأمريكي الدكتور إرنست مونيز ووزير الخزانة الأمريكي جاك ليو، وهو يدلي بشهادته حول الاتفاق النووي الإيراني أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في واشنطن العاصمة 23 يوليو 2015. Photo Flickr

في 23 يوليو 2015، دخلت إدارة أوباما جدياً مرحلة إقناعٍ جديدة بشأن الاتفاق الذي وقعته الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا والصين بالإضافة إلى ألمانيا (مجموعة 5+1)، وإيران في فيينا- النمسا قبل أسبوع. الإتفاق الذي سُمي “صفقة إيران النووية” يحدّ بشكلٍ كبير من برنامج إيران النووي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية التي خنقت البلاد لعقود.

وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي بذل قصارى جهده للتوصل إلى إتفاقٍ بعد مفاوضات عسيرة دامت لأكثر من عشرين شهراً مع نظرائه من مجموعة (5+1) وإيران، ظهر في أول جلسة إستماع له أمام الأعضاء المشككين بالإتفاق من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ (SFRC) المتنفذة. اللجنة، التي كان يترأسها إلى أن أصبح وزيراً للخارجية أوائل عام 2013، اعترضت على مضمون الاتفاق وتداعياته على اسرائيل.

ورد كيري بأنه لا يوجد بديل أفضل في حال رفضت الولايات المتحدة الاتفاق، الذي أكدّ أنه سيحافظ بشكلٍ قاطع على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، والذي من ناحية أخرى يراه غالبية الجمهوريين، والعديد من الديمقراطيين بأنه يمهدّ الطريق أمام إيران لتصبح “قوة نووية” عندما يحين الوقت. وقال رئيس اللجنة بوب كوركر (الجمهوري من ولاية تينيسي)، أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعرضت “للخداع” كما اتهم الإدارة الأمريكية بالتسبب في عزلة الكونجرس الأميركي دولياً عن طريق التصويت على الاتفاقية قبل ذلك عبر مجلس الأمن، مشيراً إلى أن الكونجرس هو الذي أصبح طرفاً منبوذاً وليس إيران.

وحذر السناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، وأحد المتقدمين للترشح للانتخابات الرئاسية عام 2016 عن الحزب الجمهوري، مراراً أن هذا الاتفاق يمكن ان يزول عندما يغادر الرئيس اوباما منصبه، موضحاً بأن الرئيس المقبل لا يخضع لأي الزام قانوني أو اخلاقي لاحترامه (الاتفاق). كما أكدّ روبيو النقاط التي وردت في العريضة التي تم توقيعها وإرسالها في مارس الماضي من قِبل 47 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والتي تقتضي التنصل من أي التزام للوفاء باتفاق يتم التوصل إليه بين إدارة أوباما وإيران. واعتبرت العريضة آنذاك تدخل تشريعي لم يسبق له مثيل في الشؤون الخارجية، وعلى مستوى تاريخي في نطاق عمل الرئيس الأمريكي ووزارة الخارجية.

American Senators talking before the revision of the Iranian nuclear deak at the Senate Foreign Relations Committee
باتجاه عقارب الساعة، من الأعلى يساراً، السناتور جون باراسو، والسناتور كوري جاردنر، ورئيس مجلس الشيوخ بوب كوركر، والسناتور جيمس ريش، والسناتور جيف فليك، والسناتور رون جونسون، والمرشح الرئاسي الجمهوري السناتور ماركو روبيو، يتحدثون معاً قبل إعادة النظر في الاتفاق النووي في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في واشنطن، 23 يوليو 2015. Photo AP/Andrew Harnik

وخلال جلسة الاستماع، كان من الواضح أن العديد من الديمقراطيين مازالوا متشككين بشأن التوصل الى اتفاق مع ايران الذي تعارضه بشدة إسرائيل واللوبي الرئيسي في واشنطن، لجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية (ايباك). وفي أحد أكثر تبادل للآراء سخونة في الجلسة، كرر السناتور الديمقراطي عن نيو جيرسي بوب مينينديز، وهو حليف وثيق لـ”ايباك” ويواجه حالياً اتهاماتٍ بالفساد، ادعاءات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه لم يتم التشاور معه (أي نتنياهو) ولا مع الكونجرس بشكلٍ مباشر خلال عملية التفاوض.

وعندما حاول كيري مقاطعة مينينديز، الذي يُعارض الاتفاق، رد السناتور بحدّة “وقتي محدود. كنت تتفاوض مع الإيرانيين لمدة عامين، أما أنا لا أملك سوى سبع دقائق.”

أما السناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا تيم كين، الذي لم يحدد بعد دعمه للاتفاق، أثنى عليه لإعاقته تقدم البرنامج النووي الإيراني إلا أنه أعرب عن قلقه مما يمكن أن يحدث بعد انتهاء الاتفاق في غضون 15 عاماً.

ومع ذلك، دافعت السناتور الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا باربرا بوكسر، التي تعتبر حليفاً قوياً لـ”ايباك” وعضو بارز في الجالية اليهودية الأمريكية، عن الاتفاق واعترضت على تصريحات كوركر.

ومن ناحيةٍ أخرى، يمكن أن يصوت الكونجرس ضد الاتفاق مع نهاية فترة المراجعة التي تمتد لستين يوماً، والتي أقرّها أوباما في أبريل الماضي، وذلك قبل فترة وجيزة من التوصل إلى الاتفاق الاطاري بين مجموعة (5+1) وإيران في لوزان، سويسرا. ومع ذلك، كان الرئيس الأمريكي قد هدد في وقت سابق باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد الكونجرس إذا ما حاول الأخير التصويت ضد الاتفاقية، إلا أنه بحاجة إلى حشد عدد لا بأس به من أصوات الديمقراطيين للحفاظ على حق النقض. ووفقاً لدستور الولايات المتحدة، يحتاج الكونجرس إلى الحصول على ثلثي الأصوات في كلا المجلسين كي يستطيع نقض فيتو الرئيس الأمريكي. وهذا يعني 291 في مجلس النواب و67 في مجلس الشيوخ.

وفي الوقت الحالي، يتمتع الجمهوريون بالأغلبية في كلا المجلسين. ففي مجلس النواب يُسيطر الجمهوريون على 247 مقعد، في حين أن للديمقراطيين 188 مقعداً. وأما في مجلس الشيوخ، للجمهوريين 53 مقعداً، والديمقراطيين 44 مقعداً، بينما يوجد عضوين مستقليّن يصوتان عادةً لصالح الديمقراطيين. وقال كيري أنه لا يمكن للولايات المتحدة ببساطة تجاهل إيران أو التخلي عن الخطة، التي تدعو إلى فرض رقابة وضوابط جديدة على تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

وقال لمجلس الشيوخ “دعوني أوكد لكم أن البديل عن الاتفاق الذي توصلنا إليه، ليس كما اقترحته بعض محطات التلفاز بمكر، “اتفاقاً أفضل،” أو شكل من أشكال التسوية الأسطورية التي تنطوي على استسلام إيران الكامل.” وتابع “بل هذا وهم وببساطة ضرب من الخيال، ومجتمعنا الذكي سيدرك ذلك.” وفي الوقت نفسه، تسعى جماعات يهودية أمريكية من المؤيدين والمعارضين للاتفاق مع إيران على حد سواء إلى إنفاق ملايين الدولارات لاستهداف أعضاء الكونجرس المترددين، وذلك وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.

ويقترح التقرير الذي نُشر في 17 يوليو أن “أيباك” (والائتلاف اليهودي الجمهوري الذي هو ضد الاتفاق) يتطلعان لانفاق 40 مليون دولار على الدعاية والحملات لحشد المعارضين لإقناع ممثليهم في الكونجرس. أما المنظمة الليبرالية الأمريكية اليهودية “جي ستريت،” التي تصف نفسها بأنها مؤيدة لإسرائيل، إلا أنها تؤيد الاتفاق، تستعد لانفاق 2-3 ملايين دولارلحشد المؤيدين الآخرين. وقد بدأت بالفعل حملة لجلب المسؤولين العسكريين الإسرائيليين السابقين وشخصيات سياسية إلى الولايات المتحدة للتعبير عن دعمهم وشرح كيف أنهم يرون أنّ الاتفاق سيجعل الدولة العبرية أكثر أمناً.

ووفقاً للصحيفة الأمريكية اليهودية اليومية “ذا فوروارد” فإن “مجموعة صغيرة ولكن متزايدة من القادة العسكريين السابقين ذوي النفوذ قد تحدثوا في المقابلات الإعلامية والمقالات الافتتاحية في الأيام القليلة الماضية، بأن نتنياهو قد أخطأ بشأن القضية الإيرانية.”

وبالرغم من أنّ كل من أوباما وكيري يواجهان معركة شاقة في الكونجرس، إلا أن التقديرات تُشير إلى أن الغلبة ستكون لصالحهما. وقال زعيم أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لرويترز بعد توقيع الاتفاق يوم 14 يوليو أنه سيكون من “الصعب تجاوز الفيتو الرئاسي في حال رفض الكونجرس الاتفاق.”

Advertisement
Fanack Water Palestine