المقدمة
شهدت بلاد ما بين النهرين والأناضول – إحدى أقدم المناطق المأهولة بشكل دائم في العالم – ولادة العديد من مجتمعات ودول ما قبل التاريخ، مثل الأكاديين والحثّيين والفريجيين والليديين. اتسمت العصور القديمة بثلاث مجموعات: الإغريق والأرمن والفرس. اعتباراً من عام 1200 قبل الميلاد، بنى الإغريق عدداً من المدن، مثل ميليتوس
وأفسس وسميرنا (إزمير الحالية) وبيزنطيا (فيما بعد القسطنطينية). كانت مملكة أرمينيا الدولة الأولى التي تعتمد المسيحية الديانةً الرسمية في البلاد في بداية القرن الرابع.
الاسكندر الكبير
خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، سقطت الأناضول تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية الأخمينية. عام 334 قبل الميلاد، احتلها الإسكندر الكبير. وبعد موته عام 323، انقسمت الأناضول إلى مجموعة من الممالك الهلنستية. وهذه بدورها أصبحت جزء من الجمهورية الرومانية في أواسط القرن الأول قبل الميلاد، وفيما بعد الإمبراطورية الرومانية.
كانت مملكة أرمينيا، التي كانت تشمل أجزاء كبيرة من شرق تركيا، أول دولة تعتمد المسيحية كديانة رسمية لها في بداية القرن الرابع الميلادي.
الحقبة البيزنطية
عام 285 قبل الميلاد، قسم الإمبراطور دقلديانوس إدارة الإمبراطورية الرومانية الى نصفين: شرقي وغربي. سيطرت الإمبراطورية الرومانية الشرقية، التي عرفت فيما بعد بالإمبراطورية البيزنطية، على معظم الأناضول – وما وراءها: على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى شمال أفريقيا – من عاصمتها القسطنطينية (أعيدت تسميتها بـ “بيزنطيا”)، واستولت على مملكة أرمينيا عام 1045.
خلال أكثر من ألف سنة من وجودها، أنتجت الإمبراطورية البيزنطية حضارة رائعة جمعت بين العناصر الإغريقية والرومانية والشرقية والمسيحية.
ومع ذلك ، منذ القرن الحادي عشر فصاعدًا، واجهت الإمبراطورية البيزنطية التوسع التركي من آسيا الوسطى، الإمبراطورية البيزنطية التوسع التركي من آسيا الوسطى، خاصة بعد انتصار ألب أرسلان السلجوقي التركي (1029-1072) على الإمبراطورية البيزنطية في معركة ملاذكرد (1071). بعد ذلك، أصبحت أجزاء كبيرة من الأناضول جزءً من سلطنة الروم السلجوقية. وبالإضافة إلى ذلك، كان للنزاع بين الأتراك السلاجقة والإمبراطورية البيزنطية أبعاد دينية. فقد كان الأتراك السلاجقة قد اعتنقوا الإسلام، بينما كانت الإمبراطورية البيزنطية تعتبر مركز المسيحية الأرثوذكسية.
استنجد الإمبراطور ألكسيوس الأول، الذي أصبح مركزه مهدداً، بالبابا الكاثوليكي الروماني، فلبى النداء. عام 1095، دعا البابا أوربانوس الثاني إلى حملة صليبية، ليس فقط لتقديم المعونة للقسطنطينية، وإنما أيضاً لتحرير القدس والأراضي المقدسة من سيطرة (السلاجقة) المسلمين.
انطلقت جيوش الصليبيين بقيادة فرسان الفرنجة والنورمانديين من فرنسا وإيطاليا عام 1096. بعد وصول الجيوش إلى القسطنطينية، زحفت باتجاه القدس، تاركة وراءها الكثير من الدمار. وبعد حصار دام ثمانية أشهر، تم احتلال مدينة أنطاكية (في محافظة هاتاي) ذات الدفاع القوي وأعلنوا العاصمة واحدة من الإمارات والمقاطعات الصليبية العديدة التي أقيمت لاحقاً على طول الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وأخيراً، سقطت القدس عام 1099 وأصبحت جزءً من مملكة القدس، والتي استرجعها صلاح الدين الأيوبي عام 1187. تلا الحملة الصليبية الأولى ستة حملات أخرى، ولم تمر جميعها عبر الأناضول.
بعد الحملة الصليبية الرابعة، والتي أسفرت عن الاستيلاء على القسطنطينية ونهبها (1202-1204)، لم تعد الإمبراطورية البيزنطية الضعيفة في وضع يسمح لها استغلال اختفاء الإمبراطورية السلجوقية العظمى في الأناضول (1077-1308)، مما أدى إلى ظهور العديد من الإمارات التركية المستقلة، مثل دلغادر (ذو القادر) وقرمان وصاروخان وآيدين ومنتشا وكرمايان. ومن بين تلك الإمارات، الإمارة التي أسسها السلطان عثمان الأول (1258