وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ثقافة تركيا

ثقافة تركيا
صائغ نحاسي يعمل على زخرفة صينية معدنية في ورشته، في الجزء التاريخي من مدينة غازي عنتاب، في 2 مايو 2018، جنوب شرق تركيا. (Photo by OZAN KOSE / AFP)

المقدمة

لا يمكن تناول الهوية الثقافية التركية، بمنظار أحادي العين، دون الأخذ بأثر ما هو كمالي -نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك- وما هو أردوغاني، أو بين ما هو غربي وما وهو شرقي، أو بين ما هو علماني وما هو إسلامي، فضلاً عن التنوع المتراكم على مر العصور كإرث لحضارات متعاقبة. لذا فالثقافة التركية ما هي إلا مزيج لمجموعة من عناصر مختلفة من أوغوز الأناضول والعثمانيين، وما يحملون من أثر ثقافي للتركتين اليونانية والرومانية.

وتعتبر الثقافة التركية الحديثة توليفة ذاتية، لتزاوج موضوعي، ضروري، وحتمي بين ثقافتين، الثقافة الإسلامية التقليدية الراسخة والثقافة الغربية الحديثة. وتعود جذور هذا المزيج إلى لقاء الأتراك وثقافتهم مع تلك الشعوب وهم في طريقهم أثناء هجرتهم من آسيا الوسطى إلى الغرب كما يرى محللون.

فالأدب التركي والموسيقى على سبيل المثال يعكسان هذا المزيج من التأثيرات الثقافية، والتي جاءت نتيجة للتفاعل بين الدولة العثمانية والعالم الإسلامي جنبا إلى جنب مع أوروبا. فكان الأدب التقليدي والأدب الحديث مع ولادة تركيا الحديثة. مع حنين وميل لافت إلى الماضي العثماني، والهوية الشرقية الكامنة؛ ذلك الحنين الذي استحال سمة طافحة على المشهدين الأدبي والفني.

أما الفنون المعمارية الموجودة في تركيا فهي أيضا شواهد على المزيج الفريد من التقاليد التي أثرت على المنطقة على مدى قرون خلت. بالإضافة إلى العناصر البيزنطية التقليدية الناطقة في أجزاء عديدة من تركيا والعديد من التحف المعمارية العثمانية في وقت لاحق، مع نسيج متداخل من التقاليد المحلية والإسلامية.

وحسب باحثين لا يمكن الحديث عن الفن التشكيلي التركي دون المرور بفن المستشرقين ثم الفنون الإسلامية والخط العربي والمنمنمات وفن الزخرف، وهو ما ساعد على إكساب الفنون الحديثة تطوّرها الفكري والحسي والفهمي من الداخل التركي، وكان دافعا لانضاج هذه التجربة واكسابها خصوصية جعلتها مرجعا يتوافق مع طبيعة انتمائها المزدوج والمتنوع ثقافيا.

ولا شك أن الحالة الموسيقية التركية لم تكن في منأى عن هذا التمازجبين ما هو شرقي وما هو غربي، غير أنها استطاعت استيعاب أنماط موسيقية مختلفة ومتعددة، حيث يستطيع المتتبع للإرث الموسيقي في تركيا أن يلحظ إثراء التنوع العرقي كالكردية والأرمنية والأذربيجانية واليونانية والألبانية.

وفي السينما أدى ظهورها في الستينيات إلى شعبية السينما التركية التي أصبحت، بمساعدة يلمظ غوني (1937-1984) – الذي أخرج أفلاماً مثل Hope و Friendو Herdو Yol(الحائز على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان “كان” السينمائي عام 1982) – سلاحاً سياسياً حقيقياً.

للمزيد حول ثقافة تركيا بمختلف جوانبها، يرجى الاطلاع على ما تناولته فنك حول هذا الملف.

الأدب الكلاسيكي

يشير مصطلح “كلاسيكي” إلى نوعين من الأدب، العلمي والشعبي، اللذين ظهرا قبل عملية “التغريب” التي بلغت ذروتها خلال إصلاحات التنظيمات العثمانية (1839-1876). يعرف النوع الأول باسم أدب الديوان (الشعر العثماني) المتأثر بشدة باللغتين العربية والفارسية اللتين يستقي منهما المفردات والأسلوب. يعتبر شعر “البلاط”، ويتألف من مقاطع من سطرين أو أربعة أسطر غنية بالاستعارات، جوهر هذا الأدب ويركز على السجع والأوزان الشعرية المنظومة بحذاقة. ومن روّاد هذا النوع من الأدب الذي شهد عصره الذهبي في القرن السادس عشر: “باقي” (1526-1600)؛ و “فضولي البغدادي” (نحو 1483–1556)؛ و “نديم” (نحو 1681-1730)؛ و “نفعي” (1572-1635)، الذي عرف بشعره الهجائي. ويعتبر الشيخ غالب (1757-1798) آخر الشعراء الكلاسيكيين الكبار. أما النثر، الذي يتطلب مصادر فكرية وموسوعية هامة، فهو مخصص لدائرة أصغر من الجهابذة؛ فهو يحكي عن الرحلات، كما هو الحال بالنسبة إلى كتاب “سياحتنامه (الرحلات)” للكاتب أوليا جلبي (1611-1682)، وتاريخ المؤرخين محمد نصري (توفي 1520) ومصطفى نعيمة (1655-1716). في النهاية، تعتبر الرسائل السياسية والتاريخية التي تستحضر قصص الأمراء – على غرار تلك التي كتبها Koçi Bey (توفي 1650) وكاتب شلبي (1609-1657) – جزءً من هذا الأدب الكلاسيكي.

يتميز الأدب الشعبي الكلاسيكي، الذي يعتبر فيه يونس أمره (نحو 1240 – نحو 1321) أحد أهم رواده، بسهولة فهم لغته ودلالاته التي غالباً ما تكون صوفية. وبدءً من تحديات مجتمعات العلويين أو القزلباش في القرن السادس العشر ضد القبائل التركمانية “التكافؤية” نسبياً واستلهاماً من المجموعات الشيعية الفارسية المهدوية في الإمبراطورية العثمانية، ركز هذا الشعر أيضاً على تعاليم “وحدة الوجود” التي عارضتها المؤسسة الدينية السنيّة، مما أدى إلى ولادة الأدب العلوي الشفهي، كما يتجلى بأعمال الشاعر الصوفي أديب حربي (1853-1917) في القرن التاسع عشر:

“قبلما وُجد الله والكون، خلقناهما وأعلنا عن وجودهما. وقبلما لم يكن هناك فضاء يليق بالله، استضفناه في بيتنا. لم يكن له اسم بعد. ما الذي أقوله؟ لم يكن حتّى موجوداً. لم يكن له رداء أو مظهر؛ فأعطيناه شكلاً ليصبح إنساناً”.

الأدب الحديث

يمكن تقسيم تاريخ الأدب الحديث إلى فترتين تفصلهما ثغرة كبيرة تعود إلى الفترة الكمالية التي لم ينتج عنها سوى القليل من الأعمال الهامة. تغطّي الفترة الأولى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، والتي يمكن تعريفها بـ “الصدع”، وفق الكاتب الشهير أحمد حمدى طانبينار (1901- 1962) والعالم الاجتماعي حلمي ضياء أولكن (1901-1974). أدخل الكثير من أدباء هذه الفترة، مثل إبراهيم شناسي (1826-1871) وضياء باشا (1825-1880) ونامق كمال (1840-1888) المعروفين بـ “أبطال الحرية”، أفكار الحرية والوطن وعملوا كنقاد اجتماعيين. لكن أدت عملية “التغريب” إلى ما وصفه أولكن بـ “الشخصية المزدوجة”، والتي مثّلها أدباء مثل أحمد مدحت (1842- 1912) وسامي باشا زاده سزائي (1859-1936) ورجائى زاده محمود أكرم (1847-1914) الذين أعربوا عن انزعاجهم من وجودهم “الشرقي” وليس “الغربي” وحزنهم الشديد فيما يتعلق بالهاوية التي تنتظرهم. وشهدت نهاية هذه الفترة ولادة الشعر الحديث الذي قارن ما بين توفيق فكرت (1867-1915) – ملحد ومفكر حر امتدح على نحو ثوري محاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني (التي نجى منها “السلطان الأحمر”) – ومحمد عاكف آرصوي (1873-1936) – مناصر للحركة السلفية الوهابية في نهاية القرن العشرين.

تميزت فترة جمعية الاتحاد والترقي (1908-1918) بولادة أدب قومي درج بلغةٍ أتقنها أدباء مثل عمر سيف الدين (1844-1920) ومحمد أمين يورداكول (1869-1944) وضياء كوك ألب (1876-1924) ويعقوب قدري قره عثمان أوغلو (1889-1974). مع بعض الاستثناءات – مثل ناظم حكمت (1902-1963)، الذي اغتيل، وصباح الدين علي (1907-1948)، الذي نفي من البلاد – اتسمت العقود الكمالية (1923-1945) بظهور أدب الدعاية القومية المخصص في المقام الأول لتأليه “الزعيم الخالد”.

ثقافة تركيا
الكاتب التركي يسار كمال يتحدث مع وسائل الإعلام خلال مظاهرة لدعم عالم الاجتماع التركي بينار سيليك عند مدخل محكمة في اسطنبول، في 9 فبراير 2011.(Photo by BULENT KILIC / AFP)

في نهاية نظام الحزب الواحد، بدأت مرحلة جديدة من الأدب التركي، مع ظهور أسلوب شعبي “فلّاحي” شديد التأثر بالتقاليد والأساطير ومآسي الماضي، كما يلاحظ في أعمال فقير بايقورت (1929-1999) دورسون أكشم (1930-2003) ويشار كمال (ولد في 1923). لهذه الأعمال النثرية نظير في الشعر، مثل “الرحلات الزرقاء” (عذراء أرهات، 1915-1982 وصباح الدين أيوب أوغلو، 1908-1973)، المستلهم من “الأناضول”. وفي الستينيات، ظهر أسلوب حزين جديد يعكس خيبة أمل جيل من رجال الفكر “المستغربين” في أعمال سوغي صويصال (1936-1976) وعدالة آغا أوغلو (مواليد 1929) وأوغوز أتاي (1934-1977) الذي يشير إلى رجال الفكر الأتراك بــ “اللامسنودين”، أي صنف غير مسنود من البشر وبالتالي محكوم عليه بالسقوط. وقد نشأ جيل 1990-2000 على أساس هذا الإرث الغني، بمن فيهم: إليف شفق (مواليد 1971)، صاحبة كتاب “لقيطة إسطنبول” (بالإنكليزية) الذي خلق فضيحة حول إنكار مذبحة الأرمن؛ والروائي أورهان باموق (مواليد 1952) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2006، والذي تعمّق في التاريخ العثماني (اسمي أحمر) والتاريخ الحديث الذي اتّسم بالعنف (جودت بيه وأولاده، والكتاب الأسود، وثلج).

أخيراً، وبعد فترة طويلة من الحظر، ولد الأدب الكردي من جديد، أولاً في المنفى في أوروبا ومن ثم في تركيا ذاتها. ومن أبرزهم الكاتب محمد أوزون (1953-2007). وشهدت الفترة ذاتها ولادة نوع جديد من الأدب التركي: من الأرمن (مثل مكرديج مارغوسيان، ولد عام 1938) واليهود (مثل روني مارغوليس، ولد عام 1955).

الموسيقى والرقص

الموسيقى متنوعة في تركيا، بما فيها التقليد القديم للأغاني الشعبية والموسيقى الشرقية (أغاني خفيفة، غالباً ما تعزف في البلاط الملكي). تم حظر هذه الأغاني في الفترة 1934-1943، لاعتبارها فاسدة وذات أصول بيزنطية أو عربية. غير أنها اكتسبت شعبية كبيرة في العقود القليلة الماضية، وليس كالنمط “الأصلي” الذي تقدره النخبة، وإنما كالعربي الذي يجمع ما بين الأنماط الموسيقية التقليدية والغربية الشعبية. ومن بين نجوم الموسيقى المدمجة الذين لهم شعبية كبيرة: أورهان كنجباي (مواليد 1944) والمغني إبراهيم تاتليس (مواليد 1952).

هناك أنماط أخرى من الموسيقى إلى جانب الموسيقى العربية التي لا تضاهى، ومنها: موسيقى “البوب” (مثل تاركان تيفيتوغلو، مواليد 1972)؛ و “الراب” التي أصبحت رائجة في التسعينيات؛ والاحتجاجية، كالتي أدتها فرقة Grup Yorum (“مجموعة الأداء”) اليسارية. وشهدت الموسيقى الاحتجاجية انطلاقتها مع مغني الأوبرا السابق روحي سو (1912- 1985) الذي أدى أغاني صوفية وعلوية، كما أثبت جدارته في تأليف أساليب موسيقية جديدة مستوحاة من الموسيقى الاحتجاجية في أوروبا وأمريكا اللاتينية. وتشكل هذه الموسيقى جزءً من مجموعة فلكلورية أوسع، تشمل الرقصات الشعبية. وأخيراً، تحاول فرق مختلفة، مثل فرقة Kardeş Türküler (أغاني الإخوة) إحياء الأغاني الشعبية في الأناضول من خلال أداء أغاني أرمينية ويونانية وسفاردية وكردية.

اعتبرت السلطة الكمالية الموسيقى الكلاسيكية الغربية على أنها الموسيقى الوحيدة التي تعكس “الروح التركية”؛ تدير المديرية العامة للأوبرا والباليه ستة دور للأوبرا (أنقرة وإسطنبول وإزمير ومرسين وأنطاليا وسامسون) وتنظم عدداً من المهرجانات. وعلى الرغم من جمهورها الخاص وظهور عدد من عازفي البيانو على الساحة العالمية، مثل إيديل بيرت (مواليد 1941) وفاضل ساي (مواليد 1970)، إلا أن الموسيقى الكلاسيكية الغربية لم تلعب دوراً كبيراً في الساحة الموسيقية في تركيا.

الفنون التقليدية

تركيا غنية بالحرف اليدوية التقليدية، خاصة المنسوجات والمخرمات والجرار والخشب والنحاس والخزف والأواني الفخارية والزجاج والحجر. وتشتهر الكثير من المواقع، مثل بيبازاري وطرابزون، بأعمال الفضة والذهب. بينما تتخصص مواقع عديدة في صناعة السجاد (البسط والكليم الشهير).

عام 2008، بلغ عدد أعضاء قسم الحرفيين والتجارة في اتحاد نقابات الحرفيين التركية (TİSK) حوالي مليوني عضو، مما يشير إلى أهمية هذا القطاع في معظم أجزاء الدولة. معظم الحرف مخصصة للاستهلاك المحلي، إلا أن هناك طلب كبير عليها من قبل السياح.

الفنون الجميلة

ثقافة تركيا
زوار يمشون أمام متحف اسطنبول للفن الحديث في وسط مدينة اسطنبول في 23 سبتمبر 2009. AFP PHOTO/MUSTAFA OZER

على الرغم من الإهمال الكبير الذي تعرضت له الفنون الجميلة في تركيا، إلا أنها تطورت خلال أكثر من قرن. يعود النمط الجديد في التمثيل والرسم والتعبير المستوحى من الغرب إلى نهاية الإمبراطورية العثمانية. وحصلت على قوة دفع حقيقية من خلال الأعمال الشرقية لعثمان حمدي بيك (1842-1910)، الذي يعتبر مؤسس علم المتاحف التركية. وفي عهد الجمهورية الكمالية، حاول الرسامون الهروب من علم الجمال المخصص بالكامل للأمجاد الوطنية و “أبي الأتراك” مصطفى كمال – مثل زكي كوكاميمي (1900 – 1959) وعلي جلبي (1904-1993) ورفيق إبيكمان (1902-1974) وبدري رحمي أيوب أوغلو (1911-1975) وفكرت المعلا (1903-1967) ونوري إيام (1915-2005) وإبراهيم بالابان (مواليد 1921) – إلى أساليب تجريدية أو فلكلورية أو شعبية. وفي الستينيات والسبعينيات، ظهر أسلوب جديد يدمج الفن الملتزم بالجماليات النخبوية في أعمال فنانين، مثل أورهان تايلان (مواليد 1941) وفريد أونغورن (1932-2010). وخلال العقدين الماضيين، طوّرت عدد من الجامعات، منها جامعة المعمار سنان وجامعة يلدز التقنية (إسطنبول) وجامعة 9 أيلول (إزمير)، مناهج تعليمية في الفنون، كما فتحت المتاحف وصالات العرض مخصصة للفنون الجميلة التركية أو الأجنبية أبوابها في إسطنبول (مثل، متحف الفن الحديث في إسطنبول، ومتحف الفنون الجملية في جامعة المعمار سنان، ومتحف إلغيز للفن المعاصر). كما بدأ بعض الرسامين الشباب، ومنهم عائشة غُل يشيلنيل وإسراء ميرال دميركان وإيلكر باسيرلي، باكتساب شهرة في أوروبا، والذين جمعوا في أعمالهم بين الحرف التقليدية بالفن الحديث أو دمجوا عدداً من المدارس الفنية (مثل الرسم والنحت مع الفنون المسرحية أو الموسيقى).

فن العمارة

ثقافة تركيا
تُظهر صورة تم التقاطها في 29 يوليو / تموز 2020 منظرًا عامًا داخل آيا صوفيا، في إسطنبول، خلال أول صلاة إسلامية منذ إعادة تحويل كاتدرائية إسطنبول الشهيرة إلى مسجد.(Photo by Yasin AKGUL / AFP)

لفهم تنوع أنماط الهندسة المعمارية المتنوعة في تركيا، يمكننا البدء بتراث ما قبل الإسلام، منها متحف آجيا صوفيا (بنيت 532-537) ومتحف كاريا (كنيسة المخلص في خورا، بنيت 534). وتشاهد الهندسة المعمارية للسلاجقة الأتراك، المتواضعة نوعاً ما، في العديد من المدن في وسط الأناضول. ويكمل فن العمارة العثمانية، المعروف بعظمته والممثل بأعمال المهندس الشهير المعمار سنان آغا (1489 – 1588)، هذا الإرث الهندسي، وإنما يتجاوزها من حيث الحجم والطموح. قام مهندسون آخرون بتكييف أعمال المهندس سنان، ومنهم سيدفكار محمد الآغا، الذي بنى الجامع الأزرق الشهير في إسطنبول بين العامين 1609 و 1616. وشهدت إسطنبول في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ثورة معمارية حقيقية جمعت الكثير من الأساليب (خاصة الغربية)؛ ومن الأمثلة الهامة قصر دولما باهتشة (1842-1853) وجامعة إسطنبول (التي كانت وزارة الحرب عام 1833).

تتسم فترة الجمهورية، التي تستلهم من الأساليب الأوروبية (خاصة الإيطالية)، بعظمة بلغت أسمى تعابيرها في ضريح آتاتورك التذكاريّ الشهير (المبني بين العامين 1944 و1953). وشهدت هذه الفترة بناء قصور الشعب والتماثيل بطابع وطني في الساحة الرئيسية لكل من المدن الكبرى.

يتميز تاريخ فن العمارة التركية ما بعد الحكم الكمالي بالقليل من الأعمال الفنية، كالمراكز التجارية التي على الطراز الأمريكي والمجمعات السكنية والأبراج العالية غير الأصلية التي تطّل على إسطنبول.

الثقافة الشعبية

في بلد شهد الكثير من التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في العقود الماضية، من الصعب تقديم معايير قياسية “للثقافة الشعبية”. ومنذ ظهور استوديوهات التسجيل في الخمسينيات والقنوات التلفزيونية بين العامين 1990 و 2000، فقد مفهوم الثقافة الشعبية معناه. فاختفت مهرجانات الشعر والعروض التقليدية، مثل عروض قره كوز وحاجيوات (عيواظ)، الشخصيتان الرئيستان في عروض خيال الظل التي كانت شائعة بشكل خاص في شهر رمضان، والتي تحولت من “شعبية” إلى “نخبوية” يتطلب الحفاظ عليها دعماً كبيراً من الدولة. وينطبق الأمر ذاته على التراث الغني للرقص الشعبي الذي قمعته الحكومة أو تم تسييسه إلى حد كبير من قبل الأحزاب اليمينية واليسارية أو الحركة العلوية أو المنظمات الكردية.

هناك ثلاثة سجلات إضافية في الثقافة الشعبية الحالية: الأغاني الكلاسيكية التي يتم أداؤها بأسلوب البوب (على غرار المغني الشهير زكي موران، 1931-1996)؛ والأغاني التي على الطراز العربي، والتي كانت الأكثر شعبية منذ الستينيات وقام بأدائها مطربون مثل إبراهيم تاتليس (مواليد 1952) وفردي طيفور (مواليد 1945)؛ والمسلسلات التلفزيونية. تتألف معظم المسلسلات من حلقات كثيرة، يجوز فيها تجاوز المعايير الأخلاقية – مثل المثلية الجنسية والعلاقات خارج إطار الزواج والزنا. ترتكز هذه المسلسلات على تكييف نصوص المسلسلات البرازيلية التي اشتهرت في التسعينيات وأحرزت نجاحاً باهراً، خاصة في العالم العربي والبلقان. وهناك مسلسلات مسيّسة إلى حد كبير، مثل: “وادي الذئاب”، مسلسل قومي متطرف ومعادٍ للسامية يتناول قصة رجال يعملون في الخفاء والسر في سبيل “البلاد والأمة” في حرب ضد أعداء داخليين (كالحركة الكردية والأقليات والسياسيين “الخونة”) أو أعداء خارجيين (الولايات المتحدة وإسرائيل).

المسرح والسينما

Culture of Turkey
المغنية المنفية تولاش، المخرج السينمائي التركي وكاتب السيناريو والروائي والممثل من أصل كردي يولماز غوني والمترجم م.باغلا والشاعر نهاد بهرام (من اليمين إلى اليسار) يحضرون مؤتمرًا صحفيًا في 17 أغسطس 1983 في باريس حول ظروف الاحتجازللسجناء السياسيين في تركيا. AFP PHOTO MICHEL CLEMENT

هناك العديد من الفرق المسرحية العامة (حالياً تتحول إلى خاصة) والخاصة التي تنخرط أحياناً في السياسة، وبخاصة في إسطنبول. ومن أهم الممثلين التاريخيين في “الفن السادس” التركي من الحقبة العثمانية: غولو أغوب (1840-1902)؛ وفي العصر الحديث، جينكو إيركال (مواليد 1938) وخلدون دورمان (مواليد 1928) وتوتو كاراكا (1912-1992) وليفنت كيركا (مواليد 1948) ومشفق كينتير (مواليد 1932) وعديلة ناشط (1930-1987) وعلي بويراز أوغلو (مواليد 1943) وغولريز سوروري (مواليد 1929).

تشتهر تركيا بأفلامها. أدى ظهور السينما التركية في الستينيات إلى شعبية السينما التركية التي أصبحت، بمساعدة يلمظ غوني (1937-1984) – الذي أخرج أفلاماً مثل Hope و Friend و Herd و Yol (الحائز على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان “كان” السينمائي عام 1982) – سلاحاً سياسياً حقيقياً.

هيمن أسلوب غوني على السينما التركية لفترة طويلة حتى بعد موته، ولكن في أوائل القرن الحادي والعشرين ظهرت إبداعات فنية جديدة تأثرت بالموجة الجديدة ومنتجون جدد مثل أندري تاركوفسكي، مثل فيلم Uzak من إخراج نوري بيلج سيلان (مواليد 1959). لم تعبّر هذه الأفلام بوضوح عن الجوانب السياسية، ولكنها انتقدت الماضي و “المسائل الحساسة” في تركيا المعاصرة، مثل فيلم Journey to the Sun لمخرجته يسيم أوسطا أوغلو (مواليد 1960) و Future Lasts Forever لمخرجه أوزكان ألبير (مواليد 1975). ومن الجدير بالذكر أيضاً ظهور السينما الألمانية التركية التي أنتجت أفلاماً، مثل Head On لمخرجه فاتح أكين (مواليد 1973)، وأفلام الشتات الكردي (A Song for Beko لمخرجه نظام الدين أريج، مواليد 1956).

المتاحف

تم التكتم على أول متحف عثماني تم إنشاؤه عام 1807م، كان مخصصاً للسلطان، إلى أن تم افتتاحه أمام الجمهور في عام 1839م. وهناك متاحف عديدة، أهمها متحف علم الآثار في اسطنبول،  ومتحف الفنون التركية والإسلامية في إسطنبول ومتحف الحضارات الأناضولية  في أنقرة. كما تتمتع المواقع التاريخية، مثل أفسس وميليتوس، بمتاحف خاصة بها.

الرياضة

تتمتع كرة القدم في تركيا بأقوى متابعة في البلاد. وسبق لفريق غلطة سراي الفوز بكأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي عام 2000م. كما حصل المنتخب التركي على الميدالية البرونزية في كأس العالم 2002م، وكأس القارات 2003م. كما تحظى كرة السلة بشعبية كبيرة أيضاً حيث فاز المنتخب الوطني بالميدالية الفضية في البطولة الأوروبية لكرة السلة عام 2001م، والبطولة العالمية لكرة لسلة عام 2010م وعبر تاريخ بطولة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، حصلت تركيا على العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية بدءاً من عام 1967م.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “ثقافة” و “تركيا”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:

Advertisement
Fanack Water Palestine